Cine y Filosofía: ¿Qué ofrece uno al otro?
السينما والفلسفة: ماذا تقدم إحداهما للأخرى
Géneros
إذن كي يصبح الزمن حقيقيا لا بد أن تكون المجموعة «أ» حقيقية. (3)
لكن المجموعة «أ» تناقض نفسها؛ ومن ثم لا يمكن أن تكون حقيقية. (4)
إذن الزمن ذاته ليس حقيقيا.
بالطبع لم يدع الفلاسفة المسألة تقف عند هذا الحد. إحدى طرق الرد على هذه الحجة هي محاولة إنقاذ المجموعة «أ» من الوقوع في فخ التناقض. وكما عرضنا لتونا، يرى مكتاجارت أنه لا يمكن لحدث واحد امتلاك خاصية كونه حاضرا وخاصية كونه ماضيا على حد سواء؛ فتلك خواص متناقضة، وربما ينبغي لنا الاتفاق معه وكفى. كيف نستطيع إيقاف التناقض دون اختزال المجموعة «أ» في المجموعة «ب»؟ قد يبدو الحل التالي متطرفا بعض الشيء؛ يمكننا منع التناقض عبر إنكار أن الأحداث تمتلك من الأساس خاصية كونها في الماضي أو في الحاضر؛ أي الماضي غير موجود والمستقبل غير موجود، الحاضر فقط هو الموجود. إذا كان شيء ما حدثا، فهو إذن يحدث الآن؛ أما إذا لم يكن يحدث الآن، فهو ليس حدثا، بل هو شيء آخر، شيء ليس له وجود. وعندما نتحدث عن «الأحداث الماضية»، نحن نتحدث على نحو تقريبي لأن الأحداث الماضية ليست في الحقيقة أحداثا على الإطلاق؛ الأحداث هي ما يقع الآن، والأحداث الماضية لا تقع الآن. وعلى وجه الخصوص، الأحداث الماضية ليست أحداثا تتمتع بخاصية مميزة؛ ألا وهي كونها في الماضي؛ فقول ذلك يعادل القول بأنها تحدث مع امتلاكها خاصية مميزة ألا وهي عدم حدوثها، وذلك قول مناف للعقل. إذن إذا كنا اتفقنا (نسبيا) على ما نعنيه بكلمة أحداث، واتفقنا أن الماضي والمستقبل لا يمكن أبدا أن يكونا خواص للأحداث، فسنضمن إذن أن الحدث الواحد لن يملك أبدا خواص زمنية متناقضة؛ فلا يمكن له امتلاك أي خاصية سوى خاصية كونه حاضرا. وبإنكار وجود أي شيء خارج نطاق الحاضر، أصبح لدينا على ما يبدو سبيل لإصلاح المجموعة «أ» دون أن نناقض أنفسنا.
ربما يبدو هذا الرأي الذي توصلنا إليه عبر مراوغة التناقض الذي يطرحه مكتاجارت غريبا، لكنه يصف في الحقيقة مفهوما بديهيا إلى حد كبير للزمن؛ فعندما نقول إن الماضي قد انتهى، ربما الشيء الذي نفكر فيه حقا هو أن الماضي لم يعد موجودا. ربما نقصد أن الماضي غير موجود وكفى. الحاضر يبدو حقيقيا - يبدو موجودا «هناك» أو «هنا» بالأحرى - على عكس الماضي والمستقبل. الحاضر لا ينفك يتغير، وهذا التغير يشكل تدفق الزمن. يطلق الفلاسفة على هذا الرأي، «الحاضرية»، وهو أمر لا يثير استغرابا. تتميز الحاضرية بأنها تجسد إحساسنا البديهي بتدفق الوقت، وبأن الحاضر حقيقي، على العكس من الماضي والمستقبل. إحدى طرق تصور وجهة نظر أتباع هذا الرأي حول الوقت والوجود هي تخيل الحاضر كنقطة ضوء تتحرك عبر خط مظلم يمثل العالم. الظلام هو ظلام اللاوجود، والضوء هو ضوء الوجود. وحركة الضوء هي تدفق الزمن، وهو يتحرك دون توقف. (تجسد الحاضرية مفهوما بديهيا ولكنه غريب نوعا ما لأن الحاضر سريع الزوال حقا. إذا كنا نعيش في الحاضر وحده، فربما علينا التوقف والتساؤل كيف نستطيع التقاط أنفاسنا على الإطلاق؛ الزمن يتحرك بسرعة فائقة! وإذا كنا نعيش في الحاضر كليا، فإننا نعيش فيما يبدو مجموعة من اللحظات المؤقتة العابرة. لكن إحساسنا بالحياة يختلف عن ذلك.)
يواجه أتباع الحاضرية العديد من الصعوبات؛ فأولا تواجههم صعوبة شرح كيف يمكننا طرح مزاعم حقيقية حول الماضي. هل الادعاءات حول الماضي تشبه الادعاءات الخيالية؟ (هل القول بأن الأرجنتين فازت بنهائي كأس العالم عام 1978 يشبه القول بأن القبطان آيهاب حاول قتل الحوت موبي ديك في رواية «موبي ديك». وهو ما فعله، من ناحية، لكن من ناحية أخرى لا يوجد شخص يدعى القبطان آيهاب، ولا يوجد مخلوق يدعى موبي ديك؟) هل الادعاءات حول الماضي هي ادعاءات مستترة حول الحاضر؟ (عندما أقول إن الأرجنتين فازت بنهائي كأس العالم عام 1978، فتلك ليست سوى طريقة مزخرفة للتحدث عن سجلات الاتحاد الدولي لكرة القدم، وما شابه ذلك.) من الصعب على أتباع هذا الرأي إيجاد دلالات لفظية منطقية للعبارات التي تتناول الماضي. كذلك من الصعب عليهم شرح العمليات السببية بما أن السببية في الظاهر هي علاقة بين أحداث تمتد عبر فترة من الزمن. يتسبب حدث ماض في حدث حاضر. لكن كيف يفترض في شيء غير موجود امتلاك القدرة على التسبب في حدوث أشياء؟ وكبديل عن هذا، تأمل المسببات الحاضرية لنتائج مستقبلية: سوف أتناول حبة دواء الآن كي أقضي على ألمي في غضون بضع دقائق. كيف يستطيع شيء غير موجود - شيء مستقبلي، ليس شيئا «في المستقبل» (كما لو كان المستقبل مستودعا تنتظر فيه الأحداث المخزنة) - الدخول في علاقات سببية مع شيء موجود؟
4
تواجه الحاضرية بعض العراقيل إذن. ربما نتمكن من شق طريقنا عبرها لكنها على أي حال تشجعنا على السعي وراء وجهات نظر بديلة لمفهوم الزمن. يتخلى المنافس الرئيسي للحاضرية عن محاولة وصف الزمن حسب قواعد المجموعة «أ»، ولا يقبل بديهية تدفق الزمن المنطقية أو وجود اختلاف وجودي (أنطولوجي) بين الماضي والحاضر. إنها الرؤية التي يتحدث عنها إتش جي ويلز في روايته «آلة الزمن»، وغالبا ما يطلق عليها اليوم الرؤية الرباعية الأبعاد. تذكر أن حجة مكتاجارت التي تزعم أن الزمن وهم تعتمد على مقدمتين منطقيتين؛ المقدمة الأولى مفادها أن المجموعة «أ» هي صفة أساسية من صفات الزمن، وبدون المجموعة «أ» لا يوجد زمن. والمقدمة الثانية مفادها أن المجموعة «أ» تناقض نفسها. يقبل الحاضريون المقدمة الأولى لكنهم يرفضون الثانية. أما أتباع الرؤية الرباعية الأبعاد فيتبعون المنهج المعاكس؛ أي يقبلون المقدمة الثانية لكنهم يرفضون الأولى؛ فهم يعتقدون أننا نفهم الوقت من منظور المجموعة «ب» فحسب (أي العلاقات الزمنية بين الأحداث: بعد، وقبل، وبالتزامن مع). حسب المنظور الرباعي الأبعاد، المفاهيم التي تطرحها المجموعة «أ» - الماضي والحاضر والمستقبل - لا تعبر وجوديا عن حقائق ذات قيمة، بل هي تشير فحسب إلى الموقع الزمني للمتحدث. فلنفترض على سبيل المثال أن شخصا ما يرى إشارة المرور تتغير من الأحمر إلى الأخضر، بينما يشهد هذا التغير: «إشارة المرور تتغير الآن.» ما الذي يجعل هذه العبارة صحيحة؟ ما الحقيقة التي يتناولها هذا الزعم؟ يعتمد ذلك على الموقع الزمني للمتحدث. إذا كان قد نطق بجملته الساعة 9:45 صباحا يوم 30 نوفمبر عام 2020، يصبح هذا الزعم صحيحا فقط إذا كانت إشارة المرور التي نحن بصددها تتغير في ذلك الوقت. وإذا أبدى المتحدث هذا الزعم في وقت آخر، فإنه لن يكون صحيحا إلا إذا كانت إشارة المرور التي نحن بصددها تتغير في هذا الوقت الآخر. كلمة «الآن» تؤدي وظيفة تشبه إلى حد كبير وظيفة كلمة «هنا»؛ ذلك هو ما يطلق عليه الفلاسفة تعبيرا تأشيريا. وينطبق ذلك على مفاهيم المجموعة «أ» بأكملها؛ إذ يرى أتباع وجهة النظر الرباعية الأبعاد أن حقائق المجموعة «أ» هي حقائق تأشيرية. وتتمخض هذه الرؤية عن نتيجة مهمة، وهي أن الزمن لا يتدفق، بل يبدو هكذا فحسب؛ ومن ثم لا تواجه الرؤية الرباعية الأبعاد ما تواجهه الحاضرية من مشكلات، لكنها تواجه مشكلات أخرى خاصة بها. من بينها شرح الكيفية التي يبدو بها الزمن وكأنه يتدفق، وكذلك شرح الكيفية التي يبدو بها الزمن وكأنه يتدفق في اتجاه واحد فقط.
ما هو السفر عبر الزمن؟
عودة إلى مسألة السفر عبر الزمن؛ من منظور الحاضرية، السفر عبر الزمن مفهوم غير مترابط. كيف يمكنك السفر إلى مكان غير موجود؟ (ولا يرجع ذلك إلى أن الماضي والمستقبل لا يوجدان إلا في الحاضر فحسب، بل يرجع إلى أن الحاضرية تؤكد عدم وجودهما من الأصل.) على الجانب الآخر لا تنطوي الرؤية الرباعية الأبعاد على أي من تلك الشكوك؛ إذ يرى أتباعها أن الزمن بعد، والسفر عبر بعد أمر ممكن تصوره على الأقل، حتى وإن اتضحت استحالته ماديا. لكن ما هو السفر عبر الزمن تحديدا؟ في «جسر المطار» ينتقل المسافر عبر الزمن إلى الماضي والمستقبل، ومن السهل عرض ذلك في الفيلم لأنه لا يتطلب سوى وضع الممثلين في بيئة يعتبرها المشاهدون بيئة الماضي أو المستقبل. لكن ذلك لا يساعدنا على معرفة ما يحدث تحديدا في سيناريو السفر عبر الزمن.
Página desconocida