ومن منهج التحقيق في التهذيب تأصيل الالفاظ المعربة والدخيلة على العربية، وبيان أصلها الذي انحدرت منه إلى مستوى التعريب أو الاقحام، وكان الاعتماد في هذه النقطة على نصوص الاقدمين والمعاجم الاجنبية الحديثة، وعلى كل وسيلة تؤدي إلى المعنى. من ذلك قول " التهذيب ": " الفلذ: كبد البعير، والجمع أفلاذ ". وجاء في التعليق على " أفلاذ " قولهما: " وأفلاذ كبد الارض: كنوزها، وأفلاذ كبد البلد: رجاله. والفولاذ: الحديد الذكر النقي من الخبث، وهو معرب بولاد أو فولاذ، كما في المعجم الفارسي ص ٢٦٠ و٩٤٢ ". ولم يكن يمر علم إلا وأتيا على ترجمته بإيجاز، دون أن يغفلا مصادر هذه الترجمة، كما كانا يعنيان بتحقيق أسماء القبائل، وبيان الفرق، والطوائف الدينية، والاجناس البشرية، وتحقيق مواضع البلدان التي وردت في المعجم، وتعيين مواقعها، والكلام على أيام العرب التي ورد ذكرها فيه، ومراجع الشرح والتعليق. وتجلت ثقافة الرجلين الدينية ببيان القراءات للايات التي وردت في " التهذيب " وتحقيقها، مع الرجوع إلى كتب التفسير والقراءات الصحيحة والشاذة. وكان إذا ورد بيت شعر عمدا إلى تحقيقه، ونسبته إذا لم يكن منسوبا إلى قائل، وتصحيح ما نسب إلى غير صاحبه خطأ أو وهما، وإيراد أصح الروايات لهذه الشواهد. وتمر - أحيانا - كلمات في غير أبوابها، مثل " حانوت " إذ جاءت في " حين " وحققها أن تذكر في " حنت " وقد نبها إلى ذلك. الامر الجدير بالذكر - كذلك - أن المحققين وقفا موقف الحكم العادل بين الجوهري - صاحب الصحاح - واللغويين، فبينا أوهامه، كما بينا أوهام غيره، وميزا صواب القول من خطئه، معتمدين على الروايات الصحيحة والمعاجم، وعلى رأيهما. وانتبها إلى ما زاده الزنجاني على " الصحاح " الاصيل، وتتبعا مواضع الزيادة بدقة، وأثبتاها في الحواشي.
1 / 20