Springs of the Pulpit: A Collection of Sermons and Articles - Volume 1
ينابيع المنبر مجموعة خطب ومقالات المجموعة الأولى
Géneros
﴿إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا﴾ أي: لم تفدكم شيئًا، قليلًا ولا كثيرًا، ﴿وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأرْضُ﴾ بما أصابكم من الهم والغم حين انهزمتم ﴿بِمَا رَحُبَتْ﴾ أي: على رحبها وسعتها، ﴿ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ﴾ أي: منهزمين (١).
﴿ثُمَّ أَنزلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ﴾ (٢).
أَيُّهَا الأخوة: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ومن هنا أدرك شيخ الإسلام أن هداية هذه الآيات، وتلاوتها وتدبرها مما يزيد الإيمان، ويقوّي التوكل على الله وحده، ويثبت النفس على الحق، فكان ذلك باعثًا لتلاوتها وتدبرها حتى تتنّزل السكينة والطمأنينة على العبد، وهذا هو سر كلام ابن القيم عن شيخه -رحمهما الله- وقوله: وكان شيخ الإسلام ابن تيمية إذا اشتدت عليه الأمور قرأ آيات السكينة.
فمن قرأ آيات السكينة في مواقف الخوف والفزع، أو في مواقف الشبهات والفتن، أو عند الهم والحزن، أو عند اشتداد وسواس الشيطان، يقرؤها رجاء أن يثبت الله قلبه بما ثبت به قلوب المؤمنين فلا حرج عليه، ورُجي أن يكون له ذلك، كما كان لشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، ولكن على ألا ينسب استحباب قراءة هذه الآيات، وبهذه الكيفية، إلى الشريعة، ولا يتخذه عبادة تشبه عبادة الأذكار والأدعية الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة (٣).
(١) تفسير السعدي (١/ ٣٣٢).
(٢) [التوبة: ٢٦].
(٣) الإسلام سؤال وجواب. https: / / islamqa.info/ ar/ ١٤١٣١٨
1 / 236