فتى مثل صفو الماء ليس بباخل .... بشيء ولا مهد ملاما لباخل
ولا ناطقا أحدوثة السوء معجبا .... بإظهارها في المجلس
المتقابل
(فصل) وأما مناقبه في ثبات القلب، وإقدامه في مواطن الطعن والضرب
، أما قبل قيامه عليه السلام فإن زمانه كان زمان هدن وسكون، وإخلاد إلى لعاعة الدنيا وبهجتها من ملوكها، فكان جل شغله بالعلم والعبادة، والتتبع لمكارم الأخلاق والزهادة، والاستعداد لنصرة الدين، ونظم عقد الإسلام والمسلمين، ولقد كان في غضارة الشباب وقرب العهد بالإدراك يقيم في بعض الثغور ويتصدر لبذل النفس في سبيل الله، ولقد كان يهم بالاعتزال إلى بلد شاسع يقاتل فيه أعداء الله، ولقد اختبر في أيام دعوته في موطن من مواطن الحرب تختلس فيه النفوس، وتنتهب الأرواح في يوم شؤبوبه مقاتل القداح، وبروقه مباسم الصفاح، ورعوده هماهم الكفاح، قد أعدت فيه الملاحدة والمجبرة سكتها، وشحذت للطعن والضرب غروب صفائحها وأسنتها، فكان سلام الله عليه في ذلك اليوم سابق حلبة المآرق، وضيغم غيل الماقط المتضايق.
وأما بعد قيامه عليه السلام فما عسى أن يقول القائل في رجل كالألف، بل أعظم من ذلك في النعت والوصف، فما أحقه بقول القائل:
Página 24