القضاء على بني العباس والمجيء بمخالفيهم مكانهم ثم تنحية أهل السنة جانبا وإظهار البدعة ان من يخالف الخليفة إنما يخالف رسول الله عز وجل وان من يخرج عن طاعة رسول الله عليه السلام إنما يخرج عن طاعة الله وعن حوزة المسلمين والله عز وجل يقول في محكم كتابه العزيز {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} والآن من ذا الذي يؤثر منكم الجنة على النار وينصر الحق ويدير للباطل ظهره فيكون معنا لا مع مخالفنا
لما سمع عسكر يعقوب بن الليث هذا الكلام خرج أمراء خراسان دفعة واحدة واتجهوا صوب الخليفة وقالوا ظننا أنه إنما كان يجيء للمثول بين يديكم امتثالا للحكم والأمر والطاعة أما وقد أظهر التمرد والعصيان الآن فنحن معك نحارب إلى جانبك حتى الرمق الأخير
ولإحساس الخليفة بقوته أمر الجند بأن يحملوا جملة فكسر يعقوب من أول حملة وانهزم باتجاه خوزستان واستولى جيش الخليفة على معداته ومعسكره ونهبوها فأثروا بما غنموا ولما وصل يعقوب إلى خوزستان بعث رسلا إلى كل النواحي والأطراف في طلب العساكر والعمال يأمرهم بإحضار ما في خزائن خراسان والعراق من أموال ومن فضة وذهب
ولما بلغ الخليفة خبر مقام يعقوب بخوزستان أرسل إليه في الحال رسولا برسالة تقول تبين لنا انك رجل طيب القلب غير أنك خدعت بأقوال المخالفين دون أن تفكر في عواقب الأمور أو لم تر أن الله تعالى فعل فعلته فهزمك وجندك وصان آل بيتنا وحماهم إن ما حدث لم يكن سوى سهو خفي عليك أنني لعلى يقين بأنك قد صحوت الآن من غفوتك وندمت على فعلتك ليس ثمة من هو أجد منك بإمارة العراق وخراسان ولن نقدم عليك أحدا لما لك علينا من حق خدمات كثيرة تغفر لك ما ارتكبته من خطأ فبما أننا غضضنا الطرف عن فعلتك وكأن شيئا لم يكن فما عليك إلا أن تنسى الموضوع وتمضي في أسرع وقت إلى العراق وخراسان وتتسلم أمور الولاية هناك وسأرسل إليك العهد واللواء والخلعة في أثر هذه الرسالة حتى لا يكون ثمة أي اضطراب أو فتنة
لما قرأ يعقوب الرسالة لم يلن قلبه أبدا ولم يندم على فعلته لكنه أمر بإحضار شيء من كراث وسمك وبصل على طبق من خشب ثم بإدخال رسول الخليفة وإجلاسه
Página 53