Siddiqa Bint Siddiq
الصديقة بنت الصديق
Géneros
أما العلاقات البيتية التي فرضتها هذه الحياة الزوجية على السيدة عائشة - رضي الله عنها - فقد كانت على أحسن ما تتسنى العلاقات بين أناس تجمعهم معيشة واحدة.
فهي وزميلاتها كن يتغايرن ويتنافسن لا محالة كما تتغاير النساء في كل مكان، ولكنهن لم ينسين قط أنهن نساء نبي يتأدبن بأدبه، ويتطلعن إلى رضاه، ويفزعن من غضبه.
فقصارى ما سمعناه من فلتات الغيرة على لسان السيدة عائشة أنها كانت تقول عن السيدة خديجة: «إنها عجوز حمراء الشدقين» ثم يعاتبها النبي فتندم ولا تعود إلى مثل هذه المقالة ... أو أنها عابت السيدة صفية مرة فقالت إنها قصيرة ... فاستكبر النبي هذه الكلمة، وقال لها إنها لتمزج البحر إذا مزجت به. فلم تعد إلى مثلها.
وعلى ما كان بين عائشة وزينب بنت جحش من التنافس الشديد في الجمال والزلفى سنحت لزينب سانحة تقول فيها ما تقوله الضرة المحنقة فلم ينبس فمها بكلمة باطل، وذلك إذ سألها عليه السلام في حديث الإفك فاستعاذت بالله وقالت: «أحمى سمعي وبصري، والله ما علمت إلا خيرا.»
وأحست سودة إحدى زميلاتها أمهات المؤمنين أنها أسنت وضعفت فتركت ليلتها لعائشة راضية، وقالت عائشة تشكرها: «ما رأيت امرأة أحب إلي أن أكون في مسلاخها من سودة.»
فكل ما روي لنا من تغاير زوجات النبي إن ذكرنا أنهن نساء من طينة الأنوثة الخالدة فلن ينسينا أنهن نساء نبي يتأدبن بأدبه، ولا يجاوزن بالغيرة ما يجمل بهن في كنفه ورعايته، وإن تسع أخوات شقيقات من أب واحد وأم واحدة ليقع بينهن من شحناء الغيرة إذا اجتمعن في بيت أسرتهن أضعاف ما روي لنا من غيرة زوجات النبي في عشرتهن الطويلة. •••
أما قرابة النبي فأعزها قدرا عنده قرابة السيدة فاطمة وزوجها وبنيها.
وكانت الصلة بين السيدة عائشة وبينهم جميعا على أكمل ما ترضاه السجية الإنسانية في كل صلة من قبيلها.
فالسيدة فاطمة كانت أحب الناس إليه عليه السلام، كما هو العهد بأبوته الشريفة التي تشمل الناس جميعا بالحنان والمودة فضلا عن بناته وبنيه، وسئل - كما قالت عائشة مرة: من أحب الناس إليك؟ فقال: فاطمة! ثم سئل: ومن الرجال؟ فقال زوجها.
وفاطمة بعد أم السبطين اللذين كان عليه السلام يلاعبهما ويلاطفهما ويوصي بهما ويسميهما ولديه وهو مشوق إلى إنجاب الأبناء، وهي كذلك بنت خديجة التي نفست عليها عائشة قديم مكانتها وطويل وفاء النبي لذكراها.
Página desconocida