وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَأَخَذَ حِفْنَةً مِنْ تُرَابٍ، ثُمَّ قَالَ: «نَعَمْ، أَنَا أَقُولُ ذَلِكَ أَنْتَ أَحَدُهُمْ» فَأَخَذَ اللَّهُ عَلَى أَبْصَارِهِمْ عَنْهُ فَلَا يَرَوْنَهُ وَجَعَلَ يَنْثُرُ ذَلِكَ التُّرَابَ عَلَى رُءُوسِهِمْ، وَهُوَ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَاتِ: ﴿وَالْقُرْءَانِ الْحَكِيمِ﴾ [يس: ٢] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ﴾ [يس: ٩] حَتَّى فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وَضَعَ عَلَى رَأْسِهِ تُرَابًا، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى حَيْثُ أَرَادَ أَنْ يَذْهَبَ فَأَتَاهُمْ آتٍ مِمَّنْ لَمْ يَكْنُ مَعَهُمْ، فَقَالَ: مَا تَنْتَظِرُونَ هَا هُنَا؟ قَالُوا مُحَمَّدًا، قَالَ: خَيَّبَكُمُ اللَّهُ قَدْ وَاللَّهِ خَرَجَ عَلَيْكُمْ مُحَمَّدٌ، ثُمَّ مَا تَرَكَ مِنْكُمْ أَحَدًا إِلَّا وَقَدْ وَضَعَ عَلَى رَأْسِهِ تُرَابًا، وَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ فَمَا تَرَوْنَ مَا بِكُمْ، فَوَضَعَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ، فَإِذَا عَلَيْهِ تُرَابٌ، ثُمَّ جَعَلُوا يَتَطَلَّعُونَ فَيَرَوْنَ عَلِيًّا عَلَى الْفِرَاشِ مُتَسَجِّيًا بِبُرْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَمُحَمَّدٌ نَائِمٌ، عَلَيْهِ بَرْدُهُ، فَلَمْ يَبْرَحُوا كَذَلِكَ حَتَّى أَصْبَحُوا فَقَامَ عَلِيٌّ مِنَ الْفِرَاشِ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَقَدْ صَدَقَنَا الَّذِي كَانَ حَدَّثَنَا.
قَالَ أَصْحَابُ التَّارِيخِ: فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَأَبُو بَكْرٍ نَحْوَ غَارِ ثَوْرٍ، وَهُوَ الْغَارُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ ﷿ فِي الْقُرْآنِ، قَالُوا
1 / 68