Silsilat Al-Adab - Al-Munjid
سلسلة الآداب - المنجد
Géneros
دعوة الجار إلى الخير
وكذلك فإن من حقوق الجار أيضًا: أن الإنسان يدعوه إلى الخير، افرض جارك شيخًا أو عالمًا أو إمام مسجد، تذكره بالخير في دعوته ليحضر معك في هذا، فتوصل إليه نفعًا، مثلًا: أهل الحي لهم مجلس يأتون فيه بأمور من الخير، فإذًا ينبغي عليك أن تدعو جارك ليستفيد من الخير، ولو غاب وقد تناقلوا فيما بينهم كتابًا مفيدًا أو شريطًا إسلاميًا نافعًا فخذ نسخة لجارك، تقول: فلان غائب نصيبه وحصته عندي، من الوفاء له أن تتذكره في غيبته لتأخذ له ما يستفيد منه.
والإنسان أحيانًا إذا آذاه جاره لا يستطيع أن يرد الأذى بالأذى، لكن قضية تأليب الناس الآخرين عليه كعامل ضغط -الذي سبقت الإشارة- بأن يجمع الجيران مثلًا، هذا العامل من الضغط قد نبه إليه النبي ﷺ رجلًا قد آذاه جاره، والحديث عند أبي داود وهو حديث صحيح، أن رجلًا جاء إلى النبي ﷺ يشكو جاره، قال: (اطرح متاعك على الطريق) يقول للمُؤْذَى الذي أُوذي: أنزل عفشك على الرصيف، فهذا الرجل امتثل لأمر النبي ﵊ وأنزل متاعه على الرصيف، فجعل الناس يمرون به لما طرح متاعه على الطريق، ويسألونه: لماذا وضعت متاعك على الطريق؟ يقول: جاري هذا مؤذ، ولم أستطع تحمله، فجعل الناس يلعنون هذا الجار، يقولون: فعل الله به وفعل الله به، فجاء إليه جاره فقال: ارجع لا ترى مني شيئًا تكرهه.
فبعض الناس لا يخافون من الله، ولكن يخافون من الرأي العام، ومن عموم الناس، ومن ضغط المجتمع إذا اجتمع عليهم الناس، وهذا الذي نبه إليه ﷺ هذا الرجل ليتخلص من أذية جاره.
وكذلك فإن الجيران يختلفون في الأحوال من جهة الصلاح وعدمه، قال ابن حجر ﵀: ويفترق الحال في ذلك بالنسبة للجار الصالح وغير الصالح، والذي يشمل الجميع إرادة الخير له، وموعظته بالحسنى، والدعاء له بالهداية، وترك الإضرار له، إلا في الموضع الذي يجب فيه الإضرار له بالقول والفعل، والذي يخص الصالح هو جميع ما تقدم، وغير الصالح كفه عن الذي يرتكبه بالحسنى، على حسب مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويعظ الكافر بعرض الإسلام عليه، ويبين محاسنه والترغيب فيه برفق، ويعظ الجار الفاسق بما يناسبه بالرفق أيضًا، ويستر عليه زلله غيره، وينهاه برفق، فإن أفاد فيه وإلا فيهجره قاصدًا تأديبه.
4 / 23