Speeches and Lessons of Sheikh Abdul Rahim Al-Tahan
خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان
Géneros
الأول: التسلسل في المؤثرات كالتسلسل في العلل والمعلولات، وهو التسلسل في الفاعلين والمفعولات ممتنع باتفاق العقلاء، لأنه يؤدي إلى ترتيب أمور غير متناهية فيستحيل تسلسل الفاعلين والخالقين، والمحدثين، مثل أن يقول: هذا المُحدَث له مُحدِث، وللمُحدِث مُحدِث آخر إلى مالا يتناهى، فهذا مما اتفقت عليه العقلاء على امتناعه؛ لأن كل مُحدِث لا يوجد بنفسه فهو معدوم باعتبار نفسه، وهو ممكن باعتبار نفسه، فإذا قُدِّرَ من ذلك مالا يتناهى لم تصر الجملة موجودة واجبة بنفسها فإن انضمام المُحدَث إلى المُحدِث، والمَعْدُوم إلى المَعْدُوم، والممكن إلى الممكن لا يخرجه عن كونه مفتقرًا إلى الفاعل له، بل كثرة ذلك تزيد حاجتها وافتقارها إلى الفاعل، وافتقار المحدَثَين الممكِنين أعظم من افتقار أحدهما، كما أن عدم الإثنين أعظم من عدم أحدهما، فالتسلسل في هذا والكثرة لا تخرجه من الافتقار والحاجة، بل تزيده حاجة وافتقارًا، فلو قُدِرَ من الحوادث والمعدومات والممكِنات مالا نهاية له، وقُدِرَ أن بعض ذلك معلول لبعض، أولم يُقدَّر ذلك فلا يوجد شيء من ذلك إلا بفعل صانع لها، خارج عن هذه الطبيعة المشتركة المستلزِمة للافتقار والاحتياج، فلا يكون فاعِلها معدومًا ولا مُحدَثًا، ولا ممكِنًا يقبل الوجود والعدم، بل لا يكون إلا موجودًا بنفسه واجب الوجود لا يقبل العدم، قديمًا ليس بِمُحدَث، فإن كل ما ليس كذلك فإنه مفتقر إلى مَنْ يخلقه وإلا لم يوجد (١) .
(١) هذا نص كلام الشيخ ابن تيمية – عليه رحمة الله تعالى – في منهاج السنة النبوية: (١/١٦٢) مع تصرف يسير، وانظر بطلان التسلسل وامتناعه وتعريفه في مجموع الفتاوى: (٨/١٥٢) والتعريفات: (٤٩) والمواقف: (٩٠)، وحاشية الأمير: (٥٧-٦٠)، وفتح الباري: (١٣/٢٧٣-٢٧٤) وفيه أيضًا: (٦/٣٤١): قال الخطابي قوله: "من خلق ربك" كلام متهافت ينقض آخره أوله، لأن الخالق يستحيل أن يكون مخلوقًا، ثم لو كان السؤال متجهًا لاستلزم التسلسل، وهو محال، وقد أثبت العقل أن المُحدَثات مفتقرة إلى مُحدِث فلو كان هو مفتقرًا إلى محدِث لكان من المُحدَثات أ. هـ.
1 / 77