129

صلاح البيوت

صلاح البيوت

Editorial

مطبعة السلام - ميت غمر

Número de edición

الأولى

Año de publicación

٢٠٠٩ م

Ubicación del editor

مصر

Géneros

فجاءت أم سعد تنظر إليه في اللحد، فردها الناس فقال رسول الله ﷺ: " دعوها "، فأقبلت حتي نظرت إليه وهو في اللحد قبل أن يبني عليه اللبن والتراب، فقالت: أحتسبك عند الله، وعزاها رسول الله ﷺ علي قبره. . (١) - قال الأصمعي: أصيبت أعرابية بابنها وهي حاجة، فلما دفنته، قامت علي قبره وقالت: والله! يا بني، لقد غذوتك رضيعا، وفقدتك سريعا، وكأنه لم يكن بين الحالين مدة ألتذ بعيشك فيها، فأصبحت بعض النضارة والغضارة ورونق الحياة، والتنسم في طيب روائحها، تحت أطباق الثرى، جسدا هامدا، ورفاة سحيقا، وصعيدًا جرزًا. أي بني: لقد سحبت الدنيا عليك أذيال الفناء، وأسكنتك دار البلى، ورمتني بعدك بنكبة الردى. أي بني: لقد أسفر لي عن وجه الدنيا، صباح داج ظلامه. ثم قالت: أي رب: منك العدل .. وهبته لي قرة عين، فلم تمتعني به كثيرا بل سلبتنيه وشيكا ثم أمرتني بالصبر ووعدتني عليه الأجر، فصدقت وعدك، ورضيت قناعك، فرحم الله علي من ترحم علي من استودعته الروح، ووسدته الثرى - اللهم: ارحم غربته، وآنس وحشته، واستر عورته، يوم تنكشف الهنات والسوءات. ولما أرادت الرجوع إلي أهلها، قالت: أي بني! إنني قد تزودت لسفري، فليت شعري، ما زادك لبعد طريقك، يوم معادك؟

(١) الطبقات الكري لابن سعد ٣/ ٤٣٢.

1 / 130