Speeches and Lessons of Sheikh Abdul Rahim Al-Tahan
خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان
Géneros
ومما ينبغي التنبه له غاية الانتباه، ومراعاته أتم المراعاة، أن الله الكريم الذي تعهد الإنسان بالتربية الرفيقة عند ما كان في ظلمات ثلاث، ثم والى عليه إحسانه وبره بعد خروجه من بطن أمه أتم عليه نعمه، وأسبغ عليه حاجته في جميع مراحل حياته، ليربط قلبه به، ويخلصه من العبودية لغيره، فجعل ربنا – ﷻ – اليسر والسهولة في تحصيل الحاجات بمقدار الاحتياج إليها، فكلما كانت الحاجة إلى الشيء أشد كان وجدانه أسهل وأيسر، ولذلك لما كان احتياج الإنسان إلى الهواء أعظم الحاجات حتى لو انقطع عنه لحظة لمات كان وجدانه أسهل من وجدان كل شيء، وبعد الهواء الماء، فإن الحاجة إلى الماء – أيضًا – شديدة لكن دون الحاجة إلى الهواء، ولذلك سهل وجدان الماء لكن دون سهولة وجدان الهواء –، فوجدان الهواء أسهل وأيسر، لأن الماء لابد فيه من تكلف الاغتراف، بخلاف الهواء، فإن الآلات المهيأة لجذبه حاضرة أبدًا، ثم يلي الحاجة إلى الماء الحاجة إلى الطعام، وهي مع شدتها وضرورتها دون الحاجة إلى الماء فلذلك كان تحصيل الطعام، أصعب من تحصيل الماء.
ويلي الحاجة إلى الطعام الحاجة إلى الملابس، وهي مع عدم الاستغناء عنها فإن الاحتياج إليها دون الاحتياج إلى الطعام، لذلك كان تحصيلها أصعب من تحصيل الطعام.
وهكذا فكلما خفت الحاجة إلى الشيء، كلما صعب الحصول عليه، ففي تحصيل الكماليات من أنواع الزينة والجواهر ما فيه من الصعوبة، والأمر كما قال الشاعر:
سبحانَ مَنْ خَصَّ القليلَ بِعِزَّهِ ... والناسُ مُسْتَغْنُونَ عن أجْنَاسِهْ
وأذلَّ أنْفاسَ الهواء ِ وكُلُّ ذِي ... نَفَس ٍ لمُحْتاج ٌ إلى أنْفَاسِهْ (١)
_________
(١) انظر هذا التحليل والتقرير في مفاتيح الغيب: (٤/٢٠١) .
1 / 41