- وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ فِيهِمَا.
قَال أَحْمَدُ لِبَعْضِ أَصْحَابهِ: "إِيَّاكَ أَنْ تَتَكَلَّمَ بكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ لَيْسَ لَكَ فِيهَا إِمَامٌ" (١).
وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ يَتَدَافَعُونَ الْمَسَائِلَ وَالْفَتْوَى، وَكُلُّ وَاحِدٍ وَدَّ أَنَّ أَخَاهُ كَفَاهُ هِيَ، وَنَعْلَمُ (٢) أنَّهُمْ لَوِ اجْتَهَدُوا لَظَهَرَ لَهُمُ الْحَقّ فِي الْمَسْأَلةِ لِأَهْلِيَّتهِمْ (٣).
- وَالثَّالِثُ: أنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْفُرُوعِ دُونَ الْأُصُولِ؛ لِأَنَّ الْخَطَرَ فِي الْأُصُولِ أَعْظَمُ (٤)، وَتَرْكَ الْخَوْضِ فِيهَا أَسْلَمُ، وَالْمُخْطِئُ فِي أَكْثَرِهَا كَافِرٌ أَوْ فَاسِقٌ، بِخِلَافِ الْفُرُوعِ فِي ذَلِكَ، فَإنَّ الْمُخْطِئَ [فِيهَا] (٥) رُبَّمَا أُثِيبَ كَالْحَاكِمِ الْمُخْطِئِ؛ لِلنَّصِّ فِي اجْتِهَادِهِ، وَكَيْفَ (٦) لَا وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إِلَى مَعْرِفَةِ حُكْمِ الْوَاقِعَةِ لِيَقْضِيَ فِيهَا الْمُجْتَهِدُ بِمَا يَرَاهُ، بخِلَافِ الْأُصُولِ، إِذِ الْعَقْلُ كَافٍ فِي [مَعْرِفَةِ] (٧) أَكْثَرِ مَا يَلْزَمُهُ فِيهَا؛ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى غَيْرِهِ، كَمَا يَتَوَقَّفُ حُكْمُ الْفُرُوعِ، حَيْثُ لَا يُعْلَمُ (٨) إِلَّا مِنْ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ. [وَاللهُ أَعْلَمُ] (٩).
(١) تقدم تخريج هذه الرواية.
(٢) في (ب): يعلم.
(٣) في (ب) علامة لسقط بمقدار كلمة.
(٤) من (ب) و(غ)، وفي (أ): عظيم.
(٥) من (ب).
(٦) في (ب): فكيف.
(٧) من (ب) و(غ)، وليست في (أ).
(٨) في (ب): تعلم.
(٩) من (ب).