فقد كان الصاحب كافي الكفاة أبو القاسم إسماعيل بن عباد أنكره على أبي الطيب وذكره في جملة المساوي من شعره والأمر فيه على ما قاله وهو من رديء الاستعارة وأرى أن الزائد في قبحه قوله حلواء لأن المستعمل في هذا الفن حلاوة وتلك اللغة في العرف مفردة لأمر آخر حقيقي هي غير مستعارة فيه.
وأما قول أبي تمام:
وكم أحرزت منكم على قبح قدها ... صروف النوى من مرهف حسن القد
فإن استعارة القد لصروف النوى من أبعد ما يقع في هذا الباب وأقبحه وإنما يقود أبا تمام إلى هذا وأمثاله رغبته في الصنعة حتى كأنه يعتقد أن الحسن في الشعر مقصور عليها فيورد منه لأجل التكليف ما لا غاية لقبحه ويسعده الخاطر في بعض المواضع فيأتي بالعجائب الغرائب. ومن مختار الاستعارة قول الشريف الرضي:
وما نطفة مشمولة في مجمة ... وعاها صفا من آمن الطود فارع
من البيض لولا بردها قلت دمعة ... مرنقة ما أسلمتها المدامع١
لأنه استعار لأعلى الجبل الأمن عبارة عن الارتفاع وتعذر الوصول إليه وهذا لائق محمود في الصناعة ومعلوم عند أهلها وما زلت أسمع أبا العلاء يقول: إن من الشعر ما يصل إلى غاية لا يمكن تجاوزها وهذا البيت عندي من ذلك القبيل حسنًا وصحة نسج وعذوبة لفظ.
وللسري الموصلي أبيات مرضية في معناها وهي: