ويبدو لي أننا لا نعرف عن مؤلف السيرة مفرح بن أحمد الربعي غير ما ذكره هو نفسه في السيرة. أما نسبته: الربعي، فيبدوا أنها قبلية(1) وقد تشير إلى ربيعة خولان في ناحية صعدة. ويذكر هؤلاء مرارا في السيرة بين أنصار الأميرين. لكن هناك عدة بطون قبلية أخرى باسم ربيعة اليمن. ويظهر مفرح باعتباره شاهد عيان في كثير من الوقائع والأحداث التي يقصها ابتداء من العام 416ه/ 1069م(2). والمرجح أنه دخل في خدمة الأميرين قبل هذا التاريخ كخطيب وكشاعر رسمي. وتذكر في السيرة أشعار كثيرة له نظمها في الانتصارات ومناسبات أخرى. وقد كلفه الشريف الفاضل مرة بنظم شعر باسمه للأمير جياش بن نجاح، حاكم زبيد، يشكره فيه على مساعداته العسكرية والمالية، وقد أرسله من قبله لينشد جياشا تلك القصيدة، فعاد بهدايا كثيرة للأميرين من عند جياش(3). وعندما استولى الفاضل على صعدة عام 463ه/ 1071م طلب من مفرح إنشاء خطبة وإلقاءها بجامع الهادي بصعدة(4). وعندما قتل الفاضل قام مفرح بإلقاء مرثية الدفن بالحضن(5). وعندما نشب نزاع بين الأمير ذي الشرفين وأخيه سنان الدولة أحمد قام مفرح بالتوسط في النزاع بين الطرفين(6) . وفي رجب عام 485ه/ أغسطس عام 1092م كلفه الأمير عمدة الإسلام جعفر بن ذي الشرفين وخليفته بكتابة السيرة(1)، وأتاح له استعمال رسائل ووثائق تتصل بتاريخ الأميرين. وقد اقتبس مفرح فعلا من بعض الوثائق بشكل مطول في السيرة.
ويورد مفرح بالإضافة إلى تلك الوثائق والرسائل أقوالا وتقارير لشهود عيان يذكر أحيانا أسماءهم. كما أنه يستخدم في كثير من الأحيان تقارير ومعلومات أخذها من الأميرين نفسيهما. أما مصدراه الرئيسان للأحداث والوقائع السابقة على دخوله في خدمة الأميرين فهما نصيرا الشريف الفاضل وصاحباه: الفقيه أبو الحسن علي بن محمد بن عبدالملك بن أبي الجيش، وسلامة بن علي بن محمد المحلي(2). ويبدو أن هذين الرجلين رافقا الشريف الفاضل منذ بداية حياته السياسية، إذ كانا معه في الهرابة أثناء صموده الشجاع في وجه حصار الصليحيين عام 448ه/ 1056م، وظلا معه بعد احتجاز الصليحيين له. وكان سلامة مهتما بتأمين غذائه، وحاجاته الشخصية الأخرى(3). ورافقه سلامة في منفاه الاختياري بعد خروجه من الأسر، ومضيه من اليمن إلى ترج ومكة (451-459ه/1059-1067م).
Página 10