Cine y Filosofía: ¿Qué ofrece uno al otro?
السينما والفلسفة: ماذا تقدم إحداهما للأخرى
Géneros
5
قد تمتلك القدرة على قتل جدك من زاوية ما، ألا وهي كون هذا الفعل من «نوع» الأفعال الذي تقدر على فعله؛ أنت تقدر على تعقب شخص ما، وتقدر على تصويب سلاح ناحيته، وتقدر على سحب الزناد (لكن هذا لا يعني أنك ستفعل ذلك). إذن من زاوية ما أنت تمتلك القدرة المطلوبة، لكن من ناحية أخرى هذا الفعل تحديدا ليس شيئا تقدر على فعله، بل يتجاوز قدرتك على الفعل؛ فأنت لا تملك القدرة على إعادة كتابة الماضي، بل الرب نفسه لا يملك هذه القدرة. لدينا إذن مفهومان للقدرة: مفهوم ضعيف حيث تملك القدرة على فعل شيء ما حال كونه من الأشياء التي تقدر على فعلها، ومفهوم قوي حيث تمتلك القدرة على فعل شيء ما إذا كان ممكنا من الأساس فعل ذلك الشيء تحديدا. تدمج حجة مفارقة الجد بين هذين المفهومين، ومقدمتها المنطقية الأولى تبدو معقولة فقط حال تفسيرها حسب المفهوم الضعيف للقدرة. قتل الجد عملية تتألف من مجموعة من الأفعال، كل منها فعل يقدر المرء على تنفيذه بنجاح، لكن المقدمة التي تعتمد عليها الحجة تتطلب في الواقع المفهوم القوي للقدرة. لا ينبغي أن يتكون قتل الجد من مجموعة من الأشياء التي تقدر في المعتاد على فعلها، بل لا بد أن يتكون من شيء يمكنك فعليا فعله. وهو في الحقيقة ليس كذلك.
قصص السفر عبر الزمن المتسقة وغير المتسقة
لنلق نظرة أخيرة على فيلمنا. يروي «جسر المطار» قصة سفر عبر الزمن حيث يشهد رجل حادثة موته أثناء صباه. أكان بوسع هذا الرجل منع موته؟ هل كان بوسعه تغيير رأيه في اللحظة الأخيرة والتوجه إلى المستقبل حيث الأمان؟ هل كان بوسعه الجري أسرع؟ أو الانحناء وتجنب الرصاص؟ الإجابة عن هذه الأسئلة هي لا. لم يكن بوسعه فعل أي من تلك الأشياء؛ لأنه لم يفعلها في الماضي. لقد كان مقدرا له الموت في مطار أورلي قبل تدمير باريس، لكنه لم يكن يعرف ذلك بعد. بل إن استخدام تعبير «كان مقدرا له الموت» غير دقيق نسبيا في واقع الأمر؛ فعندما كان يفكر في قبول عرض اللجوء إلى المستقبل أو رفضه، كان وقتها ميتا بالفعل. لقد كان ميتا طوال الجزء الأكبر من حياته. وقد وجد كذلك لفترة قصيرة في مكانين في الوقت ذاته، في صورة صبي وفي صورة رجل. هل من الممكن أن يوجد شخص واحد في مكانين في الوقت نفسه؟ يعتمد ذلك على معرفة أي من وجهات النظر حول الهوية الشخصية هي الصحيحة. سوف نناقش في الفصل الثامن نظرية الاستمرارية النفسية، التي تطرح منظورا رباعي الأبعاد للأفراد. وفقا لهذا المنظور يتكون الأفراد من أجزاء زمنية مؤقتة يرتبط بعضها ببعض عبر الذاكرة. ولا تنطوي هذه النظرية على ما يجزم باستحالة وجود شخص ما في مكانين في الوقت ذاته، أو ما يجزم باستحالة موت شخص ما (في مرحلة زمنية مختلفة) بينما يستمر على قيد الحياة (في مرحلة أخرى). علاوة على ذلك لا تنفي النظرية إمكانية موت أحد الأشخاص قبل ولادته. ذلك عجيب بالطبع، لكن لا أحد يزعم ها هنا أن السفر عبر الزمن لا ينطوي على بعض العجب. نزعم فحسب أنه ممكن من الناحية المنطقية، وربما من الناحية الميتافيزيقية. قدم «جسر المطار» نموذجا لقصة سفر عبر الزمن متسقة؛ ومن ثم ممكنة منطقيا. والملمح الرئيسي في تلك القصص هو أن الماضي لا تعاد كتابته أبدا. قد تتضمن القصة الكثير من الأحداث العجيبة لكنها تحكي عن عالم واحد متسق.
تعج السينما بأمثلة على قصص السفر عبر الزمن غير المتسقة. ويقدم فيلم «تأثير الفراشة» (باترفلاي إيفيكت) (2004) مثالا جيدا على هذا النوع. يكتشف إيفان تريبورن، بطل الفيلم، أنه يمتلك القدرة على العودة إلى ماضيه، وخلق سيناريوهات مستقبلية بديلة له ولمن يرتبطون به. تنتهي تلك السيناريوهات جميعها نهاية سيئة للغاية (ما يوضح، حسب المفترض، تأثير الفراشة ).
6
وفي حين يغازل الفيلم مفهوم الاتساق (حيث نرى أن حالات الإغماء التي يتعرض لها إيفان أثناء طفولته كان المتسبب بها ذاته المستقبلية)، إلا أن صناعه لم يهتموا حقا بتجسيد قصة متسقة من قصص السفر عبر الزمن؛ فبينما تعاد كتابة الماضي مرة تلو الأخرى، يتساءل المرء عما حدث لتلك الحيوات المعادة كتابتها. هل وجدت قط؟ كيف يرى إيفان أنه إذا عاد بالزمن، وأعاد كتابة حياة حبيبته، كيلي ميلر، فسيتمكن من تحسين الوضع بالنسبة إليها؟ فهو عاجز عن جعلها لا تتعرض أبدا للانتهاك الجسدي. فما الذي يظن أنه سيكون إذن قادرا على تحقيقه؟
ربما كان السبيل الأمثل لفهم سيناريوهات أفلام مثل «تأثير الفراشة» هو النظر إليها لا من منظور السفر عبر الزمن بل من منظور العوالم المتشعبة. عندما يعود إيفان إلى ماضيه في محاولة لتحسين حياته فهو لا يسافر إلى ماضيه، بل يسافر إلى عالم مواز، عالم متفرع من العالم الفعلي. وخلق تلك العوالم المتشعبة أو القفز إلى أحدها لا يغير الماضي. يوجد العديد من الشكوك حول ما إذا كانت فكرة القفز بين العوالم فكرة متماسكة من المنظور الميتافيزيقي. لكن على أي حال، القفز بين العوالم ليس شكلا من أشكال السفر عبر الزمن. وإذا استخدمت أسلوب القفز عبر العوالم كي ترجع إلى الماضي وتقتل جدك، فستخفق ها هنا أيضا في قتله؛ قد تقتل في تلك الحالة شخصا ما، لكنه لن يكون جدك، سيكون نسخة من جدك يعيش في عالم مختلف. لكن في عالمنا سيظل جدك حيا يرزق في كامل صحته. نستخلص من هذا كله أن قصص السفر عبر الزمن غير المتسقة تميل إلى تجسيد أبطال يعانون من تشوش كبير. في حين تتمتع قصص السفر عبر الزمن المتسقة بقدر أكبر من الإثارة لأنها قصص متماسكة على مستوى عميق.
تفتح قصص السفر عبر الزمن المتسقة الباب أمام احتمالية جديرة حقا بالملاحظة، وهي الحلقات السببية. في «جسر المطار» يمنح أهل المستقبل بطلنا محول طاقة (وهو عبارة عن صندوق معدني أسود لا يميزه شيء) كي يصطحبه معه إلى الماضي. والآن تخيل أن هذا المحول كان ناجحا حقا وظل موجودا لزمن طويل في المستقبل، بحيث ظل أهل المستقبل يستخدمونه عندما قدم إليهم غريب من تاريخ البشرية المبكر طالبا مساعدتهم، فمنحوه هذا المحول. وهكذا نرى أن الماضي يمنح المحول للمستقبل والمستقبل يمنح المحول للماضي. يطلق على ذلك حلقة سببية. هي فيما يبدو نتيجة محتملة للسفر عبر الزمن. من أين إذن أتى محول الطاقة؟ من صنعه؟ لا مفر من الإجابة بأنه أتى من الماضي ومن المستقبل، وبأنه ليس من صنع أحد، بل وجد هكذا. تلك حلقة سببية إعجازية دون شك، لكنها محتملة منطقيا. ربما تكون بعض أنواع السفر عبر الزمن محتملة منطقيا لكنها عجيبة، عجيبة حقا في بعض الأحيان. لا بأس. العالم مكان عجيب، فلماذا يفترض بالسينما ألا تكون عجيبة بدورها؟
أسئلة
Página desconocida