Cine y Filosofía: ¿Qué ofrece uno al otro?
السينما والفلسفة: ماذا تقدم إحداهما للأخرى
Géneros
13
إذا كان جودا لا يكترث البتة بفقدانه لنزاهته، فموقفه لا يزال مع ذلك في غاية السوء. لقد أصبح رجلا منتقص القيمة مع نهاية الفيلم، حتى وإن لم يوجد من يعرف ما فعله أو يكترث به على حد سواء. (من يعرفون لا يهتمون، ومن قد يهتمون لا يعرفون.) ما الذي يجعل النزاهة ذات قيمة موضوعية؟ ربما تكون مهمة، لكن أشياء أخرى لا تزال تفوقها أهمية. ربما كانت السعادة أهم موضوعيا من النزاهة. ربما كانت العلاقات الناجحة أهم منها. ما مدى المواساة الصادقة التي ستشعر بها عند الاحتفاظ بنزاهتك إذا كان ذلك سيؤدي بك إلى حياة من التعاسة والوحدة؟ (النزاهة والسعادة عادة ليستا متعارضتين على هذا النحو، لكن تخيل حالة يتعارضان فيها.)
إن احتكام سقراط إلى المصلحة الشخصية المستنيرة والقيمة الأسمى للنزاهة يقدم لنا احتمالية جذابة، لكنها بعيدة عن كونها صحيحة بداهة؛ فهي تتركنا كذلك عالقين في مشكلة تتصل بالأسباب الأخلاقية نألفها من مناقشتنا لقضية الردع في القسم السابق. فلنقل إن جودا رفض عرض أخيه بالترتيب لقتل ديلوريز لأنه غير مستعد للتحول إلى قاتل. إن احتكام جودا إلى مصلحته الشخصية المستنيرة يبدو خطوة أفضل من أي محاولة للاحتكام إلى مصلحته الشخصية غير المستنيرة. إنه سبب مرض على المستوى الأخلاقي لرفض القتل، وهو أكثر مقبولية من الخوف من العقاب مثلا. (كون الفرد مدفوعا كليا بالخوف من العقاب يعكس نوعا من الأنانية واللاأخلاقية وتمركزا حول الذات، أما كونه مدفوعا كليا بالخوف من التحول لشخص فاسد فيبدو دافعا متمركزا حول الذات بالتأكيد، لكنه ليس أنانيا أو لا أخلاقيا على ما يبدو. والشخص الصالح الذي ترغب في أن تصبح عليه ليس شخصا أنانيا أو لا أخلاقيا.) مع ذلك، يبدو موضوع الحكم، الحماية الأخلاقية للشخصية، مضللا. ألا يجب على جودا رفض قتل ديلوريز بسبب أمر يتعلق بها، بحقوقها أو الاحترام الذي تستحقه، لا بسبب أمر يرغب فيه لنفسه؟ إذا كان ذلك صحيحا، فلا تعتبر المصلحة الذاتية المستنيرة إذن مبررا أخلاقيا كافيا.
14
رغم ذلك، إذا كان سقراط على حق في زعمه، فإن ذلك يثبت أنه على الأقل في بعض حالات السلوك غير الأخلاقي، الحالات المتطرفة التي تقوض النزاهة، تطرح المبررات الأخلاقية والمصلحة الشخصية المستنيرة الإجابات نفسها. يدفعنا ذلك إلى تأمل الاحتمالية الأخيرة لدينا. ربما يكون صحيحا أن مراعاة الأخلاق في تصرفاتنا سوف تصب دوما في مصلحتنا الشخصية المستنيرة، لكن لا داعي لأن تستمد المبررات الأخلاقية سلطتها علينا من هذه الحقيقة. ربما يكون لدينا مبررات لاتباع الأخلاق أقوى من المبررات الدافعة للفساد الأخلاقي بصرف النظر عما سيصب في مصلحتنا الشخصية. ربما تكون حقيقة تغلب الأخلاق على الفسوق هي سمة من سمات المبررات الأخلاقية.
كانط وسلطة المبررات الأخلاقية
ترتبط هذه الاستراتيجية الأخيرة ارتباطا وثيقا بفلسفة إيمانويل كانط، وسوف نتناولها بالفحص في سياق فلسفته العملية (فلسفته حول ما يوجه أفعالنا). إن طريقة كانط في عرض المسألة ليست سوى طريقة واحدة من طرق السعي لإرساء سلطة المبررات الأخلاقية، لكنها طريقة شهيرة ومؤثرة. لن نعيد شرح نظرية كانط حول الفعل الأخلاقي هنا، فذلك سيستغرق وقتا طويلا. عوضا عن ذلك، سوف نطرح حلا للتحدي الذي سنتناوله مستمدا إجمالا من فلسفة كانط. هل تتفوق المبررات الأخلاقية دوما على المبررات المتعقلة؟ نعم، نظرا لطبيعة الاستدلال الأخلاقي، تلك إجابة معتنقي فلسفة كانط. بعبارة أدق، تتفوق المبررات الأخلاقية دائما على المبررات المتعقلة. وكما سنرى لاحقا، مبررات السلوك غير الأخلاقي في الواقع لا توجد من الأساس، لكن دعونا نبدأ من البداية.
ما هي المبررات الأخلاقية؟ إنها المبررات التي تدفعنا إلى مراعاة الأخلاق في تصرفاتنا. وهي تبدو كما لو كانت في منافسة مع المبررات المتعقلة التي تدفعنا إلى فعل ما يصب في مصلحتنا الشخصية. إذا كان هذا هو الوصف الصحيح للمسألة، فإن مهمتنا هي عرض الكيفية التي تتفوق بها المبررات الأخلاقية على المبررات المتعقلة أو تفوقها قوة. لكن من منظور كانط، من الخطأ النظر إلى الأمور بهذه الطريقة؛ فالاستدلال الأخلاقي هو السعي للإجابة عن سؤال «ماذا يجب علي فعله؟» وعلى العكس من ذلك، الاستدلال المتعقل يسعى للإجابة عن سؤال مختلف، وهو: «ماذا يجب علي فعله كي أحصل على ما أريد؟» المبررات الأخلاقية لها الغلبة على المبررات المتعقلة لأن المبررات الأخلاقية هي وحدها التي تخبرنا تحديدا بما ينبغي لنا فعله. أما المبررات المتعقلة فتخبرنا بشيء آخر؛ هي تخبرنا بما ينبغي لنا فعله كي «نحصل على ما نريد». والسؤال حول ما إذا كان من المفترض أن نحصل على ما نريد سؤال مفتوح.
15
يريد جودا استعادة حياته، ويعتقد أن السبيل الوحيد الذي يمكنه من ذلك هو موت ديلوريز. ويستنتج، بعد تفكير متعقل، أنه لا بد له من الترتيب لقتلها كي يستعيد حياته. لكن ما علاقة هذا بالأمر؟ هذا التفكير لا يقوده إلى السبب الذي يوجب عليه قتل ديلوريز؛ يجب عليه قتلها في حالة واحدة فقط؛ وهي أن يكون قتلها هو السبيل لاستعادة حياته. ولا يوجد ما يبرر «هذا النوع» من التفكير. تتفوق الأخلاق على المصلحة الشخصية لأن التبرير الأخلاقي، بطبيعته، يحدد ما ينبغي لنا فعله. جميع الاعتبارات الأخرى حول ما ينبغي لنا فعله لا بد أن تمر عبر مصفاة الأخلاق كي تصبح قادرة على إخبارنا بما ينبغي لنا فعله.
Página desconocida