Sirat Muluk Tabacina
سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا
Géneros
إلا أن الملك - واسمه أيضا «بعلبك» - وقف مشرفا من أعلى روابي المدينة، مسلطا عينا لا تخيب بصيرتها على ذلك الزحف الذي لا قبل لمخلوق به، والمقترب من المدينة، لكن دون أن يشهر أحد سلاحا. - هذا ضيفي!
نطق بذلك الملك بعلبك متراجعا قليلا عن جدار النافذة العليا المشرفة على قمة «برج البروج»، مرتجا من هول الكارثة التي لا قبل له من قبل بمثلها. - كل هذا الجيش والعتاد.
كان الملك بعلبك قد أمضى يومه بكامله مستطلعا لقطعان الخيول العربية المطهمة والعربات الملكية وقوافل الجمال، وفيالق جيش المشاة، وقطعان المؤن التي لا تنتهي من رءوس الأبقار والجمال والماعز .
حتى إذا ما قارب دخول الليل التالي وهو ما زال مأخوذا بارد الأطراف من هول ما يشهد، وما لم يشهد من قبل، عاد مؤكدا لنفسه بصوت واضح النبرات لمن حوله من كبار قواده ومستشاريه وعيونه المسلطة. - هذا ضيفي!
واستمر الوضع على هذا الحال أياما امتدت إلى أسابيع، لم يرفع فيها أي سلاح. - ويلي، ويلي!
صحيح أن الملك «بعلبك» لم تغفل له عين من هول ما رأي من ضخامة جيش التبع اليمني، ومدى حرصهم، وعدم تحرشهم بأحد، إلا أن ما أصبح يبحث عنه هو. - كيف التصرف؟
وهكذا أمر الملك بعلبك من فوره بإرسال واجبات الضيافة وإعدادها بكثرة تفيض عن حاجة ذلك الجيش، من رجال وما يليق بهم ومن في معيتهم من زوجات وأمهات وشيوخ وأطفال.
وما إن انشغلت المدينة عن بكرة أبيها بإعداد كل ما يلزم من واجبات استضافة جيش التبع الذي لم يبدر منه عدوان إلى الآن «ربما يمر مرورا ببلادنا وبلاد جيراننا وغيرنا من أقوام»، كما أمر الملك، حتى حمل الحرس المكون من كتيبة مسالمة في هيئة رسول وآلاف الذبائح المطهية للترحيب بالتبع الملك «ذو اليزن» من قبل الملك «بعلبك» لضيوفه العرب النازلين.
وعادوا من فورهم محملين بشكر التبع ذو اليزن للملك بعلبك، واستمر هذا الحال في تقديم «العشاء» من قبل ملك بعلبك بضعة أيام، إلى أن قرر ملك بعلبك الانتقال بنفسه لملاقاة التبع. - لنعرف ما الخبر؟ وما يحدث؟
وهكذا انتقل إليه ملك بعلبك في حرس بسيط، فهب الوزير يثرب لاستقبالهم إلى أن أدخلهم على الملك ذو اليزن الذي رحب به شاكرا حسن ضيافته، وهو في طريقه بحثا عما يشغل باله وفكره عن مصادر الماء، وخاصة. - كتاب النيل.
Página desconocida