ضمائرها معمود ، فإنما يراد بذلك كله وفيه ، الوصول بتعظيم الله إليه (1).
وألطفوا نفي الهم عنكم ، وقطع أسباب الغم دونكم ، فإنهما يفسدان الأعمال ، ويورثان الملال ، ويفلان (2) عزائم الجد ، ويشغلان عن سلوك القصد ، وإن عرض في نفوسكم ، أو خطر بقلوبكم ، بعض خواطر النفس (3) الدواعي إلى غير البر والتقوى فاحذروا أن يغلب عليكم فيه ، ما يوعر عليكم سبيل ما قصدتم إليه ، وانفوا ما عرض لكم من ذلك كله من أمر الله بما ينفيه ، ففي ذلك ولا قوة إلا بالله ما تقوون عليه ، وانفوا الهم عنكم فيه برجاء الفرج وتأميله ، وبما رأيتم من تغيير أمر الدنيا وتبديله.
واعلموا أن الفرج والسهل بعد الهم والوعر ، والراحة واليسر بعد النصب والعسر ، كما قال الله تبارك وتعالى : ( فإن مع العسر يسرا (5) إن مع العسر يسرا ) (6) [الشرح : 5 6]. وقال الرسول عليه السلام ، فيما قد نقلته العوام : (اشتدي أزمة تنفرجي) (4). واستعدوا الصمت عما لا يعنيكم ، فإن ذلك إذا غلب عليكم ، جلا عنكم بإذن الله ما في قلوبكم من العمى ، وإن عين القلب لا تبصر إلا في الضياء وبعد الجلى ، وجلاء القلب صمته عما لا يعنيه ، ونظره فيما له من الله وعليه ، والمرآة ذات الصدى ، لا تري إلا بعد أن تجلى ، وكذلك فلن يصل أحد إلى أن يخلص حبا لله (5) وارتضائه ، والسرور بما أعد في دار البقاء لأوليائه ، والعجب بما أراه الله من عظمته ، إلا بعد الجلاء للقلب من درن (6) خطيئته ، ولا يقتصر أحد في سلوك هذه السبيل على ترك الطعام ، وإدمان قراءة القرآن ، دون أن يخلط ذلك بالنظر إلى ما عند (7) الله بقلبه ، ويتفهم في ما
Página 353