فَصْلٌ
رُوِيَ عَنْ عُمَرَ ﵁، أَنَّهُ قَالَ لِضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ: وَاللَّهِ لَلَيْلَةٌ وَيْوَمٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ خَيْرٌ مِنْ عُمَرَ، هَلْ لَكَ أَنْ أُحَدِّثَكَ بِلَيْلَتِهِ وَيَوْمِهِ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.
قَالَ: أَمَّا لَيْلَتُهُ، لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هَارِبًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، خَرَجَ لَيْلًا فَشَيَّعَهُ أَبُو بَكْرٍ فَجَعَلَ يَمْشِي مَرَّةً أَمَامَهُ، وَمَرَّةً خَلْفَهُ، وَمَرَّةً عَنْ يَمِينِهِ، وَمَرَّةً عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا هَذَا يَا أَبَا بَكْرٍ؟ مَا أَعْرِفُ هَذَا مِنْ فِعْلِكَ»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَذْكُرُ الرَّصَدَ، فَأَكُونُ أَمَامَكَ، وَأَذْكُرُ الطَّلَبَ فَأَكُونُ خَلْفَكَ، وَمَرَّةً عَنْ يَمِينِكَ وَمَرَّةً عَنْ يَسَارِكَ لِآمَنَ عَلَيْكَ، قَالَ: فَمَشَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَيْلَتَهُ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ، حَتَّى حَفِيَتْ رِجْلَاهُ، فَلَمَّا رَآهَا أَبُو بَكْرٍ ﵁ أَنَّهَا قَدْ حَفِيَتْ حَمَلَهُ عَلَى كَاهِلِهِ حَتَّى أَتَى بِهِ الْغَارَ، فَأَنْزَلَهُ ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَا تَدْخُلُهُ حَتَّى أَدْخُلَهُ فَإِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ نَزَلَ بِي قَبْلَكَ، فَدَخَلَ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، فَحَمَلَهُ وَأَدْخَلَهُ، وَكَانَ فِي الْغَارِ خَرْقٌ فِيهِ حَيَّاتٌ، فَخَشِيَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَكُونَ فِيهِ شَيْءٌ يُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَأَلْقَمَهُ قَدَمَهُ فَجَعَلْنَ يَضْرِبْنَهُ أَوْ يَلْسَعْنَهُ وَجَعَلَتْ دُمُوعُهُ تَنْحَدِرُ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «يَا أَبَا بَكْرٍ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا»، فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ لِأَبِي بَكْرٍ.
1 / 45