العيارين وأشدهم وقد تعلم رمي النبال حتى أصبحت نبلته لا تخطىء مطلقا وكان يسطو على البساتين ويتعدى على الأولاد في الشوارع والأزقة والناس تشكوه إلى حمزة لكونه يبقى معه على الدوام وهو لا يلتفت إلى شكاويهم لصغر سنه وهم لا يخبرون بذلك الأمير إبراهيم خوفا منه إلى أن كان ذات يوم فأق بالقرب من بستان نظر داخله شجرة رمان كبيرة الشمر فأعجبته وقال لا بد أن أنحذ لأخي حمزة منها وأقدم له من هذا الثمر لأنه لذيذ وحالما تصور في ذهنه هذا التصور ضرب رجليه بالأرض فارتفع إلى أعلى الحائط ووضع يديه عليه وقلب فجأة في الداخل كأنه العفريت غير ملتفت إلى صاحب البستان وركض الى شعجرة الرمان فتسلقها وجعل يقطف من ثمرها ويضع في عبه وبينا هو على مثل ذلك وإذا بصاحب البستان قد وقف تحت الشجرة ورأه فوقها فصاح به وقال له ويلك يا عبد السوء إن في كل يوم أجيء لبستاني فآرى الأشجار مكسرة والأثمار منهوبة ولا أعرف من الذي يفعل ذلك حتى رأيتك الآن ولا بد من ضربك والانتقام منك على ضرري . فقال له إني ما أتيت بستانك إلا هذه المرة فقط . فقال له أتيت كثيرا فأنزل من الشجرة وإلا صعدت إليك ورميتك من أعلاها فقفز بأسرع من البرق من أعلى الشجرة إلى الأرض والرمان يملأ عبه وقبل أن يتمكن الرجل من الدنو منه أخذ قبضة رمل من الأرض وأحكمها إلى وجهه فوقعت في عينه حتى كادت تعميه وفر هاربا من أمامه ونجا بنفسه .
وبقي الرجل يتوقع ويتململ من فعل عمر وهو يتمنى أن يكون قد قبض عليه ليقتله وصرف أكثر من ساعة ينفض الرمل من عينيه ويغسلههما ولا صار يقدر على النظر إلى الطريق سار إلى ديوان الأمير إبراهيم ودخل عليه وهو على تلك الخالة وشكى الغلام عمر وما فعل معه وانه لم يكفه تكسير اشيجاره وسرقة أثماره حتى رمى الرمل بعيئيه فكاد يذهب ببصره فاغتاظ الأمير عندسماعههذا الخبر وتكدر مزيد الكدر وأمر ان يؤى بعمر في الخال فسار نخلفه أحد العبيد وكان عمر قد وصل إلى أيه حمزة ودفع اليه الرمان فقال له من أين هذا فحكى له قصته مع الرجل ولم يخف شيئا فلم يسع حمزة إلا الضحك وأخيرا لامه على ذلك وقال له ان مال الناس محفوظ . وليس من حقنا التعدي عليه وقد أوصيك مرارا بأن لا تتعدى على أحد فقال له إني أريد أن أطيعك لكني رأيت هذا الثمر الشهي فتاقت نفسي اطعمك منه وإذا لم أحضر لك منه لا يرتاح بالي ولا يطيعني قلبي وفي تلك الساعة وصل اليه رسول ابيه وقال له أن أباك أرسلني لأخذ عمر فعرف حمزة سبب ذلك وانه كان بطلب من الرجل صاحب البستان ولذلك بض هو معه وسار وعمر بين يديه أيضا الى أن دخل على أبيه وقبل يديه ثم تقدم عمر وأراد أن يقبل يديه أيضا فمنعه وقال له كيف تتعدى على أموال الناس وتقرب مني ثم أمر العبيد أن هجموا عليه ويلقوه إلى الأرض ويضربوه خمسين سوطا فاحتاط به العبيد وحاولوا التمكن منه فلم يقدروا وهو ١6
Página desconocida