123

El secreto de la elocuencia

سر الفصاحة

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الطبعة الأولى ١٤٠٢هـ_١٩٨٢م

فقد كان الصاحب كافي الكفاة أبو القاسم إسماعيل بن عباد أنكره على أبي الطيب وذكره في جملة المساوي من شعره والأمر فيه على ما قاله وهو من رديء الاستعارة وأرى أن الزائد في قبحه قوله حلواء لأن المستعمل في هذا الفن حلاوة وتلك اللغة في العرف مفردة لأمر آخر حقيقي هي غير مستعارة فيه. وأما قول أبي تمام: وكم أحرزت منكم على قبح قدها ... صروف النوى من مرهف حسن القد فإن استعارة القد لصروف النوى من أبعد ما يقع في هذا الباب وأقبحه وإنما يقود أبا تمام إلى هذا وأمثاله رغبته في الصنعة حتى كأنه يعتقد أن الحسن في الشعر مقصور عليها فيورد منه لأجل التكليف ما لا غاية لقبحه ويسعده الخاطر في بعض المواضع فيأتي بالعجائب الغرائب. ومن مختار الاستعارة قول الشريف الرضي: وما نطفة مشمولة في مجمة ... وعاها صفا من آمن الطود فارع من البيض لولا بردها قلت دمعة ... مرنقة ما أسلمتها المدامع١ لأنه استعار لأعلى الجبل الأمن عبارة عن الارتفاع وتعذر الوصول إليه وهذا لائق محمود في الصناعة ومعلوم عند أهلها وما زلت أسمع أبا العلاء يقول: إن من الشعر ما يصل إلى غاية لا يمكن تجاوزها وهذا البيت عندي من ذلك القبيل حسنًا وصحة نسج وعذوبة لفظ. وللسري الموصلي أبيات مرضية في معناها وهي:

١ النطفة الماء الصافي والمجمة مجتمع الماء والطود الجبل العظيم.

1 / 135