كتابي إليكما أيها الحبران الكاملان، الصدران الفاضلان، شيخا الإسلام الداعيان إلى الله وإلى رب الفضل، وولاة العقد والحل...إلى قوله: {سلام قولا من رب رحيم}(1) تحية من عند الله مباركة طيبة تفيض بالخيرات أنواؤها، ويتوالى من ذي العرش حباؤها، وتضيئ حنادس البعاد لألاؤها، سلام على معاهد العلم وربوعه الذي طهر البر عراضها وأنديتها، وراح للدين الحنيف على نشر التقوى ساحاتها وأفنيتها، وشاد على دعائم الهدى سادات الورى ذراها وأبنيتها، بقرارة جيلان وديلمان، وذات الرسم الباقي والأثر الخالد من حديث الطوفان، فهناك حط الفضل رحله وطنب رواقه، وألقى الفقه بقاعه وأرخى غزاليه دفاقة، وإن أرضا كان الناصر للحق عليه السلام مرسي أوتادها، وضارب أسدادها، وخائض غمارها، ومعين قوادها، ومشكاة أنوارها، وناهج محجتها على واضحة ليلها كنهارها، لأرض محفوفة بفخامة خطرها، ونماء سعيها، وتحليل ذكرها، لا جرم أنه لأثر شامخ الشرفات، باذخ القذفات، راسخ القواعد والأساس، محكم القرائن والأمراس...إلى قوله: فهو عليه السلام أبو عذرها، وطليعة نبوها، الذي هتفت به الصحف الغوابر، وآذنت به قبل أوانه البشائر، وتزينت بذكره الأسفار وابتهجت الدفاتر، رعف به الزمان، وتبلج به ذلك الأوان، فلم يزل يدندن حول تلك الديار ويحوم عليها بأسفار وتطيار، وعقد وإمرار، وعزم لا يلويه وكل، وحزم لايثنيه دخل، حتى أعطى مقاليدها إذ رام إصلاحها، ونبذ إليه الإسعاد مفتاحها إذ حاول افتتاحها...إلى قوله: فورد صريخ ضربها من ورد من أئمة الهدى، وأقمار الدجى الذين أضاءت بأنوارهم المشارق والمغارب، ورتع في رياض علومهم الأعاجم والأعارب، سلام الله وبركاته وصلواته على تلك الأرواح[21ب- أ] في مساء وصباح، فما انفك السلف من أئمتنا عليهم السلام ينحون ذلك المنهاج، ويلمع ضوء لألائهم من تلك الهالات والأبراج، وينتابوها من العراق بتآويب وإدلاج، فأول من عشا إلى ضوء نارها فأتبعه، وشام برق الحيا في ربابها فانتجعه السيد الإمام أمير المؤمنين المهدي لدين الله أبو عبد الله محمد بن الحسن الداعي عليه السلام، فأحيا تلك المآثر التي ما بقيا لها على مرالجديدان أثر...إلى قوله: ثم تلاه الإمامان اللذان هما هلالا هالة الأمة المحمدية، وواسطا عقد النحلة الحنيفية كما أن قطر اليمن ما زال وكر الأئمه الزيدية وأشياعهم من لدن الهادي إلى الحق عليه السلام إلى هذا الأوان، ينادون فيه الصوت العالي ويخفق فيه كوكب مذهبهم المتلالي، ويرث الأول الثاني، فهم كذلك يأثرون فيه الدين قرنا بعد قرن، ويروونه خلفا عن سلف من آل القاسم عليه السلام وأشياعهم الكرام...إلى قوله: ولقد جمع الله تعالى للإمام المنصور ذي المجد المعمور، والشرف الموفور، والعلم المأثور، والسيف المشهور، أمير المؤمنين والخليفة الصادع بالحق المبين، حليف القرآن، ماضي الجنان واللسان أبي محمد بن عبدالله بن حمزة بن سليمان كريم الحظين، من أحيا دين آبائه الكرمين في هذين القطرين ، واقتفى سنن هذين الإمامين، المحتذي لمثالهما، الناسج على منوالهما، حتى استد الأمر، وانتظم البحر، واتصل السؤدد والفخر، فحق حينئذ على أهل كل ناحية أن يكون له على من فيه طليعة ورقيبا، وأن يسمعهم صوته مثوبا وهيبا، أن هلم فإن طالع سعدنا قد بارى فلق الصباح، وإن أملنا الذي كنا نعد له الأيام ونبتهل له طوالع الشهور والأعوام قد أذن بالنجاح، وحيعل بالفلاح.
Página 67