لا تستطل أوصاف القوم. فالمتروك- والله- أكثر من المذكور. كاد القرآن أن يكون كله في شأنهم، لكثرتهم على ظهر الأرض وفي أجواف القبور. فلا خلت بقاع الأرض منهم لئلا يستوحش المؤمنون في الطرقات. وتتعطل بهم أسباب المعايش، وتخطفهم الوحوش والسباع في الفلوات. سمع حذيفة ﵁ رجلًا يقول: اللهم أهلك المنافقين. فقال: " يا ابن أخي، لو هلك المنافقون لاستوحشتم في طرقاتكم من قلة السالك ".
تالله لقد قطع خوف النفاق قلوب السابقين الأولين. لعلمهم بدقّه وجلّه، وتفاصيله وجمله. ساءت ظنونهم بنفوسهم، حتى خشوا أن يكونوا من جملة المنافقين. قال عمر بن الخطاب لحذيفة ﵄: " يا حذيفة، نشدتك بالله، هل سماني لك رسول الله ﷺ منهم؟ قال: لا. ولا أزكي بعدك أحدا " وقال ابن أبي مُليكة: " أدركت ثلاثين من أصحاب محمد ﷺ كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول: إن إيمانه كإيمان جبريل وميكائيل " ذكره
1 / 20