52

Un secreto que me inquieta

سر يؤرقني

Géneros

اتصلت من فوري بالإسعاف وأبلغتهم بعنوانها، وهكذا نقلت إلى المستشفى في الخامسة صباحا. اتصلت بطبيب العائلة، الذي أتى مصطحبا الدكتور إليس بيل، أحد أفضل أطباء القلب المشهورين في المدينة، وشخصا الحالة على أنها مشكلة بالقلب. ارتديت ملابسي على الفور وأيقظت هارو وأخبرته بما حدث، ثم قدت السيارة مباشرة لمستشفى لايونز جيت حيث لم يسمحوا لي بالدخول إليها قبل الساعة العاشرة؛ فقد كانت بالعناية المركزة. جلست بغرفة الانتظار، غرفة صغيرة بشعة ورطبة، بها كراسي حمراء زلقة، ذات أغطية رخيصة، ومقعد كبير مغطى بالحصى وأوراق الشجر البلاستيكية. جلست هناك والوقت يمر ثقيلا، ساعة بعد ساعة، أتصفح مجلة ذا ريردز دايجيست، أقرأ صفحة الفكاهة، وأنا أفكر: هل هذا يحدث بالفعل؟ حقا؟ هل أمي تحتضر؟ الآن، خلف هذه الأبواب أمي تحتضر. لا شيء يستطيع منع هذا من الحدوث، ولا شيء يمنعني من الإحساس بالأمر بهذا الشكل. بدأت أفكر بكل تفاصيل حياة أمي منذ أن بدأت أعي الأشياء؛ كانت تذهب إلى العمل كل يوم، في البداية بالمعدية وبعد ذلك بالحافلة؛ كانت تتسوق بمتجر ريد آند وايت القديم قبل افتتاح سوبر ماركت سيفواي الجديد. الجديد! كان افتتاحه من خمسة عشر عاما! كانت تذهب إلى المكتبة يوما واحدا بالأسبوع وتصطحبني معها، كنا نعود بالحافلة محملين بمجموعة ضخمة من الكتب وكيس من العنب نشتريه من السوق الصيني ليكون حلوانا. في أيام الأربعاء بعد الظهيرة، كان أطفالي صغارا وكنت أزورها لأحتسي معها كوبا من القهوة، وكانت هي تلف لنا السجائر على تلك الأداة العجيبة لديها. لم أكن أظن أن تلك الأحداث هي الحياة؛ فعندما تنخرط في القيام بها، تكون مجرد أمور تقوم بها، أحداث روتينية تملأ أيامك بها، والآن عندما تفكر أن تلك الأشياء من الممكن أن تزول، حينها فقط تدرك أن تلك هي الحياة. ولكن ليس هذا ما تود حدوثه؛ أن تزول تلك الأشياء وتجد نفسك في خضم الحياة، فأنت مرتاح للكيفية التي تجري بها الأمور، لكنك تتوقع حدوث ذلك. ثم تحتضر أنت، تحتضر أمي ، ويبقى كل شيء كما هو: الكراسي البلاستيكية كما هي، النباتات البلاستيكية كما هي، الحياة العادية بالخارج مع الناس الذاهبين للبقالات، والمتوجهين للمكتبة، هكذا. والآن تبدو العودة بالحافلة محملة بالكتب والعنب تستحق الرغبة فيها. يا إلهي، ليس الآن، أنا مستعدة للتضحية بأي شيء لأستعيد تلك اللحظات.

عندما سمحوا لي بالدخول لرؤيتها، كان وجهها مزرقا، لم تكن عيناها مغلقتين تماما، لكن جفونها مسبلة تاركة فرجة صغيرة لا يظهر منها إلا بياض العينين. دائما ما كانت تبدو مريعة عندما تخلع طقم الأسنان، على كل حال، لم تكن تسمح لنا قط بأن نراها هكذا، ولطالما حاول كام إغاظتها لكبريائها المفرط، أما الآن فلا وجود له؛ لذلك كنت أعتقد أن هذا هو شكلها دائما حتى عندما كانت أصغر، كانت ستبدو مثل هذا.

لم يعطوني أملا بالمستشفى، وعندما أتى هارو نظر إلي وأحاط كتفي بذراعيه قائلا بتأثر: «فال، يجب أن تكوني مستعدة لما سيحدث.» كان سليم النية، لكني لم أستطع محادثته، إنها ليست أمه، إنه لا يستطيع تذكر أي شيء عنها. أعلم أن هذا ليس ذنبه، لكني لم أرد التحدث معه، لم أرد أن أسمعه يقول لي إنه من الأفضل أن أكون مستعدة. ذهبنا لتناول شيء في كافتيريا المستشفى.

عندئذ قال لي هارو: «من الأفضل أن تتصلي بكام.» «ولم؟» «أظن أنه سيرغب في معرفة ما حدث.» «لماذا تظن أنه سيرغب في معرفة ما حدث؟ لقد تركها وحدها مريضة ليلة أمس، ولم يخطر بباله حتى أن يطلب لها الإسعاف عندما وجدها بحالتها هذه هذا الصباح.» «في كل الأحوال أعتقد أن من حقه أن يعرف أين هي، أعتقد أنك يجب أن تخبريه حتى يأتي.» «قد يكون منشغلا عنا الآن؛ لأنه يجهز لجنازة تليق بجماعته من الهيبيين.»

استطاع هارو إقناعي كالعادة، فذهبت مجبرة لمهاتفته، اتصلت ولم يرد أحد، شعرت براحة لأني اتصلت، وبذلك بررت ما كنت أقوله بشأن عدم وجود كام إلى جوارنا. فعدت مكاني أنتظر وحدي.

حوالي الساعة السابعة ذلك المساء ظهر كام، لم يكن وحده؛ فقد أحضر معه زمرة من القسيسين زملائه، أعتقد أنهم من نفس المنزل. كانوا جميعا يرتدون نفس الثياب، تلك الجلاليب البنية المصنوعة من الخيش، وتلك السلاسل، والصلبان، والأدوات المقدسة، وكانوا جميعهم طوال الشعر. كانوا يبدون جميعا في عمر أصغر من كام، ما عدا رجلا واحدا، كان عجوزا جدا، شعره مجعد، ولديه لحية رمادية مموجة، وكان حافي القدمين - في شهر مارس - وبلا أسنان. أعتقد أنهم التقطوه من جيش الخلاص وألبسوه تلك الثياب؛ لأنهم احتاجوا إلى رجل عجوز لجلب الحظ، أو لأنه يمنحهم قدرا أكبر من القدسية، أو شيئا كهذا.

قال كام: «هذه أختي، فال. هذا الأخ مايكل، الأخ جون، وهذا الأخ لويس.» قدمهم إلي جميعا. «لم يقل أحدهم شيئا يبعث على الأمل يا كام، إنها تحتضر.»

قال كام بابتسامته الخفية: «نأمل ألا يكون الأمر هكذا، لقد قضينا اليوم كله نعمل من أجلها.»

قلت متسائلة: «أتقصد تصلون؟» «إن كلمة «نعمل» تصف ما نفعله أفضل من كلمة «نصلي»، هذا إذا كنت تدركين ما نفعل.»

حسنا، بالطبع لن أدرك، فظللت صامتة، في حين استطرد: «ما الصلاة الحقة إلا عمل. صدقيني.» فابتسموا لي جميعا نفس ابتسامته في ذات الوقت. لم يستطع أحدهم الوقوف ثابتا بمكانه، كانوا مثل الأطفال عندما يودون قضاء حاجتهم؛ فهم يهتزون ويميلون يمنة ويسرة بخطوات صغيرة مضطربة.

Página desconocida