(ص 436) فروع إذا حكم بطهارة البير بالنزح حكم بطهارة الدلو والرشاء تبعا لها كغسل اليد النجسة إذا حكم بطهارة اليد حكم بطهارة العروة كذافي مختارات النوازل لو نزح الدلو الاخير من البير فما دام الدلو في الهواء لا يحكم بطهارة البير حتى لا يجوز التوضي به فاذا تنحى عن راس البير يحكم بطهارة البير كذا في فتاوى قاضيخان وما يعود إلى البه من القطرات عن اخراج الدلو وينجس البير من وقت الوقوع أن علم بذلك ؟؟ يوم وليلة أن لم ينتفخ عفو بالاجماع فلا يتغير به الحكم كذا في التاتارخانية إذا لم يملأ من الدلو نصفه عند النزح يحكم بنزح الكل والدلو المنخرق أن نزح به وبقي اكثر ما فيه اعتد به والا لا كذا في البزازية قال وينجس البير أي يحكم بنجاسته مغلظة سواء كان الواقع فيه نجسا خفيفا أو غليظا لما عرفت انه لا اثر للتخفيف في البير فلا يجوز التطهير به ولو توضأ منه أو اغتسل مع علم وقت الوقوع يعيد الصلوات ويغسل ما غسل منه وأما ما رشه في الطريق وسقى البهائم فذكر صاحب الذخيرة أن الرش جائز والسقي لا يجوز وذكر في خزانة القارئ لا باس بان يسقى الماء النجس البهائم البقر والغنم والابل قال من وقت الوقوع أي وقوع الحيوان في البير قال أن علم ذلك أي وقت الوقوع وكذا إذا ظن لان الظن حكم اليقين في باب العمل كذا في جامع الرموز ومثله إذا خبر رجلان بالوقوع يوم كذا كما في السراج الوهاج ويستوي في هذا الحكم البير وغيره من بين البهائم الثوب وغير ذلك انه إذا علم وقت التنجس يحم من ذلك الوقت فلا يلزم اعادة شيء من الصلوات بالاتفاق على الاصح ذكره الحاكم الشهيد وهو رواية بشر المريسي عن أبي حنيفة ذكره في البدائع وقال المعلى الرازي تلميذ أبي يوسف ومحمد انه على الخلاف فيقدر بثلثة ايام ولياليها في النجاسة اليابسة وبيوم وليلة في الطري وقيل هذا قاله المعلى من قبل نفسه تفريعا على قياس قول أبي حنيفة في البير وقيل رواه عن أبي يوسف عن أبي حنيفة كذا في البناية وفيه ايضا ذكر ابن رستم ف نوادره أن من وجد منيا في ثوبه اعاد من اخر نومة نامها للشك في ما قبله وقيل في البول يعتبر من اخر ما بال وفي الدم من اخر ما رعف وذكر في المحيط في الدم لا يعيد حتى يتيقن لان الدم قد يصيبه في الطريق بخلاف المني فان كان الثوب يلبسه هو وغيره فهو كالدم وفي البدائع لو فتح جبة فوجد فيها فارة ميتة ولم يعلم متى دخلت فيها فان لم يكن لها ثقب بعيد الصلوة من يوم وع القطن فيها وان كان لها ثقب يعيدها ثلثة ايام ولياليها عنده كما في مسألة البير قلت مراده إذا كانت يابسة انتهى قال والا أي وان لم يعلم ولم يظن وقت الوقوع في البير قال فمنذ يوم وليلة الخ يعني يحكم بتنجسه من ابتداء يوم وليلة أن لم يكن الحيوان منتفخا وان انتفخ أو تفسخ يحكم بتنجيسه من بدء ثلثة ايام ولياليها فيلزم عليهم أن يعيدوا صلوة يوم وليلة أو ثلثة ايام أن كانوا توضؤوا منها وان يغسلوا كل شيء اصابه ماؤها صرح به في الهداية ومثله في مختصر القدوري ومنية المصلي وفي المحيط ما عجن بذلك الماء في الاستحسان أن كانت متفسخة لا يوكل ما عجن بذلك مذ ثلثة ايام وان كانت غير منتفخة لا يوك مذ يوم انتهى وفي الحلية عن البدائع ما عجن به يطعم للكلاب لان ما تنجس باختلاط النجاسة به والنجاسة مغلوبة لا يباح اكله ويباح الانتفاع به في ما وراء الاكل كالدهن النجس يستصبح به إذا كان الطاهر غالبا فكذا هذا انتهى وفي شرح النقاية الياس زاده أن انتفخ فمذ ثلثة ايام ولياليها فغسلوا كل شيء اصابه ماؤها في تلك المدة وقضوا صلوة تلك المدة انتهى وفي الدرة المنيفة أن لم ينتفخ عادوا صلوة يوم وليلة وغسلوا كل شيء اصابه ماؤها انتهى وهذا كل صريح في أن حكم التنجس من يوم أو من ايام ليس في حق اعادة الصلوة فقط بل في اعادة الصلوة وغسل ما اصابه ماؤها وغير ذلك كلها وهو القياس وفي المجتبى كان ركن الايمة الصباغي يفتي بقول أبي حنيفة فيما يتعلق بالصلوة وبقولهما فيما سواه انتهى وهذا ايضا يشعر بان اسناد النجاسة عند أبي حنيفة في جميع الاحكام إلا أن الصباغي لفق بين القولين يسيرا فاختار قوله في اعادة الصلوات وقولهما في حق غسل الثياب ونحوه وقد زعم جمع من الفقهاء أن اسناد النجاسة إلى يوم وليلة أو إلى ثلثة ايام ولياليها عند أبي حنيفة إنما هو في حق اعادة الصلوات فقط دون غيره فيلزم أن يعيد والصلوات ولا يلزم أن يغسلوا شيئا اصابه ماؤها فمنهم الزيلعي حيث قال في التبيين قوله نجسها منذ ثلث يعني في حق الوضوء حتى ومذ ثلثة ايام ولياليها أن انتفخ وقالا مذ وجد يلزمهم اعادة الصلوة إذا توضؤوا منها وأما في حق غيرها فانه يحكم بنجاستها في الحال من غير اسناد لانه من باب وجود النجاسة في الثوب حتى إذا كانوا غسلوا الثياب بمائها لا يلزم إلا غسلها على الصحيح انتهى وفي البحارن لم يعلم وقت الوقوع فقد صار الماء مشكوكا في طهارته ونجاسته فاذا توضؤوا منهوهم متوضؤون أو غسلوا ثيابهم من غير نجاسة فانهم لا يعيدون اجماعا لان الصلوة لا تبطل بالشك وان توضؤوا وهم محدثون أو اغتسلوا من جنابة أو غسلوا ثيابهم من نجاسة ففي الثالث لا يعيدون وانما يلزمهم غسلها على الصحيح ويحكم بنجاسته ف يالحال من غير اسناد لانه من باب وجود النجاسة في الثوب كذا في المحيط والتبيين انتهى ومثله في الجواهر النفيسة ومراقي الفلاح والنهر الفائق ومنح الغفار والدر المختار وغيرها ولصاحب الحلية على ما قاله الزيلعي كلام وهو انه الزم غسل اثياب لكونها غسلت بماء البير فكيف لم يحكم على الثياب بالنجاسة مسندا إلى وقت غسلها المتيقن حصوله قبل وجود الفارة وانما اقتصر على وقت وجودها مع انه لا يتجه على قول الامام لانه يوجب مع الغسل الاعادة ولا على قولهما لانهما لا يوجبان غسل الثوب اصلا وقد نقل هذا الكلام صاحب النحر والنهر وسئلنا عليه وقال ابن عابدين في رد المحتار اقول ما قاله الزيلعي مخالف لاطلاق المتون قاطبة فانهم حكموا بالنجاسة ولم يفصلوا بين الوضوء والثوب فالصواب عدم الاقتصار على الحال وبه يزول الاشكال نعم اشار في الدر إلى أن ما قاله الزيلعي ملفق من قول الامام وقولهما حيث قال بعد نقله كلام الزيلعي يؤيده ما قاله في معراج الدراية أن الصباغي كان يفتي بهذا أي بهذا التفصيل واقول لا يخفى أن مقتضى ما افتى به الصباغي أن تجب اعادة الصلوة ولا يجب غسل الثياب وهذا عكس ما قاله الزيلعي فاين التاييد نعم يظهر هذا التاييد على ما قال بعضهم أن حرف الاستثناء في عبارة الزيلعي زائد اقول وكذا وجدته ساقطا في نسخة قديمة مصححة انتهى ملخصا فالحاصل أن في ما إذا لم يعلم وقت الوقوع اقوالا احدها انه يحكم بالنجاسة في الحال ولا يلزم غسل شيء اصابه ماؤها ولا اعادة الصلوة ولا غير ذلك وهو قول الصاحبين وثانيهما انه إذا انتفخ يحكم بالتنجيس مذ ثلثة ايام وان لم ينتفخ فمذ يوم وليلة في حق اعادة الصلوة وسل الثياب وغير ذلك وهو قول الامام على ما تشهد به اكثر المعتبرات وثالثها انه يحكم بالتنجس من يوم وليلة أو ثلثة ايام في حق اعادة الصلوات لا في حق غيرها وهو مسلك الصباغي وظن جمع من المتاخرين انه مذهب الامام وليس كذلك ورابعها ما ذكره الزيلعي تبعه جمع منهم وهو مخالف للكل إلا أن يكون كلمة إلا من اغلاط الناسخ فافهم قال وقالا مذ وجد سواء انتفخ أو تفسخ اولا وهو القياس لان اليقين لا يزول باشك والاصل اضافة الحادث إلى اقرب اوقاته لانا نتيقن بالطهارة فيما سبق ووقع الشك في النجاسة بعد ذلك لاحتمال انها ماتت في غير البير ثم القتها الريح العاصف فيها أو بعض اسفهاء والصبيان أو بعض الطيور كما حكى عن أبي يوسف انه كان يقول اولا بقول أبي حنيفة إلى أن رأي حداءة في منقارها فارة ميتة فالقتها في البير فرجع عن قوله إلى هذا القول ونظيره وجود النجاسة في الثوب وما إذا رأت المرأة في كرسفها دما ولا تدري متى نزل ولابي حنيفة أن الاحالة على السبب الظاهر واجب عند خفاء السبب والكون في الماء قد تحقق وهو سبب ظاهر للموت والموت فيه في نفس الامر قد خفي فيجب اعتباره احالة على السبب الظاهر دون الموهم وهو الموت بسبب اخر كمن جرح لسانا ولم يزل صاحب فراش حتى مات يضاف إلى موته إلى الجرح حتى يجب القصاص وان احتمل موته بسبب اخر ووجه الفرق بين الانتفاخ وعدمه أن الانتفاخ دليل التقادم فيقدر بالثلث ولهذا يصلي على قبر الميت إلى ثلثة ايام وعدم الانتفاخ دليل قرب العهد فقدر بيوم وليلة لان ما دون ذلك ساعات وسور الادمي لا تضبط كذا في البحر وغيره وزيادة التفصيل في تقرير ادلة القولين مع ذكر النظائر والجواب عنها في حواشي الهداية فليرجع اليها واختلف عباراتهم في الترجيح ففي غاية البيان ما قاله أبو حنيفة احتياط في امر العبادة وما قالا عمل باليقين وارفق بالناس انتهى وذكر صاحب الجوهرة النيرة شرح مختصر القدوري أن الفتوى على قولهما وفي رد المحتار قال املامة قاسم في تصحيح القدوري قال في فتاوي العتابي قولهما هو المختار قلت لم يوافق على ذلك فقد اعتمد قول الامام البرهاني والنسفي والموصلي وصدر الشريعة ورجح دليله في جميع المصنفات وصر في البدائع بان قولهما قياس وقوله استحسان وهو الاحوط في العبادات انتهى قال وسور الادمي لما فرغ عن مباحث الابار شرع في مباحث السور لكون بعض مسائلها متفرعا على احكام السور كما مر تفصيله وقد فصلها صاحب الهداية بفصل ولم يفصله المصنف ليدل على كمال الاختلاط والسور مهموز العين اسم للبقية بعد الشر التي ابقاها الشارب في الاناء ثم عم استعماله فيه وفي الطعام والمصدر ؟؟ منه سأر يسأر من باب فتح يفتح معناه افضل فضلة ويقال سير يسأر من علم يعلم إذا بقى فهو على هذا لازم وعلى الأول متعد وجمعه الاسار كالابار مقلوب الاسار كذا في البناية وغيرها وانما قدم ذكر الادمي لشرافته واطلق فشمل ذلك المسلم والكافر الصغير والكبير والذكر والانثى والطاهر والنجس والحائض والجنب فان سور الكل طاهر كذا قال ؟؟ في البناية نقلا عن الينابيع والمحيط والتحفة وغيرها وممن قال بطهراة سور الجنب الحسن البصري ومجاهد والزهري ومالك والاوزاعي والثوري والشافعي واحمد وروى عن النخعي انه كره فضل شرب الحائض وروى عن جابر انه سئل عن سور الحائض هل يتوضأ منه للصلوة فقال لا ذكره ابن المنذر في الاشراق وممن لا يرى بسور الكافر باسا الاوزاعي والشافعي والثوري وابو ثور ولا اعلم احدا كره ذلك إلا احمد والحسن فانهما قالا لا ندري ما سور المشرك كذا في البناية وفي البحر لا فرق بين الجنب والطاهر والحائض والنفساء والصغير والكبير والمسلم والكافر والذكر الانثى كذا ذكره الزيلعي يعني أن الكل طاهر طهور من غير كراهة وفيه نظر فقد صرح في المجتبى من باب الخطر الاباحة انه يكره سور المرأة للرجل وسوره ........... ........................................................................ ........................................................................ ........................................................................ .............................قة لا تفرق بين الذكر والانثى كما سياتي ذكرها أن شاء الله تعالى فلا بد أن يعلل ذلك بوجه لا يخالف الدلائل وهو ما رأيته على بعض نسخ البحر منقولا عن الشيخ عبد النبي الهندي انه قال وجه كراهة سور المرأة الاجنبية وكذا عكسه لا لمعنى في السور فانه السور من حيث هو طاهر وطهور بغير كراهة في الاستعمال وانما الكراهة في حق الاجنبي لشبهة الاختلاط وهو الانتفاع بجزء الاجنبية انتهى وفي تقييده بالاجنبية اشارة إلى انه لا يكره وسور المحارم والزوجة وبه صرح الخير الرملي كما نقله ابن عابدين وعلل صاحب الدر المختار الكراهة المذكورة بالاستلذاذ واستعمال ريق الغير وقال في رد المحتار اعترضه أبو السعود بانه يشمل سور الرجل والمرأة للمرأة فالظاهر الاقتصار على التعليل الأول أي الاستلذاذ كما في النهر أي لانه صلى الله عليه وسلم يشرب ويعطي الاناء لمن عن يمينه نعم عبر في المنح بالاجنبية وفيه نظر ايضا والذي يظهران لعلة الاستلذاذ فقط ويفهم منه انه حيث لا استلذاذ لا كراهة ولا سيما إذا كان يعافه انتهى وقد يورد ههنا بوجوه الأول انه ينبغي أن لا يكون سور الكافر طاهرا لقوله تعالى إنما المشركون نجس وجوابه على ما في البناية وغيرها أن النجاسة إنما هو في اعتقادهم لا على ظاهر يدلهم ويؤيده ما قال البغوي في معالم التنزيل اراد الله تعالى به نجاسةالحكم لا نجاسة العين سموا نجسا للذم وقال والفرس كل ما يؤكل لحمه طاهر قتادة سماهم نجسا لانهم يجنبون فلا يغسلون ويحدثون فلا يتوضؤون انتهى والثاني انهم صرحوا بنزح ماء البير كله بوقوع الكافر ولو خرج حيا فلو كان سوره وريقه طاهر المأكل كان كذلك وجوابه على ما في رد المحتار ذلك الحكم إنما هو لما عليه في الغالب في النجاسة الحقيقية أو الحكمية والثالث انه ينبغي أن ينجس بشرب الجنب عند أبي حنيفة وابي يوسف لسقوط الفرض به وجوابه على ما في البناية انه تعليل في مقابله النص فانه دل على أن الجنب لا ينجس فلا يسمع مع انه في مكان الضرورة فلا يصير مستعملا للحرج على أن ما يسقط به الفرض إنما هو ما شربه ولامحذور في السور ثم طهارة سور الادمي مقيد بان لا يكون فمه نجسا فسور شارب خمر فورشربها نجس بخلاف ما إذا مكث ساعة وابتلع ريقه ثلث مرات بعد لحس شفتيه بريقه ولسانه ثم شرب فانه لا ينجس ولا بد أن لا يكون في بزاقة اثر الخمر من طعم وريح كذا في حلية المحلى وفي جامع المضمرات إذا كان الشارب طويلا ينجس الماء ولا يطهر باللسان وروى أن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال يؤمر الناس بالسجود فمن كان في الدنيا شاربه طويلا صارت شعره كاوتاد الحديد لا يستطيع أن يسجد وفي بعض الروايات من كان شاربه طويلا لا يصعد له عمل صالح إلى السماء وروى أن رجلا دخل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وشاربه طويل فزجره عن ذلك فذهب الرجل وقص نصف شاربه ثم دخل المسجد فقال النبي عليه الصلوة والسلام قد وجدت نصف الاسلام وروى في بعض الروايات أن من قص شاربه يعطي لكل شعرة حسنة انتهى قلت هذه الاحاديث وامثالها مما هو مذكور في الفتاوى لم اجد لها اسناد يعتمد عليه فليرجع كتب الحديث قال والفرس وهو واحد الخيل وجمعه من لفظة افراس الذكر والانثى في ذلك سواء واصله التانيث وحكى ابن جني والفراء فرسخ وقال الجوهري هو اسم يقع على الذكر والانثى ولا يقال للانثى فرسة ولفظها مشتق من الافتراس لانها تفترس الارض بسرعة مشيها كذا في حيوة الحيوان وانما افرد بالذكر لمكان الاختلاف فيه فعندهما هو طاهر لان لحمه مأكول وذكر في الاصل لا باس بسور الفرس من غير ذكر خلاف وفي المبسوط سور الفرس طاهر في ظاهر الرواية وروى عن أبي حنيفة في ذلك اربع روايات فروى البلخ عنه انه قال احب إلى أن يتوضأ بغيره وروى الحسن عنه انه مكروه كلحمه وروى انه مشكوك مكسور الحمار وروى عنه انه طاهر كقولهما وهو الصحيح لان كراهة لحمه عنده الاظهار شرفه لانه يرهب به عدو الله فيقع به اعزاز الدين واعلاء كلمة الله كما يقع بالادمي فلا يوثر تحرمه في سوره كما في الادمي كذا في البناية والنهاية وغيرهما قال وكل ما يوكل لحمه أي سور كل ما يؤكل لحمه بالذكاة الشرعية والبقر والدجاجة وغير ذلك وقال صاحب البحر يستثنى منه الابل الجلالة والبقر الجلالة والدجاجة المخلاة والجلالة هي التي تاكل الجلة بالفتح وهي في الاصل البقرة وقد يكنى عن العذرة وهي ههنا من هذا القبيل كما اشار إليه في المغرب انتهى قلت المراد من قولهم كل ما يوكل ونحوه في هذا المقام الماكول من غير كراهة على ما يتبادر إليه الفهم فلا يدخل الجلالة والمخلاة فيه حتى يحتاج إلى استثنائه قال طاهر أي بلا كراهة كما يقتضيه التقابل بالمكروه في ما سيأتي وكان الاولى أن يقول طهور لان للطهارة لا يستلزم الطهورية والطهورية يستلزم الطهارة إلا انه لما جرت عادتهم بذكر مسائل الاسار عقيب ذكر مسائل الابار طريقة التتمة والتكملة لها وكان الغرض في نزح البير من الطهارة والنجاسة دون الطهورية اكتفوا بحكم الطهارة اشارة إلى انه لا يجب النزح بوقوع هذه الاشياء فانهم والوجه في طهارة سور ما يؤكل لحمه أن سوره مخلوط بلعاب الفم ولعابه طاهر ومثله الفرس وان كان لحمه مكروها عند أبي حنيفة لشرافته وكذا الادمي فان ريقه ايضا طاهر بالطريق الاولى قال النووي ي شرح صحيح مسلم في باب النهي عن البصاق في المسجد الريق طاهر اجماعا بلا خلاف بين المسلمين وكذا المخاط والنخاعة إلا ما حكى الخطابي عن النخعي انه قال البزاق نجس ولا اظنه يص عنه انتهى وقد وردت الاخبار والاثار بطهارة الريق ونحو ذلك من الانسان وغيره وطهارة سور الادمي وان كان جنبا أو حائضا وغير ذلك أما الاخبار الدالة على طهارة الريق فكثيرة نشير إلى نبذ منها منها اخبار تفل النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الابار وتكثير مائه ببركة تفله واخبار مسح لعابه صلى الله عليه وسلم على موضع الوجع من اصحابه وشفائهم به وخبر مضغ عائشة السواك بفمه واعطائه اياه عند ؟؟ صلى الله عليه وسلم وهي شهيرة في كتب الحديث والسير ومنها الاخبار الدالة على استعمال الريق عند الرقية فلو كان نجسا لما جاز استعماله لان استعمال النجس حرام بالنص وهي ما رواه أبو داود في سننه عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول للانسان إذا اشتكى يقول بريقه ثم قال به في التراب تربة ارضنا بريقه بعضنا يشفى سقيمنا باذن ربنا وروى أبو بكر ؟؟ في عمل اليوم والليلة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في يد الرجل قرحة قال باصبعه هكذا ثم قال بسم الله تربة ارضنا بريقه بعضنا يشفى سقيمنا باذن ربنا وروى ابن ماجة عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يقول للمريض ببزاقة باصبعه بسم الله تربة ارضنا بريقه بعضنا يشفى سقيمنا باذن ربنا وروى مسلم عن أبي عمر وعن سفيان بن عيينة بسنده عن عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى الانسانن وكانت به قرحة أو جرح قال باصبعه هكذا ووضع سفيان سبابته بالارض ثم رفعها وقال بسم الله تربة ارضنا بريقه بعضنا الحديث وروى البخاري وغيره كمثله قال النووي في شرح صحيح مسلم كان صلى الله عليه وسلم ياخذ من ريق نفسه على اصبعه السبابة ثم يضعها على التراب فيعلق بها منية فمسح بها على الموضع الجريح والعليل ويتلفظ بهذه الكلمات في حال المسح انتهى وفي ارشاد الساري قال البيضاوي قد شهدت المباحث الطبية على أن الريق له مدخل في النضج وتعديل المزاج ولتراب الموطن تاثير في حفظ المزاج الاصلي ودفع نكاية المضرات والمرض وللرقي والعزائم اثار عجيبة تتقاعد العقول عن الوصول إلى كنهها انتهى وكشف الغمي عن فضل الحمى للسيوطي اخرج الزبير بن بكار في اخبار المدينة عن ابراهيم أن بني الحارث شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمى فقال اين انتم عن مثبت تأخذون ترابه فتجعلونه في ماء ثم يتفل عليه احدكم ويقول بسم الله تراب ارضنا بريق بعضنا شفاء لمريضنا باذن ربنا ففعلوا فتركهم الحمى وقال في القاموس مثبت كمنبر موضع أو جبل كانت فيه صدقاته صلى الله عليه وعلى اله وسلم انتهى ومنها اخبار البزاق في الثوب فانه لو كان نجسا لتنجس الثوب وهي ما اخرجه البخاري ومسلم وابو داود وغيرهم عن انس وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في جدار القبيلة فحكها بيده وقال أن احدكم إذا قام في صلاته فانما يناجي ربه أو ربه بينه وبين قبلته فلا يبزقن في قبلته ولكن عن يساره أو تحت قدمه ثم اخذ طرف ردائه فبزق فيه ورد بعضه على بعض وقال أو يفعل هكذا ومنها اخبار الوضوء من سور الهرة على ما سياتي ذكرها ولو كان ريقها نجسا لما جاز ذلك اصلا وأما الاخبار الدالة على طهارة السور بخصوص منها ما ورد في اداب الشربفي المجلس انه يعطي الاناء من عن يمينه ثم من عن يساره كما روى الترمذي وقال حسن صحيح عن انس أن رسول الله صلى اله عليه وسلم اتى بشراب فشرب منه وعن يميمنه غلام وعن يساره الاشياخ فقال للغلام اتأذن لي أن اعطي هؤلاء فقال والله يا رسول الله لا اوثر بنصيبي منك احدا فتله رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في يده واخرجه مسلم وغيره مثله واخرج ابن ماجة عن ابن عباس انه اتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بلبن وعن يمينه ابن عباس ويساره خالد بن الوليد فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لابن عباس اتأذن لي أن اسقي خالدا فقال ابن عباس ما احب أن اوثر بسور رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم على نفسي احدا فاخذ ابن عباس فشرب وشرب خالد ومنها ما اخرجه الدار قطني في الافراد من حديث نوح بن أبي مريم عن ابن جريح عن عطاء عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من التواضع أن يشرب الرجل من سور اخيه ذكره السخاوي في المقاصد الحسنة وجعله اصلا لما اشتهر على الالسنة سور المؤمن شفاء وفي المصنوع في معرفة الموضع لعلى القاري ريق المؤمن شفاء معناه صحيح يستأنس له بقوله عليه السلام في الحديث الصحيح بسم الله تربة ارضنا بريقه بعضنا يشفى سقيمنا باذن ربنا وأما ما يدور على الالسنة سور المؤمن شفاء فصحيح من جهة معناه لرواية الدار قطني في الافراد من حديث ابن عباس من التواضع أن يشرب الرجل من سور اخيه أي المؤمن انتهى ومنها ما ذكره صاحب جامع المضمرات وغيره قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شرب سور ادمي كتب له عشر حسنات لكن لم اطلع لى الان على سنده في كتب الحديث ومنها مااخرجه مسلم وابو داود وابن ماجة وغيرهم عن عائشة قالت كنت اشرب وانا حائض ثم انا وله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع في فيشرب واتعرق العرق وانا حائض ثم انا وله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع في وقولها العرق بفتح العين واسكان الراء هو العظم الذي عليه بقية اللحم هذا هو الاشهر في معناه وقال أبو عبيد هو القدرة من اللحم وقال الخليل هو العظم بلا لحم وجمعه عراق بضم العين ويقال عرقت العظم وتعرقته واعترقته إذا اخذت عنه اللحم باسنانك كذا قال النووي وقال ايضا سور الحائض وعرقها طاهر وهذا متفق عليه وقد نقل الامام أبو جعفر محمد.................................. .............................................................. أن ................................................................. أما .......................... أن ........................................................ل ثم جاء وقال كنت جنبا فقال أن المسلم لا ينجس ومعنى قوله حاد عنه أي مال عنه وذهب إلى داره واخرجه أبو داود بلفظ أن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لقيني وانا جنب فحدث عنه فاغتسلت ثم جئت فقال مالك قال كنت جنبا فقال أن المسلم لا ينجس ولفظ النسائي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم القى الرجل من اصحابه ما سحه ودعا له فرأيته يوما بكرة فحدث عنه ثم اتيته حين ارتفع النهار فقال اني رأيتك فحدث عني فقلت اني كنت جنبا فخشيت أن تمسني فقال أن المسلم لا ينجس قال النووي في شرح صحيح مسلم هذا الحديث اصلب عظيم في طهارة المسلم حيا وميتا فاما الحي فطاهر باجماع المسلمين حتى الجنين إذا القيته امه وعليه رطوبة فرجها وأما الميت ففيه خلاف للعلماء وللشافعي فيه قولان الصحيح منها انه طاهر وأما الكافر فحكمه حكم المسلم في الطهارة والنجاسة فاذا ثبت طهارة الادمي مسلما كان أو كافرا فعرقه ولعابه ودمعه طاهر سواء كان محدثا أو جنبا أو حائضا أو نفساء وهذا كله باجماع المسلمين انتهى ملخصا وأما حديث أبي هريرة فاخرجه البخاري عنه أن النبي عليه الصلوة والسلام لقيه في بعض طرق المدينة وهو جنب فانخنست منه فذهب فاغتسل ثم جاء فقال اين كنت يا ابا هريرة قال كنت جنبا فكرهت أن اجالسك وانا على غير طهارة فقال سبحان الله أن المؤمن لا ينجس ومعنى قوله فانخنست بنون ثم خاء معجمة ثم نون ثم سين مهملة تاخرت وانقبضت ورجعت وفي رواية اخرى له لقيني رسول الله صلى اله عليه وعلى اله وسلم وانا جنب واخذ بيدي فمشيت معه حتى قعد فانسللت فاتيت الرجل فاغتسلت ثم جئت وهو قاعد فقال اين كنت والكلب وابا هريرة فقلت له فقال سبحان الله يا ابا هريرة أن المؤمن لا ينجس واخرجه مسلم وابو داود وابن ماجة والنسائي والترمذي واحمد في مسنده وغيرهم بالفاظ متقاربة وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري تمسك بمفهومه بعض اهل الظاهر فقال أن الكافي نجس العين وقواه بقوله تعالى إنما المشركون نجس واجاب الجمهور عن الحديث بان المراد أن المؤمن طاهر الاعضاء لاعتقاده مجانبة النجاسة بخلاف المشرك لعدم تحفظه عن النجاسة وعن الاية بان المراد انهم نجس في الاعتقاد وحجتهم أن الله تعالى اباح ناء اهل الكتاب ومعلوم أن عرقهن لا يسلم منه من يضاجعهن انتهى فائدة سئلت في ليلة من ليالي رمضان سنة تسعين بعد الالف والمئتين هل القران افضل من ذات النبي صلى الله عليهوعلى اله وسلم الامر بالعكس فاجبت في الفور بان القران افضل مستندا بان القران قديم والذات المحمدية حادثة والقديم افضل وبان القران صفة الله تعالى بجميع صفاته افضل مما عداه وبانه ورد في الحديث اية من كلام الله خير من محمد واله فتعجب الحاضرون من جوابي هذا وحسنوه ثم تتبعت الحديث الذي استندت به على حفظي فرأيت ؟؟ القاري انه نقل عن العسقلاني انه قال لم اقف عليه انتهى وقال السخاوي في المقاصد الحسنة لم اقف عليه وكذا قال في ما قيل شيخي من قبلي ولكن قد رأيته بخط بعض طلبته من اصحابنا في هامش تشديد القوس مجرد عن العزو والصحابي وذلك لا اعتمده من مثله وزاد فيه لان القران كلام الله غير مخلوق نعم في فضائل القران من جامع الترمذي من حديث الحميدي قال قال لنا سفيان بن عيينة في تفسير حديث ابن مسعود ما خلق الله من سماء ولا ارض اعظم من اية الكرسي كلام الله وكلام الله اعظم مما في السموات والارض ووقفت على اثر عن ابن مسعود انه كان يقرئ الرجل الاية هي خير مما طلعت عليه الشمس وما على الارض شيء حتى يقوله في القران كله وفي رواية انه إذا كان علم الاية قال خذها فهي خير من الدنيا وما فيها واخرجهما ابن الضريس في فضائل القران واولهما عند الطبراني في معجمه الكبير وابي عبيد في فضائل القران وفي مسند الفردوس عن على رفعه القران افضل من كل شيء دون الله قال وفي الباب عن انس وكانه يشير إلى ما اخرجه من حديثه في حديث اوله يدفع بلفظ القراءة اية من كتاب الله افضل مما تحت العرش ولابى الشيخ والديلمي في مسنده معا من حديث صهيب مرفوعا القراءة اية من كتاب الله افضل من كل شيء دون العرش وفي المعنى ما رواه عبد الملك بن حبيب من رواية سعيد بن أبي سليم رفعه مر سلاما من شفيع اعظم عند الله منزلة من القران لابني ولا ملك ولا غيره انتهى ملخصا فروع يلحق بمأكول اللحم ما ليس له نفس سائله مما يعيش في الماء وغيره فان سوره طاهر كذا في التبيين سور ما يتولد بين مختلفي الجنس مبني على حل اكله وقد اختلف فيه ففي الاشباه من احد ابويه مأكول والاخر غير مأكول لا يحل اكله على الاصح فاذا نزى كلب على شاة فولدت لا يؤكل الولد وكذا إذا ترى حمار على فرس فولدت بغلام لم يؤكل والاهلي إذا انزى على الوحشي فنبح لا تجوز الاضحية به هكذا في الفوائد الناحية انتهى ومختار جماعة منهم صاحب الهداية وغيره انه يحل الاكل فعلى هذا يكون سوره طاهر ولذا قال في التبيين أما البغل فهو من نسل الحمار فيكون بمنزلة هكذا قالوا وهذا إذا كانت امه اتانا فظاهر لان الام هي المعتبرة في الحكم وان كانت فرسا ففيه اشكال لما ذكرنا أن العبرة للام إلا يرى انه لو نزى الذئب على شاة فولدت ذئبا حل اكله انتهى قال والكلب بفتح الكاف وجمعه اكلب وكلاب وكليب مثل عبدو عباد وعبيد واعبد وجمع اكلب اكاليب ويقال لانثاه كلبة بزيادة التاء ذكره في حيوة الحيوان مع حكايات نفيسة متعلقة به وقد وقع الخلاف في نجاسته وطهارته ونجاسة سوره وطهارته على اقوال الأول أن الكلب مطلقا سواء كان كلب أو ماشية مما اذن الشرع باقتنائه أو غير ذلك طاهر وان سوره ولعابه ايضا طاهر وهو قول مالك ففي المنح الوفية شرح المقدمةالعزية كل حي فهو طاهر ادميا كان أو غيره ولو كلبا أو خنزير أو كذلك عرقه وهو ما رشح من جسده وكذلك لعابه وهو ما سال من فيه وكذلك مخاطه وهو ما سال من انفه وكذلك دمعه وهو ما سال من عينه انتهى وهو مختار الزهري فانه قال في اناء ولغ فيه كلب ولم يجد ماء غيره يتوضأ به اخرجه ابن عبد البرفي التمهيد بسند صحيح وذكره البخاري في صحيحه تعليقا واليه يميل رأي البخاري صرح به الحافظ ابن حجر وغيره وبه قال داود وحكى عن الحسن البصري وعروة ابن الزبير ذكره الدميري الثاني أن سور الكلب لمأذون في اقتنائه طاهر وغيره وهو رواية عن مالك كما في فتح الباري الثالث أن سور الكلب البدوي نجس والحضري طاهر وهو قول عبد الملك بن الماجشون المالكي ذكره في البناية الرابع أن الكلب مطلقا ولعابه وسوره نجس وهو رواية عن مالك كما في البناية وبه قال الشافعي وابو حنيفة واحمد واتباعهم كما في رحمة الامة وهو قول الجمهور قاله النووي في شرح صحيح مسلم أما الذين قالوا بالطهارة مطلقا فاستندوا باحاديث منها حديث ابن عمر كانت لكلاب تقبل وتدبر في المسجد في عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسسلم فلم يكونوا يرشون شيئا من ذلك اخرجه البخاري والاسماعيلي وابو نعيم وابو داود وغيرهم فان هذا الحديث يدل على أن سورها ليس بنجس والا فكيف يصح عدم الرش مطلقا مع اقبالها وادبارها في المسجد المستلزم مخالطة السور ببعض اجزاء المسجد وهذا استدلال ضعيف قد رده الجمهور بوجوه عديدة قال العيني في عمدة القارئ شرح صحيح البخاري احتج به البخاري على طهارة سور الكلب فان هذا التركيب يشهد باستمرار الاقبال والادبار ولفظ في زمن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم دال على عموم الازمنة إذا سم الجنس المضاف من الالفاظ العامة وفي فلم يكونوا يرشون مبالغة ليس في قولك فلم يرشون بدون لفظ الكون وكذا في لفظ الرش حيث اختاره على الغسل لان الرش لا يشترط فيه جريان الماء بخلاف الغسل فانه يشترط فيه الجريان فنفي الرش يكون ابلغ في نفي الغسل ولفظ شيئا ايضا عام لانه نكرة وقعت في سياق النفي وهذا كله للمبالغة في طهارة سور الكلب اذ في مثل هذه الصورة الغالب أن لعابه يصل إلى بعض اجزاء المسجد فاذا قرر الرسول ذلك ولم تعارض منطوق الحديث الناطق بايجاب الغسل سبعا انتهى وقال الحافظ في فتح الباري زاد أبو نعيم والبيهقي في محرايتهما لهذا الحديث قبل قوله تقبل تبول وبعدها واو العطف وكذا اخرجه أبو داود والاسماعيلي وعلى هذا فلا حجة فيه لمن استدل به على طهارة الكلاب للاتفاق على نجاسة بولها قاله ابن المنير وتعقب بان من يقول أن الكلاب توكل وان بول ما يوكل لحمه طاهر يقدح في نقل الاتفاق لا سيما وقد قال جمع بان ابوال الحيوانات كلها طاهرة إلا الادمي وممن قال به ابن وهب حكاه الاسماعيلي وغيره عنه وقال المنذري المراد انها كانت تبول خارج المسجد في موطنها ثم تقبل وتدبر في المسجد اذ لم يكن عليه في ذلك الوقت غلق قال ويبعد أن تترك الكلاب تنتاب المسجد حتى تمهنه بالبول وتعقب بانه إذا قيل بطهارتها لم يمتنع ذلك كما في المهرة والاقرب أن يقال أن ذلك كان في ابتداء الحال على اصل الاباحة ثم ورد الامر بتكريم المساجد وتطهيرها وجعل الابواب عليها ويشير إلى ذلك ما زاده الاسماعيلي في روايته في هذا الحديث عن ابن عمر يقول باعلى صوته اجتنبوا اللغو في المسجد قال ابن عمر وقد كنت ابيت في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وكانت الكلاب الخ فاشار إلى أن ذلك كان في الابتداء ثم ورد الامر بتكريم المسجد حتى عن لو الكلام وبهذا يندفع الاستدلال به على طهارة الكلب راسا وأما قول في زمن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فهو وان كا عاما في جميع الازمنة لانه اسم مضاف لكنه مخصوص بما قبل الزمن الي امر فيه بصيانة المسجد واستدل بذلك ابن بطال على طهارة سورة لان من شان الكلاب ان تتبع مواضع المالول وكان بعض الصحابة لا بيوت لهم الا المسجد فلا يخلوان يصل لعابها الى بعض اجزاء المسجد وتعقب بان طهارة المسجد متيقنة وما ذكره مشكوك فيه واليقين لا يرفع بالشك ثم ان دلالته لا تعارض منطوق الحديث الوارد في الامر بالغسل من ولوغه انتهى ملخصا قلت ما جعله اقرب وجعله دافعا للاستدلال به على طهارة الكلب لا يغني شيئا فان اقباله وادباره في المسجد وعدم اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بمنعه اذا دل على طهارته لا يرفع الا بتكريم المسجد لان المسجد كما شاع تطهيره من النجاسات شرع تطهيره من الاذى المستقذرات ايضا كالمخاط والبصاق ايضا مما هو طاهر لكنه مستقذر ومكروه طبعا والكلب على تقدير كونه طاهر لا يخلوا عن اذى طبعي ينبغي تنظيف المسجد عنه فالامر بذلك لا يقضي رفع الطهارة السابقة والاقرب ان تمنع دلالة الحديث عن الطهارة ومنها ما اخرجه مالك وابن ماجة والنسائي ومسلم والدارمي عن سفيان بن ابي زهير قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من اقتنى كلبا لا يغنى عنه زرعا ولا ضرعا نقص م عمله كل يوم قيراط فقيل له انت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال أي ورب الكعبة واخرج الترمذي عن عبد الله بن مغفل وحسنة قال اني لمن يرفع اغصان الشجرة عن وجه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو يخطب فقال لولا ان الكلاب امة من الامم لامرت بقتلها فاقتلوا منها كل اسود ولهيم وما من اهل بيت يرتبطون كلها الا نقص من عملهم كل يوم قيراط الا كلب صيد وكلب حرث او كلب غنم او واخرج ايضا عن ابن عمرو قال حسن صحيح مرفوعا من اقتنى كلبا ليس بضار ولا كلب ماشية نقص من اجره كل يوم قيراطان واخرج عنه ايضا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم امر بقتل الكلاب الا كلب صيد او كلب ماشية واخرج ايضا عن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال من اتخذ كلبا الا كلب ماشية او صيد او زرع انتقص من اجره كل يوم قيراط وقال حديث صحيح واخرج ابو داود عن ابي هريرة بلفض الترمذي واخرج ابن ماجة عنه بلفظ من اقتنى كلبا فانه ينقص من اجره كل يوم قيراط الا كلب حرث او ماشية واخرج مسلم من حديث ابي هريرة وابن عمروابن المغفل نحو ما مر بالفاظ متقاربة وفي موطا محمد بن الحسن اخبرنا مالك عن عبد الملك بن ميسرة عن ابراهيم الحنفى قال رخص رسول الله صلى الله عليه وعلى ؟؟؟؟ لأهل بيت القاصي في الكلب يتخذونه قال محمد فهذا للحرث انتهى وفي الباب روايات اخر مخرجه في كتب الصحاح والمسانيد فهذه الأخبار كلها الدالة على جواز اتخاذ الكلب للصيد ولحفاظة البيوت القاصية النائية من العمران ولحفظ الزرع والمواشي تدل على طهارة سوره لان اتخاذه مستلزم غالبا لاختلاطه سوره بالأواني وغيرها فلولا طهارته لم يرخص لذلك وبهذا استدل من فرق بين سور المأذون اقتناؤه وبين سور غيره ومن فرق بين سور الحضري والبدوي أيضا وأجاب عنه الجمهور بمعارضة الأحاديث الواردة بالأمر من الغسل من ولوغه وسيأتي ذكرها أن شاء الله تعالى من غير تخصيص بكلب دون كلب فإنها دالة صريحا على التنجس فتقم تلك على هذه وفيه انه يجوز أن يخصص ذلك العموم بهذه الأخبار قال الزرقاني في شرح الموطا استدل به على طهارة الكلب الجائز اتخاذه لان في ملابسته مع الاحتراز عنه نوع مشقة وهو استدلال قوي لا يعارضه إلا عموم الخبر الوارد في الأمر بالغسل من غير تخصيص وتخصيص العموم غير مستنكر إذا سوغه الدليل قاله في فتح الباري يعني تخصيص حديث الولوغ المقتضي لنجاسته بغير ما اذن في اتخاذه لأحاديث الأذن المسوغة لتخصيصه انتهى وأنت تعلم انه على هذا لا تكون هذه الأخبار مستند للقائل بالطهارة مطلقا بل لمن اختار تفريقا والذي يظهر انه لا دلالة لهذه الأحاديث على الطهارة أصلا نعم بها دلالة على طهارة جسمه وعدم تنجس عينه البتة فان الإذن في اقتنائه دال على انه ليس بنجس العين لا على أن سوره أيضا ليس بنجس وحديث المشقة لا تفيج شيئا لعدم اقتضائه طهارة السور ولو صح هذا الاستدلال لصح الاستدلال بالاذن في اقتناء الحيوانات المأذون في اقتنائها كلبا كان أو غيره على طهارة بولها وفرثها لهذه القصة بعينها وفساده اظهر من أن يخفى فائدة قد استفيد من بعض الاخبار المذكورة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أمر بقتل الكلاب وبعض الاخبار تدل على استثناء كلب الماشية والزرع وبعضها تدل على انه أمر بقتلها اولا ثم نسخ ذلك وبقى أمر قتل الاسود البهيم وقد اختلف فيه العلماء فقال امام الحرمين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلها كلها ثم نسخ ذلك ونهى عن قتلها إلا الاسود ثم استقر الشرع على النهي عن قتل جميعا الكلاب التي لا ضرر فيها الاسود وغير وغير الاسود وذهب مالك واصحابنا إلى الاخذ بالحديث في قتل الكلاب إلا ما استثنى من كلب الصيد وغيره واختلفوا في انه هل كلب الصيد منسوخ من العموم الاول في الحكم بقتل الكلاب وان القتل كان عاما في جميع الكلاب ام كان خاصا بما سوى ذلك وذهب اخرون إلى جواز اتخاذ جميعها ونسخ الأمر بقتلها والنهي عن اقتنائها إلا الاسود وقال القاضي عياض عندي أن النهي ولا كان عاما في اقتناء جميعها وامر بقتل جميعها ثم نهى عن قتل ما سوى الاسود ومنع الاقتناء في جميعها إلا كلب صيد أو ماشية أو زرع كذا في شرح مسلم للنووي واخرج الحازمي في كتاب الناسخ والمنسوخ من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم أمر بقتل الكلاب ثم اخرج من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال اصبح رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ذات يوم في بيت ميمونة فقالت يا رسول الله كانا استنكرنا نفسك اليوم فقال أن جبريل وعدني أن يأتيني ووالله ما اخلفني قال فوقع في نفسه جرو كلب لهم فامر به فاخرج ونضح مكانه فجاء جبريل فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم انك وعدتني أن تأتيني فقال جبريل أن جرو كلب كان في البيت وانا لا ندخل بيتا فيه كلب قال معمر وحسبت انه قال ثم أمر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بقتل الكلاب ثم ذكره مسندا من طريق ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اصبح يوما واجما فقالت ميمونة يا رسول الله استنكرت هيأتك اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم أن جبريل كان وعدني أن يلقاني الليلة فلم يلقني قال فظل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يومه ذلك ثم وقع في نفسه جرو كلب تحت فسطاط لنا فامر به فاخرج ثم اخذ بيده فنضح مكانه فلما امسى لقيه جبريل فقال له قد كنت وعدتني أن تلقاني البارحة قال اجل ولكنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة فاصبح رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يومئذ فامر بقتل الكلاب حتى انه ليامر بقتل كلب الحائطا الصغيرة ويدع الكلب الكبير اخرجه مسلم في الصحيح ثم اخرج احاديث النسخ وبهذا يظهر أن من استدل على نجاسة الكلب العينية باحاديث القتل بانه لو لم يكن كذلك لم يامر بقتلها ضعيف جدا لان سببه ليس كما فهمه بل ما دل عليه ما مر ذكره ومنها أن الشرع قد احل صيد الكلب المعلم لقوله تعالى يسئلونك ماذا احل لهم قل احل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن ؟؟ علما والله فكلوا مما عليكم واذكروا اسم الله عليه وقد سأل عدي بن حاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيد الكلب فقال إذا ارسلت كلبك المعلم فقتل فكل واذا اكل فلا تأكل فانما امسك على نفسه اخرجه البخاري وابن ماجة وغيرهما والأحاديث فيه كثيرة شهيرة ليس هذا موضع بسطها ولم يقيد ذلك بغسل موضع فم الكلب وكيف يؤكل صيده ويكون لعابه نجسا فدل ذلك على طهارته واجاب عنه الجمهور على ما في فتح الباري وضياء الساري أن الحديث سيق لتعريف أن قتله ذكاة وليس فيه اثبات نجاسة ولا نفيها ويدل لذلك انه لم يقل له اغسل الدم إذا جرح من جرح نابه ولكنه وكله إلى ما تقرر عنده من وجوب غسل الدم فلعله وكله أيضا إلى ما تقرر عنده من غسل ما يماسه فمه ومنها ما اخرجه البخاري في كتاب الطهارة وفي المظالم والشرب والادب وذكر بني اسرائيل ومسلم في الحيوان وابو داود في الجهاد عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا راى كلبا يأكل الثرى من العطش فاخذ خفه فجعل يغرف له به حتى رواه فشكر الله له وادخله الجنة وفي رواية بينما رجل يمشي اشتد عليه الحر فوجد بيرا فنزل فيها فشرب ثم خرج فاذا كلب يأكل الثرى من العطش فقال الرجل لقد بلغ هذا من العطش مثل الذي كان نزل بي فنزل البير فملأ خفه ماء ثم امسكه بفيه ثم رقى فسقى الكلب وفي رواية فشكر الله له فغفر له قالوا يا رسول الله أن لنا في البهائم اجر فقال في كل كبد رطبة اجرا وفي رواية بينما كلب يطيف بركية ماء كاد يقتله العطش إذا رأته بغى فنزعت موقها فسقته فغفر لها فهذا الحديث يدل على طهارة سو الكلب والا فكيف يمكن أن يسقى ذلك الرجل أو المرأة الكلب في خفه ثم لا يغسله واجاب عنه الجمهور على ما في فتح الباري وعمدة القاري وغيرهما بانه يحتمل أن يكون اخرج الماء بالخف ثم صبه في شيء فسقاه وبانه يحتمل أن يكون غسل خفه بعد ذلك وبانه يحتمل أن يكون لم يلبسه بعد ذلك ومع هذه الاحتمالات لا يستقيم الاستدلال على أن القصة كانت في بني اسرائيل كما هو منصوص في بعض روايات ابي هريرة فالاستدلال به موقوف على أن شرع من قبلنا شرع لنا فيه خلاف وعلى تقدير تسليمه محله إذا لم يرد في شرعنا ما يخالفه وقد ورد في هذا الباب في شرعنا ما يدل على النجاسة على ما ستقف عليه أن شاء الله تعالى فلا يصح هذا الاستدلال وأما القائلون بالنجاسة فاحتجوا بوجوه منها احاديث الأمر بقتل الكلاب وفيه ضعف ظاهر لما أمر من انه لم يكن ذلك الأمر للنجاسة ولو سلم ذلك فقد ورد نسخه ومنها احاديث عدم دخول الملائكة بيتا فيه كلب وقد اخرجها الايمة المشهورون على ما بسطه السيوطي في كتابه الحبائك باخبار الملائكة فاخرج ابن ماجة عن علي مرفوعا أن الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس واخرج ابو داود والنسائي والحاكم عن علي مرفوعا لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة ولا كلب ولا جنب وفيه أيضا ضعف ظاهر فان امتناع الملائكة لا يتعين أن يكون لنجاسة بل يمكن أن يكون الأمر اخر قال الدميري في حيوة الحيوان قال العلماء سبب امتناعهم من البيت الذي فيه الكلب كثرة اكله للنجاسات وبعض الكلاب يسمى شيطانا والملائكة ضج الشياطين ولقبح رائحة الكلب تكره الرائحة الخبيثة ولانها منهي عن اتخاذها فعوقب متخذها بحرمانه دخول الملائكة بيته انتهى ونظيره ما اخرجه مالك واحمد والترمذي وابن حبان عن ابي سعيد مرفوعا أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه تماثيل أو صورة وما اخره البغوي والطبراني وابو نعيم في المعرفة وابن ابي شيبة عن ابن عمر مرفوعا لا تدخل الملائكة بيتا فيه بول وما اخرجه الطبراني في الاوسط عن عب الله بن زيد مرفوعا أن الملائكة لا تحضر الجنب ولا المتمضخ بالخلوق حتى يغتسلا وما اخرجه احمد وابو داود عن عمار مرفوعا أن الملائكة لا تحضر جنازةالكافر بخير ولا المتمضخ بالزعفران ولا الجنب فلا يمكن أن يستدل بهذه الأحاديث على نجاسة الصورة جنازة الكافر والجنب والمتمضخ بزعفران ونحو ذلك فلذا هذا ومنها احاديث الأمر بغسل الاناء من ولوغ الكلب سبعا أو ثمانيا أو ثلثا واهراق ما فضل من شربه وقد وردت ذلك بالفاظ مختلفة وطرق متفرقة فاخرج مالك في الموطا ومن طريقه البخاري وغيره عن ابي هريرة مرفوعا قال إذا شرب الكلب من اناء احدكم فليغسله سبعا واخرج مسلم من طريق مالك مثله بلفظ سبع مرات واخرج من طريق الاعمش عن ابي رزين واب يصالح عنه مرفوعا إذا ولغ الكلب في اناء احدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرات ومن طريق اخر عنه مرفوعا طهور اناء احدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات ولا هن بالتراب ومن طريق اخر من حديثه أيضا مثله بدون قوله اولاهن بالتراب واخرج أيضا عن عبد الله بن المغفل مرفوعا قال أمر رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بقتل الكلاب ثم قال ما بالهم وبال الكلاب ثم رخص في كلب الصيد وكلب الغنم وقال إذا ولغ الكلب في الاناء فاغسلوه سبع مرات وعفرو الثامنة بالتراب واخرج ابو داود من حديثه أيضا بلفظ إذا ولغ الكلب في الاناء فاغسلوه سبع مرات السابعة بالتراب وفي لفظة طهور اناء احدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسل سبع مرات اولاهن بالتراب وفي لفظ له زاد في اخره واذا ولغ الهر غسل مرة واخرج عن ابن المغفل مثل رواية مسلم واخرج ابن ماجة عن ابي رزين قال رأيت ابا هريرة يضرب جبهته بيده ويقول يا اهل العراق انتم تزعمون اني اكذب على رسول الله صلى اله عليه وعلى اله وسلم ليكون لكم الهناء وعلى الاثم اشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول إذا ولغ الكلب في اناء احدكم فليغسه سبع مرات وفي رواية له من طريق مالك مثل رواية مسلم واخرج عن ابن المغفل مثل ما مر وعن ابن عمر مرفوعا إذا ولغ الكلب في اناء احدكم فليغسله سبع مرات واخرج الترمذي وقال حسن صحيح عن ابي هريرة مرفوعا يغسل الاناء إذا ولغ فيه الكلب سبع مرات اولاهن أو اخراهن بالتراب واذا ولغت فيه الهرة غسل مرة واخرج النسائي بطريق مالك نحو رواية مسلم ومن طريق علي بن مسهر عن الاعمش عن ابي رزين وابي صالح عنه بلفظ إذا ولغ الكلب في اناء احدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرات قال النسائي لا اعلم احدا تابع علي بن مسهر على قوله فليرقه واخرج الدارمي عن ابن المغفل مثل ما مر واخرج نحو ما مر الطحاوي والبيهقي والدار قطني والبزار والشافعي وابن المنذر وابن خزيمة وابو عبيدة وغيرهم في كتبهم واخرج الدار قطني في سننه عن عبد الوهاب بن الضحاك عن اسمعيل بن العياش عن هشام عن ابي الزناد عن الاعرج عن ابي هريرة مرفوعا يغسل الاناء من ولوغ الكلب ثلثا أو خمسا أو سبعا وهو الصواب واخرج الدار قطني أيضا عن عبد الملك بن ابي سليمان عن عطاء عن ابي هريرة موقوفا إذا ولغ الكلب في الاناء فاهرقه ثم اغسله ثلث مرات وبهذا الاسناد انه كان إذا ولغ الكلب في الاناء اهراقه وغسله ثلث مرات وبهذا الاسناد انه كان إذا ولغ الكلب في الاناء اهراقه وغسله ثلث مرات قال ابن دقيق العيد هذا سند صحيح واخرج ابن عدي في الكامل عن الحسين بن علي الكرابيسي واخرج الطحاوي في شرح معاني الاثار عن اسمعيل بن اسحق ؟ ابو نعيم ؟ عبد السلام بن حرب عن عبد الملك عن عطاء عن ابي هريرة في الاناء يلغ فيه الكلب أو الهر قال يغسل ثلثا قال البيهقي في كتاب المعرفة كما نقله الزيلعي تفرد به عبد الملك من بين اصحاب عطاء ثم اصحاب ابي هريرة والحفاظ الثقات من اصحاب عطاء واصحاب ابي هريرة يرونه مسبع مرات وعبد الملك لا يقبل منه ما يخالف الثقات ولمخالفته اهل الحفظ والاتقان في بعض رواياته تركه شعبة ولم يحتج البخاري به في صحيحه وقد اختلف في هذا فمنهم من يرويه عنه مرفوعا ومنهم من يرويه من قول ابي هريرة ومنهم من يرويه من فعله انتهى وقد اختلف العلماء في هذا الباب على اقوال القول الاول أن سور الكلب نجس ويشترط لتطهيره غسل ما ولغ فيه ثمان مرات كما ورد في حديث ابن المغفل واليه ذهب الحسن واحمد وفي رواية ذكره العين في عمدة العارئ والثاني أن سوره طاهر لكن يجب أن يغسل سبعا بدون التريب وجوبا تعبديا وهو مذهب المالكية قال ابن حجر في فتح الباري المالكية لم يقولوا بالتريب أصلا مع ايجابهم التسبيع على المشهور عندهم لانه لم يقع في رواية مالك قال القرافي منهم وقد صحت فيه الأحاديث والعجب منهم كيف لم يقولوا بها وعن مالك رواية أن الأمر للتسبيع للندب والمعروف عند اصحابه انه للوجوب لكنه للتعبد لكون الكلب طاهر عندهم وعن مالك رواية انه نجس لكن قاعدته أن الماء لا ينجس إلا بالتغير فلا يجب التسبيع للنجاسة بل للتعبد انتهى والثالث أن سوره طاهر ويندب الغسل سبعا بدون الترتيب وهو رواية عن مالك والرابع أن سوره نجس ويطهر ما ولغ فيه غسله سبع مرات بالتريب في احداهن وهو مذهب الشافعية قال في فتح الباري لم يقع في رواية مالك لتريب ولا يثبت في شيء من الروايات عن ابي هريرة إلا عن ابن سيرين واختلف في محل غسله لتتريب فلمسلم وغيره من طريق هشام عنه اولاهن وهي رواية الاكثر عن ابن سيرين واختلف على قتادة عن ابن سيرين فقال سعيد بن بشير عنه اولاهن اخرجه الدار قطني وقال ؟؟ عن قتادة السابعة اخرجه ابو داود والشافعي قال في فتح الباري لم يقع في رواية مالك لتريب ولا يثبت في شيء من الروايات عن ابي هريرة إلا عن ابن سيرين واختلف في محل غسله لتتريب فلمسلم وغيره من طريق هشام عنه اولاهن وهي رواية الاثر عن ابن سيرين واختلف على قتادة عن ابن سيرين فقال سعيد بن بشير عنه اولاهن اخرجه الدار قطني وقال ؟ عن قتادة السابعة اخرجه ابو داود والشافعي عن سفيان عن ايوب عن ابن سيرين اولاهن واخرهن وفي رواية السدي عن البزاز احداها وطريق الجمع بين هذه الروايات أن رواية اولاهن مبهمة واولاهن والسابعة معينة واوان كانت في نفس الخبر فهي للتخيير فمقتضى حمل المطلق على المقيد أن يحمل على احدهما وان كانت شكامن الراوي فرواية من عين ولم يشك اولى من رواية من ؟؟ اوشك فبقى النظر في الترجيح بين رواية اولاهن ورواية السابعة ورواية اولاهن ارجح من حيث الاكثرية والاحفظية ومن حيث المعنى أيضا لان بتتريب الاخيرة يقتضي الاحتياج إلى غلسة اخرى لتنظيفه وقد نص الشافعي على أن الاول اولى وخلاصة الاقوال لن سوره نجس أو طاهر وعلى التقدير الثاني فالأمر بالغسل للندب أو للوجوب تعبديا وعلى الاول فالواجب التسبيع أو التثمين وقول خامس ذهب اليه اصحابنا الحنفية من عدم وجوب السبع والثمان مع نجاسة السور وكفاية الثلث كسائر النجاسات أما الكلام بين اصحاب التنجيس والتعبد فهو أن اصحاب التعبد لما اثبتوا بدلائلهم الطهارة قالوا بالوجوب التعبدي ويرد عليهم من مخالفيهم انه يخالف قوله صلى الله عليه وسلم في اول الحديث عند مسلم وغيره طهور اناء احدكم فان الطهارة تستعمل أما عن حدث أو خبث ولا حدث في الاناء فتعين الخبث واجيب عنه بمنع الحصر لان التيمم لا يرفع الحدث وقد قيل له طهور المسلم وايضا الطهارة تطلق على غير ذلك كقوله تعالى خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وقوله عليه الصلوة والسلام السواك مطهرة للفم والجواب عن الاول أن التيمم ناشيء عن حدث فلما قام مقام ما يطهر الحدث سمي ذلك طهورا ومن يقول انه يرفع الحدث يمنع هذا الايراد عن اصله وعن الثاني بان الفاظ الشرع إذا دارت بين الحقيقة اللغوية والشرعية حملت على الشرعية إلا إذا قام الدليل على خلاف كذا في فتح الباري ويؤكد القول بالتنجس ما ورد في بعض الروايات بالأمر بالاراقة اذ لو كان ما ولغ فيه طاهر لم يؤمر باراقته فان قلت هذه الزيادة غير محفوظة كما قاله حمزة الكناني وقال ابن عبد البر لم يذكرها الحفاظ من اصحاب الاعمش وقال ابن مندة لا تعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم بوجه من الوجوه إلا عن علي بن مسهر بهذا الاسناد قلت كونها غير محفوظة بهذا الاسناد لا يستلزم عدم ثبوتها مطلقا والنفي العام من ابن مندة غير مسموع فقد ذكر فتح الباري انه ذكر الاراقة حماد بن زيد عن ايوب عن ابن سيرين عن ابي هريرة مرفوعا واسناده صحيح اخرجه الدار قطني وورد أيضا من طريق عطاء عن ابي هريرة مرفوعا اخرجه ابن عدي لكن في رفعه نظر والصحيح انه موقوف وأما احتمال أن يكون الأمر به للندب فبعيد كاحتمال كون أمر الغسل للندب وكذا احتمال كون الأحاديث مختصة بالكلب الغير المأذون في اقتنائه أو بغير الحضري كما ذكره بعض المالكية ولعمري ابداء مثل هذه الاحتمالات في مثل هذه الروايات يرفع الامان عن الشرع ويؤيد التنجس أيضا ما اخرجه محمد بن نصر المروزي عن ابن عباس من التصريح بان الغسل من ولوغه لانه رجس ولم يصح عن احد من الصحابة خلافه والرجس بالكسر النجس وسنده صحيح قاله في عمدة القارئ وضياء الساري واحتمال أن يكون اطلاق الرجس عليه كاطلاقه في القران على الانصاب والازلام والميسر غير مسموع بل الظاهر أن اطلاق الرجس عليه كاطلاق الرجس في القران على الخمر والخنزير ولعلك تفطنت من ههنا أن كلام القائلين بالتنجيس وايجاب الغسل قوى والقائلون بالوجوب التعبدي والندب ليس عندهم سوى إبداء لاحتمالات الركيلة التي لو فتح بابها لاختل نظام الشرع وأما الكلام بين اصحاب التسبيع والتثمين هو أن اصحاب التثمين قالوا قد ورد ذلك صريحا في رواية ابن المغفل بروايات صحيحة وزيادات الثقات مقبولة واجاب عنه اصحاب التسبيع بوجوه كلها مخدوشة على ما ذكره في فتح الباري وغيره منها ما نقل عن الشافعي انه حديث لم اقف على صحته وفيه انه لا يثبت العذر لمن وقف على صحته وهو صحيح بلا شك ومنها أن رواية ابي هريرة مرجحة على روايته بكثرة الطرق وفيه ن الترجيح لا يصار اليه عند امكان الجمع والاخذ بحديث ابن مغفل يستلزم الاخذ بحديث ابي هريرة دون العكس ولو سلكنا الترجيح لم نقل بالتتريب أصلا لان رواية مالك ارجح من رواية من لم يذكره ومنها انا لم نعمل به للاجماع على خلاف وفيه أن الاجماع ممنوع لوجود قول الحسن به واحمد في رواية ومنها أن المراد بحديث ابن المغفل الغسل سبع مرات احدهن بالتراب مع الماء فكان التراب قائما مقام غسل فسمى غسله ثامنة وفيه أن لفظ وغفروه الثامنة صريح في كونها غسله مستقلة وأما الكلام بين اصحاب التسبيع وبين اصحابنا القائلين بالتثليث فمنها أن في سند الثلث عبد الوهاب بن الضحاك عن ابن عياش وهما متروكان وجوابه على ما في البناية نقلا عن تجريد القدوري أن هذا الجرح غير معتد به حتى يبينوا صفة الضعف فان الجرح المبهم غير معتبر وفيه ما اقول قد وقع في حق عبد الوهاب من النقاد كلمات كثيرة بعضها مفسرة تحصل بجمعها رجحان ضعفه ففي الكشف الحثيث عمن رمى بوضع الحديث للبرهان الحلبي عبد الوهاب ابن الضحاك الحمصي قد صرح الذهبي في الكاشف وكذا في تذهيب التهذيب بانه يضع نقلا عن ابي داود انتهى وفي تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر عبد الوهاب بن الضحاك ابو الحارث الحمصي روى عن اسمعيل بن عياش وبقية بن الوليد وغيرهما قال البخاري عنده عجائب وقال ابو داود كان يضع الحديث وقال النسائي ليس بثقة متروك وقال لمعقيلي والبيهقي والدار قطني متروك وقال صالح بن محمد الحافظ منكر الحديث عامة حديثه كذب وقال الدار قطني في موضع اخر له عن اسمعيل بن عياش وغيره مقلوبات وبواطيل وقال الاجرى عن ابي داود غير ثقة ولا مأمون وقال ابن حبان كان يسرق الحديث لا يحل الاحتجاج به وقال الحاكم وابو نعيم روى احاديث موضوعة مات سنة ؟؟ انتهى ملخصا ومنها ما مر نقله عن البيهقي من القدح في عبد الملك راوي حديث الثلث وجوابه على ما اقول أن الراجح في عبد الملك وهو ابن ابي سليمان ميسرة العرزمي نسبة إلى عرزم بفتح العين المهملة وسكون الراء المهملة وفتح الزاي المعجمة اخره ميم بطن من فزارة الراوي عن عطاء بن ابي رباح وسعيد بن جبير وغيرهما التوثيق وليس ترك شعبة ولا عدم احتجاج البخاري به قادحا فيه فقد قال ابن المبارك حفاظ الناس اسمعيل بن ابي خالد وعبد الملك بن ابي سليمان وقال الحسن بن حبان سئل يحيى بن معين عن حديث عطاء عن جابر في الشفعة فقال هو حديث لم يحدث به احدا إلا عبد الملك وقد انكره الناس عليه ولكن عبد الملك ثبت صدوق لا يرد على مثله وقال عبد الله بن احمد بن حنبل عن ابيه ثقة وقال صالح بن احمد بن حنبل عنه عبد الملك من الحفاظ إلا انه كان يخالف ابن جريح وابن جريح ثبت عندنا وقال الميموني عن احمد عبد الملك من عيون الكوفيين وقال ابو زرعة الدمشقي سمعت احمد ويحيى بن معين يقولان انه ثقة وقال العجلي ثقة ثبت في الحديث وقال النسائي ثقة وقال ابو زرعة لا باسبه وقال ابن سعد كان ثقة مأمونا ثبتا وارخ وفاته سنة خمس واربعين ومائة وقال الساجي صدوق وقال الترمذي ثقة مأمون لا نعلم احدا تكلم فيه غير شعبة وقد كان شعبة حدث عنه ثم تركه ويقال انه تركه لحديث الشفعة الذي تفرد به وذكره ابن حبان في الثقات وقال ربما اخطأ وكان من خيار اهل الكوفة وحفاظهم والغالب على من يحفظ ويحدث أن يهم وليس من الانصاف ترك حديث شيخ ثبت انتهى ملخصا ومنها أن في ديث الثلث اضطرابا فان منهم من يرويه موقوفا على ابي هريرة ومنهم من يرويه مرفوعا وجوابه أن هذا الاضطراب ليس بقادح فانه يمكن أن يكون ابو هريرة سمعه من رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فتارة اسنده عنه وتارة افتى به بنفسه ومثله كثير في الروايات ومنها انه لو سلمنا صحة احاديث التثليث فلا شك أن رواه السبع والثمان حفاظ بالنسبة إلى رواة الثلث مع كثرة طرق تلك الأحاديث وقلة طرق هذه واجيب عنه بوجوه احدها انه يمكن أن يكون الأمر في احاديث السبع والثمان للندب فلا تعارض احاديث الثلث حتى يلزم من اختيار الثلث ترك العمل بالسبع والثمان وفيه انه ينافيه ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم طهور اناء احدكم الحديث كما مر ذكره وثانيها ما ذكره صاحب الهداية وغيره بان الأمر الوارد بالسبع محمول على ابتداء الاسلام ووجهه الاتقاني والعيني وغيرهما من شراح الهداية بانه عليه السلام كان يشدد في أمر الكلاب حتى منعوا من الاقتناء ونهاهم عن المخالطة ثم ترك ذلك وقال مالي والكلاب فهذا الحكم يناسب ذلك الحكم ثم صار منسوخا بنسخه وفيه على ما في فتح الباري وغيره أن الأمر بقتلها كان في اوائل الهجرة والأمر بالغسل متاخر جدا لانه من رواية ابي هريرة وابن المغفل وقد ذكر ابن المغفل انه سمع من رسول الله صلى الله عليه وعلىاله وسلم يأمر بالغسل وكان اسلامه سنة سبع كابي هريرة بل سياق مسلم ظاهر في أن الأمر بالغسل كان بعد الأمر بقتل الكلاب وتعقبه العيني في عمدة القارئ بان كون الأمر بقتل الكلاب في اوائل الهجرة يحتاج إلى دليل قطعي ولئن سلمنا ذلك فكان يمكن أن يكون ابو هريرة وابن المغفل قد سمعا ذلك من صحابي اخر فاخبرا عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم لاعتمادهما صدق الراوي عنه لان الصحابة كلهم عدول انتهى وهذا تعقب غير مرضي عندي فان كون رواية ابي هريرة وابن المغفل بواسطة صحابي اخر احتمال مردود لورود سماع ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وشهادته على ابلغ وجه بسماعه كما مر من رواية ابن ماجة وكذا ابن المغفل سمع أمر قتل الكلاب كما اخرجه الترمذي عنه وحسنه قال اني لممن يرفع اغصان الشجرة عن وجه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهو يخطب فقال لولا أن الكلاب امة من الامم لامرت بقتلها فاقتلوا منها كل اسود بهيم وما من اهل بيت يرتبطون كلبا إلا نقص من عملهم كل يوم قيراطا لا كلب صيد أو كلب حرث أو كلب غنم فهذا يدل على انه سمع بلا واسطة نسخ عموم القتل والرخصة في كلب الصيد ونحوه وظاهر سياق مسلم عنه أن الأمر بالغسل سبعا وقع بعد ذلك ويدل عليه صريحا رواية الطحاوي في شرح معاني الاثار عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب ثم قال مالي وللكلاب ثم قال إذا ولغ الكلب في اناء احدكم فليغسله سبع مرات وعفروا الثامنة بالتراب فدل ذلك صريحا على أن الأمر بالغسل سبعا كان بعد نسخ الأمر بقتل الكلاب لا في ابتداء الاسلام وثالثها ما قال الطحاوي بعد ما روى رواية الثلث موقوفة من طريق عبد السلام بن حرب بن عبد الملك عن عطاء عن ابي هريرة فلما كان ابو هريرة قد راى أن الثلثة تطهر الاناء من ولوغ الكلب وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم على ما ذكرنا ثبت نسخ السبع لانا نحسن الظن به ولا نتوهم عليه انه ترك ما سمعه من النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم إلا إلى مثله والا سقطت عدالته فلم يقبل قوله ولا روايته انتهى وفيه خدشات الاولى ما نقله الزيلعي عن البيهقي انه كيف يجوز ترك رواية الحفاظ الاثبات من اوجه كثيرة لا يكون مثلها غلطا برواية واحد قد عرفت بمخالفة الحفاظ الثانية ما في فتح الباري بانه يحتمل أن يكون افتى بذلك لاعتقاد ندبية السبع لا وجوبها انتهى وكتمته أن فهم الصحابي ليس بحجة ملزمة ففهمه الندب وفتواه به لا يبطل الحديث ولا حمله على الايجاب والثالثة ما فيه أيضا انه يحتمل أن يكون نسى ما رواه ومع الاحتمال لا يثبت النسخ والرابعة ما فيه أيضا انه قد ثبت انه افتى بالغسل سبعا ورواية من روى عنه موافقة فتياه لروايته ؟؟ من رواية من روى عنه مخالفتها من حيث الاسناد ومن حيث النظر أما النظر فظاهر وأما الاسناد فالموافقة وردت من رواية حماد بن زيد عن ايوب عن ابن سيرين عنه وهذا من اصح الاسانيد وأما المخالفة فمن رواية عبد الملك عن ابي سليمان عن عطاء عنه وهو دون الاول في القوة بكثير وقال المعيني في عمدة القارئ متعقبا عليه بعد ذكر احتمال اعتقاد الندب والنسيان هذا لساءة الظن بابي هريرة فالاحتمال الناشئ من غير دليل لا يسمع انتهى وقال في شرح الهداية متعقبا على ما مر نقله عن البيهقي لما صح عن الطحاوي هذه الرواية حمل رواية السبع على النسخ توفيقا بين الكلامين وتحسينا للظن بابي هريرة ولا سيما قد تأيدت الرواية الموقوفة بالمرفوعة انتهى وفيه على ما اقول أن احتمال النسيان واعتقاد الندب باساءة ظن وليس فيه قدح بوجه من الوجوه وصحة رواية الفتوى بالثلث لا ينفع شيئا لكون ثبوت الفتوى بالسبع منه اصح ثبوتا والتوفيق بين الكلامين لا ينحصر في ادعاء النسخ ثم هذا نسخ ادعائي واحتمالي فلا يقبل الطحاوي كثير الولوع بالحكم لا ينسخ المرفوع بكون فتوى رواية مخالفا له وهو أمر متنازع فيه وقد ذكرت بعض ما يتعلق بهذا البحث في حواشينا على موطا محمد المسماة بالتعليق المجد ورابعها ما قال ابن الهمام في فتح القدير بعد ذكر رواية ابي هريرة في الثلث مرفوعا وموقوفا فالحكم بالضعف والصحة انما هو في الظاهر أما في نفس الأمر فيجوز صحة ما حكم بضعفه ظاهر أو ثبوت كون مذهب ابي هريرة ذلك قرينة تفيد أن هذا مما اجاده الراوي المضعف ؟ فيعارض حديث السبع ويقدم عليه لان مع حديث السبع دلالة التقدم للعلم بما كان من التشديد في أمر الكلاب اول الأمر حتى بقتلها والتشديد في سورها يناسب كونه اذ ذاك وقد ثبت نسخ ذلك ولو طرحنا الحديث بالكلية كان في عمل ابي هريرة على خلاف حديث السبع هو رواية كفاية لاستحالة أن يترك القطع للرأي منه وهذا لان ظنيه خبر الواحد انما هو بالنسبة إلى غيره فاما بالنسبة إلى رواية الذي سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم فقطع حتى يسلخ به الكتاب إذا كان قطعي الدلالة في معناه فلزم أن لا يتركه إلا لقطعة بالناسخ اذ القطعي لا يترك إلا بالقطعي فبطل تحويزهم تركه بناء على ثبوت ناسخ في اجتهاده المحتمل للخطأ واذا علمت ذلك كان تركه بمنزلة روايته للناسخ بلا شبهة فيكون الاخر منسوخا بالضرورة انتهى وفيه على ما اقول خدشات تنبهك على أن تقريره كله مزخرفةناشيء عن عصبية مذهبية أما أو لا ففي قوله وأما في نفس الأمر الخ فانه وان كان حقا في نفس الأمر لكنه غير مفيد ف هذا المقام فان احكام الشرع انما تناط بالظاهر لا بالاحتمالات البعيدة ولا بما في نفس الأمر حقيقة فانا كلفنا بالظاهر والله يعلم الظواهر والسرائر وأما تانيا ففي قوله وثبوت كون مذهب ابي هريرة الخ فانه أن اراد به الثبوت الاحتمالي والاختلافي فغير مفيد لان مثله لا يقوم على قرينة على جودة الحديث وضعفه وان اراد به الثبوت الاتفاقي فغير صحيح فقد مر انه روى عنه فتوى السبع أيضا وأما ثالثا فلان من موافقة السبع اوثق ممن روى عنه مخالفته فترك ذلك الفتوى والموافقة واخذ المخالفة وجعلها قرينة على ما ذكره ليس كما ينبغي وأما رابعا فلانه لما رويت عنه الفتوى الموافقة للسبع أيضا وهو احد رواة السبع فلم لا يجعل ذلك قرينة على أن رواية الثلث مما لم يجودها الراوي الموثق وأما خامسا ففي قوله ؟ فيعارض حديث السبع فان لروايات السبع والثمان مرجحات كثيرة لكثرة الرواة له من الصحابة فمن بعدهم وكونهم من الثقات والحفاظ وليس ذلك لحديث الثلث فما معنى المعارضة التي يشترط فيها تساوي الحجتين في القوة وأما سادسا ففي قوله لان مع حديث السبع دلالة التقدم ؟ الخ لما عرفت أن هذه الدلالة مردودة لكون ابي هريرة وابن المغفل سمعا حديث السبع وهما ممن تأخرا سلامه وكان التشديد في أمر الكلاب قبل ذلك وأما سابعا ففي قوله والتشديد في سورها يناسب اذ ذاك فان هذا القدرة لا يكفي لاثبات التقدم ما لم يثبته صريحا وانى له ذلك كيف وقد ثبت التاخر صريحا وأما ثامنا قوله وقد ثبت نسخ ذلك فانه لو سلم أن الأمر بالسبع كاف مع الأمر بالقتل فلا يلزم من ثبوت نسخ القتل ثبوت نسخ الأمر بالسبع أيضا فنسخ احد القرينين والمصاحبين لا يدل على نسخ الاخر ولا يحكم بنسخه ما لم يثبت صريحا وما تاسعا فلانه لو تم هذا التقرير لا يثبت منه إلا النسخ الاحتمالي ومثله غير كاف وما عاشرا ففي قوله كفاية لاستحالة الخ فان هذه الاستحالة ليست بعقلية لعدم ثوت عصمة الصحابة نعم حسن الظن بهم يحكم به فلا يكون به كفاية وأما حادي عشر ففي قوله فاما بالنسبة إلى رواية الذي سمعه الخ فانه ينادي صريحا بان ابا هريرة سمع رواية السبع عن النبي صى الله عليه وسلم بلا واسطة وهو كذلك فينتقض به دلالة التقدم التي ذكرها سابقا واماثاني عشر فهو أن تركه القطعي انما يلزم إذا ثبت صريحا أن افتاءه بالثلث كان بعد رواية السبع وهو وان كان مما يتبادر اليه الفهم لكن للمناقش فيه مجالا وأما ثالث عشر ففي قوله فلزم أن لا يتركه إلا لقطعة بالناسخ الخ فان هذا غير لازم لجواز أن يكون تركه نسيانا لروايته أو حمله على الندب أو نحو ذلك ونظائره كثيرة وأما رابع عشر ففي قوله فيكون الاخر منسوخا بالضرورة فان مقدمات الدليل بعد تسليمها أن دلت على النسخ دلت على نسخ رواية ابي هريرة فقط وليست رواية السبع مقتصرة عليه بل قدروها ابن المغفل وابن عمر أيضا ولم ينقل عنهما إلا الافتاء بخلافها فلا يلزم نسخ روايتهما ويحتمل أن يكون سمعهما من النبي صلى الله عليه وسلم بعد سمع ابي هريرة الناسخ فيصير الناسخ منسوخا بالضرورة فتامل في هذا المقام فان المقام من مزال الاقدام حتى زل قدم الهمام ابن الهمام وخامسها ما ذكره الطحاوي وغيره أن النظر يقتضي أن لا يكون حديث السبع مقبولا فان العذرة اشد منه في النجاسة كونها اشد أو مساويا لسوار الكلب في تغليظ الحكم مع انه قياس في مقابلة النص فلا يسمع وايضا هذا منقوض بنقض الوضوء بالقهقهة في الصلوة مع عدم نقضه بسب المسلم في الصلوة وهو اشد منه فالجواب الجواب وسادسها أن احاديث التطهير من العذرة والبول والدم وغيرها من النجاسات المغلظة الانسانية تدل على تطهيرها بمرة واحدة أو ثلثا فيكون سور الكلب وهو اخف منها كذلك أيضا بالتقرير الاولى وفيه أن هذا لو تم لدل على تطهير الاناء من سوار الكلب واحدا أو ثلثا بدلالة النص واحاديث السبع دالة بعبارتها على اشتراط السبع وقد تقرر في الاصول أن العبارة مقدمة على الدلالة وسابعها ما في الهداية وغيرها أن ما يصيبه بول الكلب يطهر بالثلث فما يصيبه سوره وهو دونه اولى وفيه أن اراد أن ما يصيبه بوله يطهر بالثلث بالاجماع فليس بصحيح فانه فرع الاجماع على نجاسته اذ ليس فليس على ما مر وان اراد أن ذل باجماع بيننا وبين الشافعية فليس بصحيح فان كثيرا منهم قالوا بالتسبيع في جميع اجزاء الكلب ورطوباته وان اراد أن ذلك عندنا فلا يكون حجة على غيرنا ولو سلمنا صحة هذا التقدير فنقول هذا قياس ف يمقابلة النص فلا يسمع وثامنها أن حديث السبع مخالف للقياس من كل وجه وقد تقرر في الاصول أن راوي الحديث إذا كان غير فقيه وكان مخالفا للقياس يترك الحديث ويعمل بالقياس هذا الحديث من رواية ابي هريرة وكان غير فقيه وفيه نظر من وجوه الاول أن هذا المقرر في الاصول ليس متفقا عليه عند الحنفية وانما راى شرذمة منهم وان ولغ اكثر المتاخرين به والحق هو قبول الخبر مطلقا كما حققه في كشف الاسرار وغيره الثاني أن كون ابي هريرة غير فقيه غير صحيح بل الصحيح انه من الفقهاء الذين كانوا يفتون في زمان النبي صلى الله علي وسلم كما صرح به ابن الهمام في تحرير الاصول وابن حجر في الاصابة في احوال الصحابة الثالث انه قد ورد السبع برواية ابن عمر أيضا وهو فقيه بلا ريب فيلزم أن يترك القياس به وقد مر ما ينفع هذا الحث في بحث نقض الوضوء بالقهقهة وتاسعها انه لو وجب أن يعمل بالسبع ولا يجعل منسوخا لكان ما روى ابن المغفل من التثمين اولى بالقبول مما رواه ابو هريرة لانه زاد عليه والزائد اولى بالقبول فكان ينبغي للمخالف أن يقول لا يطهر الاناء حتى يغسل ثمان مرت الثامنة بالتراب فان ترك حديث ابن المغفل فقد لزمه خصمه في ترك العمل بالحديث الوارد بالسبع كذا ذكره الطحاوي وفيه انه لا يلزم من كون الشافعية لا يقولون بظاهر حديث ابن المغفل أن يتركوا العمل بالحديث واسالان اعتذار الشافعية من ذلك أن كان متجها فذاك والا فكل من الفريقين ملوم في ترك العمل به قاله ابن دقيق العيد كذا في فتح الباري وقال البيهقي معتذرا أن ابا هريرة احفظ من روى في دهره فروايته اولى وتعقب ما في عمدة القارئ بالمنع بل رواية ابن المغفل اولى لانه احد العشرة الذين بعثهم عمر بن الخطاب قال الحسن البصري الينا يفقهون الناس وهو من اصحاب الشجرة وهو افقه من ابي هريرة والاخذ بروايته احوط منها أن ما ذهب اليه ابو حنيفة متفرد في ذلك لم يقل به احد من الصحابة والتابعين فالهم دائرون بين السبع والثمان وجوابه على ما في البناية انه لم يقل ذلك بالرأي ولا احد من اصحابه بل مذهبه ما فتى به ابو هريرة وروى عبد الرزاق في مصنفه عن معمر قال سألت الزهري عن الكلب يلغ في الاناء قال يغسل ثلث مرات وروى أيضا عن ابن جريح قال قال لي عطاء يغسل الاناء الذي ولغ فيه الكلب سبعا وخمسا وثلث مرات فتفرد ابي حنيفة ممنوع قلت قد مر في موضعه أن الزهري ممن يقول بعدم تنجس الماء إلا بالتغير ومر أيضا انه اجاز التوضي بسور الكلب فالظاهر أن امره بالغسل ثلثا مبني على مجرد الاحتياط لا على التنجس فلا يوافق كلامه كلام امامنا لانه قائل بالتنجس وأما افتاء ابي هريرة فقد مر ما له وما عليه ولعل المنصف الغير المتعسف يعلم بعد ملاحظة هذا البحث ضعف كلام ارباب التثليث وقة كلام اصحاب التسبيع ولتثمين واقواهما اخرهما إلا أن يحمل الأمر ف يحديث التثمين للاستحباب وفي حديث التسبيع للايجاب والله اعلم بالصواب قال والخنزير قد مر في بحث الدباغة ما يدل على كون الخنزير نجسا عينا بدميع اجزائه مع ما له وما عليه فتذكر وفي رحمة الامة في اختلاف الايمة حكمه حكم الكلب يغسل ما تنجس به سبع مرت على الاصح من مذهب الشافعي قال النووي الراجح من حيث الدليل انه يكفي في الخنزير غسلة واحدة بلا تراب وبهذا قال الشافعي اكثر العلماء وهو المختار لان الاصل عدم الوجوب حتى يرد الشرع به ومالك يقول بطهارته حيا وقال ابو حنيفة يغسل كسائر النجاسات انتهى وذكر بهاء الدين العاملي الشيعي في بعض تصانيفه في سياق ذكر سلطان زمانه سلطان خراسان شاه عباس بن سلطان محمد خدابنده المتوفي سنة ثمان وثلثين والف أن سلطان زماننا خلد الله ملكه عرض له في مصيدة خنزير عظيم فضربه بالسيف ضربة وامر بقلع سنه والاتيان به اليه فوجد مكتوبا عليه لفظ الجلالة بخط وسباع البهائم مثبت فحصل له ولنا من حضرة المصيدة من العسكر المنصور نهاية العجب فان ذلك من اغرب الغرائب ولما رأيتها قال لي كيف يجتمع هذا مع نجاسة الخنزير فقلت له أن السيد مرتضى قائل بطهارة ما لا تحله الحيوة من نجس العين ووجود هذا الخط على هذا السن ربما يؤيد كلامه فان السن مما لا تحله الحيوة انتهى كذا نقله محمد بن فضل الله المحيي في خلاصة الاثر في اعيان القرن الحادي عشر عند ترجمة شاه عباس المذكور وهذه الحكاية كما تدل على طهارة السن كذلك تدل على طهارة ما به أيضا لانه لو كان نجسا ولا بد من اختلاطه واتصاله بالاسنان لزم اختلاط النجس بلفظ الجلالة وهو ما يحرم ويكرم عن اختلاط مثل ذلك والذي يظهر أن طهارة الشيء ونجاسته انما هو بالنسبة إلى المكلفين والا فالاشياء كلها سواسية في حد ذاته ليست فيها نجسة وبالنسبة إلى الخالق جل جلاله لا يوصف شيء بالنجاسة والخباثة فانه خلق الاشياء كلها على السواء فطهر لنا بعضها ونجس بعضها فكتابة اسم الجلالة بقدرة الخالق جل لجلاله على سن الخنزير لا تدل على طهارته ولا على طهارة لعابه لانه ليس نجسا بالنسبة اليه حتى يعاب ذلك منه تعالى لله منه بل هو نجس بالنسبة الينا فيحرم علينا استعماله بغير تطهير شرعي قال وسباع البهائم وهو بالكسر جمع السبع بضم الياء واسكانها وهو كل ما له ناب يعد وبه ويفترس كالذئب والفهد والنمر وأما الثعلب فليس بسبع وان كان له ناب لانه لا يعدو به ولا يفترس وكذلك الضبع والبهائم جمع بهيمة وهو كل ذات اربع من دواب البر والبحر سميت به لابهامها من جهة نقص نطقها وفهمها وعدم تمييزها كذا في حية الحيوان والمصباح المنير وهذا عند الشافعية وعندنا الثعلب والضبع من السباع ولذلك يحرم اكلها قال في السراج الوهاج سباع البهائم ما كان يصطاد بنابه كالاسد والذئب والفهد والنمر والثعلب والفيل والضبع وامثال ذلك انتهى وقد وقع في سور السباع اختلاف فذهب اصحابنا الىانه نجس وذهب الشافعي ومالك واحمد في رواية إلى انه طاهر كذا في البناية وذكر في رحمة الامة أن الاصح من مذهب احمد أن سور سباع البهائم نجس أما المطهرون فاستدلوا باحاديث دلت على ذلك فاخرج ابن ماجة بسند فيه عبد الرحمن بن زيد بن اسلم عن ابيه عن عطاء عن ابي سعيد الخدري قال أن رسول الله صلى الله علي وسلم سئل عن الحياض التي بين مكة والمدينة تردها السباع والكلاب والحمر وعن الطهارة منها فقال لها ما حملت في بطونها ولنا ما غير طهور قال ابن حجر في شرح المشكوة سنده حسن وروى الدار قطني في سننه عن داود بن الحصين عن ابيه عن جابر وقال قيل يا رسول الله انتوضأ بما افضلت الحمر قال نعم وبما افضلت السباع ورواه البيهقي وعبد الرزاق عن ابراهيم بن يحيى عن داود بن الحصين عن ابيه ورواه الشافعي أيضا بهذا الوجه وبوجه اخر أيضا واخرج ابن ماجة على ما ذكره العيني ولم اجده في النسخة الحاضرة عن ابي مصعب المدني عن عبد الرحمن بن زيد بن اسلم عن ابن عمر قال خرج رسول الله صلى الله وعلى اله وسلم في بعض اسفاره فسار ليلا فمر على رجل عند مقراة له فقال عمر يا صاحب المقراط ولغت السباع في مقراتك فقال عليه السلام يا صاحب المقراة لا تخبرنا لها ما حملت في بطونها وروى ابن ماجة أيضا على ما ذكره العيني أيضا بسند فيه عبد الرحمن عن ابي هريرة سئل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن الحياض التي بين مكة والمدينة فقيل له أن الكلاب والسباع ترد عليها فقال لها ما اخذت في بطونها ولنا ما بقي شراب وطهور واخرج مالك في الموطا عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب بن ابي بلتعة أن عمر بن الخطاب خرج في ركب فيهم عمرو بن العاص حتى وردوا حوضا فقال عمرو يا صاحب الحوض هل ترد حوضك السباع فقال عمر يا صاحب الحوض لا تخبرنا فانا نرد على السباع وترد علينا واجيب عن هذه الأحاديث بوجوه احدها بالكلام على ثبوت الأحاديث ففي سند حديث ابي سعيد وابي هريرة وابن عمر عبد الرحمن بن زيد بن اسلم قال احمد والنسائي وابو زرعة ضعيف وعن ابي حاتم ليس بقوي في الحديث وكان في نفسه صالحا وفي الحديث هوواه وقال ابو داود اولاد زيد بن اسلم كلهم ضعفاء وامثلهم عبد الله وحديث جابر فيه داود بن الحصين ضعفه ابن حبان وهو لم يلق جابر أو حديثه من طريقين احدهما عن الشافعي عن ابراهيم بن يحيى عن داود والثاني عن ابراهيم بن اسمعيل بن ابي حنيفة عن داود قال النووي الابراهيمان ضعيفان عند اهل الحديث لا يحتج بهما وقال انما ذكرنا الحديث وان كان ضعيفا لكونه مشهورا في كتب الاصحاب وحديث مالك فيه ايوب بن خالد الحراني قال ابن عدي حدث عن الاوزاعي بالمناكير هذا ما ذكره العيني في البناية قلت في هذا الجواب بحث من وجوه أما اولا فلان عبد الرحمن بن زيد بن اسلم وان كان قد ضعفه جماعة فعن احمد ضعيف وقال ابن حبان كان يقلب الاخبار وهو لا يعلم حتى كثر ذلك في روايته من رفع المراسيل واسناد الموقوف فاستحق الترك وقال ابن سعد كان كثير الحديث ضعيفا جدا وكانت وفاته على ما قال البخاري سنة اثنين وثمانين ومائة كذا في تهذيب التهذيب لكن قد وثقه أيضا بعضهم كما في تهذيب التهذيب أيضا قال ابن عدي له احاديث حسان وهو ممن احتمله الناس وصدقه بعضهم وهو ممن يكتب حديثه انتهى إلا أن يقال جروحه كثيرة وكثير منها مفسرة فالمرجح فيه التضعيف كما في الصارم المنكى لابن عبد الهاد الحنبلي قال الحاكم ابو عبد الله روى عبد الرحمن عن ابيه احاديث موضوعة لا يخفى على من تاملها من اهل الصنعة أن الحمل فيها عليه وقال ابن خزيمة عبد الرحمن بن زيد ليس ممن يحتج اهل الحديث بحديثه وقال ابو نعيم الاصبهاني حديثه عن ابيه لا شيء وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم سمعت الشافعي يقول ذكر رجل لمالك حديثا فقال من حدثك فذكر اسناد منقطعا فقال اذهب إلى عبد الرحمن بن زيد يحدث عن ابيه عن نوح انتهى ملخصا وأما ثانيا فلان المرجح في داود ابن الحصين التوثيق وان ضعفه بعضهم قال في تهذيب التهذيب قال ابن معين ثقة وقال ابو زرعة لين وقال ابو حاتم ليس بالقوي ولولا أن مالكا روى عنه لترك حديثه وقال ابو داود احاديثه عن شيوخه مستقيمة واحاديثه عن عكرمة مناكير وقال النسائي ليس به باس وقال ابن عدي صالح الحديث إذا روى عنه ثقة وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن سعد والعجل ثقة وقال ابن نمير مات سنة 135 خمس وثلثين ومائة انتهى ملخصا وفي مقدمة فتح الباري وثقه ابن معين وابن سعد والعجل وابن اسحق واحمد بن صالح المقرئ والنسائي وابن عدي انتهى ومما يؤيد توثيقه انه احد شيوخ مالك ومالك لا يروي إلا عن ثقة نص عليه السخاوي في فتح المغيث شرح الفية الحديث والتقى السبكي في شفاء الاسقام في زيارة خير الانام وابن تيمية في منهاج السنة وأما ثالثا فلان طريق مالك في الموطا ليس فيه اثر لم ذكره العيني نعم فيه محمد التميمي وهو مختلف فيه لكن قال الزرقاني ف يشرحه وثقه ابن معين وابو حاتم والنسائي وغيرهم ؟؟ فسنده خال عن العلة وكذا قال ابن حجر في شرح المشكوة أن سنده صحيح وأما رابعا فلانه بعد تسليم ضعف الطرق المذكورة يقال ضم بعضها إلى بعض يفيد نوع قوة وثانيها ما في البناية الزاما انه يلزم من حديث ابي سعيد طهارة سور الكلاب وهو ليس بطاهر عندنا وعند الشافعية فما هو جوابهم فهو جوابنا واجاب عنه ابن حجر في شرح المشكوة بان هذا الحديث وان دل على طهارة سور ، الكلاب لكن لما دلت الاحاديث الاخر على نجاسته قلنا بنجاسة ولا كذلك في السباع وثالثها ما في البناية وغيره ان هذه الاحاديث محمولة على الماء الكثير ورده ابن حجر بانه يحتاج الى دليل واذ ليس فليس ودفعه على القارئ في شرح المشكوة بان دليله الجمع بين الدليلين مع ان الحوض في اللغة العرف لا يطلق الا على الماء الكثير ورابعها ما في البناية ايضا انها محمولة على ما قبل تحريم السباع ورده ابن حجر بانه زعم باطل اذ لم تكن حلالا في وقت ودفعه القارئ بان هذا باطلا لان الاشياء ما حرمت الا تدريجا كما انها ما فرضت الاشياء الا شيئا فشيئا قلت هذا صحيح لكن اثبات ان هذه الاحاديث قبل التحريم مشكل لكونه موقوفا على تعيين التاريخ ومجرد الاحتمال لا يكفي وخامسها ان المراد بالسباع المذكورة في تلك الاحاديث سباع الطير كذا في غاية البيان وفيه ضعف ظاهر لكونه مخالفا لسوقها ولما اجمع عليه شراحها وسادسها ان حديث عمر لا تدل على طهارة سور السباع الا اذا كان معنى قوله لا تخبرنا ان لا تخبرنا بورود السباع فانا نرد على السباع وترد علينا وهي طاهرة عندنا فلو اخبرتنا باسوء الحال لما ضرنا كما ذكره الطيبي وابن حجر والزرقاني وغيرهم وما اذا كان معناه لا تخبرنا لانه ليس علينا التكليف بحقيقة الحال بل العمل بالظاهر ولو اخبرتنا عن حقيقة الحال لضاق الامر علينا فلا دلالة على الطهارة ويؤيده سوال عمرو بن العاص صاحب الحوض عن ورود السباع وسوال عمر مع النبي صلى الله عليه وسلم عنه ولو لم يكن نجسا عندهم لما سألاه وايضا لو كان طاهرا عنده لما كان لقوله لا تخبرنا فائدة لكون خبره ح غير مضر بل كان يكفي له ان يقول لعمرو بن العاص لا حاجة لك الى السوال عنه فانه طاهر فلما نهى صاحب الحوض عن الاخبار علم ان غرضه منه ما ذكرنا وقس عليه حديث ابن عمر وكذا حديث ابي هريرة وابي سعيد محمول على عدم العلم ومن الوجوه الالزامية على الشافعية حديث القلتين من انه صلى الله عليه وسلم سئل من الماء يكون في الفلاة ويرده السباع والدواب فقال اذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث فان سوالهم عن ورود السباع يدل على انه منجس وكذا تقييده صلى الله عليه وسلم بالقلتين يفيد انه لو كان اقل منه يتنجس بورود السباع واجاب عنه النووي وغيره بوجوه احدها ان هذا تمسك بمفهوم المخالف وهو ليس بحجة عندهم ورده السروجي في شرح الهداية بانا لا نقول به بل لا نعتقد صحة الحديث ايضا لكنهم زعموا انه صحيح ومفهوم الشرط حجة عندهم فنحن نلزمهم بما هو حجة عندهم وثانيها ان السوال كان عن الماء الذي ترده الدواب والسباع فتشرب منه وتبول فيه غالبا وفيه على ما في البناية وغيره ان ورود السباع على الماء للشرب لا للبول فيه وليس في السؤال ما يدل على البول وثالثها ان الكلاب من جملة ما يرد على الحياض فالتنجس بسببها وفيه ما اورده السروجي وغيره انه لو كان التنجس بسبب الكلاب دون السباع لم يكن لذكر السباع وترك الكلاب التي منها يفسد الماء في السوال معنى فان الكلاب لم تذكروا في الروايات المشهورة ولو سلم ورودها في بعض الطرق لا يكون بضم السباع اليه فائدة واستدل اصحابنا وغيرهم في كون لعاب السباع وسورها نجسا بان لحمها نجس ومنه يتولد اللعاب وهو المعتبر في طهارة السور ونجاسته والوجه في كون لحمها نجسا انه قد ورد تحريم اكل كل ذي ناب من السباع من رواية جمع من الصحابة منهم ابو ثعلبة الخشني عند مالك والبخاري ومسلم وابي داود ابن ماجة والمقدام بن معد يكرب عند ابي داود وغيرهم وفي الباب احاديث كثيرة في كتب الحديث شهيرة وفيها دلالة لمذهب ابي حنيفة والشافعي واحمد وداود وغيرهم من الجمهور انه يحرم كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير وعند مالك يكره ولا يحرم ولبسطه موضع اخر من المعلوم ان تحريم السباع ليس للاحترام كما في الادمي ولا للخباثة فانه لا خباثة فيها فانها كانت توكل قبل التحريم فلم يبق الا ان يكون للنجاسة كذا في البناية واورد عليه بانا لا نسلم ان حرمة لحمها لنجاسته بل كيلا يتعدى خبث طباعها الى الانسان واجيب عنه اما او لا فبانه لا خباثة فيها كما مر واما ثانيا فبما في فتح القدير الظاهر من الحرمة مع كونه صالحا للغذاء غير مستقذر طبعا كونه للنجاسة وخبث طباعها لا ينافيه بل يصلح ذلك مثيرا للحكم بالنجاسة فليكن المثير لها فيجامعها ترتيبا على الوصف الصالح للعلية مقتضاه انتهى ومثله في غاية البيان والبحر وغيرهما قلت كلا الوجهان ضعيفان اما الاول فلان كونها ماكولة قبل التحريم ولا يدل على انه لا خباثة فيها بل على انه لم يؤد الخباثة الى التحريم في ذلك الوقت وهو امر اخر واما الثاني فلان كون الظاهر ما ذكره ممنوع عند الخصم بل هو اول المسألة فما لم يقم عليه دليل معتد به يعمل بالاصل اذ الاصل في الاشياء الطهارة وما ذكره من ان خبث الطباع مثير انما يستقيم اذا لم يصلح هذا الوصف باستقلاله للعلية فيجعل مؤيدا والظاهر انه يصلح لها اخذا من قوله تعالى ويحرم الخبائث وقد يورد على اصل الاستدلال ايضا بان الدليل بعد تسليم مقدماته منقوض بالهرة فانه قد ورد الحديث بمنع اكلها بل يمنع بيعها ايضا كما اخرجه مسلم عن ابي الزبير قال سألت جابرا عن ثمن الكلب والسنور فقال زجر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك واخرج ابو داود وابن ماجة عن جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن اكل الهرة وثمنها وبه استند ابو حنيفة ومالك واحمد والجمهور فحرموا اكلها وفي رواية عن احمد يحل هرة ؟؟ قال مالك وبعض الشافعية كذا في حيوة الحيوان في ذكر السنور وفيه ايضا عند ذكر الهرة قال ابن المنذر واجتمعت الامرة على جواز اتخاذها ورخص في بيعها ابن عباس والحسن وابن سيرين وحماد ومالك والثوري والشافعي واسحق وابو حنيفة وسائر اصحاب الرأي وكرهت طائفة بيعها منهم ابو هريرة وطاوس ومجاهد وجابر بن زيد وقال ابن المنذر ان ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بيعه فبيعه باطل والا فجائز واحتج من منعه بحديث ابي الزبير عن جابر واحتج اصحابنا بانه طاهر منتفع به ووجد فيه جميع شروط البيع فجاز بيعه كالبغل والحمار والجواب عن الحديثين بوجهين احدهما جواب ابي العباس بن القاص والخطابي والقفال وغيرهم ان المراد الهرة الوحشية فلا يصح بيعها لعدم الانتفاع بها الا على الوجه الضعيف القائل بجواز اكلها والثاني ان المراد نهى تنيه فهذان الجوابان هما المعتمدان واما ما ذكره الخطاب وابن عبد البر ان الحديث ضعيف فغلط منهما لان الحديث في صحيح مسلم باسناد صحيح انتهى واذا ثبت حرمة اكل الهرة فيقال تلك ليست للاحترام ولا للخباثة فتعين ان يكون للنجاسة وهو خلاف المذهب وكذا سائر حشرات الارض وسواكن البيوت التي اكلها محرم فيلزم ان يكون كلها نجسة ويكون سورها نجسا والجواب عنه انه قد ورد نص صريح بان الهرة ليست بنجس كما سيأتي ان شاء الله ذكر طرقه وعلله النبي صلى الله عليه وسلم بانها من الطوافين عليكم والطوافات فجرى هذا التعليل في سواكن البيوت فلا يدل تحريمها مع وجود نصوص اخر على النجاسة وتحريم الحشرات للخباثة لا للنجاسة ومن الاخبار التي استند اصحابنا بها على نجاسة سور السباع قول النبي صلى الله عليه وسلم لصاحب المقراة بكسر الميم أي الحوض لا تخبرنا وقول عمر لصاحب الحوض لا تخبرنا على ما ذكره غير مرة وبه يستدل على نجاسة سور الكلب ايضا لدخوله في السباع فان السبع في اللغة كل حيوان مفترس وكذا ورد السور سبع اخرجه الحاكم في المستدرك من حديث عيسى بن المسيب حدثنا ابو زرعة عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحاكم هذا حديث صحيح ولم يخرجاه وعيسى هذا تفرد به عن ابي زرعة الا انه صدوق ولم يجرح قط انتهى وتعقبه الذهبي بانه قد ضعفه ابو داود وابو حاتم واخرج الدار قطني نجس والهرة عن ابي النصر عن عيسى بن المسيب قال حدثني ابو زرعة عن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان ياتي دار قوم من الانصار ودونهم دار فشق ذلك عليهم فقالوا يا رسول الله تاتي دار فلان ولا تاتي دارنا فقال لان في داركم كلبا قالوا فان في دورهم سنورا فقال السنور سبع واخرجه احمد وابن ابي شيبة واسحق بن راهويه بلفظ الهر سبع كذا في البناية وحيوة الحيوان وغيرهما وفي تلخيص الحبير روى احمد والدار قطني والحاكم والبيهقي من حديث عيسى بن المسب عن ابي زرعة عن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان ياتي دار قوم ن الانصار ولهم دار لا ياتيها فشق علهيم ذلك فقالوا يا رسول الله تاتي دار فلان ولا تاتي دارنا فقال ان في داركم كلبا قالوا فان في دارهم سنورا فقال السنور سبع وقال ابن ابي حاتم في العلل سألت ابا زرعة عنه فقال لم يرفعه ابو نعيم وهو اصح وعيسى ليس بالقوي قال العقيلي لا يتابعه على هذا الحديث الا من هو مثله او دونه وقال ابن حبان خرج عيسى عن حد الاحتجاج وقال ابن عدي هذا لا يرويه غير عيسى وهو صالح فيما يرويه ولما ذكره الحاكم قال هذا الحديث صحيح تفرد به عيسى عن ابي زرعة وهو صدوق لم يجرح قط هكذا قال وقد ضعفه ابو حاتم وابو داود وغيرهما وقال ابن الجوزي لا يصح انتهى تنبيه ذكر محمد نجاسة سور السباع ولم يذكر ان نجاسته خفيفة حتى يعتبر فيه الكثير او غليظة وقد روى عن ابي حنيفة في غير رواية الاصول انه نجس نجاسة غليظة وروى عن ابي يوسف ان سور ما لا يوكل لحمه من السباع كبول ما لا يوكل لحمه كذا في البناية ومثله في البحر الرائق نقلا عن معراج الدراية نقلا عن مبسوط شيخ الاسلام قال صاحب البحر مما سياتي في سبب التغليظ والتخفيف يظهر وجه كل من الروايتين والذي يظهر ترجيح الاولى لما عرف من اصله انتهى وستطلع على تفصيله في شرح باب الانجاس ان شاء الله تعالى قال نجس بفتح الجيم او كسرها او بمعنى المنجس قال والهرة عطف على الادمي أي وسور الهرة وما عطف عليه وخبره مكروه وهو بكسر الهاء وتشديد الراء جمعة هرر كقردة وقرد حيوان معروف له حكايات كثيرة اوردها الدميري في حيوة الحيوان وذكر في بحث الاسد قال ابن ابي حاتم في تفسيره حدثنا ابي قال حدثنا عبد الله بن صالح قال نا الليث قال حدثني هشام بن سعد عن زيد بن اسلم عن ابيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما حمل نوح عليه السلام في السفينة من كل زوجين اثنين قال له اصحابه وكيف نطمئن او تطمئن مواشينا ومعنا الاسد فسلط الله عليه الحمى فكانت اول حمى نزلت في الارض فهو لا يزال محموما ثم شكوا الفارة فقالوا الفويسقة تفسد علينا طعامنا وشرابنا ومتاعنا فاوحى الله الى الاسد فعطس فخرجت الهرة منه فتخبأت الفارة منها وهذا مرسل انتهى وقد اتفق العلماء علىجواز اقتنائها وطهارتها واختلفوا في جواز بيعها واكل لحمها وكراهة سروها اما الاتفاق على جواز الاقتناء فلانه حيوان طاهر غير موذ ولا خبي وبه كنى ابو هريرة كناه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال الحافظ ابن حجر في الاصابة قال ابن اسحق قال لي بعض اصحابنا عن ابي هريرة كان اسمى في الجاهلية عبد شمس بن صخر فسماني رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عبد الرحمن وكنيت بابي هريرة لاني وجدت هرة فحملتها في كمي فقيل لي ابو هريرة وهكذا اخرجه بو احمد الحاكم في الكنى من طريق يونس بن بكير عن ابن اسحق واخرجه ابن مندة من هذا الوجه مطولا واخرج الترمذي بسند حسن عن عبيد الله بن رافع قال قلت لابي هريرة لم اكتنيت به فقال كنت ارعى غنم اهلي وكانت لي هرة صغيرة فكنت اضعها بالليل في شجرة واذا كان النهار ذهبت بها معي فلعبت بها فكناني رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ابا هريرة واخرج البغوي من طريق ابراهيم بن الفضل المخزومي وهو ضعيف قال كان اسم ابي هريرة في الجاهلية عبد شمس وكنيته ابو الاسود فسماه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بعبد الرحمن كناه بابي هريرة وقال ابو معشر عن محمد بن قيس قال كان ابو هريرة يقول لا تكنوني بابي هريرة فالنبي صلى الله عليه وسلم كناني بابي هر والذكر خير من الانثى واخرجه البغوي بسند حسن عن الوليد بن رباح عن ابي هريرة انتهى ملخصا وقال علي القاري في المرقاة ما اشتهر بين الناس انه صلى الله عليه وسلم قطع ذيل ثوبه الذي رقدت عليه هرة فلا اصل له واما حديث حب الهرة من الايمان فموضوع على ما قاله جماعة منهم الصنعاني والعجب من الجرجاني والتفتازاني في بحثهما فيه ومناقشتهما في ان الاضافة هل هو من اضافة المصدر الى فاعله او مفعوله والظاهر هو الثاني كما بينته في رسالة مستقلة اتهى واما الاختلاف في حرمة لحمها وكراهة بيعها فليس هذا موضع بسطه لما قد مر منا نبذ منه عن قريب واما الاختلاف في السور فحكى عن الاوزاعي والثوري ان سور ما لا يوكل لحمه نجس غير الادمي والجمهور اتفقوا على طهارة الهرة وسورها وعلى طهارة ما دونها في الخلقة كذا في رحمة الامة وفي بناية العيني سور الهرة طاهر مكروه عند ابي حنيفة ومحمد وبقولهما قال طاوس وابن سيرين وابن ابي ليلى ويحيى الانصاري وهو المروي عن ابن عمر وعن ابي يوسف انه غير مكروه وبه قال الشافعي ومالك واحمد والثوري والاوزاعي واسحق وابو عبيد انتهى فيه ايضا كراهة سور الهرة يروى عن ابن عمر وسعيد بن المسيب والحسن وابن سيرين وعطاء ومجاهد ويحيى بن سعيد وابن ابي ليلى انتهى وفيه ايضا قال ابن قدامة في المغني السنور وما دونها في الخلقة كالفارة وابن عرس وغيرها من حشرات الارض سورها طاهر يجوز شربه والوضوء به ولا يكره وهذا قول اكثر اهل العلم من الصحابة والتابعين من اهل المدينة والشام واهل الكوفة واصحاب الرأي الا النعمان فانه كره الوضوء بسور الهرة فان فعل اجزاه انتهى وقال الطحاوي في شرح معاني الاثار بعد ما ذكر ادلة الكراهة وقد روى ذلك عن جماعة من الصحابة والتابعين حدثنا يزيد بن سنان نا ابو بكر الحنفي عبد الله ابن نافع عن ابيه عن ابن عمر انه كان لا يتوضأ بفضل الكلب والهر وما سوى ذلك فليس به باس حدثنا ابن ابي داود نا الربيع ابن يحيى نا شعبة عن واقد بن محمد عن نافع عن ابن عمر انه قال لا توضؤوا من سور الكلب ولا الحمار ولا السنور حدثنا ابراهيم بن مرزوق نا وهب بن جرير نا هشام بن ابي عبد الله عن قتادة عن سعيد قال اذا ولغ السنور في الاناء فاغسله مرتين او ثلثا حدثنا محمد بن خزيمة نا حجاج نا حماد عن قتادة عن الحسن وسعيد بن المسيب في السنور يلغ في الاناء قال احدهما يغسله بن المسيب والحسن يقولان اغسل الاناء ثلثا ثلثا يعني من سور الهر حدثنا وح بن الفرج العطار نا سعيد بن كثير بن عفير حدثني يحيى انه سأل يحيى بن سعيد عما لا يتوضأ بفضله من الدواب فقال الكلب والخنزير والهر انتهى واختلفت عبارات اصحابنا الحنفية في ان محمدا في هذه المسألة مع ابي يوسف او ابي حنيفة فظاهر كلام العيني المذكور سابقا انه مع ابي حنيفة ويدل عليه كلام محمد في كتاب الاثار حيث اخرج عن ابي حنيفة عن حماد عن ابراهيم في السنور يشرب في الاناء قال هي من اهل البيت لا باس بشرب فضلها فسألته ايتطهر بفضلها للصولة فقال الله قد رخص الماء ولم يامره ولم ينهه وقال قال ابو حنيفة غيره احب الي منه وان توضأ به اجزاه وان شربه فلا بأس به ويقول ابي حنيفة ناخذ انتهى وكذا كلامه في الموطا حيث اخرج عن مالك اخبرنا اسحق بن عبد الله بن ابي طلحة ان امرأته حميدة بنت عبيد بن رفاعة اخبرته عن خالتها كبشة ابنة كعب بن مالك وكانت تحت ابن ابي قتادة ان ابا قتادة امرها فسكبت له وضوء فجاءت هرة فشربت منه فاصغى لها الاناء فشربت منه قالت كبشة فراني انظر اليه متعجبا فقال اتعجبين يا ابنة اخي قلت نعم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انها ليست بنجس انها من الطوافين عليكم والطوافات ثم قال لا باس بان يتوضأ بسور الهرة وغيره احب الينا منه وهو قول ابي حنيفة انتهى وشرح هذا الحديث مع متعلقاته ليطلب من حواشي المسماة بالتعليق الممجد على موطا محمد وبه صرح قاضيخان في فتاواه وصاحب التاتارخانية نقلا عن الحجة وصاحب الهداية فيها وفي مختارات النوازل وصاحب جامع الرموز والعيني في منحة السلوك شرح تحفة الملوك ورمز الحقائق شرح كنز الدقائق وغيرهم وهو ظاهر كلام صاحب الخلاصة والحلبي في شرح المنية والياس زاده والبرجنجدي كلاهما في شرح النقاية حيث خصوا القول بعدم الكراهة بابي يوسف بل ظاهر كلام صاحب الهداية وغيره ان ابا يوسف ايضا في ظاهر الرواية معهما فانهم ذكروا ما يدل على ان عدم الكراهة رواية عنه وذكر الطحاوي في شرح معاني الاثار محمدا مع ابي يوسف حيث قال بعد ما ذكر اخبار طهارة الهر فذهب قوم الى هذه الاثار ولم يروا بسور الهر باسا وممن ذهب الى ذلك ابو يوسف ومحمد وخالفهم في ذلك اخرون انتهى ثم قال بعد ذكر ادلة الكراهة فثبتت بذلك كراهة سور السنور فبهذا ناخذ وهو قول ابي حنيفة انتهى وفي المجتبى للزاهدي قال ابو يوسف لا يكره وعن محمد مثله انتهى وهذا يدل على ان عدم الكراهة الذي هو قول ابي يوسف رواية عنه وبه يحصل الجمع واختلف ايضا في كيفة الكراهة فظاهر عبارة الموطا وكتاب الاثار يشهد انها تنزيهية وقال في المجتبى نقلا عن شرف الايمة الاصح ان كراهة سوره عندهما كراهة تنزيه انتهى وفي جامع المضمرات نقلا عن الخلاصة سور حشرات البيت كالحية والفارة والسنور مكروه كراهة تنزيه وهو الاصح انتهى وفي البناية اختلفوا في تعليل الكراهة فقال الطحاوي لاجل ان لحمها حرام لانها عدت من السباع وهو اقرب الى التحريم وقال الكرخي لاجل عدم تجانبها النجاسة وهو يدل على ان سورها مكروه كراهة تنزيه وهو الاصح والاقرب الى موافقة الحديث انتهى ملخصا بقى ذكر الدلائل على المذاهب المذكورة اما القائلون بعدم الكراهة فاستدلوا باحاديث دلت على ذلك منها حديث ابي قتادة اخرجه مالك في الموطا ومن طريقه محمد لما مر ذكره انفا والترمذي ايضا من طريقه وقال هذا حديث حسن صحيح وهو قول اكثر العلماء من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم مثل الشافعي واحمد واسحق لم يروا بسور الهرة باسا وهذا احسن شيء في هذا الباب وقد جود مالك هذا الحديث عن اسحق ولم يات به احد اتم من ذلك وابو داود ايضامن طريقه ان ابا قتادة دخل فسكبت له وضوء فجاءت هرة فشربت منه فاصغى لها الاناء الحديث وفيه انما هي من الطوافين عيكم والطوافات والنسائي والدارمي في سننه وابن ماجة كلهم من طريقه بالفاظ متقاربة واخرجه ايضا ابن حبان والحاكم والدار قطني والبيهقي والشافعي وابو يعلى كذا في البناية وفي نصب الراية للزيلعي رواه ابن حبان في صحيحه في النوع السادس والستين من القسم الثالث ورواه الحاكم في المستدرك وقال قد صحح مالك هذا الحديث واحتج به مالك في موطاه وقد شهد البخاري ومسلم لمالك انه الحكم في حديث المدينين فوجب الرجوع الى هذا الحديث في طهارة البير انتهى وفيه ايضا تقي الدين في الامام رواه ابن خزيمة وابن مندة في صحيحيهما ولكن ابن مندة قال حميدة وخالتها كبشة لا يعرف لهما رواية الا في هذا الحديث ومحلهما محل الجهالة ولا يثبت هذا الخبر بوجه من الوجوه قال الشيخ تقي الدين واذا لم يعرف لهما رواية الا في هذا الحديث فلعل طريق من صححه ان يكون اعتمد علىاخراج مالك لروايتهما مع شهرته بالتثبت انتهى وفي البناية ان قلت ان ابن مندة قد اعله بان حميدة وكبشة محلهما محل الجهالة ولا يعرف لهما الا هذا الحديث قلت لا نسلم ذلك فان لحميدة حديثا اخر في تشميت العاطس رواه ابو داود ولها ثالث اخرجه ابو نعيم وروى عنها اسحق بن عبد الله وهو ثقة واما كبشة فيقال انها صحابية فان ثبت فلا يضر الجهل بها انتهى ومنها ما اخرجه الطحاوي بعد ما اخرج ما مر ذكره عن محمد بن الحجاج نا اسد بن موسى نا قيس بن الربيع عن كعب بن عبد الرحمن عن جده ابي قتادة قال رأيته يتوضأ فجاء الهر فاصغى له حتى شرب من الاناء فقلت يا ابتاه لم تفعل هذا فقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله وقال هي من الطوافين عليكم ومنها ما اخرجه ابو داود من طريق داو بن صالح بن دينار التمار عن امه ان مولاتها ارسلتها بهريسة الى عائشة فوجدها تصلي فاشارت الى ان ضعيها فجاءت هرة فاكلت منها فلما انصرفت اكلت من حيث اكلت اهرة وقالت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انها ليست بنجس انما هي من الطوافين عليكم وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يتوضأ بفضلها واخرجه الدار قطني وقال تفرد به عبد الرحمن الدراوردي عن ابي صالح بهذه الالفاظ ومنها ما اخرجه الدار قطني من حديث حارثة وقال انه لا باس به عن عمرة عن عائشة قالت كنت انا ورسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم نتوضأ من اناء واحد وقد اصابت منه الهرة قبل ذلك ومنها ما اخرجه ابن خزيمة في صحيحه عن عائشة قالت ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال انها ليست بنجس انها كبعض اهل البيت اخرجه عن سليمان ابن مشافع بن شيبة الحجبي قال سمعت منصور بن صفية يحدث عن امه صفية عن عائشة ورواه الحاكم في المستدرك قال على شرط الشيخين ولم يخرجاه وفي رواية الدار قطني هي كبعض متاع البيت ومنها ما اخرجه الطبراني في معجمه الصغير عن عبد الله بن محمد بن الحسن الاصبهاني نا جعفر بن عنبسة الكوفي نا عمر بن حفص المكي عن جعفر بن محمد عن ابيه عن جده علي بن الحسين عن انس قال خرج رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الى ارض بالمدينة يقال بطحان فقال يا انس اسكب لي وضوء فسكبت له فلما اقبل اتى الاناء وقد اتى هر فولغ في الاناء فوقف رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقفة حتى شرب الهر ثم سألته فقال يا انس ان الهر من متاع البيت لن يقذر شيئا ولن ينجسه ومنها ما اخرجه الطحاوي عن علي بن معبد نا خلف بن عمر والخراساني نا صالح بن حسان نا عروة بن الزبير عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان يصغي الاناء للهر ويتوضأ بفضلها قال العيني في اسناده صالح بن حسان البصري متروك واخرجه الدار قطني من طريقين احدهما من طريق يعقوب بن ابراهيم عن عبد ربه بن سعيد عن ابيه عن عروة عن عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم تمر به الهرة فيصغي لها الاناء فتشرب ثم يتوضأ بفضلها قال ويعقوب هذا هو ابو يوسف القاضي وعبد ربه هو عبد الله ابن سعيد المقبري وهو ضعيف وثانيهما عن محمد بن عمر الواقدي نا عبد الحميد بن عمران بن ابي انس عن ابيه عن عروة عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يصغي للهرة الاناء حتى تشرب منه ثم يتوضأ بفضلها قال ابن الهمام في الفتح ضعفه الدار قطني بالواقدي وقال تقي الدين بن دقيق العيد ي الامام جمع شيخنا ابو الفتح الحافظ ابن سيد الناس في اول كتابه المغازي والسير من ضعفه ومن وثقه ورجح توثيقه وذكر الاجوبة عما قيل فيه انتهى ومنها ما اخرجه ابن شاهين في كتاب الناسخ والمنسوخ من طريق محمد بن اسحق عن صالح عن جابر قال كان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يصغي الاناء للسنور يلغ فيه ثم يتوضأ بفضله وقد استدل اصحابنا بحديث الطواف على طهارة سواكن البيوت قال في النهاية ان النبي صلى الله عليه وسلم علل سقوط النجاسة في سور الهرة بعلة الطواف دفعا للحرج فكان مقتضى ذلك التعليل ان يوجد الحكم المرتب على تلك العلة في ما وجدت فيه وقد وجدت تلك العلة في سواكن البيوت فيثبت ذلك الحكم المرتب عليها انتهى وفي غاية البيان اشار النبي صلى الله عليه وسلم بتعليله الى قول الله عز وجل ليس عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض سقط الاستيذان بعلة الطواف دفعا للحرج وسقطت النجاسة في سور الهرة بعلة الطواف دفعا للحرج ايضا فكذلك في سواكن البيوت انتهى واما القائلون بالكراهة فاستدلوا بحديث السور سبع وقد مر ذكره في بحث سور السباع وتقريره على ما ذكره النسفي في شرح الفقه النافع انه عليه السلام لم يرد به الحقيقة لانه ما بعث لبيان الحقائق وانما بعث لبيان الاحكام والشرائع فيكون المراد به الحكم والحكم انواع نجاسة السور وكراهته وحرمة اللحم ثم لا يخلو اما ان يلحق بسباع البهائم في حق جميع الاحكام وهو غير ممكن لان فيه قولان بنجاسة السور مع كراهته وانه لا يجوز وفي حرمة اللحم انه لا يجوز لما انها ثابتة لقوله عليه السلام نهى عن اكل كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير او في كراهة السور وهو المطلوب او في نجاسته وانه لا يجوز ايضا اذ النجاسة منتفية بالاجماع او بالحديث او بالضرورة فبقيت الكراهة فان قيل انما يستقيم هذا الكلام ان لو كان الحديث واردا بعد تحريم السباع قلنا لا يجوز ان يكون ثبوت حرمة اللحم مرادا من هذا الحديث لان فيه حمل كلام الرسول على الاعادة لا على الافادة سواء كان هذا الحديث سابقا او مسبوقا انتهى قلت هكذا ذكره غير واحد ولا يخفى ما فيه اما او لا فلان النبي صلى الله عليه وسلم وان لم يكن مبعوثا لبيان الحقائق لكن لا يخفى على ماهر احاديثه انه كثيرا ما يبين كيفية خلقه الاشياء واصولها التي لا تعلم الا من جهة الوحي وكثيرا ما يبين القصص الماضية ونحوها مما لا تفيد حكما فيحتمل ان يكون الغرض من قوله السنور سبع وهو بكسر السين المهملة وتشديد الواو المفتوحة الهر بيان كيفية خلقته واصل حقيقته من انه خلق من الاسد في سفينة نوح على نبينا وعليه السلام كما مر منا ذكره واما ثانيا فلان الحديث الذي ورد فيه هذا اللفظ على ما اسبقنا ذكره يدل دلالة واضحة على ان المراد به بيان الفرق بين الهر وبين الكلب في دخول بيت يكون هو فيه بان الكلب لا يجوز دخول بيت هو فيه والسنور كالسبع كالاسد ونحوه في انه لا يمنع دخول بيت هو فيه لا بيان حكم سوره او لحمه ونحو ذلك حتى يتمشى ذلك التقرير واما ثالثا فلان حمله على بيان حرمة اللحم ممكن سواء ورد تحريم السباع قبله او بعده ولا تلزم الاعادة الخالية عن الافادة فان النهي عن اكل السباع ورد بلفظ مطلق وهذا جزئي من جزيئاته وذكر حكم الجزئي بعد الحكم الكدا وبالعكس لا يكون خاليا عن الافادة بل اعادة حكم بعينه ايضا لا يخلو عن الفائدة قصد الى التثبت والتذكر وتبليغ من لم يبلغه يبلغه الى غير ذلك من الاغراض واما رابعا فلان الكراهة ليس حكما من احكام سور السباع حتى يفيد حمل السباع على السنور كراهته وانما حكمه النجاسة وهي منتفية بالحديث فبقيت الكراهة من غير دليل والانصاف ما قال صاحب البحر الرائق بعد ما ذكر سقوط النجاسة انما الكلام بعد هذا في ثبوت الكراهة فان كانت كراهة تحريم كما قال الطحاوي لم ينتهض به وجه فان قال سقطت النجاسة فبقيت كراهة التحريم منعت الملازمة اذ سقوط وصف او حكم شرعي لا يقتضي ثبوت اخر الا بدليل والحاصل ان اثبات كل حكم شرعي يقتضي دليلا فاثبات كراهة التحريم والحالة هذه بغير دليل وان كانت كراهة تنزيه كما هو الاصح كفى فيه انها لا تتحامى النجاسة فيكون كما غمس الصغير يده في الماء واصله كراهة غمس اليد في الاناء للمستيقظ قبل غسلها نهى عنه في الحديث لتوهم النجاسة فهذا اصل صحيح منتهض يتم به المطلوب والدجاجة المخلاة وسباع الطير من غير حاجة الى التمسك بالحديث يعني المستور سبع انتهى وفيه ايضا قد تسامح في غاية البيان حيث قال من الواجب على العوام ان يغسلوا مواضع لحس الهرة اذا دخلت تحت لحافهم فانا قد قدمنا ان الصحيح انها تنزيهية وترك المكروه كراهة تنزيه مستحب لا واجب الا ان يراد بالواجب الثابت انتهى قال والدجاجة المخلاة هي حيوان معروف يقال له دجاجة الذكر والانثى سواء لاقبالها وادبارها يقال دج القوم يدجون دجا ودجيجا اذا مشوا مشيا رويدا في تقارب خطو وجمعه دجاج وهو مثلث الدال المهملة ويحل اتخاذها واكلها بالاجماع وقد روى ابن ماجة من حديث ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم امر الاغنياء باتخاذ الغنم والفراء باتخاذ الدجاج وقال عند اتخاذ الاغنياء للدجاج ياذن الله بهلاك القربى وفي اسناده علي بن عروة الدمشقي قال ابن حبان كان يضع الحديث قال عبد اللطيف البغدادي انما امر الاغنياء باتخاذ الغنم والفقراء بالدجاج لانه امر كل قوم بحسب مقدرتهم وما تصل اليه قوتهم والقصد من ذلك كله ان لا يقعد الناس عن الكسب وانماء المال وعمارة الدنيا وان لا يدعو التسبب فان ذلك يوجب التعفف والقناعة اما قوله عند اتخاذ الاغنياء الدجاج الخ يعني ان الاغنياء اذا ضيقوا على الفقراء في مكاسبهم وخالطوهم في معايشهم تعطل سبيهم وهلكوا في هلاك الفقراء بوار وفي ذلك هلاك القرى وروى الشيخان والترمذي والنسائي عن زهد وقال كنا عند ابي موسى الاشعري قدعا بمائدة عليه لحم دجاج فدخل رجل من بني تيم الله احمر شبيه بالموالي فقال له هلم فتلكأ فقال هلم فاني رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يأكل سنة وفي كامل ابن عدي وميزان الذهبي في ترجمة غالب بن عبيد الله الجزري وهو متروك عن نافع عن ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا اراد ان يأكل دجاجة امر بها فربطت اياما ثم ياكلها بعد ذلك هذا ما في حيوة الحيوان عند ذكر الدجاجة وفيه نكات ولطائف عند ذكر الدجاجة وعند ذكر الديك فليطالع والمخلاة اسم مفعول من التخلية وتشديد اللام العذرة فيه على ما ذكره العيني وغيره ان الجلالة ماخوذ من جل البقر يحل أي التقط فالفاعل على منه جال وجالة والمجلاة ماخوذ من التجلية ومعنى هذا الباب لا يساعده ما ذكره هذا القائل ووجه كون سور المخلاة مكروها انها تخالط النجاسة ومنقارها لا تخلو عن قدر وكذا يكره سور البقر الجلالة والابل الجلالة واحترز بالمخلاة عن المحبوسة فانه لا يكره سورها واختلفوا في تفسيرها فقيل هي التي تحبس في بيت ويغلق بابه وتعلف هناك لعدم النجاسة على منقارها لا من حيث الحقيقة ولا من حيث الاعتبار لانها لا تجد عذرات غيرها حتى تجول فيها وهي لا تجول في عذرات نفسها وقيده في الهداية بقوله بحيث لا يصل منقارها الى ما تحت قدمها فان كانت محبوسة في بيت او في قفص فانها تجول في عذرات نفسها فلا تومن من مخالطة النجاسة كذا في البناية وغيره وفي البحر قيل هي التي تحبس في بيت ويغلق بابه وتعلف هناك واليه ذهب شيخ الاسلام في مبسوطه وحكى عن الامام الحاكم عبد الرحمن انه قال لم يرد بكونها محبوسة في بيت ويغلق بابه وتعلف هناك واليه ذهب شيخ الاسلام في مبسوطه وحكى عن الامام الحاكم عبد الرحمن انه قال لم يرد بكونها محبوسة ان تكون محبوسة في بيتها لانها تجول في عذرات نفسها فلا يؤمن من ان تكون على منقارها قذر فيكون كما ان كانت مخلاة وان المراد ان تحبس في بيت لتسمن للاكل فيكون راسها وعلفها وماؤها خارج البيت كذا في معراج الدراية انتهى ملخصا قال وسباع الطير هو بالفتح جمع طائر مثل صاحب وصحب وجمع الطائر طيور واطيار مثل فرخ وافراخ وقال قطرب الطير يقع على الواحد ايضا كذا في حيوة الحيوان وقد مر معنى السبع وهي كالصقر وسواكن البيوت مكروه والبازي والحدأة والعقاب وغيرها مما لا يؤكل لحمه والقياس يقتضي تنجس لعابه وسوره لكون لحمه حراما كسور سباع البهائم وحكم بالكراهة استحسانا وجهه على ما في المبسوط والمحيط انها تشرب بمنقارها وهو عظم طاهر لكنها تاكل الجيف غالبا فاشبه الدجاجة المخلاة بخلاف البهائم فانها تشرب بلسانها وهو رطب لعابها ولان في سباع الطير ضرورة وعموم يلوى فانها تطير في الهواء ولا يمكن صون الاواني والمياه عنها لا سيما في البراري والصحاري فاشبه الفارة والحية وعن ابي يوسف ان ما يقع منها على الجيف فسوره نجس لان منقارها لا يخلو عن نجاسة في العادة وعنه انها ان كانت محبوسة يعلم صاحبها انه لا قذر على منقارها لا يكره سورها واستحسن المشائخ هذه الرواية وافتوا بها كذا في الهداية والبناية قال وسواكن البيوت هو جمع ساكنه انثها كما ان اكثرها مما يعبر عنه بلفظ مؤنث كالحية والفارة والوزغة وغيرها او بتاويل الدابة او هو جمع ساكن وجمع فاعل على فواعل قياس عند المبرد في جميع الصفات وفيما لا يعقل منها عند ابن الحاجب كذا قال البرجندي في شرح النقاية توجيه الكراهة على ما في البحر وغيره ان حرمة لحمها اوجبت النجاسة لكنها سقطت بعلة الطواف المذكورة في حديث الهرة وبقيت الكراهة لتوهم النجاسة قال مكروه فيجوز التوضي به واستعماله مع كراهة ان كان قادرا على غيره وان كان عادما للماء فلا كراهة قاله البرجندي نقلا عن الخزانة ثم ظاهر هذا القول ان الكراهة في الكل تحريمية لما قال في البحر اعلم ان المكروه اذا اطلق في كلامهم فالمراد منه التحريم قال ابو يوسف قلت لابي حنيفة اذا قلت في شي اكره فما رأيك فيه قال التحريم انتهى كلام البحر لكن قد مر ان كراهة سور الهرة تحريمية عند البعض والاصح انها تنزيهية واما سور المخلاة فقال في البحر لم ار من ذكر في المراد من الكراهة خلافا بل ظاهر كلامهم انها كراهة تنزيه بلا خلاف لانها لا تحامي النجاسة وكذا في سور سباع الطير وسواكن البيوت فائدة قيل ست تورث النسيان سور الفارة والقاء القملة وهي حية والبول في الماء الراكد وقطع القطار ومضغ العلك واكل التفاح ومنهم من ذكر فيه حديثا لكن قال ابن الجوزي انه حديث موضوع كذا في البحر وحلية المحلى وذكر برهان الاسلام الزرنوجي تلميذ صاحب الهداية في كتابه تعليم المتعلم من اسباب النسيان اكل الكسبرة الرطبة واكل التفاح الحامض والنظر الى المصلوب وقراءة لوح القبور والمرور بين قطار الجمال والقاء القمل الحي على الارض والحجامة على نقرة القفا وارتكاب الذنوب والمعاصي انتهى قلت يناسبه ما ينسب الى الامام الشافعي شكوت الى وكيع سوء حفظي+ فارشدني الى ترك المعاصي+ وقال اعلم بان العلم نور+ ونور الله لا يوتاه عاصي+ ويروي في البيت الثاني فان الحفظ فضل من اله+ وفضل الله لا يهدي العاصي+ ويروي فيه واخبرني بان العلم نور ونور الله لا يهدي العاصي+ وفي قلادة العقيان فيما يورث الفقر والنسيان لابراهيم بن محمد الناجي المتوفي على ما في كشف الظنون سنة تسعمائة نقل الامام الغزالي في نصيحة الملوك عن جالينوس قال سبعة اشيا تجلب النسيان استماع الكلام الخشن والحجامة عل خرزة العنق والبول في الماء الراكد واكل الحوامض والنظر في وجه الميت والنوم الكثير وطول النظر الى الاماكن الخربة ونقل عنه ايضا انه قال في كتاب الادوية ان النسيان يحدث من سبعة اشياء البلغم وضحك القهقهة واكل المالح اللحم السمين وكثرة الجماع والسهر مع التعب وسائر الرطوبات والبرودات فان اكلها يضر ويجلب النسيان انتهى وذكر صاحب المختار من الحنيفة ان نظر الرجل الى فرج امرأته ونظرها على فرجه مما يورث النسيان وكذا ذكره الزيلعي في شرح الكنز ثم نقل عن على ان من اكثر النظر الى عورته عوقب بالنسيان وكثرة الهم والغم ومن تسوك بسواك غيره فقد الحفظ انتهى كلام الناجي والحمار والبغل مشكوك قلت اكثر هذه الامور تجربية وبعضها شرعية كارتكاب الذنوب يستنبط كونه باعثا للنسيان من قوله تعالى في شان بني اسرائيل فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به الاية وفي بعضها نقلوا احاديث لكنها لم تثبت بطرق معتمدة قال والحمار والبغل عطف على ما قبله ومضاف اليه لفظ السور وخبره مشكوك والمراد بالحمار الحمار الاهلي فانه الذي اكل لحمه عند اكثر اهل العلم وقد رويت الرخصة عن ابن عباس رواه عنه ابو داود في سننه ولعله لم تبلغه احاديث النهي وقال احمد كره اكله خمسة عشر رجلا من الصحابة وقال ابن عبد البر بالاجماع لان على تحريمه واما الحمار الوحشي فيحل اكله وتفصيل كل ذلك في حيوة الحيوان وغيره وذكر في الدر المختار وحواشيه ان المشكوك سوره هو البغل الذي امه حمارة فلو كان فرسا او بقرا فسوره طاهر اكله حلال اتفاقا في الصورة الثانية ويكره عنده لا عندهما في الاولى وذلك لان الاصل في الحيوانات الالحاق بالام ويمكن ان يقال بان البغل لما كان يتولد من الحمار والفرس فصار سوره كسور فرس اختلط به سور الحمار فصار مشكوكا كذا في معراج الدراية وقد اختلف في سور الحمار والبغل في حكمه فقال الشافعي طاهر وطهور عن احمد ان سورهما نجس اذا لم يجد غير سور الحمار والبغل تيمم مع الوضوء به كذا في البناية وعبارة اكثر مشائخنا مشكوك وذكر في المبسوط ان ابا طاهر الدباس كان ينكر هذا ويقول لا يجوز ان يكون شيء من الاحكام مشكوكا فيه لكن معناه يحتاط فيه فلا يجوز ان يتوضأ به في حالة الاختيار واذا لم يجد غيره يجمع بينه وبين التيمم احتياطا ومن مشائخنا من قال بنجاسة سور الحمار دون الاتان لان الحمار ينجس فمه بشم البول ورده في البدائع بانه امر موهوم وقال قاضيخان الاصح انه لا فرق بينهما ثم اختلف اصحابنا في مشكوكيته فقيل الشك في طهارته فقط اذ لو كان طاهرا لكان طهورا ما لم يغلب اللعاب على الماء لان اختلاط الطاهر بالطاهر لا يخرجه عن الطهورية وقال الموبري في حق الشرب وغيره طاهر انما الشك في طهارته في حق التوضي وغيره وقيل الشك في كونه مطهرا لغيره وهو الاصح على ما في الهداية وغيره وتوجيه الشك على ما هو المشهور في كتب الاصول والفروع انه تعارضت الادلة في اباحة لحمه وحرمته فاوجب الشك في سوره فانه ورد في الصحيحين عن جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم الحمر الاهلية يوم خيبر واذن في لحم الخيل وكذلك اخرجه ابو داود والنسائي وابن ماجة وغيرهم وورد في سنن ابن ماجة من حديث غالب قال اصابتنا سنة فلم يكن من مالي شيء اطعم اهلي الاشياء من حمر وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حرم لحوم الحمر الاهلية فاتيته فقلت يا رسول الله اصابتنا سنة ويم يكن في مالي ما اطعم اهلي الا حميرات وانك حرمت الحمر فقال اطعم اهلك من سمين حمرك فانما حرمتها من اجل اجوال القرية وايضا اختلف الصحابة في نجاسته وطهارته فروى عن ابن عباس طهارته وروى عن ابن عمر كراهته وفيه على ما في المبسوط شيخ الاسلام وغيره ان لحمه حرام بلا اشكال لانه اجتمع النص المبيح والمحرم فغلب الحرام ولما كان لحمه حراما ولعابه يتولد منه يكون نجسا غير مطهر بلا اشكال واختلاف الصحابة وغيرهم ولا يوجب الشك كما اذا اخبر رجل ان هذا الماء طاهر واخر انه نجس لا يصير مشكلا والاصح في التمسك على ما في البحر والبناية وغيرهما هو التردد في الضرورة فان الحمار تربط في الدور الافنية ويشرب من الاواني وللضرورة اثر في اسقاط النجاسة كما في سور الهرة والفارة الا ان الضرورة في الحمار دون الضرورة فيهما لدخولهما يتوضأ به ويتيمم ش أي يتوضأ بالمشكوك ثم يتيمم مضائق البيت دونه ولو لم تكن الضرورة ثابتة اصلا كما في الب والسبع لوجب الحكم بالنجاسة بلا اشكال ولو كانت الضرورة فيهما كضرورة الفارة والهرة لوجب الحكم باسقاط النجاسة بلا اشكال فلما ثبتت الضرورة من وجه دون وجه واستوى موجب النجاسة والطهارة تساقط للتعارض ووجب المصير الى الاصل والاصل ههنا شيان الطهارة في جانب الماء والنجاسة في جانب اللعاب فبقى الامر مشكلا قال في البحر وبهذا التقرير يندفع كثير من الاسألة منها ان المحرم والمبيح اذا اجتمعا غلب المحرم احتياطا وجوابه ان القول بالاحتياط انما يكون في ترجيح الحرمة في غير هذا الموضع اما ههنا الاحتياط في اثبات الشك لانا ان رجحنا الحرمة للاحتياط يلزم ترك العمل بالاحتياط لانه ح لا يجوز استعمال سور الحمار مع احتمال كونه مطهرا ومنها ما يقال لما وقع الشك في سوره وجب المصير الى الخلف وهو التيمم كمن له انا ان احدهما طاهر والاخر نجس فاشتبه عليه فانه يسقط عنه استعمال الماء قلنا الماء ههنا طاهر ووقع الشك فلا يسقط استعماله بالشك بخلاف الانائين فان احدهما نجس يقينا والاخر طاهر يقينا وعجز عن استعمال الماء فصار الى الخلف ومنها ان التعارض لا يوجب الشك كما في اخبار عدلين بالطهارة والنجاسة حيث يتوضأ بلا تيمم قلنا في تعارض الخبرين وجب تساقطهما فمزجنا كون الماء مطهرا باستصحاب الحال والماء كان مطهرا قبله وههنا تعارضت جهتا الضرورة فابقينا ما كان ايضا الا ان ههنا ما كان قبل التعارض شيئان جانب الماء وجانب اللعاب واحدهما ليس باولى من الاخر فوجب الشك ومنها ان في استعمال الماء ترك العمل بالاحتياط من وجه اخر لانه ان كان نجسا فقد تنجس العضو قلنا اما على القول بان الشك في طهوريته فظاهر واما على القول المرجوح من ان الشك في كونه طاهر فالجواب ان العضو طاهر بيقين فلا يتنجس بالشك والحدث ثابت بيقين فلا يزول بالشك فيجب ضم التيمم اليه انتهى ملخصا قال يتوضأ به ويتيمم اشار بتقديم التوضي الى كونه افضل وفيه خلاف زفر قال في الهداية والبناية ويجوز بايهما بدأ وقال زفر لا يجوز الا ان يقدم الوضوء فيجب ان يوخر التيمم وبه قال احمد في رواية لانه ماء واجب الاستعمال فاشبه الماء المطلق فاذا كان واجب الاستعمال اشبه الماء المطلق فوجب استعماله حتى انه اذا تيمم ولم يتوضأ به لا يجوز ولنا ان المطهر احدهما فيفيد الجمع دون الترتيب انتهى وفي البحر وكذا الخلاف في الاغتسال فعندنا لا يشترط تقديمه خلافا له لكن الافضل تقديم الوضوء والاغتسال عندنا انتهى ثم المراد بالجمع ان لا تخلو صلوة واحدة عنهما حتى توضأ بالسور ثم صلى ثم احدث ويتمم وصلى تلك الصلوة جاز فان قيل هذا مستلزم لاداء الصلوة بغير طهارة في احدى المرتين وهو مستلزم للكفر لتاديته الى الاستخفاف بالدين فينبغي ان يجب الجمع في وقت واحد قلنا هذا اذا ادى بغير طهارة بيقين فاما اذا كان اداؤه بطهارة من وجه فلا استخفاف كذا في النهاية وغيرهما قلت فيه اختلاج فان شرط اداء الصلوة حصول الطهارة بيقين ولم يحصل في تلك الصورة في كل من المرتين للشك في طهورية السور فينبغي ان لا تجوز صلاته في كلتا المرتين وان لم يوصل ذلك الى حد التفكير قوله أي يتوضأ بالمشكوك صرح بالضمير دعا لتوهم رجوعه الى كل من النجس والمكروه والمشكوك مع انه لا يجوز التوضي بالنجس مطلقا ويجوز بالمكروه مع كراهة بدون لزوم التيمم قوله ثم التيمم اقول قد اشار المصنف بقوله يتوضأ به ويتيمم الى امور احدها لزوم الجمع بين الووء والتيمم وعدم جواز الاكتفاء باحدهما وهذا بناء على ان الخبر في مثل هذا المقام يفيد اللزوم سواء قرئت الصيغتان معروفتين او مجهولتين وثانيها الرد على ما نقل عن نصير بن يحيى واختاره الصفار كما في البناية وغيرها ان من لم يجد الا سور حمار يهريق ذلك حتى يصير عادما للماء ثم يتيمم ولا يخفى ضعفه فان سور الحمار الا في المكروه يتوضأ به فقط ان عدم غيره مختلف في طهوريته فلا معنى لاراقته وثالثها ان من قدر على ماء مطلق غير سور الحمار لم يجز له الوضوء به ولا التيمم وهذا مبني على الاول فان وجوب الوضوء به والتيمم انما يكون عند فقد غيره اذ لا معنى لوجوب الطهارة بالمشكوك مع وجود غير المشكوك ورابعها ان اللازم هو الجمع دون الترتيب يوخذ ذلك بايراد الواو التي هي لمطلق الجمع وخامسها افضلية تقديم الوضوء يوخذ ذلل من التقديم الذكرى والشارح البارع فسر كلامه بحيث فاتت الاشارتان الاخريان حيث اورد مكان الواو ثم الدالة على الترتيب ولم يتنبه لنكتة اختيار المصنف الواو فان قلت الفعلان في كلامه للاستحباب فلا يتحصل من كلامه الافضل التقديم قلت فح تفوت الاشارة الاولى والثالثة من كلام المصنف قوله الا في المكروه هذا استثناء منقطع فان السور المكروه ليس بداخل في المشكوك وكان الاولى ان يقول اما في المكروه او في المكروه الخ قوله يتوضأ به فقط أي بالمكروه ولا يتيمم قوله ان عدم غيره اقول في بعض النسخ هذا داخل في المتن فهو قيد لقوله يتوضأ به ويتيمم وفي بعضها هذا داخل في الشرح وعلى هذا ففيه احتمالات الاول ان يتعلق بقوله يتوضأ بالمشكوك ثم يتيمم فيكون اشارة الى ما ذكرنا من انه لو وجد غيره لا يتوضأ بالمشكوك بل بغيره لكن على هذا كان الاولى ذكره هناك كما ذكره في مختصره وهو باطلاقه يشعر بانه لو وجد مع سور الحمار نبيذ التمر لم يتوضأ به ولا يتوضأ بالسور وهو كذلك عند ابي حنيفة وعند ابي يوسف لا يتوضأ بالنبيذ بل بسور الحمار ثم يتيمم وعند محمد يجب ان يجمع بين الثلث كذا في الظهيرية وثانيها ان يتعلق بقوله يتوضأ به فقط وفيه ان هذا الحكم في المكروه يعني الوضوء فقط من دون التيمم ليس مختصا بحالة عدم غيره بل مع وجدنه ايضا الحكم كذلك الا ان يقال معنى قوله يتوضأ به فقط ان الوضوء لازم به من غير كراهة فقط وهذا مختص بحالة عدم غيره فان عند وجود الماء الير المكروه يكره التوضي بالمكروه وثالثها ان يتعلق بكل منهما وقد عرفت حالة ن حالهما فروع متعلقة باللعابات والاسار المشكوكة والمكروهة والنجسة وغيرها الكلب اذا اخذ عضو انسان او ثوب انسان ان اخذه في حالة الغضب لا يجب غسله وان اخذ في حالة المزاج يجب غسله لان في الوجه الاول ياخذ بالاسنان لا غير ولا رطوبة في اسنانه وفي الوجه الثاني ياخذه بالاسنان والشفتين جميعا وشفتاه رطبتان والحمار اذا شرب من العصير لا يجوز شربه لانه مشكل وقال محمد بن مقاتل لاباس به قال الفقيه هذا خلاف مذهبنا لما قلنا ولو اخذ انسان بهذا القول لا باس به والاحتياط فيه ان لا يشرب كذا في نوازل الفقيه ابي الليث وواقعات الصدر الشهيد نقلا عنه وفيه ايضا نقلا عنه الهرة اذا اكلت الفارة ثم شربت الماء من الاناء ان شربت من فورها تنجس وان مكثت ساعة او ساعتين لم ينجس لانها قد لحست فمها وازالة النجاسة الحقيقية بما سوى الماء من المائعات وهو جائز انتهى وفي الخلاصة هل يشترط النية في التوضي بسور الحمار اختلفت المشائخ فيه والاحوط ان ينوي ولو توضأ به ولم يتيمم لم يجز والحمار اذا شرب من العصير لا يجوز شربه وعرقه طاهر وكذلك لعابه حتى لو اصاب الثوب لا ينجسه لكن لو اصاب الماء القليل افسده وفي الفتاوى الصغرى عن محمد لبن الاتان طاهر لا يوكل وسور الفرس في شرح الجامع الصغير للصدر الشهيد انه عندهما طاهر وعن ابي حنيفة روايتان وسور حشرات البيت كالحية والفارة والسنور مكروه كراهة تنزيه وهو الاصح وقال ابو يوسف لا باس به في السنور خاصة وينبغي ان يحتاط فيما يتناوله السنور وما سقط من فمها ولو لحست انسانا ينبغي ان يمتنع من ذلك انتهى وفي البحر بعد ما ذكر من كشف الاسرار ان الاختلاف في كون سور الحمار مشكوكا في الطهارة . (ص468)
Página 538