140

El Secreto Oculto

السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم ويليه جواب في الجمع بين حديثين، هما: دعاؤه صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك بكثرة المال والولد، وحديث دعائه بذلك على من لم يؤمن به ويصدقه

Editorial

مكتبة وتسجيلات دار الإمام مالك

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

Ubicación del editor

الإمارات العربية المتحدة - أبو ظبي

عن الأحبِّ إليهم، وزوال ما بهم ونولِهم ما اختاروه من الأموال، ثم مجيئه إليهم بعد ذلك واحدًا بعد واحد، ٍ في هيئة فقيرٍ مسكينٍ يلتمس نائلهم، فجحد كلٌّ من الأبرص والأقرع ما كان فيه قبل ذلك من الفاقة والعلة، ولم يعطِه شيئًا، وشكر الأعمى نعمةَ الله عليه فيما آتاه، وفوّض إلى الفقير أن يأخذ ما أحبَّ، فقال له: أمسك، فإنما ابتليتم فقد رضي عنك، وسَخِط على صاحبيك. وكذا رُوينا في «المجالسة» (١) من طريق هشام، عن الحسن أنه قال: قد كان الرجل يدَع المالَ إلى جنبه، ولو شاء أتاه فأصاب منه حلالًا، وإنه لمجهود شديد الجهد، فيقال له: رحِمك الله ألا تأتي هذا المال فتصيب منه، فيقول: لا إني والله ما

= وأتى الأقرع في صورته وهيئته، فقال له مثلما قال لهذا، فرد عليه مثلما ردّ عليه هذا، فقال: إن كنت كاذبًا؛ فصيَّرك الله إلى ما كنت. وأتى الأعمى في صورته، فقال: رجلٌ مسكينٌ، وابن سبيل، وتقطّعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي رد عليك بصرك شاةً أتبلغ بها في سفري. فقال له: قد كنت أعمى فرد الله بصري، وفقيرًا فقد أغناني، فخذ ما شئت، فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله. فقال: أمسك مالك، فإنما ابتليتم، فقد رضي الله عنك، وسخط على صاحبيك» . وقوله: «بدا لله» بتخفيف الدال، بغير همز؛ أي: سبق في علمه، فأراد إظهاره، ومثله قوله -تعالى-: ﴿الآن خَفَّفَ اللهُ عنْكُم وعلِمَ أن فِيكُم ضَعْفًا﴾ [الأنفال: ٦٦]؛ أي: عَلِمَ عِلْمَ الظهور، وليس المراد أنه ظهر له بعد أن كان خافيًا؛ لأن ذلك محالٌ في حقِّ الله -تعالى-، ووقع في رواية للبخاري ومسلم: «أراد الله أن يبتليهم»، «وهذا هو المحفوظ، وفي إسناد الأولى: (عبد الله بن رجاء)، وهو الغداني، وفي حفظه كلام. قال الحافظ في «التقريب»: «صدوق، يهم قليلًا»، ونسبة البداء إلى الله لا يجوز. ومال الحافظ إلى أن الرواية الأولى من تغيير الرواة، وظني أنه من الغداني كما ألمحت إليه، والرواية المحفوظة لم يستحضر الحافظ أنها عند المصنف، فعزاها لمسلم وحده!» . أفاده شيخنا الألباني ﵀ في «مختصر صحيح البخاري» (٢/٤٤٦) . (١) انظر «المجالسة» للدينوري (٧/٢٠ رقم ٢٨٦٠- بتحقيقي)، والأثر أخرجه أحمد -ومن طريقه أبو نعيم في «الحلية» (٦/٢٦٩) - عن صفوان بن هشام، وأحمد -ومن طريقه البيهقي في «الزهد الكبير» (٢٩) - عن روح؛ كلاهما عن هشام، به.

1 / 151