إلا دفعا للحرج لا لكونه نجسا وسادسها أن عدم قول أحد بشيء لا يثبت إلا جماع لا أن يثبت منهم القول بنفيه فمجرد أنه لم يقل أحد بذلك لا يفيد ويمكن الجواب عنه بان هذه الصورة كثيرة الوقوع وشديدة الحاجة وقد شحنوا بحكمها كتبهم فلو كان الوضوء ثم الشرب منه جائزا لذكروه بالضرورة فلما لم يذكروا مع شدة الضرورة كان ذلك آية على إنهم لا يجوزون ذلك فصار الاجماع على النفي وسابعها ما أورده بعض السادات أن عدم جواز التوضي أنما هو بسبب كونه غير مطهر وهذا لا يدل على انتفاء الطهارة فالملازمة بقوله لو كان طاهرا لجاز في السفر الوضوء الخ غير مستقيمة وجوابه يعلم مما مرت الاشارة اليه من ان ضمير به في قوله الوضوء به راجع الى مطلق الماء وضمير منه راجع الى الماء المستعمل بطريق الاستخدام أو بعدم اعتبار اختلاف الاطلاق والتقييد فالملازمة ليست بين الطهارة وجواز التوضي بل بين الطهارة وجواز الشرب وهي مستقيمة وثامنها ما أورده ذلك البعض أيضا أن قيد السفر لغو إذ لو جاز الوضوء به لجاز في السفر والحضر فالصواب حذف لفظ في السفر والجواب عنه أن الضرورة والاحتياج في السفر أشد من غيره فإذا لم يجز ذلك في السفر لم يجز في الحضر بالطريق الاولى وأما على النسخة الثانية فيحتمل أن يكون المطهر بفتح الهاء ويحتمل أن يكون بكسر الهاء مفيدا المعنى الطهور فإن كان الأول كان لفظ المطهر تأكيد للطاهر وكان مآل هذه النسخة ومال النسخة السابقة واحدا وكان الغرض منهما الرد على القائلين بالطهارة وأن كان الثاني يكون الغرض منه الرد على من قال بالطهارة والطهورية جميعا ويصير المعنى لو كان الماء المستعمل طاهرا وطهورا لجاز للمسافر إذا وجد غسالة الوضوء أن يتوضأ به ثم يشرب منه عند العطش مع أنه لم يجوزه أحد بل قالوا أنه إذا فقد الماء المطلق يتيمم فتح كلا الضميرينم يرجع الى الماء المستعمل ويرد عليه الايرادات التي ذكرناها آنفا وبالجملة فكلام الشارح ههنا لا يخلو عن خلط ومغالطة لا يصغ اليها أرباب مناظرة فاحفظ هذا وجميع ما القينا من مباحث الماء المستعمل وغير ذلك فإنه كثير الاستعمال واكثرهم غافلون عما قيل في هذا المبحث أو يقال والعجب من اخي جلبي حيث يفتخر في حواشيه على الاطناب في هذا المبحث مع أنه لم يورد إلا ما هو ظاهر ولم يصل الى خفايا المبحث قال وكل أهاب الخ الاهاب بالكسر الجلد الغير المدبوغ وجمعه أهب بفتحتين وأهب بضمتين كذا في المغرب ونهاية غريب الحديث وحكى في المصباح قولا أنه اسم لمطلق الجلد وذكر في البناية أنه إا دبغ يسمى اديما وجرابا وما قبل الدباغ يسمى اهابا لانه تهيأ للدباغ يقال فلان تهيأ للحرب إذا استعد وأفاد بإدخال كل ان كل فرد من افراد الجلد يطهر بالدباغ لان الكل إذا دخل على النكرة أفاد عموم الافراد وإنما أدخل الفاء في الخبر لتضمن المبتدأ معنى الشرط كان قيل كل أهاب إذا دبغ فقد طهرو هذه المسألة وان كان المناسب ايرادها في باب تطهير الانجاس لن جرت عادة اكثر الفقهاء بذكرها ههنا اعلاما بأن الاهاب المدبوغ طاهر يجوز الوضوء والغسل من الماء المعد فيه فكانه بيان لما يعد فيه ماء الطهارة غالبا من القربة وغيرها مما يصنع من الجلد وفي المسألة اختلاف لعلماء الأمة على ثمانية أقوال لا على سبعة كما ذكره النووي وتبعه ابن الاهدل في رسالته عدة المنسوخ من الحديث على ما أخبر به بعض أهل الحديث فانهما لم يذكرا مذهب احمد القديم وستعرفه الاول أنه لا يطهر شيء من الجلود بالدباغ قال النووي في شرح صحيح مسلم روى هذا عن عمر ابن الخطاب وابنه عبد الله وعائشة ؟؟ وهو أشهر الروايتين عن احمد واحدى الروايتين عن مالك انتهى الثاني يطهر بالدباغ جلد مأكول اللحم ولا يهر غيره قال النووي هو مذهب الاوزاعي وابن المبارك وابي ثور واسحق بن راهويه انتهى واستدلوا على ذلك بما رواه الترمذي في كتاب اللباس وقال حديث حسن صحيح عن عطاء عن ابن عباس قال ماتت شاة فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الا نزعتم جلدها ثم دبغتموه فاستمعتم به وأخرجه مسلم بلفظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بشاة مطروحة اعطيتها مولاة لميمونة من الصدقة فقال النبي صلى الله عليه وسلم الا أخذوا دباغها فدبغوه فانتفعوا به وأخرجه ايضا في كتاب الطهارة عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس بلفظ تصدق على مولاة لميمونة بشاة فمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هلا أخذتم اهابها فدبغتموه فانتفعتم به فقالوا إنها ميتة فقال انما حرم اكلها وأخرجه ابو داود في كتاب اللباس عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة قال اهدي لمولاة لنا شاة من الصدقة فماتت فمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال الا دبغتم اهابها فاستمعتم به قالوا يا رسول الله انها ميتة قال انما حرم اكلها واخرجه ابن ماجة عن عبيد الله عن ابن عباس بلفظ شاة لمولاة ميمونة مر بها النبي صلى الله عليه وسلم قد اعطيتها من الصدقة فقال هلا أخذوا اهابها فدبغوه فانتفعوا به فقالوا يا رسول الله انها ميتة فقال انما حرم اكلها وأخرجه النسائي عن ابن عباس قال ان ميمونة اخبرتني ان شاة ماتت فقال النبي عليه الصلاة والسلام الا دبغتم اهابها فاستمعتم به وأخره البخاري في الايمان والنذور والنسائي قبيل كتاب الصيد عن سودة أم المؤمنين قالت ماتت اة لنا فدبغنا مسكها فما زلنا ننبذ فيها حتى صارت شنا وأخرج مسلم في كتاب الطهارة عن أبي الخير قال رأيت علي ابن وعلة السبائي فروا فمسته فقال مالك تمسه قد سألت عبد الله بن عباس فقلت أنا نكون بالمغرب ومعنا البربر والمجوس نؤتي بالكبش قد ذبحوه ونحن لا نأكل ذبائحهم ويأتوننا بالسقاء يجعلون فيه الودك فقال قد سألنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن ذلك فقال دباغه طهور فهذه الاخبار وامثالها قد وردت في طهارة جلد الشاة وهو مأكول اللحم فيحكم بطهارة جلد مأكول اللحم بالدباغة ويبقى ما عداه على أصله ورد الجمهور هذا المذهب بانه قد وردت اخبار كثيرة يفيد بعضها باطلاقها وبعضها بعمومها أن كل جلد يطهر بالدباغ فلا تخصيص بما يؤكل فروى مسلم عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا دبغ الاهاب فقد طهر وكذلك رواه ابو داود ومحمد في الموطأ وروى الترمذي وقال حسن صحيح وابن ماجة مرفوعا ايما اهاب دبغ فقد طهر وروى ابو داود عن سلمة بن المحبق ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في غزوة تبك أتى على بيت فإذا قربة معلقة فسأل الماء فقالوا يا رسول الله إنها ميتة فقال دباغها طهورها وأخرجه النسائي بلفظ ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بماء من عند امرأة فقالت ما عندي إلا في قربة لي ميتة قال اليس قد دبغتها قالت بلى قال دباغها زكاتها واخرج ابو داود وابن ماجة ومحمد في الموطأ وابن حبان عن عائشة قالت أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يستمتع بجلود الميتة إذا دبغت وأخرج المنسائي وابن حبان عنها ؟؟ دباغ جلود الميتة طهورها وفي لفظ للنسائي زكوة الميتة دباغها وفي لفظ له دباغها زكاتها وأخرج ابن خزيمة في صحيحه والبيهقي في سننه وقال اسناده صحيح والحاكم وصححه عن ابن عباس قال أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ من سقاه فقيل أنها ميتة فقال دباغه يزيل خبثه أو نجسه أو رجسه وأخرج الدار قطني والبيهقي وقالا اسناده حسن ورواته كلهم ثقات عن عائشة مرفوعا طهور كل اديم دباغه وأخرج البيهقي عن سعيد بن المسيب عن زيد بن ثابت مرفوعا دباغ جلود الميتة طهورها وأخرج الطبراني في معجمه والبزاز في مسنده عن يعقوب بن عطاء عن أبيه عن ابن عباس قال ماتت شاة لميمونة فقال النبي عليه الصلوة والسلام هلا استمتعتم باهابها فإن دباغ الاديم طهوره قال الزيلعي يعقوب فيه مقال قال احمد منكر الحديث وقال ابن معين وابو زرعة ضعيف وذكره ابن حبان في الثقات انتهى فهذه الاخبار ونظائرها مما هي مخرجة في كتب الايمة ؟؟ في العموم فالتخصيص بجلد مأكول اللحم من غير دليل الثالث أن جلود الميتة طاهرة ينتفع بها بدون دباغتها واليه ذهب الزهري كما حكاه ابو داود في سننه واحمد في مسنده عن معمر عنه وقال النووي هو وجه شاذ لبعض اصحابنا الا تفريع عليه ولا التفات اليه ؟؟؟؟؟ بما ورد في رواية البخاري ومالك في الموطأ واحمد في مسنده وبعض طرق مسلم وبعض طرق النسائي وغيرهم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في شاة مولاة ميمونة هلا استمعتم باهابها قالا انها ميتة قال انما احرم اكلها ولم يذكر الدباغ فدل ذلك على ان جلد ا لميتة يحل الانتفاع به من غير حاجة الى دباغه ورده الجمهور بأنه قد ورد التقييد بالدباغ في روايات اخر صحيحة والاخبار يفسر بعض طرقها بعضا فوجب الاخذ به قال القسطلاني في ارشاد السلوى استدل الزهري برواية الباب على جواز الانتفاع به دبغ او لم يدبغ لكن صح التقييد بالدبغ من طرق اخرى وبعضهم أخذ بخصوص هذا السبب فقصر الجواز على المأكول الورود في الحديث في الشاة ويتقوى ذلك من حيث النظر لأن الدباغ لا يزيد التطهير على الزكاة وغير المأكول لو ذكى لم يطهر بالذكاة عند الاكثر فكذلك الدباغ وأجاب من عمم بالتمسك بعموم اللفظ وهو أولى من خصوص السبب وبعموم الاذن في المنفعة وبأن الحيوان الطاهر ينتفع به قبل الموت فكان الدباغ بعد الموت قائما مقام الحياة قاله في فتح الباري وغيره انتهى الرابع انه لا يطهر جلد الميتة بالدباغ وهو قول قديم لاحمد ثم رجع عنه ودليله حديث عبد الله بن عكيم وهو ما اخرجه ابن ماجة قال اتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لا تنتفعوا من الميتة باهاب ولا عصب وأخرجه ابو داود بلفظ قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأرض جهينة وانا غلام شاب ان لا تنتفعوا من الميتة باهاب ولا عصب وفي طريق له عن الحكم قال انطلق هو وناس معه الى ابن عكيم رجل من جهينة قدخلا وقعدت على الباب فخرجوا الي فاخبروني ان ابن عكيم اخبرهم ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كتب الى جهينة قبل موته بشهران لا تنتفعوا الحديث وأخرجه النسائي بلفظ كتب الينا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ان لا تنتفعوا الحديث وأخرجه الترمذي بلفظ اتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ان لا تنتفعوا من الميتة الحديث وقال هذا حديث حسن ويروى عن عبد الله بن عكيم عن اشياخ له وليس العمل على هذا عند اكثر أهل العلم وقد روى عنه أنه قال اتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبل وفاته بشهرين وسمعت احمد بن الحسن يقول كان احمد بن حنبل يذهب الى هذا الحديث لما ذكر فيه قبل وفاته بشهرين وكان يقول كان هذا آخر الامرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ترك احمد هذا الحديث لما اضطربوا في اسناده انتهى ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث عبد الرحمن بن ابي ليلى عن عبد الله بن عكيم الجهني قال قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونحن بارض جهينة ان لا تنتفعوا الحديث ثم رواه عن ابن ابي ليلى عنه حدثنا مشيخة لنا من جهينتان النبي عليه الصلاة والسلام كتب اليهم ان لا تستمتعوا من الميتة بشيء ثم قال هذا ربما اوهم ان الخبر ليس بمتصل وليس كذلك فإن الصحابي قد يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ثم يسمعه من صحابي آخر فمرة يخبر به عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومرة يرويه عن الصحابي انتهى وعند احمد في مسنده قبل موته بشهر او شهرين وأخرجه الطبراني في معجمع الاوسط بلفظ كتب الينا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونحن في أرض جهية اني كنت رخصت لكم في جلود الميتة فلا تنتفعوا من الميتة بجلد ولا عصب فائدة عبد الله بن عكيم ابو معبد الكوفي الجهني راوي هذا الحديث روى الاحاديث عن ابي بكر وعمر وحذيفة بن اليمان وعائشة وعنه وهب وعبد الرحمن ومسلم بن سالم الجهني وغيرهم قال الخطيب سكن الكوفة وقدم المدائن وكان ثقة وقال البخاري ادرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعرف له سماع صحيح وكذا قال ابو نعيم وقال ابن حبان ادرك زمنه ولم يسمع منه وقال ابن ؟؟ وابو نعيم ادرك زمنه ولم يره وقال ابن سعد مات في ولاية الحجاج كذا في تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر واجاب الجمهور عنه بوجوه احدها انه محمول على ما قبل المدباغ كذا قال ابن حبان في صحيحه وفي سنن ابي داود قال النضر بن شميل يسمى اهابا ما لم يدبغ فاذا دبغ لا يسمى اهابا وانما يقال له شن وقربة انتهى وقال البيهقي هو محمول عندنا على ما قبل الدبغ بدليل ما هو اصح عنه وهو حدث شاة ميمونة انتهى وممن اختار هذا الجواب من اصحابنا صاحب الهداية وغيره وثانيها ان في سنده اضطرابا سندا وممتنا وثالثها الاختلاف في صحبة ابن عكيم وقال الشمني في شرح النقاية علل النووي حديث ابن عكيم بثلثة وجوه الاول اضطراب متنه الثاني اضطراب سنده والثالث الاختلاف في صحبته فقد قال البيقي وغيره لا صحبة له انتهى وفي فتح المنان في اثبات مذهب النعمان للشيخ عبد الحق الدهلوي الحق ان حديث الدباغ مشهور يجوز بمثله الزيادة على الكتاب وان الكتاب مجمل لا عام فبينته السنة ولهذا ذهب المحققون من الحنابلة بطهارته وقال التوريشتي الجمهور لا يرون القول بحديث ابن عكيم لانه لا يقاوم الاحاديث التي وردت في هذا الباب صحة واشتهار انتهى في فتح القدير الاضطراب في متنه وسنده يمنع تقديمه على حديث ابن عباس فان الناسخ أو المعارض لا بد من مشاكلته في القوة ولذا قال به احمد ثم تركه للاضطراب أما في السندج فروي عن ابن عكيم عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى ابو داود من جهة خالد ؟؟ عن الحكم عن عبد الرحمن انه انطلق هو وناس الخ ففي هذا انه سمعه من الداخلين وهم مجهولون وأما في المتن ففي رواية بشر وفي اخرى باربعين يوما وفي اخرى بثلثة ايام مع الاختلاف في صحبة ابن عكيم ثم كيف كان لا يوازي حديث ابن عباس في جهة من جهات الترجيح ثم لو كان لم يكن قطعيا في ثبوت المعارضة لان الاهاب اسم لغير المدبوغ وما رواه الطبراني في الوسط من لفظ هذا الحديث كنت رخصت لكم في جلود الميتة الحديث ففي سنده فضالة بن مفضل وهو ضعيف والحق ان حديث ابن عكيم ظاهر في المنسخ اولا لاضطراب فان من المعلوم ان احدا لا ينتفع بجلد الميتة قبل الدباغة لانه ؟؟ مستعذر فلا يتعلق النهي به ظاهرا انتهى وفي عدة المنسوخ من الحديث على ما اخبر به بعض اهل الحديث لحسين بن عبد الرحمن الاهذل نقلا عن ابن الجوزي قال الاثرم كان حديث ابن عكيم ناسخ لحديث ابن عباس وقال غيره يجوز ان يكون حديث الاباحة قبل موته بيوم وحديث ابن عكيم مضطرب جدا وحديث الاباحة في الصحيحين انتهى وفي نصب الراية لاحاديث الهداية قال الحازمي في كتاب الناسخ والمنسوخ حكى الخلال في كتابه ان احمد توقف في حديث ابن عكيم لما رأى تزلزل الرواة عنه وقيل انه رجع عنه وطريق الانصاف ان حديث ابن عكيم ظاهر الدلالة على النسخ ولكنه كثيرا الاضطراب وحديث ابن عباس سماع وحديث ابن عكيم كتاب والكتاب والوجادة والمناولة كلها مرجوحات لما فيها من شبهة الانقطاع لعدم المشافهة ولو صح فهو لا يقاوم حديث ابن عباس في الصحة ومن شرط الناسخ ان يكون اصح سندا واقوم قاعدة من جميع جهات الترجيح انتهى وقد يستدل لهذا المذهب بما روي ابن جرير في تهذيب الاثار من حديث جابر مرفوعا لا تنتفعوا من الميتة بشيء وبما رواه من حديث ابن عمر مرفوعا نهى ان ينتفع من الميتة باهاب وبما رواه ابو داود والترمذي وصححه والدارمي وغيرهم انه عليه الصلوة والسلام نهى عن جلود السباع ان تفترش واجاب العيني عن الاول ان في اسناده زمعة وهو ممن لا يعتمد على نقله وعن الثاني ان عامة رواته مجاهيل لا يعرفون وعن الثالث انها كانت تستعمل قبل الدباغ فنهى عن ذلك المذهب الخامس انه يطهر بالدباغ جميع الجلود ميتة كان او غيرها حتى الكلب والخنزير ظاهرا وباطنا واليه ذهب داود واهل الظاهر حكاه النووي وذكر العين انه مذهب الليث ويروى عن ابي يوسف ذكره في المحيط ودليله عموم حديث ايما اهاب دبغ فقد طهر فانه عام في كل جلد من غير تخصيص الخنزير او الكلب او الانسان او غيرها وأجاب المخصصون عنه بوجوه سياتي ذكرها السادس يطهر الجميع الا انه يطهر ظاهره فيستعمل في اليابسات دون المائعات ويصلي عليه لا فيه وهذا هو مذهب مالك المشهور قال النووي لكن في رسالة ابن ابي زيد المالكي لا بأس بالانتفاع بجلد الميت اذا دبغ ولا يصلى عليه ولا يباع انتهى وفي مختصر الخليل المالكي عند ذكر الاشياء النجسة وجلد ولو دبغ ورخص فيه مطلقا الا من خنزير بعد دبغه في اليابس انتهى ودليله ظاهر لفظ هلا انتفعتم باهابها فإنه يدل على حل الانتفاع لا على الطهارة ورده الجمهور بان كثيرا من الاخبار مصرحة بحكم الطهارة وهو يعم الطهارة الظاهرة والباطنة وحمله على الطهارة اللغوية أي النظافة للانتفاع كما ذكره الزرقاني في شرح الموطا وغيره من المالكية بعيد كل البعد على انه قد ورد صريحا كما مر ان النبي صلى الله عليه وسلم شرب من جلد الميتة المدبوغ فلولا انه طاهر حقيقة لما جاز ذلك السابع انه يطهر بالدباغ جميع الجلود ظاهرا وباطنا ويجوز استعماله في الاشياء الجامدة والمائعة ولا فرق بين مأكول اللحم وغيره الا جلد الكلب والخنزير والمتولد من احدهما وغيره قال النووي هو مذهب الشافعي وروى عن علي بن ابي طالب وعبد الله بن مسعود انتهى الثامن انه يطهر جميع جلود الميتة وغيرها حقيقة الا الخنزير والادعى وهو مذهب اصحابنا الحنفية كما ذكره المصنف وغيرهم واختلفت عبارات اصحابنا في مسائل الاولى في انه هل يطهر جلد الكلب بالدباغ اختلفوا فيه بناء على اختلافهم في كونه نجس العين فمنهم من صحح كونه نجس العين فلا يطهر جلده كالخنزير وهو مذهب الشافعية ومنهم من افتى بعدم كونه نجس العين قال في النهاية عن اصحابنا في جلد الكلب روايتان في رواية يطهر بالدباغ وفي رواية لا يطهر وهو الظاهر من المذهب انتهى وفي البرهان شرح مواهب الرحمن وجلد الكلب على القول نجاسته قال شيخ الاسلام وهو ظاهر المذهب قال في المبسوط الصحيح من المذهب عندنا ان الكلب نجس انتهى وفي شرح النقاية لابي المكارم في فتاوى قاضيخان ما يدل على ان الكلب نجس العين وفي موضع آخر ما يدل على انه ليس كذلك وسمعت ان الرواية الصحيحة عندنا هو الاول انتهى وفي خزانة المغتين اذا وقع في الماء كلب او خنزير فمات او لم يمت اصاب الماء فمه او لم يصب تنجس لان الكلب والخنزير نجس العين انتهى وقال شمس الايمة الكردري في كتاب الرد على المنخول اذا لم يجد المصلي ما يستر به عورته الا جلد كلب مدبوغ قال ابو حنيفة يستر هابه ويصلي فيه وقال الشافعي يصلي عريانا مكشوف العورة فلينظر العاقل ايهما احسن الصلوة فان قال جلد الكلب نجس لا يطهر بالدباغ فممنوع فان عند ابي حنيفة يطهر بالدباغ لقوله عليه الصلوة والسلام أي اهاب دبغ فقد طهر كالخمر ؟؟ فيحل واسم الاهاب بعمومه يتناول جلد الكلب فدخل تحت النص ولا يقال خص منه جلد الادمي والخنزير فيخص جلد الكلب بمعنى يجمعهما وهو نجاسة عينة فانا لا نسلم ان الكلب نجس العين فان عند ابي حنيفة عينه ليست بنجسة وانما نجاسة جلده لا ؟؟ من الرطوبات النجسة فتطهر بالدباغة كجلد الثعلب انتهى ملخصا وقال على القارئ في كتاب الرد على امام الحرمين جلد الكلب داخل في عموم اهاب الميتة واستثنى جلد الادمي لكرامته وجلد الخنزير لنجاسته واستثناء الكلب ليس عن نقل صريح ولا عن دليل صحيح انتهى ملخصا وفي الهداية ليس الكلب نجس العين الا ترى الى ان ينتفع به حراسة واصطيادا انتهى وفي العناية قال شمس الايمة السرخسي المذهب عندنا ان عين الكلب نجس واليه يشير محمد حيث يقول في الكتاب ليس الميت انجس من الكلب والخنزير وقيل الاصح ان الكلب ليس بنجس العين انتهى وفي غاية البيان في نجاسة عينه اختلاف الا جلد الخنزير والادمي المشايخ والاصح انه ليس بنجس العين حتى لو وقع في البير وخرج حيا ولم يصب فمه الماء روى عن ابي حنيفة انه لا باس به انتهى وفي البناية نقلا عن الذخيرة ذكر القدوري في التجويد انه نجس العين عند ابي يوسف ومحمد انتهى وفيها نقلا عن العيون روى ابن سماعة عن ابي يوسف الاخير في جلد الكلب والذئب وان دبغا انتهى وفي فتح القدير في رواية لا يطهر جلد الكلب باء على نجاسة عينه قال شيخ الاسلام وهو ظاهر المذهب وفي فتاوى قاضيخان فروع تدل عليه واختلف المشايخ في التصحيح والذي يقتضيه عموم ايما اهاب طهارة عينه ولم يعارضه ما يوجب نجاستها فوجب حقيةعدم نجاستها فيطهر بالدباغ ويصلي عليه ويتخذ دلوا للماء انتهى وفي ؟؟ الفلاح يطهر جلد الكلب لانه ليس بنجس العين على الصحيح انتهى وفي البحر عن ؟؟ عليه الفتوى انتهى وفي النهر يطهر جلد الكلب ايضا بناء على ما عليه الفتوى من طهارة عينه وان رجح بعضهم النجاسة وجعل اخرون الاول قول الامام والثاني قولهما انتهى قلت لم يتصح لي الى الان دليل على كونه نجس العين ودلائل المثبتين كلها مخدوشة كما ستطلع عليه ان شاء الله تعالى الا انهم لما اختلفوا في التصحيح فالتجنب هو الاحوط قال الفاضل عبد النبي بن احمد الهندي صاحب سنن المصطفى في كتاب الرد على صلوة القفال قد تقرر في مذهبنا ان الامر اذا دار بين الحرمة والاباحة وتعارضت الادلة فالحرمة مرجحة هو الاباحة والعمل بها واجب والكف عن ارتكاب ذلك حتم سيما في العبادات انتهى المسالة الثانية اختلفوا في ان جلد الخنزير هل يقبل الدباغ لكن لا يطهر ام لا يقبله فقال بعضهم لا يقبله لان فيه جلودا مترادفعة بعضها فوق بعض ذكره في المحيط والبدايع وقيل يقبله لكن لا يحل الانتفاع به لكونه نجس العين وكذلك اختلفوا في جلد الادمي فذكر في المحيط والبدايع ان جلد الانسان يطهر بالدباغ لكن يحرم سلخه ودبغه احتراما له وقيل لا يقبل الدباغ كذا في البناية وفي حواشي الهداية للجو نفوري نقلا عن التحفة ان جلد الادمي يطهر غير انه لا يجوز ابتذاله ومثله في كتاب الرد على المنخول لشمس الايمة الثالثة هل يستثني ما سوى جلد الخنزير والادمي والكلب فظاهر عبارات اكثرهم ما ساها يطهر بالدباغ اتفاقا ؟؟ سابقا عن البناية استثناء جلد الذئب ذكر في فتح القدير ان العموم يتناول كل جلد يحتمل الدباغة الا ما لا يحتمله فلا يطهر جلد الحية والفارة كاللحم الرابعة يدخل في العموم جلد الفيل خلافا لمحمد في قوله ان الفيل نجس العين وعندهما هو كسائر السباع كذا في فتح القدير قال الا جلد الخنزير والادمي منسوب الى سيدنا ادم ابي البشر على نبينا وعليه الصلوة والسلام والخنزير بالكسر دابة معروفة جمعه الخنازير وهو عند الاكثر رباعي على وزن فعليل وحكى ابن سيدة عن بعضهم انه مشتق من خزر العين يقال تخازر الرجل اذا اضيق جفنه ليحدد النظر ؟؟ فهو ثلاثي كذا في حيوة الحيوان والوجه في تقديم الخنزير على الادمي ذكر ان الموضع موضع اهانة وفي مثله التعظيم في التاخير كقوله تعالى لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد كذا قال كثير من شراح الهداية وفيه ما اورده الجو نفوري في حواشي الهداية من ان هذه النكنة تشير الى ان جلد الادمي لا يقبل الدباغ اذ الاهانة في عدم طهارته وليس كذلك وقال اخي جلبي في ذخيرة العقبي ان في التقديم اشارة الى كمال عدم قابلية الطهارة في الخنزير والتاخر في امثال هذه المواضع يفيد التعظيم وفيه ايضا ما مر مع شيء زائد وهو ان قوله كمال عدم قابلية الطهارة يشير الى ان جلد الادمي والخنزير مشتركان في عدم الا ان الثاني كمال في مع انه ليس كذلك لما انهم وان اختلفوا في قبول جلد الادمي الدباغة وعدم قبوله لكنهم لم يختلفوا في انه لو دبغ جلد الادمي طهر بخلاف الخنزير فانه لا يطهر اتفاقا ومن ههنا اورد على المصنف وعلى من وافقه بان إدخال الادمي في حيز الاستثناء عن الطهارة ليس بصحيح لانه يقتضي عدم الطهارة وليس كذلك واجيب عنه بوجوه منها ان الاستثناء منقطع من الاهاب بناء على ان المعنى كل اهاب يقبل الدباغ طهر الا جلد الخنزير والادمي فانهما لا يقبلانه اقول انه لا يستقيم عند من قال بقبولهما وهو الظاهر وانكاره مكابرة ومنها ما اختاره اخي جلبي والتفتازاني وغيره من الناظرين انه استثناء من قوله ليطهر والمراد به جواز الانتفاع به تعبيرا عن اللازم بالملزوم فالمعنى كل اهاب دبغ جاز الانتفاع به الا جلد الخنزير والادمي فانه لا يجوز الانتفاع بهما بالاول لنجاسته وبالثاني لكرامته اقول يلزم عليه ان يكون الكلام مشتملا على خلاف المذهب فان جواز الانتفاع به هو اعم من ان يحصل له طهارة حقيقة ومن ان لا تحصل له لكن يجوز الانتفاع به كما قال به مالك مع ان المقصود ههنا ذكر الطهارة ومنها ما ذكره الفاضل الهروي ان الاستثناء من الملفوظ ومعنى عدم طهارته انه لا يصلح سلخه ولا دبغه احتراما فلا يطهر اقول فيه ان عدم جواز دبغه لا يستلزم انه لو دبغ لم يطهر نعم عند من قال بعم قبوله الدباغة لا يطهر لكن بمعنى انتفائه بانتفاء سببه ولم يقل احد بانه لو دبغ لم يطهر ومنها ما ذكره ايضا انا لا نسلم دلالة الاستثناء على انه لا يطهر بالدبغ فان الاستثناء ليس فيه حكم عند ابي حنيفة لا ينفي ولا اثبات بل هو تكلم بالباقي بعد ؟؟ كما هو المشهور اقول هذا وان كان صحيحا بحسب القاعدة التي ذكرها لكنه لا يوافق كلام الفقهاء في هذا المقام فانهم يحلمون بهذا الاستثناء علىعدم طهارة الخنزير واقول في الجواب ومنه الهداية الى طريق الصواب ان يقال مسألة الدباغة اجنبية عن بحث ما يجوز به الوضوء وانما ذكروها ههنا اشارة الى ان الجلد المدبوغ يجوز الوضوء والغسل والانتفاع منه فكانه بيان لما يوضع فيه الوضوء ولذا قال صاحب الهداية وكل اهاب دبغ فقد طهر وجازت الصلوة فيه والوضوء منه الا جلد الخنزير والادمي فالاستثناء في كلامه راجع الجواز المستفاد من الفعل ومن اكتفى على حكم الطهارة كالمصنف وغيره كانه قال طهر وجاز الانتفاع به لتكون المسألة مرتبطة بما قبله فالاستثناء يراجع الى المجموع من حيث ما هو مجموع والمعنى كل اهاب دبغ فقد طهر وجاز الانتفاع به الا جلد الخنزير والادمي فانه ليس لهما هذا الكم اما الخنزير فلانتفاء جزئي المجموع فيه واما الادمي فلانتفاء الجزء الثاني فيه ولعلك تفطنت من ههنا انه لا يرد عليهم الاشكال في استثناء جلد الادمي بانه تخصيص لعموم حديث ايما اهاب دبغ فقد طهر والتخصيص من غير دليل غير جائز وذلك لانهم لم يستثنوه من الطهارة بل من عدم جواز الانتفاع به لكرامته نعم يرد الاشكال بالخنزير بان ظاهر الحديث يعمه فما وجه تخصيصه واجابوا عنه بأن الدباغة انما تطهر النجاسة العارضة بالرطوبات النجسة والخنزير بجميع اجزائه نجس العين فلا يدخل تحت العموم واستدلوا على كونه نجس العين بالحديث وبالاية اما الحديث فهو ما روى البخاري ومسلم وابو داود وغيرهم عن ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال ليوشك ان ينزل فيكم عيسى بن مريم حكما مقسطا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية الحديث قال الخطابي في معالم السنن فيه دليل على وجوب قتل الخنازير وبيان ان اعيانها نجسة وذلك لان عيسى بن مريم على نبينا وعليه الصلوة والسلام انما ينزل في اخر الزمان وشريعة الاسلام باقية لذا نقله الدميري في حيوة الحيوان قلت فيه نظر مرقاة الصعود اسناده لا باس به وظهر لي في مناسبته انها من مسخ بني اسرائيل انتهى واما الاية فهو قوله تعالى قل لا اجد في ما اوحي الي محرما على طاعم يطعمه الا ان يكون ميتة او دما مسفوحا او لحم خنزير فانه رجس الاية قال قاضي القضاة الماوردي وغيره الضمير في قوله فانه راجع الى الخنزير لكونه اقرب مذكور ونظيره قوله تعالى فاشكروا ش اعلم ان الدباغة هي ازالة النتن والرطوبات النجسة من الجلد فان كانت بالادوية كالقرظ ونحوه يطهر الجلد ولا يعود نجاسته ابدا وان كانت بالتراب او بالشمس يطهر اذا يبس ثم ان اصابه الماء هل يعود نجسا فعن الحنفية نعمة الله ان كنتم اياه تعبدون ونازعه الشيخ ابو حيان بانه عائد الى اللحم لانه اذا كان في الكلام مضاف ومضاف اليه عاد الضمير الى المضاف دون المضاف اليه لان المضاف هو المحدث عنه والمضاف اليه وقع ذكره بطريق العرض ونقل الدميري عن شيخه الاسنوي انه قال ما ذكره الماوردي اولى وذلك لان تحريم اللحم استفيد من قوله تعالى او لحم خنزير فلو عاد الضمير اليه لزم خلوا الكلام من فائدة التاسيس فوجب عوده الى الخنزير ليفيد تحريم اللحم والكبد وسائر اجزائه انتهى وفي الهداية الهاء في قوله تعالى فانه رجس منصرف الى الخنزير لقربه وتعقبه الجو نفوري في حواشيه بان الترجح بالقرب انما يصح اذا دار الضمير بين ان يكون للحم او للخنزير وانما يدور اذا تعين لحم الخنزير مرجعا له وليس كذلك بل مرجعه جميع ذلك من المحرمات لان الظاهر انه خرج مخرج التعليل للاستثناء فينصرف الى الكل انتهى قلت لو كان منصرفا الى الاستثناء لذكره بعد قوله او فسقا اهل لغير الله به فلما فصل بالتعليل بين المستثنى فالظاهر ؟؟ بالقريب فافهم وقال الاتقاني في غاية البيان مما ظهرني في فوادي من الانوار الربانية والاجوبة الالهامية ان الهاء لا يجوز ان ترجع الى اللحم لان قوله تعالى فانه رجس خرج مخرج التعليل فلو رجع اليه لكان تعليل الشيء بنفسه هو فاسد وهذا لان نجاسة لحمه عرفت من قوله تعالى او لحم خنزير لان حرمة الشيء مع صلاحيته للغذاء لا للكرامة اية النجاسة ؟؟ يكون معناه كانه قال لحم خنزير نجس فانه نجس اما اذا ارجع الضمير الى الخنزير فلا فساد انتهى وفيه ان كون التحريم لا للتكريم علامة للنجاسة يصح التصريح بكون نجسا علة للتحريم لا انه يمنع منه وليس فيه تعليل النجاسة بالنجاسة بل تعليل التحريم بالنجاسة كذا ي البحر الرائق وغيره قوله اعلم ان الدباغة الخ بيان لمفهوم الدباغة وما تحصل به وهي بكسر الدال عبارة عن ازالة النتن بالفتح أي الرائحة الكريهة وازالة الرطوبات النجسة بفتح الجيم من الجلد وهذا اذا امكن وان لم يمكن زوال الرائحة الكريهة كما يكون في بعض النجسات القوية الرائحة فلا باس به كما صرحوا به في باب تطهير الانجاس واليه يشير ما اخرجه محمد في كتاب الاثار عن ابي حنيفة عن حماد عن ابراهيم النخعي قال كل شيء يمنع الجلد من الفساد فهو دباغ فان ؟؟ الرطوبات النجسة يمتنع الفساد وان لم يكن زوال الرائجة وفي اطلاق الازالة وكذا اطلاق قولهم دبغ اشارة الى ان يستوي ان يكون الدابغ مسلما او كافرا او صبيا او مجنونا او امرأة اذا حصل به مقصود الدباغ فان دبغه الكافر وغلب على ظنه انهم يدبغونه بالشيء النجس فانه يغسل كذا في البحر عن السراج الوهاج قوله فان كانت الخ يشير الى ان الدباغة على قسمين حقيقية وحكمية فالحقيقية ان تدبغ بالادوية المستعملة لازالة الرطوبات كالقرظ وهو بفتح القاف في اخره ظاء معجمة ورق شجر السلم بفتح السين واللام ومنه اديم مقروظ أي مدبوغ بالقرظ وكالشب بالشين المعجمة والثاء المثلثة نبت طيب الرائحة يدبغ به وقيل هو الشب بالباء الموحدة وكالعفص وقشور الرمان والملح وما اشبه ذلك والحكمية ان تدبغ بالتشميس أي القائه في الشمس والتتريب أي خلطه بالتراب والالقاء في الريح وما اشبه ذلك والقسمان مستويان في سائر الاحكام الا في حكم واحد وهو انه لو اصابه الماء بعد الدباغ الحقيقي لا يعود نجسا باتفاق الروايات وفي الحكمى روايتان كذا في البحر وغيره قوله نجاسته ابدا لان النجس اذا طهر لا تعود نجاسته الزائلة الا بسبب جديد قوله يطهر اذا يبس فيه خلاف الشافعي واتباعه فان عنده لا يحصل الدباغ الا بالقرظ ونحوه لا بالتشميس روايتان وعن ابي يوسف ان صار بالشمس بحيث لو ترك لم يفسد كان دباغا وعن محمد جلد الميت اذا يبس ووقع في الماء لم ينجس من غير فصل والصحيح في نافجة المسك جواز الصلوة معها من غير فصل ونحوه واستدلوا على ذلك بقوله عليه السلام في شاة ميمونة ؟ انما حرم اكلها او ليس في الماء والقرظ ما يطهره اخرجه الدار قطني والبيهقي من حديث ابن عباس واخرج ابو داود والنسائي من حديث ميمونة يطهره الماء والقرظ فالشرع انما ورد بما تزول به ؟؟؟ يقتصر على على مورده ولنا ما اخرجه الدار قطني عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استمتعوا بجلود الميتة اذا هي دبغت ترابا كان او رمادا او ملحا او ما كان بعد ان يزيد صلاحه وحديث ابن عباس لا يقتضي الاختصاص فان قيل في رواة حديث عائشة معروف بن حسان وهو مجهول قاله ابو حاتم وقال ابن عدي منكر الحديث قلت الذي ورد في الصحيح من قوله فدبغتموه اعم من ان يكون الدباغ حقيقيا او حكميا كذا في البناية وفيها ايضا قال ابو العباس الجرجاني في التحرير يجوز الدباغ بالتراب وقال القاضي ابو الطيب لم ار للشافعي في هذا نصا والمرجع في ذلك الى اهل الصنعة فان كان التراب والرماد يحصل منهما هذا الفعل جعل الدباغ منهما واما الملح فنص الشافعي على انه لا يحصل الدباغ به وبه قطع صاحب الشامل وقطع امام الحرمين بالحصول قوله روايتان في رواية انه يعود نجسا وفي رواية لا يعود جه الرواية الاولى ان باصابة الماء تعود الرطوبة فتنجسه ووجه الرواية الثانية وهو الاقيس ان هذه الرطوبة العائدة ليست تلك التي كانت بقية الفضلات النجسة لان تلك تلاشت وصارت هواء وذهبت معه بل رطوبة تجددت من ماء طاهر وسرت في اجزاء حكم بطهارتها وملافات الطاهر بالطاهر لا يوجب تنجيسه كذا في غنية المستملى ونظيره الارض اذا يبست وحكم بطهارتها ثم اصابها الماء ففي رواية تعود نجسا وفي رواية لا وهو المختار وكذا البير اذا غارت ماؤها بعد ما تنجست ثم عاد ماؤها في رواية تعود نجسة وفي رواية لا كذا في غنية المستملى وفي مراقى الفلاح يطهر المنى بفركه عن الثوب فان اصابه الماء بعد الفرك فهو ونظائره كالارض اذا جفت وجلد الميتة المشمس والبير اذا غارت قد اختلف التصحيح فيه والاولى اعتبار الطهارة في الكل كما تفيده المتون انتهى قوله وعن ابي يوسف الخ تاييد لرواية عدم العود بانه روى عن ابي يوسف ان الجلد اذا شمس وصار جيث لو ترك كان دباغا فيحكم بطهارته ولم يتصل بين ما اذا اصابه الماء بعد وبين ما اذا لم يصبه قوله وعن محمد الخ تاييد ثان لرواية عدم العود بانه روى عن محمد ان جلد الميتة اذا يبس واصابه الماء لم يتنجس ولم يفصل بين ما ذا دبغ بالتتريب والتشميس وبين ما اذا دبغ بالقرظ ونحوه قوله من غير فصل الظاهر تعلق بما روى عن محمد وعليه اكثر الناظرين لكن الاولى تعلق بما روى عنه وبما روى عن ابي يوسف كليهما كما اشرنا اليه قوله والصحيح في نافجة المسك الخ المسك بكسر الميم طيب معروف وهو عندهم افضل الطيب ولذا ورد في الحديث لخلوف فم الصائم اطيب عند الله من ريح المسك كذا قال الفيومي في المصباح المنير وفي المقامة المسكية لجلال الدين السيوطي قد طيب به رسول الله صلى الله عليه وسلم في حنوطه عند وفاته وفضلت منه فضلة فاوصى على ان يحيط به تبركا بفضلاته واوصى سلمان الفارسي عند احتضاره ان يرش به البيت في اثر الصحيح وقال انه يحضرني ملائكة لا ياكلون ولا يشربون ولكن يجدون الريح وكم روينا حديثا صحيحا جاء فيه ذكر المسك صريحا من ذلك ان شبه به دم الشهيد وخلوف فم الصائم وجعل له عليها المزيد وقد امر به صلى الله عليه وسلم الحائض اذا تطهرت واغتسلت وقدمه على سائر انواع الطيب لحكمة وعلمت وما جهلت انتهى ملخصا وذكر الدميري في حيوة الحيوان ان من اقسام الظبي م وما طهر جلده بالدبغ يطهر بالذكاة غزال المسك وحقيقته دم يجتمع في سرتها باذن الله تعالى في وقت معلوم من السنة بمنزلة المواد التي تنصب الى الاعضاء وهذه السرة جعلها الله تعالى معدنا للمسك فهي تثمر كل سنة انتهى وذكر ايضا عن مشكل الوسيط لابن الصلاح انه نقل عن ابن عقيل البغدادي النافجة في جوف الظبية كالانفجة في جوف الجدي انتهى وذكر ايضا انه نقل عن علي بن مهدي الطبري احد ايمة الشافعية انها تلقيها من جوفها كما تلقى الدجاجة البيضة والمشهور انها ليست مودعة في الظبية بل هي خارجة ملتحمة في سرتها انتهى وفي شرح صحيح مسلم للنووي في شرح حديث المسك اطيب الطيب الحديث على انه اطيب الطيب وانه طاهر يجوز استعماله في البدن والثوب ويجوز بيعه وهذا كله مجمع عليه ونقل اصحابنا فيه عن الشيعة مذهبا باطلا وهم محجوجون باجماع المسلمين وبالاحاديث في استعمال النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه انتهى وذكر البخاري في صحيحه في باب المسك حديث ما من مكلوم يكلم في الله الا جاء يوم القيامة وكلمه يدمى اللون لون الدم والريح ريح المسك قال القسطلاني في ارشاد الساري قال ابن المنير وجه استدلال البخاري بهذا الحديث على طهارة المسك وقع تشبيه دم الشهيد به لانه في سياق التكريم فلو كان نجسا لكان من الخبائث ولم يحسن التمثيل به انتهى واختلفت عبارات اصحابنا في ما اذا صلى وهو حامل نافجة المسك فقال قاضيخان في فتاو الا ان كانت النافجة يابسة جازت صلاته لانها بمنزلة المدبوغة وان كانت رطبة فان كانت نافجة دابة مذبوحة جازت صلاته لانها طاهرة وان لم تكن مذبوحة فصلاته فاسدة والمسك حلال على كل حال يوكل في الطعام ويجعل في الادوية ولا يقال ان المسك دم لانها وان كانت دما فقد تغيرت فصار طاهرا كرماد العذرة انتهى ومثله في الذخيرة عن فتاوى الفضلى ان النافجة ان كانت لحال متى اصابها الماء لا يفسد جازت صلاته لانها بمنزلة جلد ميتة قد دبغ وان كانت تفسد فان كانت نافجة دابة لم تذك لم يجز لانه بمنزلة جلد ميتة لم تدبغ وان كانت نافجة دابة ذكية جازت انتهى ثم قال صاحب الذخيرة في صلوة البقال اما نافجة المسك فيبسها دباغها فهذا اشارة الى جوا الصلاة معها على كل حال وفي القدوري كل شيء دبغ به الجلد مما يمنعه الفساد ويعمل عمل الدباغ فانه يطهر يريد به انه اذا القى جلد الميتة في الشمس حتى يبس فهو طاهر وهكذا روى عن ابي يوسف وهذا لان الجلد انما يوثر في الجلد للاستحالة فاذا استحال بالشمس والتراب كان كما استحال بالقرظ حتى لو لم يستحل وجف لم يطهر وعن ابي يوسف انه اذا القاه في الشمس او الريح حتى صار بحال لو ترك لم يفسد كان دباغا وذكر الكرخي في جامعة عن محمد في جلد الميتة اذا دبغ ووقع في الماء لم يفسده من غير فصل وبهذا تبين ان الصحيح في النافجة جواز الصلة معها من غير تفصيل انتهى وهذا الذي اختاره الشارح معنى قوله من غير فصل من غير تفصيل بين ان يكون نافجة دابة ذكية او غير ذكية اصابها الماء او لم يصب لان يبسها دباغها وبعده لا تعود نجاسته وان اصابها الماء فيجوز الصلوة معها على كل حال قال وما طهر في التعميم اشارة الى انه يعم المأكول وغير المأكول كجلد الحمار والبغل والكلب والسباع كلها وعن ابي يوسف لا يطهر جلد الكلب اذا دبغ ولا يلحقه الذكاة وعنه ان الخنزير تلحقه الذكاة ويطهر جلده بالدباغ كذا في الخلاصة قال بالدبغ بفتح الدال مصدر واما الدبغ بكسرها فهو اسم لما يدبغ به قال يطهر بالذكاة هو بالذال المعجمة بمعنى الذبح واما بالزاي المعجمة فهو بمعنى التطهير كذا في حواشي الهداية للجو نفوري وفيه خلاف الشافعي واحمد فانهما يقولان لا يوثر لا تعمل الذكاة في ما لا يوكل شيئا لذا في رحمة الامة في اختلاف الايمة وذكر اصحابنا وكذا لحمه وان لم يؤكل وما لا فلاش أي ما لم يطهر جلده بالدبغ لا يطهر بالذكاة والمراد بالذكاة ان يذبح المسلم او الكتابي من غير ان يترك التسمية عامدا م وشعر الميتة وعظمها وعصبها في وجهه انها تعمل عمل الدباغة في ازالة الرطوبات النجسة بل اولى لانها تمنع اتصال الرطوبات النجسة والدباغة تزيلها بعد الاتصال لفساد البينة بالموت كذا في حواشي مراقى الفلاح للطحاوي واورد عليه ان الجلد يكون متصلا باللحم واللحم نجس فكيف يكون الجلد طاهر واجاب عنه صاحب النهاية بان بين الجلد واللحم جلد غليظ يمتنع به مماسة اللحم مع الجلد فلا ينجس الجلد وان كان اللحم نجسا قال وكذا لحمه أي يطهر اللحم بالذبح وان كان لحم ما لا يوكل وهو الصحيح كما في الهداية فلو صلى وهو حامل لحم الثعلب المذبوح تجوز صلاته وهو اختيار الكرخي كما في غاية البيان لكن في النهاية من مشايخنا من قال ان اللحم طاهر وان لم يحل الاكل ومنهم من يقول نجس وهو الصحيح عندنا لما مر من ان الحرمة لا بطريق الكرامة اية للنجاسة انتهى وفيها ايضا في رواية الطهارة ؟؟ ضعف لما ان حرمة اللحم في ما سوى الادمي دليل النجاسة لومهم طهارة الجلد لاتصال اللحم به واجابوا عته بان بين الجلد واللحم جلد يمنع المماسة وبه اخذ المحققون من اصحابنا من الناطفي وشيخ الاسلام خواهر زادة وقاضيخان كذا نقله العيني في البناية ثم اعترض عليه بقوله فيه نظر لانها متوهمة وعلى تقدير تحققها فاما ان تكون طاهرة او نجسة فان كانت متصلة باللحم فليس يتصور ان تكون طاهرة واللحم نجس فيكون نجسا والجلد الغليظ متصل به ايضا لانه لا يجيء عند السلخ امر ثالث بين اللحم والجلد فلا يكون طاهرا والفرض انه طاهر وان كانت متصلة بالجلد فلي يتصور ان تكون نجسة والجلد طاهر واللحم متصل به وهذا هو الذي حمل المصنف على تصحيح رواية تطهير اللحم وبه قال مالك انتهى وفي الخلاصة لو وقع اللحم في الماء القليل افسده هو المختار وبه اخذه الفقيه ابو الليث ذكره الصدر الشهيد انتهى وفي فتح القدير ذكر كثير من المشائخ انه يطهر جلده لا لحمه وهو الاصح واختاره الشارحون كصاحب الغاية والنهاية وغيرهما لان سوره نجس ونجاسة السور لنجاسة عين اللحم انتهى قوله أي ما لم يطهر جلده بالدبغ سواء كان ذلك لنجاسته كجلد الخنزير او لعدم احتماله الدبغ كجلد الفارة والحية كما مر فكل ذلك لا يطهر جلده ولا لحمه بالذكاة وذكر صاحب الخلاصة لو كان بازيا مذبوحا او الفارة او الحية تجوز الصلوة مع لحمها وكذا كل ما لا يكون سوره نجسا انتهى وفيه اشكال لا يخفى من انتقاض القاعدة لان جلد الحية والفارة لا يطهران بالدبغ فكيف يطهر لحمه واشكال اخر ذكره ابن الهمام وهوان عدم طهارة لحوم السباع بالذكاة ليس لذات نجاسة السور بل لنجاسة اللحم غير انه استوضح نجاسته بنجاسة السور وعدم نجاسة سور ما ذكر ليس لطهارة لحمها بل لعدم اختلاط اللعاب بالماء في سباع الطير وللضرورة في الحية والفارة قوله والمراد الخ يريد ان الذكاة المطهرة للجلد واللحم انما هي الذكاة المعتبرة لحل ما يوكل فلو ذبح المجوسي او ذبح المسلم او الكتابي وترك التسمية عمدا يكون مذبوحه ميتة لا يطهر جلده ولا لحمه وذكر صاحب الخلاصة ان من شرطه ايضا ان يكون الذبح في محله قال وشعبي الميتة الخ ذكر طهارة هذه الاشياء ههنا مع انه ليس محله للاشارة الى انه لو وقعت هذه الاشياء في الماء لا تفسده ويجوز الوضوء به السل على نحو ما مر سابقا وقد نص الفقهاء في هذا البحث على طهارة اشياء اكتفى المصنف بذكر بعضها احدها الشعر وهو بفتح الشين المعجمة وسكون العين المهملة وجهة شعور مثل فلس وفلوس وفتح العين يجمع على اشعار مثل سبب اسباب كذا في المصباح المنير وهو عضو منعقد من بخار مختلط بالاجزاء الدخانية بتحلل الخلط البخاري وانعقاد الدخانية الصفة وفي اطلاق مع اطلاق الميتة اشارة الى طهارة شعر كل ميتة فيدخل فيه الصوف وهو بالضم شعر الضان والوبر وهو بالفتح شعر الابل وشعر الانسان وشعر الكلب وشعر الخنزير وغير ذلك لكن طهارة شعور ما سوى الانسان والكلب وحافرها وقرنها والخنزير اتفاقي بين اصحابنا واما الخنزير فشعره وعظمه وجميع اجزائه نجس ورخص في شعره ؟؟ للضرورة لان غيره لا يقوم مقامه وعن ابي يوسف انه كره لهم ذلك ايضا ولا يجوز بيعه في الروايات كلها وان وقع شعره في الماء القليل نجسته عند ابي يوسف وعند محمد لا ينجس وان صلى معه جازت صلاته عند محمد خلافا لابي يوسف كذا في السراج الوهاج وفي تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي اراد بالميتة غير الخنزير واما الخنزير فجميع اجزائه نجس خلافا لمحمد في شعره هو يقول ان حل الانتفاع به يدل على طهارته ولنا انه نجس العين اذا الهاء في قوله تعالى فانه رجس ينصرف اليه وهو يشمل جميع اجزائه وجوز الانتفاع به للاساكفة للضرورة ولا ضرورة في غيره فبقى على اصله انتهى وهذا يرشدك الى ان الصحيح من المذهب هو كون جميع اجزائه نجسة وبه صرح صاحب البادئع وصاحب الدار المختار وغيرهما فعلى هذا يقيد كلام المصنف بما سوى الخنزير وانما اطلق لما علم من مبحث الدباغة من عدم قبول جلد الخنزير الدباغة انه نجس العين بجميع اجزائه واما الكلب فمن قال من مشائخنا نجس العين فهو والخنزير سواء ومن قال انه ليس بنجس العين فهو وسائر الحيوانات سواء كذا في غاية البيان نقلا عن التحفة وقد مر ان المعتمد في الكلب انه ليس بنجس العين فلا يخص كلام المصنف به واما شعر الانسان فعن محمد فيه روايتان في رواية نجس وفي رواية طاهر وكذا في ظفره وعظمه والصحيح رواية الطهارة كذا في البحر الرائق وفي الفتاوى التاتارخانية نقلا عن الملتقط والحجة شعر الانسان المنفصل والمتصل طاهر لا يتنجس الماء اذا وقع فيه سواء كان الادمي حيا او ميتا وعن محمد شحم الادمي لا يجوز الصلوة به اذا كان اكثر من قدر الدرهم وبه قال ابو منصور الماتريدي وقال ابو جعفر الهندواني جاز وبه ناخذ انتهى الثاني العظم وهو بفتح العين وهو عضو صلب خلق دعامة البدن وهو طاهر من كل حيوان كلها كان وانسانا الا عظم الخنزير فانه نجس العين بجميع اجزائه الا انه لا يجوز الانتفاع بعظم الانسان ولا بشعره ولا بشيء اجزائه تعظيما له كذا في البحر والتاتارخانية وغيرها وعظم الفيل ايضا طاهر خلافا لمحمد فانه يقول انه نجس العين الثالث العصب وهو بفتحتين عضو ابي شبيه بالعظم لين في الانعطاف صلب في الانفصال ذكر في البدائع وفتح القدير انه طاهر اتفاقا كالعظم لكن ذكر العيني في منحة السلوك شرح تحفة الملوك والزاهدي في المجتبى وصاحب التاتارخانية وغيرهم ان فيه روايتين وقال في غاية البيان نقلا عن شرح القدوري بالعصب ففيه روايتان احدهما انه طاهر لان عظم غير متصلب فهو كسائر العظام الاخرى انه نجس بدلالة ان فيه حيوة والحس يقع به فيتنجس بالموت انتهى وذكر صاحب البحران صاحب السراج الوهاج صحح رواية النجاسة الرابع الحافر اي حافر الفرس والحمار وغير ذلك سمي به لانه يحفر الارض بشدة وطية عليها وهو العظم الذي يكون في ارجلها من تحت الخامس القرن وهو العظم الناتي في راس الحيوان وذكر صاحب غاية البيان وصاحب السراج الوهاج وغيرهما ان هذه الاشياء انما تكون طاهرة اذا كانت خالية عن الدسومة واما اذا كانت دسمة فهي نجسة لاتصالها بالنجس السادس الصوف السابع الوبر الثامن الظلف بالكسر وه من الشاة ونحوه كالظفر للانسان التاسع السن بالكسر وتشديد النون وهو الذي يمضغ به الحيوان العاشر خف الابل الحادي عشر ريش الطائر الثاني عشر الاجنحة ذكر هذه الاشياء العيني في البناية وغيره الثالث عشر الانفحة الصلبة وهو بكسر الهمزة وسكون النون وفتح الفاء وقد تكسر على ما في القاموس شيء يستخرج من بطن الجدي الراضع صفر فيعصر في صوفه فيغلظ به الجبن الرابع عشر الانفخة المائعة الخامس عشر اللبن وفيهما خلاف لهما كذا في غاية البيان وفي مواهب الرحمن وكذا البن الميتة وانفحتها ونجساها وهو الاظهر الا ان تكون جامدة انتهى والضابط في هذا الباب على ما في غاية البيان ان اجزاء الميتة لا تخلو اما ان يكون فيها دم او لا فالاجزاء التي فيها الدم كاللحم والشحم والجلد ونحوها نجسة واما الاجزاء التي ليس فيها دم ففي غير الخنزير والادمي ليست بنجسة ان كانت صلبة كالشعروالعظم ونحوهما اتفاقا وفي ما عذا ذلك خلاف كما مر ذلك مفصلا وهذا كله مذهبنا وذهب عبد العزيز والحسن البصري ومالك واحمد واسحق والمزني وابن المنذر وغيرهم الى ان الشعر والصوف والوبر والريش طاهرة لا تنجس بالموت كمذهبنا والعظم والقرن والظلف والسن نجسة وذهب الشافعي الى ان الكل نجس الا الشعر فان فيه خلافا ضعيفا وفي العظم اضعف منه فقال القاضي ابو الطيب وغيره الشعر والصوف والوبر والعظم والقرن والظلف كلها تحلها الحياوة وتننجس بالموت هذا هو المذهب وهو الذي رواه البويطي والربيع وحرملة وروى المزني عن الشافعي انه رجع عن تنجس شعر الادمي كذا في البناية والذي في الاقناع وصفوة الزبد وغيرهما من كتب الشافعية ان شعر الادمي طاهر وكذا شعر الميتة المأكولة كالسمك والجراد ووبرها وريشها وما عذا ذلك نجس ومبني هذا الاختلاف انه لا حياة في الشعر والعظم عندنا وقال الشافعي فيهما حيوة وقال مالك في العظم حيوة دون الشعر كذا في البناية نقلا عن المبسوط واستدل اصحابنا على ما ذكروه من طهارة هذه الاشياء بوجوه منها ما اخرجه الدار قطني عن عبد الجبار بن مسلم عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله ابن عباس عن ابن عباس قال انما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الميتة لمها فاما الجلد والشعر والصوف فلا باس به واورد عليه بانه حديث ضعيف لمكان عبد الجبار و\فانه ضعيف في الحديث كما صرح به الدار قطني والجواب عنه انه قد ذكره ابن حبان في الثقات حيث قال في كتاب الثقات عبد الجبار بن مسلم الدمشقي اخو الوليد بن مسلم يروي عن الزهري عن عبيد الله ابن عبدالله عن ابن عباس قال انما حرم من الميتة لحمها رواه محمد بن عبد الرحمن بن سهم عن الوليد بن مسلم عن اخيه عن الزهري انتهى وكذا قال ابن الهمام ان هذا الحديث لا ينزل عن درجة الحسن ومنها ما اخرجه الدار قطني عن ابي بكر الهذلي عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تعالى قل لا اجد في ما اوي الي محرما على طاعم يطعمه الا ان يكون ميتة او دما مسفوحا الاية الا كل شيء من الميتة حلال الا ما اكل فاما الجلد والشعر والقرن والصوف والسن والعظم فكله حلال لانه لا يذكى واورد عليه ان الدار قطني ؟؟ بابي بكر الذلي وقال هو متروك وجوابه انه ان لم يقم بنفسه حجة فهو يصلح الاعتضاد الاول الذي لا ينزل عن مرتبة الحسن ومنها ما اخرجه الدار قطني عن يوسف بن ابي السقر بفتح السين المهملة وسكون الفاء بسنده عن ابي سهلة بن عبد الرحمن قال سمعت ام سلمة رض تقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا باس بمسك الميتة اذا دبغ ولا باس بصوفها وقرنها اذا غسل بالماء ورد بانه قد ؟؟ الدار قطني بيوسف وقال هو متوك ولم يات به غيره وجوابه على ما في البناية انه لا يوثر فيه الضعف الا بعد بيان وجهه والجرح المبهم غير مقبول عند الحذاق من الاصوليين وهو كان كاتب الاوزاعي انتهى ومنها هو مستند ابي حنية وابي يوسف في عدم كون الفيل نجس العين ما اخرجه ابو داود واحمد عن حميد بنابي حميد عن سليمان عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال اشتر لفاطمة قلادة من عصب وسوارين من عاج واخرجه ايضا الطبراني وابن عدي في الكامل ويرهم والعصب قال الخطابي ان لم يكن الثياب اليمانية فلا ادري ما هو وما ارى ان القلادة تكون منها وقال ابو موسى المديني يحتمل عندي ان الرواية بفتح الصاد وهي اطناب مفاصل الحيوان وهي شيء مدور فيحتمل انهم كانوا ياخذون عصب بعض الحيوانات الطاهرة فيقطعونه ويجعلونه شبه ؟؟ فاذا يبس اتخذ منه قلادة ثم ذكر لي بعض اهل اليمن ان العصب سن دابة بحرية يسمى فرس فرعون يتخذ منها الخرز ويكون ابيض كذا في مرقاة الصعود الى سنن ابي داود واخرج البيهقي في سننه عن بقية عن عمرو بن خالد عن قتادة عن انس ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يمتشط بمشط من عاج واورد عليه الخصوم والقائلون بنجاسة عظام الفيل بوجهين احدهما ان في سند ابي داود حميد وسليمان غير معروفي وذكر ابن عدي حميد بن ابي حميد وقال انما انكر عليه هذا الحديث وقال البيهقي بعد رواية انس رواية بقية عن شيوخه المجهولين ضعية وجوابه على ما في البناية انه قد روى عن حميد سالم المرادي وصالح بن صالح وغيلان ومحمد بن جحادة فانتفت جهالته وسليمان قد ذكره ابن حبان في الثقات وبقية لم يرو هذا الحديث عن شيخ مجهول فانه رواه عن عمرو بن خالد وهو غير مجهول وثانيهما ان العاج في هذا الحديث ليس هو عظم الفيل فانه نجس بل هو الذبل وهو ظهر السلحفاة البحرية كذا قال الخطابي في شرح سنن ابي داود وفي حيوة الحيوان كان للنبي صلى الله عليه وسلم مشط من عاج والعاج الذبل وهو شيء يتخذ من ظهر اسلحفاة البحرية يتخذ منه الامشاط والاساور واما العاج الذي هو عظم الفيل فينجس عند الشافعي فيجوز التسريح بمشط العاج وهو الذبل وعليه يحمل ما وقع للنووي في شرح المهذب من جواز التسريح بالعاج انتهى وجوابه انه قد صرح اهل اللغة المعتمد عليهم ان العاج هو ناب الفيل فقال الجوهري في صحاحه العاج عظم الفيل الواحدة عاجة انتهى ونقل العيني والزيلعي عن المحكم العاج هو انياب الفيل ولا يسمى غير الناب عاجا انتهى وفي المصباح المنير العاج انياب الفيلة قال الليث ولا يسمى غير الناب عاجا انتهى واذا ثبت هذا فاي قرينة على حمل العاج في الحديث على غيره وبناؤه على ان عظم الفيل ميتة فلا يجوز حمله عليه ليس بصحيح فان المذاهب تستنبط من الاحاديث لان الاحاديث يأول على طبق المذاهب ومنها ما اختاره الشرنبلاني وغيره ان نجاسة الميتة ليست لعينها بل لما اختلط باعضائها الدم والرطوبات النجسة فما اختلطت به من اللحم والشحم يكون نجسا وما لم تختلط به كالعظم والشعر يبقى على طهارته الاصلية واور عليه انا لا نسلم ان النجاسة بالاختلاط بل نجاسة اجزاء الميتة لعينها فتسرى في سائر الاجزاء كالخنزير فان جميع اجزاءه نجسة والجواب عنه ان اثبات هذا الامر عسير جدا ومجرد المنع لا يسمع ولو كان التنجس لعينها يختلف حكمة في حيال الحيوة والموت ولم يطهر جلده بالدباغة وليس كذلك ومنها ما اختاره صاحب الهداية وغيره ان هذه الاشياء ليست بميتة لانها عبارة عما حل فيه الموت بغير وجه شرعي والموت عبارة عن عدم الحيوة فلا يحل الا في ما فيه الحيوة ولذا لا يقال للجماد ميت اذ لا حيوة فيه فلا موت وهذه الاشياء لا حيوة فيها بدليل انه لا يتالم بقطعها الا بما يتصل به من اللحم والشحم ونحو ذلك فلا يحل فيها الموت فلا تكون في حكم الحيوة واورد عليه بوجوه احدها ان كون الموت عبارة عن زال الحيوة انما هو مذهب المعتزلة وعند اهل السنة الموت امر وجودي كالحيوة وجوابه انه اختار صاحب الهداية تفسيره بلازمة قال صاحب ؟؟ الموت ضد الحيوة والضدان صفتان وجوديتان يتعاقب على موضوع واحد ويستحيل اجتماعهما ويجوز ارتفاعهما وزوال الحيوة ليس بضد للحيوة فكان هذا تعريف بلازمة انتهى وفي كشف الاسرار شرح اصول البزدوي الموت عند اهل السنة امر وجودي لانه ضد الحيوة لقوله تعالى خلق الموت والحياة وعند المعتزلة هو عدمي وتفسير صاحب الهداية بزوال الحيوة تفسر بلازمة كذا نقل عن العلامة شمس الايمة الكردري انتهى ومثله في الكافي البناية والنهاية وغيرها والحاصل ان الموت عند اهل السنة وجودي وعند المعتزلة عدمي وعلى كل منهما لا نزاع في ان الموت انما يكوون بعد الحيوة اذ ما لم يسبق له حيوة لا يوصف بالموت فلا يضر النزاع في انه وجودي او عدمي في اصل المقصود كذا في البحر وثانيها انا لا نسلم انه لا يوصف بالموت الا ماسبق فيه الحيوة الا ترى الى قوله تعالى وكنتم امواتا فاحياكم وجوابه على ما في الكشاف وغيره ان الميت قد يقال لعادم الحيوة ايضا ومنه قوله تعالى واية لهم الارض الميتة وقوله تعالى سقناه لبلد ميت وقوله تعالى وكنتم امواتا الى غير ذلك والحاصل انا لا ننكر انه لا يطلق الميت على ما لم يسبقه الحيوة بل نقول نقول حقيقة الموت انما هوما سبقه الحيوة وظاهر ان المراد في قوله تعالى حرمت عليكم الميتة والدم الاية ليس الميت بمعنى عادم الحيوة مطلقا بل عادم الحيوة بعد ما سبقته الاشياء المذكورة من العظم والشعر ونحو ذلك ليست مما يحل فيه الحيوة فلا تداخل في الاية وثالثها ان العصب وهو من الاشياء المذكورة فيه حيوة كما يشهد به الحس وقد نص على ذلك الاطباء منهم الا على في شرح القانون وغيره وجوابه ان كون العصب ذا حس حيوة امر مختلف فيه فمن يقول بالحيوة فيه لا يجري هذا الدليل فيه بل يستدل بالطريقة الاخرى قال صاحب البدائع لاصحابنا طريقان احدهما ان هذه الاشياء ليست بميتة لانه لا حيوة في هذه الاشياء والثاني ان نجاسة الميتات ليست لذا تهابل لما فيها من الدماء السائلة والرطوبة النجسةولم توجد في هذه الاجزاء انتهى قال صاحب البحر اقتصر في الهداية علىالطريقة الاولى وفي غاية البيان على الثانية ولا يخفى ان الطريقة المذكورة في الهداية لا يجري في العصب لان فيه حيوة لما فيه من الحركة الا ترى انه يتالم بقطعة بخلاف العظم فان قطع قرن البقرة لا يولمها كذا في النهاية ولذا كان في العصب روايتان فالولى هي الطريقة الثانية انتهى ورابعها ان الشعر ينمو بنماء الاصل وهو اية كونه ذا حيوة وجوابه ان نموه لا يدل على الحيوة الحقيقية كما في الاشجار كذا في غاية البيان وخامسها انا لا نسلم ان العظم ليس فيه حيوة لقوله تعالى قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي انشأها اول مرة قال البيضاوي في تفسيره فيه دليل على ان العظم ذو حيوة فيوثر فيه الموت كسائر الاعضاء انتهى ونقل الخفاجي في حواشيه عن كتاب التيسير لابن زهر اختلف كلام جالينوس في العظام هل لها احساس ام لا والذي ظهر لي ان لها حسا بطيئا وليت شعري ما يمنعها من التعفن والتفتت في الحيوة غير حلول الروح الحيواني فيها انتهى واجيب اما عن ما نقله الخفاجي فبانه معارض بما حققه المحققون من ارباب التشريح ان غير الاعصاب والاغشية والجلد واللحم غير حساس بالذات وانما تحس لما اتصل بها كما هو مصرح في شروح قانون الطب وغير ذلك واما عن قوله تعالى فبان المراد باحيائها في الاية ردها على ما كانت عليه رطبة في بدن حي حساس كذا في الكشاف وبان المراد بالعظام اصحاب العظام كما في غاية البيان ومعراج الدراية ؟ يعود الضمير في قوله وهي رميم الى العظام الحقيقية على طريق الاستخدام لان من اقسامه كما عرف في البديع ان يراد بلفظ له معنينان احدهما ثم يوتي بعده بضمير يعود في اللفظ اليه وفي المعنى الاخر فالعظام له معنيان احدهما النفوس مجازا من اطلاق اسم البعض على الكل والاخر هو العظام الحقيقية فالضمير يعود الى غير المراد وهو المعنى الثاني كذا في البحر الرائق قلت لا حاجة الى الاستخدام بل يمكن عود الضمير الى المعنى الذي اريد بالعظام أي الذوات فانه تتصف ايضا بالرمة كما ورد في الحديث الذي رواه ابو داود وغيره في فضل الجمعة قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم اكثروا الصلوة علي فيه فان صلاتكم معروضة علي قالوا يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد ارمت فقال ان الله حرم علي الارض اجساد الانبياء قال الشراح ارمت كضربت بسكون الميم اصله ارممت فحذف احد الميمين معناه بليت وصرت رميما وبان المضاف محذوف والتقدير قال من يحيي اصحاب العظام وهي رميم ذكره الخفاجي وبان هذا مثل قوله تعالى يحيي الارض بعد موتها فلا يل على سبق الحيوة فيها ذكره العيني في البناية وبان المراد احيائها في الاخرة فلعل هناك يجعل الحيوة في نفس العظم واحوال الاخرة لا تناسب احوال الدنيا فلا يدل على حيوتها في الدنيا ذكره العيني ايضا هذا كلامهم واقول هذا كله لا يعجبني فان ظاهر الاية نص في حيوة العظام وتاويلها صرف عن الظاهر من غير ضرورة ولا يجوز مثل ذلك لتصحيح المذهب فان المذهب انما يستنبط من الايات والاحاديث لا ان يصرف الايات والاحادي الى المذهب فالاولى في الاستدلال هو الطرقةالاولى وهي ان نجاسة الميتة ليست بعينها بل لرطوبات نجسة فما خلا عنها يكون طاهرا ما لم يدل دليل على خلافه واحسن من ذلك كله التمسك بالاخبا التي ذكرناها وقد يستدل الطهارة الشعر بقوله تعالى ومن اصوافها واوبارها واشعارها اثاثا ومتاعا الى حين فانه تعالى ذكره في معرض الامتنان ولم يخص شعر المذكاة والامتنان لا يكون بالنجس فيبقى على عمومه ما لم يدل دليل علىخلافه كذا ذكر العيني وغيره واستدل الشافعية على ما ذهبوا اليه بوجوه احدها انه تعالى قال حرمت عليكم الميتة وهو اسم لمجموع الاجزاء فيشمل الشعر والعم وغيرها ولا يخص منه شيء وجوابه على ما في غاية البيان وغيره انا لا نسلم ان كونها من اجزاء الميتة يدل على نجاستها فلم لا يجوز ان يكون اليمتة نجسة ببعض الاجزاء دون البعض ولئن قالوا ان نفس هذه الاشياء ميتة فتكون نجسة فنقوللا نسلم ذلك لان الميتة عبارة عما فارقته الروح بلا ذكاة وهذه لا روح فيها وايضا لا نسلم ان المراد بتحريم الميتة حرمة الانتفاع بها مطلقا بل حرمة الاكل يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم في شاة مولاة ميمونة رضي الله عنها انما حرم اكلها وثانيها ان في هذه الاشياء رطوبة فتكون نجسة وجوابه على ما في غاية البيان ان كلامنا في ما اذا لم تبق الرطوبة في العظم والظلف واذا غسل الشعر ونحوه وازيل عنه الدم المتصل واما اذا كان كانت فيه رطوبة فنحن ايضا نقول بنجاسته وثالثها حديث ابن عكيم اتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لا تنتفعوا من الميتة باهاب ولا عصب وفي بعض طرقه لا تنتفعوا من الميتة بشيء وجوابه انه حديث مضطرب الاسناد حتى لم يقبله الشافعي ايضا حيث جوز الانتفاع بجلود الميتة اذا دبغت ما مر تفصيله في بحث الدباغة ورابعها ما اخرجه ابن عدي والبيهقي وغيرهما من طريق عبد الله بن عبد العزيز ابي رواد عن ابيه عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ادفنوا الاظفار والدم والشعر فانها ميتة والجواب انه حديث متكلم فيه ففي العلل المتناهية في الاحاديث الواهية لابن الجوزي قال ابن عدي لعبد الله بن عبد العزيز احاديث لم يتابع عليها وقال ابو حاتم الرازي احاديثه منكرة وليس محله عندي الصدق وقال علي بن الجنيد لا يساوي فلسا يحدث باحاديث كذب انتهى وفي نصب الراية قال البيهقي في شعب الايمان قد روى حديث دفن الشعر والاظفار من اوجه كلها ضعيفة انتهى ؟؟ انه بعد تسليم صحته لا ؟؟؟ على صحة اطلاق لفظ الميتة على الشعر والاظفار لا على كونها نجسة كاطلاق الميتة على الارض ونحها كا مر تفصيله وخامسها ما ورد انه صلى الله عليه وسلم قال ما ابين من الحي فهو ميت وجوابه على ما في البناية انه مام مخصوص البعض بقوله تعالى ومن اصوافها الاية وبحديث ابن عباس انما حرم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الميتة لحمها فاما الجلد والشعر والصوف فلا باس به ونحق ذلك من الاحاديث مع انه يشمل شعر الادمي وصوف مأكول اللحم فيلزم ان يكون نجسا وليس كذلك عندهم ايضا وايضا هذا الحديث وامثاله ان دل على نجاسة الشعر والعظم فلا يدل بطريق العبارة والاحاديث التي ذكرناها دالة على طهارتها بعبارة النص فتقدم تلك عليها لا محالة واستدل مالك ومن قال بمثل قوله على نجاسة العظم والظفر ونحوها مما هو من قبيل العظام بانها مما تحل فيه الحيوة لقوله تعالى قل يحييها الذي انشأها اول مرة فتكون ميتة والمتة نجسة واما الشعر والوبر والريش وامثالها فلما لم يدل دليل على حلول الحيوة فيها لم يحكم بكونها ميتة فلا تكون نجسة وقد مر ما يرد عليه وما يجاب عنه في اثناء المذهبين السابقين فلا حاجة الى ؟؟ فائدة علم من اثناء البحث ان الميتة نجسة وهو امر اتفاقي واستدلوا عليه تارة بقوله تعالى وشعر الانسان وعظمه طاهر ويجوز صلوة من ؟؟ الى فمه وان جاوز قدر الدرهم قل لا اد في ما اوحي الي محرما على طاعم يطعمه الا ان يكون ميتة او دما مسفوحا او لحم خنزير فانه رجس الاية بان ضمير فانه رجس راجع الى كل واحد من الاشياء ومنها الميتة وتارة بانه محرم الاكل والتحريم لا للكرامة اية النجاسة وكل منهما مخدوش اما الاول فلما مر في بحث الدباغة من انه راجع الى الخنزير فقط كما يقتضيه السوق واما الثاني فلما قال الامام الرازي في تفسيره الحق ان حرمة الانتفاع لا تقتضي النجاسة لانه لا يمتنع في العقل ان يحرم الانتفاع بها ويحل الانتفاع بما جاورها الا انه قد ثبت بالاجماع ان الميتة نجسة انتهى وقد مر ما ينفع هذا البحث سابقا فتذكر قال وشعر الانسان الخ افرده بالذكر مع دخوله في ما مر اهتماما بشانه وقد اختلف في شعره فروي عن ابي حنيفة انه نجس فلا يجوز الصلوة ؟؟ اخذ نصير بن يحيى وليس بصحيح فان شعر الميت اذا لم يكن نجسا كيف يكون شعر الانسان نجسا وفي ظاهر الرواية هو طاهر حتى لو صلى ومعه شعره اكثر من قدر الدرهم جازت الصلوة وهو الصحيح وبه اخذ الفقيه ابو جعفر الهندواني وابو القاسم الصقار وغيرهما من المشائخ كذا في المنية وشرحها الغنية وفي مختارات النوازل شعر الانسان وظفره عندنا طاهر خلافا للشافعي حتى لو وصلت امرأة شعر غيرها بشعرها جازت صلا عندنا انتهى وهذا الخلاف الذي ذكره انما هو على القول المرجوع عنه فانه قد ؟؟ الشافعي رجع الى طهارة شعر الادمي وذكر في الهداية في وجه قول الشافعي انه لا ينتفع به ولا يجوز بيعه فيكون نجسا واجاب عنه بان حرمة الانتفاع والبيع لكرامته فلا يدل على نجاسته وذكر ال؟؟؟؟ وبلوى فانه متى حلق الراس او مشط اللحية لا بد ان يتناثر بعض شعره فيلتصق به فلو منع ذلك جواز الصلوة لضاق الامر علىالناس وكذا اختلف في عظمه ففي رواية انه نجس وظاهر المذهب انه طاهر وهو الصحيح كذا في الكافي وقال قاضيخان في فتاواه عظم الانسان اذا وقع في الماء لا يفسده لانه طاهر بجميع اجزائه انتهى قال الحلبي في الغنية قوله بجميع اجزائه ينافي قوله قبل ذلك جلد الادمي او لحمه اذا وقع في الماء ان كان قدر الظفر يفسده وان كان دونه لا يفسده فيجب ان يحمل على ان المراد جميع اجزائه التي لا تحلها الحيوة قال ويجوز صلوة الخ يعني من سقطت اسنانه كلها او بعضها فاعادها الى مكانها وصلى جازت صلاته وان كان المعاد ازيد من قدر الدرهم وفيه خلاف والصحيح هو ما ذكره المصنف ففي الذخيرة وغيرها اسنان الكلب اذا كانت يابسة طاهرة واسنان الادمي نجسة بناء على ان الكلب يطهر بالذكاة وما يطهر بها فعظمه طاهر بخلاف الادمي قال صاحب البحر هذا ضعيف فان المصرح به في البدائع والكافي ان سن الادمي طاهرة على ظاهر المذهب وهو الصحيح وعلله في البادئع بانه لادم فيها والمنجس هو الدم ولانه يستحيل ان يكون طاهرة من الكلب نجسة من الادمي المكرم الا انه لا يجوز بيعها ويحرم الانتفاع بها احتراما للادمي كما اذا طحن سن الادمي مع الحنطة او عظمه لا يباح تناول الخبز المتخذ من دقيقها انتهى وقال صاحب الهداية في التجسيس والمزيد رجل قطعت اذنه او قطعت سنه فاعاد اذنه الى مكانها او سنه الساقطة الى مكانها فصلى يجزيه لان ما ليس بلحم لا يحله الموت فلا يتنجس بالموت انتهى قال صاحب البحر ما ذكره في السن مسلم واما الاذن فقد قال في البدائع ما ابين من الحي من الاجزاء ان كان المبان حل فيه دم كاليد والاذن والانف ونحوها فهو نجس بالاجماع وان لم يكن فيه دم كالشعر والمصوف فهو طاهر عندنا لكن في فتاوى قاضيخان والخلاصة لو قلع انسان سنه او قطع اذنه ثم اعادهما الى مكانهما وصلى واذنه وسنه في كمه تجوز صلاته في ظاهر الرواية فهذا يقوي ما في التنجيس انتهى وفي الكفاية في السن بين الناس كلام في انه عظم او طرف عصب يابس فان العظم لا يحدث في البدن بعد الولادة وفي العصب روايتان في احدى الروايتين فيه حيوة لما فيه من الحركة ش افرد هذه المسألةمع انها فهمت مما مر لان السن عظم وقد ذكر ان العظم طاهر لمكان الاختلاف فها فانه اذا كان اكثر من قدر الدرهم لا يجوز الصلوة عند محمد م فصل ويتنجس بالموت وعلى ظاهر المذهب وهو الصحيح لا خلاف في السن بين علماءنا انه طاهر والخلاف بين ابي يوسف ومحمد على الروايةجاءت بان العظم نجس انتهى وذكر في المنية روى عن محمد امرأة صلت وفي عنقها قلادة عليها سن اسد او كلب او ثعلب جازت صلاتها بخلاف الادمي والخنزير قال شارحها في الغنية اما الخنزير فظاهر واما الادمي فان كان سن نفسه تجوز صلاته معه وان زاد على قدر الدرهم عند ابي يوسف وقال محمد لا تجوز اذا زاد على قدر الدرهم وان كان سن غيره وزاد على قدر الدرهم لا تجوز بالاتفاق لكن هذا كله على القول بنجاسته على تقدير انه طرف من العصب انتهى قوله افرد هذه المسألة أي ذكر مسألة طهارة السن منفردا مع دخولها في سبق قوله لان السن عظم دليل لقوله فهمت مما مر يعني ان السن عظم وقد مر سابقا ان العظم طاهر فيفهم كونه طاهرا وجواز صلوة حامله ومن اعاده الى مكانه منه من غير حاجة الى ذكره على حدة قوله لمكان الاختلاف المكان مصدر ميمي بمعنى الكون أي لكون الاختلاف في هذه المسألة وو تعليل لقوله افرد يعني انه انما افردها مع انه لا حاجة اليه لوجود الاختلاف فيها بينهم فصرح بما هو الصحيح عندهم حسما لمادة الخلاف وتنبيها الى ضعف القول بالنجاسة ومنشا الاختلاف في السن انهم اختلفوا في ان السن هل عو عظم ام طرف من عصب على الاول هل له حس ام لا فان منهم من ذهب الى ان العظام لا حس لها الا الاسنان فان لها حسا وحيوة ومنهم من قال لا حس لها كباقي العظام فان كان عظما ذا حس وحيوة يكون نجسا لكونه ميتة وان كان عظما لا حس له فعلى رواية نجاسة العظم ايضا يكون نجسا وعلى رواية الطهارة يكون طاهرا وان كان طرفا من العصب فعلى رواية نجاسة العصب يكون نجسا او على رواية طهارته يكون طاهر والذي صححه اهل المذهب هو طهارته فكانهم اختاروا انه عظم لا حس له او انه عص والعصب لا حس له وهذا كله اذا استدل على طهارة الاشياء المذكورة بعدم الحس والحيوة فيها واما اذا استدل بخلوها عن الدم والرطوبات النجسة فالسن طاهر على كل تقدير عظما كان او عصبا ذا حس كان او غيره لانه شيء صلب خال عن الرطوبات والدماء النجاسة فلا ووجه لنجاسته قال فصل لما كانت مسائل البير ممتازة عما سبق فصله عما سبق وفي بعض النسخ لا اثر للفصل ههنا وهو احسن فانه كما ان مسائل البير ممتازة عن غيرها لذلك مسائل الدباغة ومسائل الماء المستعمل فالاولى فصل كل منها بفصل او درجها في سلك واحد من غير فصل ووسم بعضها بفصل دون بعضها ترجيح من غير فصل ولنذكر اولا المذاهب الواقعة في طهارة البير ونجاسته فاعلم انهم اختلفوا في ما اذا وقعت نجاسة في البير هل يتنجس ام لا على مذاهب الاول انه لا يتنجس مطلقا قليلا كان الماء فيه او كثيرا تغير لونه او طعمه او ريحه او لم يتغير وهو مذهب الظاهرية اخذا من حديث الماء طهور لا يبخسه شيء الثاني انه ان تغير لونه او طعمه او ريحه تنجس ؟؟ وهو مذهب المالكية اخذا من حديث الماء طهور لا يبخسه شيء الا ما تغير لونه او طعمه او ريحه الثالث ان كان دون القلتين تنجس وان كان بقدرهما لم يتنجس اخذا من حديث القلتين وهو مذهب الشافعية الرابع ان كان غديرا عظيما بحيث لا يتحرك احد طرفيه بتحريك الاخر لم يتنجس والا تنجس وهو مذهب اصحابنا المتقدمين الخامس ان كان عشرا في عشر لا يتنجس والا يتنجس وهو مسلك اكثر المتاخرين وقد مرت مذاهب اخر في بحث العشر في العشر لاصحابنا وذكرنا هناك ان مجموع المذاهب الواقعة في الماء اربعة عشر مذهبا فكلها تجري ههنا وههنا مذاهب اخر زائد على ما مر خاص بالابار وهو ما روي عن محمد انه قال اجتمع رائي وراى ابي يوسف على ان ماء البير في حكم الماء الجاري لانه ينبع من اسفله ويوخذ من اعلاه فهو كحوض الحمام يصب من جانب ويخرج من جانب اخر فلا ينجس كذا نقله في الغنية وفتح القدير وغيرهما ثم اذا تنجس ماء البير هل يطهر بنزح مائها ام لا يطهر اختلفوا فيه على قولين الاول ما حكاه ابن الهمام العيني وغيرهما عن بشر المريسي انه لا يطهر ابدا لانه وان نزح جميع ما فيها يبقى الطين والحجارة نجسا فيتنجس الماء الجديد فلا سيبل الى طهارته والمريسي بفتح الميم وكسر الراء الهملة بعدها ياء مثناة تحتية بعده سين مهملة نسبة الى مريس قرية من قرى مصر كذا قال السمعاني في الانساب وقال اليها تنسب بشر المريسي وهو ابو عبدالرحمن بشر بن غياث بن ابي كريمة المريسي مولى زيد بن الخطاب من اصحاب الرأي اخذ الفقه عن ابي يوسف القاضي الا انه اشتغل بالكلام حكى عن اقوال شنيعة ومذاهب منكرة ومات في ذي الحجة سنة عشرة ومائتين ويقال سنة تسع عشرة واليه ينسب الطائفة من المرجئة الذين يقال لهم المريسية انتهى ملخصا الثاني انه يطهر ينزح الماء وهو مذهب اصحابنا وذكر صاحب الهداية ان عليه اجماع السلف قال العيني في البناية اراد به اجماع الصحابة والتابعين والاجماع في الصحابة هو ان ابن عباس امر بنزح جميع ماء بير زمزم حين وقع فيه زنجي وكان ذلك في خلافة عبد الله بن الزبير فلم ينكر ابن الزبير ولا احد من اصحابة فوقع الاجماع منهم على طهارة البير النزح وكذلك روى عن علي وابي سعيد واما الاجماع من التابعين فقد روى في هذا الباب عن الشعبي وابراهيم النخعي وعطاء والزهر والحسن البصري وغيرهم ولم ينقل عن احد خلافة فصار اجماعا منهم على ذلك انتهى ملخصا قلت فيه نظر اذا الاجماع على طهارة الابار بنزح ما فيها فرع الاجماع على نجاستها بوقوع النجس وقد اختلفوا فيها فمنهم من ذهب الى عدم تنجس المياه مطلقا ومنهم من ذهب الى عدم تنجسها ما لم تتغير ومنهم من ذهب الى عدم تنجسها اذا بلغت القلتين كما مر ذل كله سابقا مفصلا ما روى عنهم من النزح لا يدل على النجاسة بل يحتمل التنظف والتنزه واعلم ان ما ذكره اصحابنا من نزح كل الماء في بعض الصور ونزح مقدار الدلاء المعين في بعض الصور كله مبني على ابتاع الاثار والاخبار ولا مدخل فيها للقياس اذا القياس احد الامرين اما عدم الطهارة كما ذهب بشر اليه واما عدم تنجسها كما روى عن محمد واما كونه طاهرا بمجرد نزح الكل او البعض فلا مدخل للرأي فيه بل هو مأخوذ من الاثار الواردة فيه كذا في البناية وغيرها وقد وردت الاخبار في هذا الباب عن ماعة من الصحابة ومن بعدهم ومنهم علي بن ابي طالب رض اخرج للطحاوي في شرح معان الاثار عن محمد بن خزيمة قال حدثنا حجاج بن المنهال قال حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن ميسرة ان عليا قال في بير وقعت فيها فارة فماتت قال ينزح ماؤها واخرج ايضا عن محمد بن حميد بن هشام قال حدثنا علي بن معبد قال حدثنا موسى عن عطاء عن ميسرة وزاذان ان عليا قال اذا سقطت الفارة او الدابة في البير فانزحها حتى يغلبك الماء فان قلت في هذين الطريقين عطاء بن السائب وهو ممن اختلط باخره فلا يحتج بروايته قلت قد تقرر في مقره ان رواية من روى عن شيخ مختلط قبل اختلاطه مقبولة ورواية من روى عنه بعداتلاطه غير مقبولة والراوي عنه في الطريق الاول حماد بن سلمة وهو ممن سمع من قبل الاختلاط فلا وجه لرد رواايته كما حققه الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب ولذا قال العيني في البناية اسناده صحيح واخرج عبد الرزاق في مصنفه عن ابراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن ابيه ان عليا قال في بير سقطت فيه فارة فتقطعت ينزح منها سبعة ادلاء فان كانت الفارة كهيأتها لم تنقطع نزح منها دلو ؟؟ فان كانت ميتة اعظم من ذلك فلينزح من البير ما يذهب الريح ومنهم ابن عباس رض وابن الزبير اخرج الطحاوي عن صالح بن عبد الرحمن حدثنا سعيد بن منصور ؟؟ منصور عن عطاء ان حبشيا وقع في زمزم فمات فامر ابن الزبير فنزح ماؤها فعل الماء لا ينقطع فنظر فاذا عين يجري من قبل الحجر الاسود فقال ابن الزبير حسبكم واخرج ايضا عن حسين بن نصرنا القريابي ؟ سفيان اخبرني جابر عن ابي الطفيل قال وقع غلام في زمزم فنزخت واخرج الدار قطني في سننه عن عبد الله ابن محمد عن احمد بن منصور عن محمد بن عبد الله الانصاري عن هشام عن محم بن سيرين ان زنجيا وقع في زمزم يعني فمات فامر به ابن عباس فاخرج وامر بها ان ينزح فغلبتهم عين جاءت من الركن فامر بها فدست حتى نزحوها فلما نزحوها انفجرت قال البيهقي في كتاب المعرة ابن سيرين عن ابن عباس مرسل لم يلقه ولا سمع منه وانما هو بلاغ بلغه واخرج ابن ابي شيبة في مصنفه من طريق هشيم عن منصور عن عطاء مثل رواية الطحاوي قال ابن الهمام في فتح القدير سنده صحيح واخر البيهقي في كتاب المعرفة من طريق عبد الله بن لهيعة عن عمرو بن ديناران زنجيا وقع في زمزم فمات فامر به ابن عباس فاخرج وسدت عيونها ثم نزحت قال البيهقي وابن لهيعة لا يحتج به واخرج ابن ابي شيبة في مصنفه عن عباد بن العوام عن سعيد بن ابي عروبة عن قتادةعن ابن عباس ان زنجيا وقع في زمزم فمات فانزل اليه رجلا فاخرجه وقال انزحوا قال البيهقي في كتاب المعرفة قتادة عن ابن عباس مرسل لم يلقه ولا سمع منه واخرج البيهقي من طريق جابر الجعفي عن ابي الطفيل عن ابن عباس مثله ثم قال ورواه جابرة مرة اخرى عن ابي الطفيل نفسه ان غلاما وقع في زمزم فنزحت لم يذكر ابن عباس وجابر الجعفي لا يحتج به واخرج عبد الرزاق في مصنفه عن معمر قال سقط رجل في زمزم فمات فيها فامر بن عباس ان تسد عيونها وتنزح فقيل له ان فيها عينا غلبت فقال انها من الجنة فاعطاهم مترفا من عنده ثم نزح ماؤها حتى لم يبق فيها شيء واعترض على هذه الروايات بوجوه منها ان بعض طرقها مرسلة وفي بعضها من لا يحتج به كما اشار اليه البيهقي والجواب عنه اما عن الارسال فبان مراسيل الثقات عندنا حجة لا سيما اذا ارسلت من طرق مختلفة وذكر ابن عبد البر في التمهيد ان مراسيل ابن سيرين عندهم حجة صحيحة كمراسيل سعيد بن المسيب واما عن طعن جابر فانه قد روى عنه الثوري وقال ما رأيت أروع ف الحديث من جابر وعن شعبة انه هو صدوق ولاحاديث صالحة واما عن طعن ابن لهيعة صادقا ولئن سلمنا ما قال البيهقي فان هذه القصة قد ويت من طرق صحاح ايضا منها رواية الطحاوي وابن ابي شيبة كذا قال العيني في البناية ومنها انه قال سفيان بن عيينة انا بملةمنذ سبعين سنة لم ار صغيرا ولا كبيرا يعرف حديث الزنجي الذي قالوا انه وقع في زمزم ولا قال احد نزحت ماؤها اسنده البيهقي عن ابي عبد الله الحافظ عن ابي الوليد الفقيه عن عبد الله بن شبرمة قال سمعت ابا قدامة يقول سمعت سفيان بن عيينة ثم اسند البيهقي عن اشافعي انه قال لا يعرف هذا عن ابي عباس وكيف يروي ابن عباس عن النب صلى الله عليه وسلم الماء لا ينجسه شيء ويتركه وان كان قد فعل فلنجاسة ظهرت على وجه الماء او طهرت للتنظيف لا للنجاسةوالجواب عنه ان عدم علمهما لا يصلح دليلا وهما لم يدركا ذلك الوقت فكان اخبار من ادرك الواقعة اولى من قولهما لذا قال الزيلعي في نصب الراية وقال ابن الهمام في فتح القدير عدم علمهما لا يصلح دليلا في دين الله وروياة ابن عباس كعلل به فكما قلت ايها الشافعي يتنجس ما دون القلتين لمدليل آخر وقع عندم لا يستبعد مثله عن ابن عباس والظاهر من السوق واللفظ القائل انه مات فنزح انه للموت لا لنجاسة اخرى على ان عندك لا تنزح ايضا للنجاسة انتهى وقال العيني في البناية قد عرف هذا الامر واثبته ابو الطفيل عامر بن واثلة الصحابي ومحمد بن سيرين وقتادة ؟؟؟ وعمرو بن دينار ومعمر والمثبت مقدم على النافي خصوصا مثل هؤلاء الاعلام ولا يلزم من عم سماع من لم يدرك ذلك الوقت عدم هذا الامر في نفسه وابن عباس لم يترك روايته بل خصصه كما خصصت انت ايها الشافعي وقلت بنجاسة ما دون القلتين واما الذي قاله ابن عيينة فيجوز ان لا يكون الذين قالوا ما قالوا ادركوا الوقت الذي وقعت فيه هذه القضية او كانوا غائبين في معائشهم ومصالحهم ولان البير اذا نزحت لا يحضره جميع اهل البلد ولا اكثرهم وانما يحضره من له بصارة ف امر البير وبعض من يستعان به علىنزحة الا ترى انك لو سألت الان هل نزحت بير بالقاهرة ما عرفه احد مع ان بين الشافعي وبين هذه الكائنة اكثر من مائة وخمسين سنة فمن اين لهم ذلك فان قلت قد لاقى سفيان كثيرا من اهل مكة فكيف يتوهم بعد هذا صحة هذه القضية قلت هذا مردود من وجوه احدها ان قول ابن عيينة ما سمعت لا يفيد شيئا لان الاشياء التي ما سمعها هو ولا غيره لا تعد ولا تحصى الثاني ان الذي شاهد هذه القضية لا يلزم ان يجي الى ابن عيينة ويخبره بها حتى يستدل بعدم سماعه على عدم وقوعها الثالث انه لم يقل اني سمعت عن هذا الامر جميع اهل مكة وسألت عن الرابع ما ذكرنا من ان نقل الاثبات مقدم على النفي باجماع الفقهاء والاصوليين والمجدثين لا سيما اذا كان المنكر لم يدرك الحادثة التي ينكرها وينفيها انتهى كلامه وقال النووي راد لهذه القصة كيف يصل هذا الى الكوفة ويجهله اهلمكة ورده الزيلعي في نصب الراية انه معارض بقول الشافعي لاحمد انتم اعلم بالاخبار الصحاح منا فاذا كان خبر صحيح فاعلموني كوفيا كان او بصريا او شاميا فهلا قال كيف يصل هذا الى اولئك ويجهله اهل الحرمين انتهى وقال ابن الهمام هذا استبعاد بعد وضوح الطريق ومعارض بقول الشافعي لاحمد انتهى وقال العيني هذا منه غفلة عظيمة ومخالف لقول امامه والذي يدل على بطلان قوله ان عليا واصحابه عبد الله بن مسعود واصحابه وابا موسى الاشعري واصحابه وابن عباس وجماعة من اصحابه وسلمان الفارسي وعامة اصحابه انتقلوا الى الكوفة والبصرة ولم بق بمكة الا القليل وانتشروا في البلاد للولايات والجهاد وسمع الناس منهم ونشر العلم على ايديهم ولا ينكر هذا الا مكابر انتهى والحاصل ان رد هذه القضية انما صدر ممن صدر منه لغفلة او لتعصب وكل ما ذكره في ردها مردود ولا سبيل الى الانكار بعد كثرة الطرق وصحتها وقد تعصب في هذا العصر بعض العلماء فقام لابطال هذه القصة في بعض تصانيفه ولم يصل نظره الى حقيقة الامر والله الموفق ومنهم الشعبي اخرج الطحاوي عن ابي بكر وابو عامر العقدي ؟ سفيان عن زكريا عن الشعبي في الطير والسنور ونحوهما يقع في البير قال ينزح منها اربعون دلوا قال ابن الهمام اسناده صحيح قال في الامام واخرج الطحاوي ايضا عن صالح بن عبد الرحمن ؟ سعيد الهمداني حفص بن غياث النخعي عن ابن سبرة قال سألنا الشعب عن الدجاجة تقع في البير فيموت قال ينزح منها سبعون دلا ومنهم حماد بن سليمان اخرج الطحاوي عن ابن خزيمة حدثنا حجاج ؟ حماد بن سلمة عنه انه قال في دجاجة وقعت في البير فماتت ينزح منها قدر اربعين دلوا او خمسين ثم يتوضأ منها ومنهم الحسن البصري اخرج عبد الرزاق في مصنفه عن معمر قال اخبرني من سمع الحسن يقول اذا ماتتالداة ف البير اخذنا منها وان تفسخت نزحت واخرج ابن ابي شيبة في مصنفه عن حفص عن عاصم عن الحسن انه قال في الفارة تقع في البير يسقى منها اربعون اربعون دلاء ومنهم عطاء اخرج ابن ابي شيبة بير وقع فيه نجس في مصنفه عن حفص عن عاصم عن الحسن أنه قال في الفأرة تقع في البئر يسقى منها أربعون دلاء ومنهم عطاء أخرج ابن أبي شيبة ص424
Página 452