وحكى لي (رحمه الله تعالى) قال: ما بعت سلعة مرابحة، وربما قلت يوما لمشتري السلعة: تروى فربما أن في السوق خيرا منها، قال لي: يا فلان، ما علمت مدة تجارتي أني خسرت في بضاعة قط، ولو شريت في التراب لربحت فيه، وكان يخالط في تجارته، ويأخذ برأيه الفقيه العالم، الفاضل، شديد الورع، كثير الخوف والفزع: راشد بن محمد بن نشيب رحمه الله تعالى رحمة واسعة، وغفر له مغفرة جامعة، ولولده الفاضل، العالم، المتأله في حب الله: عبد الله بن راشد وأعاد من بركاتهما، وكان هذا راشد بن نشيب من المشمرين في ليله ونهاره في حوائج المسلمين وإخوانه في الدين، أشد الناس ورعا، وأقلهم طمعا، وأكثرهم للمسلمين نفعا، وله من شدة التحرز في الورع ما يخرجنا عن المقصود، وكان إذا شرى حطبا مشتركا لم يقسمه إلا بالميزان، وكان على وجهه نور الإيمان، وفي وجهه رحمه الله علامة عايشة من تحت أنفه إلى أسفل ذقنه، وعلماء اليمن يروون فيه: خبرا، عن: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، الله أعلم بصحته، وصفته.
(إشارة): روي أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى كان يؤخذ له حلة الابريسم بالألوف فيلبسها، فيقول:ما أحسنها لولا خشونة فيها، فلما استوى على ظهر(1) الخلافة زهد في الدنيا، وكان يؤخذ له القميص البالي، قيل: بثلاثة دراهم، فيقول: ما أحسنه لولا لين فيه، فقيل له: سبحان الله، كيف هذا؟ تقول بالأمس: هذا حسن خشن، وتقول اليوم: هذا حسن لولا لينه؟ فقال: لي نفس تواقة تاقت إلى الخلافة حتى أدركتها(2)، ثم تاقت إلى ما عند الله ثم زهدت فيها، وأرجو من الله الزيادة.
Página 72