El secreto de la elocuencia
سر الفصاحة
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الطبعة الأولى ١٤٠٢هـ_١٩٨٢م
وتقسم الناس السخاء مجزأ ... وذهبت أنت برأسه وسنامه
وتركت للناس الإهاب وما بقي ... من فرثه وعروقه وعظامه
فانظر كيف جعل للذكر مزامر لم تنفخ وللمعروف كبدا تبرد ولم يقنع بأن استعار للسخاء رأسًا وسناما وإهابا وعظاما وعروقا حتى جعل له فرثا. وتعالى الله كيف يذهب هذا على من يقول:
أخرجتموه بكره من سجيته ... والنار قد تنتضى من ناضر السلم١
ويقول:
وإذا أراد الله نشر فضيلة ... طويت أتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النار فيما جاورت ... ما كان يعرف طيب عرف العود
لكن أعوز الكمال واستولى الخلل على هذه الطباع فالمحمود من كانت سيئاته مغمورة بحسناته وخطأه يسيرا في جانب صوابه.
وقد قدمنا فيما مضى من هذا الكتاب أننا لم نذكر هذه الأبيات الذميمة وغرضنا الطعن على ناظمها وإنما قادتنا الحاجة في التمثيل إلى ذكر الجيد والردئ والفاسد والصحيح على ما ذكرناه سالفًا ومعاذ الله أن يخرجنا بغض التقليد وحب النظر من الطرف المذموم في الإتباع والانقياد إلى الجانب الآخر في التسرع إلى نقص الفضلاء والتشييد لما لعله اشتبه على بعض العلماء والرغبة في الخلاف لهم وإيثار الطعن عليهم بل نتوسط إن شاء الله بين هاتين المنزلتين فننظر في أقوالهم ونتأمل المأثور عنهم ونسلط عليه صافي الذهن ونرهف له ماضي الفكر فما وجدناه موافقًا للبرهان وسليما على السبر اعترفنا بفضيلة السبق فيه وأقررنا لهم بحسن النهج لسبيله.
وما خالف ذلك وباينه اجتهدنا في تأويله وإقامة المعاذير فيه.
١ السلم: شجر يدبغ به مفردها سلمة.
1 / 144