وثانيا ليرى ويشاهد الذي دلت عليه الدلائل بأنه سيكون سعيدا جدا ويملك البلاد ويخلص العرب من ظلم الفرس ويدل الدولة الكسروية ويهدم معابد النيران ويصبح له شأن وأي شأن .. وبقي الوزير سائرا حتى وصل إلى الخيرة فخرج للاقاته الملك النعمان وترحب به مدة أيام وسأله عن سبب إتيانه فأخبره أنه يقصد مكة المكرمة وبعد أن قام ثلاثة' أيام في ضيافة النعمان سار إلى مكة مع من معه حتى وصلها وإذا ذاك بعث رسولا يخبر حاكمها وكان اسمه إبراهيم يخاف ويتقي جانبه عائش على التقوى والعبادة فلما سمع بقدوم بزرجمهر وزير الملك الأكبر خرج بجماعته إلى خارج المديئة ولاقاه بالترحيب والإكرام وهو لا يعرف الغاية التي جاء لأجلها وزاد له بالتعظيم والإكرام لعلمه أنهمن رجال الله وعباده الاتقياء مشهور بالذكاء والآداب والمعارف وأنه أيضا وزير الملك كسرى ملك العرب والعجم والترك والديلم ورجع إلى المدينة محمولا على التأهل والاكرام ولا استقر به المقام وارتاح من اتعاب السفر وانتهت مدة الضيافة المعروفة عند العرب اجتمع الوزير بالأمير إبراهيم وقال له هل ان امرأتك حامل قال نعم نعم . وهي في الشهر الأخير . قال إني بإهامه تعالى أتيت لأخبرك أنها تأتي بولد ذكر كأنه القمر يرتفع مقامه ويعلو شأنه ويخرج أشجع من كل من حمل القنا ونقل الحسام وركب الجحواد . ثم إنه حكى له ما كان من كسرى أنوشروان صاحب التاج والايوان ففرح الأمير إبراهيم بهذه البشارة وسر منها جدا لا سيا عندما علم أن ولده هذا سيكون سبب خلاص العرب من العجم وسبب تدمير معابد النيران وقلع آثار الكفار .
وبقي الوزير بزرجمهر في المدينة المنورة نحوا من خمسة عشر يوما وفي اليوم السادس عشر بينا كان مقيما في ديوان الأمير إبراهيم بين عربه وقومه جاء المبشرون يبشرون الأمير بولادة زوجته وأن الذي ولدته ذكر فكاد يطير من الفرح حيث أن هذا الولد هو البكر وحيث أن سمع عنه قبل وجوده في عام الوجود من الوزير بزرجمهر وكذلك الوزير فرح وعرف أن هذا الغلام هو الذي دلت عليه الدلائل ورأاه كسرى في حلمه ولذلك شملع على المبشرين الخلع السنية ومثله الأمير إبراهيم فإنه غمرهم بالعطاء وأطلق العبيد منهم وجعل زاده في ذلك اليوم شكر الله سبحانه وتعالى طول ذلك النهار وفي اليوم الثاني اجتمع في ديوانه وأقام الأفراح أهل قبيلته يبنثونه بالمولود وانتظروا الإتيان به إلى الديوان بحسب العادة المألوفة عندهم وهي أن يؤتى بالغلام إلى أبيه ويعرض عليه بين رجال قبيلته وقومه ليراه الجميع ولم يكن إلا القليل حتى جيء بالغلام محمولا على أيدي العبيد وقدم إلى أبيه أولا فأخذه ونظر في وجهه وقد تعجب من كبر جسمه وحسن طلعته ويباء جبهته لأنه كان بديع الصورة جدا لا يوجد أجمل منه في رجال زمانة وبعد أن قبله قدمه للوزير بزرجمهر ١ فأخذه وأمعن النظر في وجهه وجعل يسبح- الله سبحانه وتعالى على ما يخلق وما يفعل وتأكد
٠ (
Página desconocida