يا من أسكره الغرام، إن عربد حبك فاحطم كأسه، وأرق خمرها، ولا ترها إلا سما، فإن أكبر البلاء على السكير أن يلبس الحقائق المهلكة أثواب زينتها، فيزعم بينه وبين نفسه أنه لا يشرب الخمر، ولكنه ينقع غلة أحزانه بكأس من ماء السرور! ولا يتوحل في السكر، ولكنه يستمطر على خموله سحابة النشاط، ولا يتجرع الجنون، ولكنه يذيب همومه في جرعة من النسيان ...
ألا ما أصدق الخمر في السكير وهي صامتة، وأكذب السكير على الخمر وهو يتكلم!
هوامش
الفصل التاسع
الشيخ محمد عبده
وشف سحابي عن جلال رائع يضطرب القلب له! أذكرني روعة السحاب التي كان يهبط فيها ملك الوحي، ليست في نفسها آية، ولكن الآية فيها.
وظهر لي وجه الشيخ، وما أدراك من الشيخ؟ ثم ما أدراك من هو؟
1
رجل كان في تركيب العالم الإسلامي أشبه بالجبهة من جسم المؤمن: هي مجلى نور الإيمان، وأعلى ما يرتفع للأعين، ولكنها مع ذلك أول ما يسجد لله من هذا الجسم كله!
خلق فصيحا مبين اللهجة؛ لأن لسانه أعد لتفسير معجزة الدنيا في هذه اللغة، فكان لسانه - ولا غرو - معجزة في الألسنة، وكان له بيان ينبث من طبعه المصقول كالشعاع الذي توامضك به المرأة إذا انقدحت جمرة الفلك عليها.
Página desconocida