El Secreto de la Ornamentación Islámica
سر الزخرفة الإسلامية
Géneros
ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون (الروم: 38).
هذان معنيان لا يفتأ كتاب الإسلام يرددهما.
على أن الله جد مخالف لعباده، من حيث هو قائم بنفسه في تنزيه مطلق، يفوت مرمى الحس، وعلى هذا إن قوة إدراك الحيز لا تجد راحة؛ إذ لا تنفك تبحث عن لا نهاية الملاذ الأجل، وهي تتنقل - على غير وعي - في حدود العجز البشري المتناهي، مشغولة برؤيا سنية.
من هنا لدونة الرقشة، وقد آل بها المطاف بين يدي الإسلام أن عتقت من الواقعية الهلينية، وخلصت من الصلابة الفارسية، فلا مبتدأ لها ولا منتهى، وما يجوز لها أن تطمع في أحد منهما؛ لأنها تسعى وراء الله، الله الذي
هو الأول والآخر (الحديد: 3)، منه تبتدئ الأسباب، وإليه تنتهي المسببات.
وبفضل اللدونة ترى الرقشة دوارة تارة، وتارة متوترة، وهي في أكثر الحال تلتوي، وقلما يدركها البهر، ووجهتها أبدا ما لا حد له؛ فهي ماضية بلا ملل، وهيهات أن تبلغ ما تهدف إليه، فشأنها شأن إيقاع يترنح منقادا للصبر.
إن التفاف العرق بوروده وأوراقه، وكذلك انبساط السطوح، يقفان فجأة أحيانا، أو يتكسران حتما على الحواجز عند أطراف الساحة التي تستقبل المنمق، أترى يرضى الالتفاف والانبساط بهذه الهزيمة؟ كلا! أما العرق فلا تختتم مداته، وأما السطح فلا تلتحم أضلاعه، بل كل يصل إلى المدى المقدر له، وهو في فوران نشاطه، إما عند رأس انثنائة، وإما في قلب اشتباكة، كأنما يتأهب لاستئناف الاندفاع فيدعوك إلى أن تثب وراءه في الخلاء؛ لعلك من طريق التخيل المقلاق تلاحق جولانا صدمته قسوة الواقع.
والاندفاع مع رقش «الرمي» طياش ومحير، وهو مع رقش «الخيط» رزين ومريح، وكلا النوعين ينفرش على المهاد، ويكسو العصاب، ويعلو الرواق، ويثب إلى الإفريز، ويتناول العرضى، ويهجم على الفراغ. وتبلغ به الهمة أن يتعرج حتى في الأكسية، فيحكي مكاسرها وأطواءها، تلك نشوة مشت في الخط تنبئك أن أفق الغيب المستغلق دون المؤمن مشغلة دائمة لذوقه.
لا شك أن حدود الطبيعة تسترخي بين يدي الفنان وهو يرقش، ولكن هيهات أن يرتوي الفن الظامئ إلى مسابح المجهول؛ المجهول الذي لا تنكشف طوالعه إلا لسريرة توزعتها حال بين الصحو والسكر، وهذه الحال تخالف «سرحانا» هو الذي يولد الرقش، لكنه من حيث إن الذهن مجاله، لا يأخذ سره رفيف، ولو كان خطر للمتصوفة أن يقبلوا على الرسم إقبالهم على الموسيقى والرقص، لكنت تأملت رقشا أكثر تسايلا، وأقل انحباسا، يتوارى شيئا فشيئا، كأن ريحا لينة لفته في هفاتها، فهفت به إلى جو مستبعد، تتذبذب من حوله هواجس الخاطر، وهو الجو الذي تفرد المرقم الصيني باستحضاره.
هذا، والرمي خاصة متى أفلت من سلطان التراصف قارب «الفن المجرد»، هذا الذي يفتتن به الآن المتظرفون في أوربة، ولا سيما في باريس. وهو على نوعين، فلست أعني النوع الذي يحيد عن التصور المعقول إلى اختراع بنيات خارجة عن منظورات العالم، تائهة وراء المدلولات المتوترة والوجدانيات المتوارثة، بل أعني الذي يعمد إلى تخفيف الأشياء المحصلة في الواقع، فيفرغها مكتفيا بخطوط معتدلة منبئة عنها، ترتب في نظام يبدو كأنه جاء اعتباطا (انظر تزويقة الغلاف الإفرنجي).
Página desconocida