Epopeyas y leyendas populares árabes
السير والملاحم الشعبية العربية
Géneros
إلى أن كبر بدوره ابن عمها ظالم المسمى بسالم وأحبها على اعتبار أنها داهية بني طيء وليست ابنة عمه فاطمة، وحين حاول الزواج منها رفضته في وحشية قائلة: «ما خلقت إلا للنزال لا للرجال، ولا للفراش، وليس يضاجعني غير سيفي ودرعي وعدة جلادي، ولا يكن خدري إلا صهوة جوادي وكحل غير النقع مرادي.»
بل والملفت أن الأميرة ذات الهمة كانت تتعمم بزي الرجال، وتخوض التجمعات مع الناس وتشارك في المعارك السياسية المستعرة في فترة حكم آخر الخلفاء الأمويين مروان بن محمد، والإرهاص المقبل بانتقال الخلافة إلى العباسيين.
ثم كيف أشارت بطلتها الذلهمة على قومها بضرورة - بل حتمية - الدخول تحت لواء الدولة الجديدة الوليدة في بغداد.
وهكذا سارت ذات الهمة إلى الخليفة المنصور على رأس فرسان قومها، في عشرين ألف فارس، فخيموا على مشارف العاصمة تحت راياتهم وبيارقهم، إلى أن استقبلها المنصور هي وعمها ظالم، وأبيها مظلوم، بصحبة أمير كلبي مقرب من الخليفة، هو: عبد الله، فكان أن خلع عليها المنصور الإمارة وعلى قومها، وهو شديد الإعجاب بشجاعتها وفصاحتها وهامتها المنتصبة الواثقة في حضرته.
حتى إذا ما عرجت بنا السيرة نحو قصص وفابيولات جانبية، منها مدى تعشق ابن عمها الأمير الحارث فيها ورغبته المضنية بالزواج من ابنة عمه، ووصل الأمر إلى مسامع الخليفة فاستدعاها قبل العودة إلى فلسطين ليقنعها بالزواج من ابن عمها، فأجابته في فروسية ملفتة «أنا امرأة لا أحب قرب الرجال، أبغض أخبية النساء وربات الحجال، وقد أحببت ما ترى من القتال والتقلد بالسيوف الصقال، والرماح الطوال، فلست أعد من جملة النسوان يا خليفة الرحمن، فسيفي دوما حجلي والغبار كحلي والحصان أهلي، فماذا أصنع يا أمير المؤمنين بالحارث وبغيره من العالمين؟»
وكان أن وثب ابن عمها الحارث من فوره قائلا: «أشهد على أن أتزوج بها على شرط يرضيها؛ ذلك أنها تكون سماء أراها ولا تكون أرضا أطأها.»
فقبلت ذات الهمة التي جاء دورها كمحاربة قائدة لاحقا؛ ذلك أن الأخبار والأخطار المحيطة بالدولة الإسلامية من جانب الروم البيزنطيين وملكهم الذي تلقبه السيرة «لاوون» وابنته التي تسميها السيرة بالملطية؛ تواترت من فورها بقرب هجومها على مداخل الدولة العباسية
7
على طول الشمال الغربي.
أما الأحداث التاريخية الفعلية فلا تبعد كثيرا عما تسوقه السيرة عن هذه الحملة العسكرية ضد الروم، ففي عام 692 ميلادية تمكن العرب من تمزيق شمل جيش الإمبراطور يوسيتنيان الثاني الذي حكم سنة (685-695) وهو ابن قسطنطين الرابع، وآخر إمبراطور من سلالة هرقل، وكان ذلك في مدينة سيبا ستوبوليس في قيليقيا، وفي حملات عسكرية تالية تم للجيش العربي ضم مدينة برغموم وساردس وغيرهما من مدن آسيا الصغرى، مما دفع بالعرب إلى مشارف القسطنطينية للمرة الثالثة، وبدأ ضرب الحصار على عاصمة الروم في مستهل آب من سنة 716 ميلادية، وهو الحصار الذي دام أكثر من سنة، ولم يستطع الإمبراطور ثيودوسيوس الثالث الذي حكم عرش الإمبراطورية (715-717) وكان قد صده بمعونة الجيش، برغم أنه كان في سابق عهده موظفا مغمورا لعله أن يفعل شيئا في وجه هذا الزحف العربي، غير أن العرب تعرضوا في تلك الأثناء لهجمات عنيفة قام بها ليو الذي تدعوه السيرة بليوون،
Página desconocida