Sibawayh: Su vida y su libro
سيبويه: حياته وكتابه
Géneros
وقد علق المرحوم الأستاذ عبد الخالق على ذلك قائلا: إن الفساد الذي ينسب إلى الكسائي ربما كان واقعا، فإن القرى التي يسكنها هؤلاء «الأعراب» كانت مرتعا للبطالين والخمارين، وهي خليط من قوم لا يصح الاعتماد عليهم في اللغة، وقد ذكر ياقوت في «معجم البلدان» مثل هذه الصفات، هذا وإن أبا نواس قد شهر قطربل القريبة من بغداد بالخمر والخمارين.
ومن هؤلاء الذين ثاروا لهزيمة أستاذهم الأخفش الأوسط، راوي كتاب سيبويه، قال: «لما ناظر سيبويه الكسائي ورجع، وجه إلي فعرفني خبره، ومضى إلى الأهواز، فوردت بغداد، فرأيت مسجد الكسائي، فصليت معه خلفه الغداة، فلما انفتل من صلاته وقعد، وبين يديه الفراء والأحمر وابن سعدان، سلمت، وسألته عن مائة مسألة، فأجاب بجوابات خطأته في جميعها، فأراد أصحابه الوثوب علي، فمنعهم، ولم يقطعني ما رأيتهم عليه عما كنت فيه، فلما فرغت قال لي: بالله، أما أنت أبو الحسن سعيد بن مسعدة؟ قلت: نعم. فقام إلي، وعانقني، وأجلسني إلى جنبه، ثم قال: لي أولاد أحب أن يتأدبوا بك، ويتخرجوا عليك، وتكون معي غير مفارق لي، فأجبته إلى ذلك، فلما اتصلت الأيام بالاجتماع ... قرأ علي كتاب سيبويه سرا، ووهب لي سبعين دينارا.» وهكذا استطاع الكسائي - ويظهر لي أنه كان داهية - أن يلوي الأخفش عن قصده، وليس عليه في ذلك من بأس بعد هزيمة رأس البصريين.
كان سيبويه يؤمل كبار الآمال على هذه الرحلة، ويرجو أن ينصر البصرة على الكوفة، وأن ينال المكانة التي يجد نفسه جديرا بها، فما هو إلا أن وجد آماله تنهار أمام عينيه بانتصار الكسائي عليه انتصارا يعده سيبويه مختلسا، فأزمع الرحلة عن بغداد.
إلى أين يتجه؟ إلى البصرة! وقد حبط فيما كان يبنيه لها من المجد؟ أم إلى الكوفة، وهو أعظم منافس لأساتذتها، فضلا عن أنه لا يثق بعلمائها، ويرى أن ما يستنبطون منه قواعدهم النحوية مكذوب مختلق؟ أم يبقى في بغداد التي شهدت أمله ينهار؟ لا سبيل إلى شيء مع ذلك، فأزمع الرحلة إلى وطنه يقيم فيه عله يجد برد الراحة فيستريح. أزمع سيبويه الرحلة، ولكنها رحلة المنطوي على الضغن، رحلة الذي لا ينسى أن له حقا في الحياة والمجد، فحيل بينه وبين ما يشتهي. (9) وفاته
ويظهر أن الصدمة كانت شديدة عليه فلم يحتملها، ولم يلبث أن مات غما بالذرب؛ وهو فساد المعدة، وأعجله الموت، فلم يصل إلى بلده البيضاء، بل وافاه الأجل في شيراز أو بساوة بالقرب منها سنة 180 هجرية، ومما يدل على أثر الصدمة في نفس سيبويه أنه كان يتمثل عند موته قائلا:
يؤمل دنيا، لتبقى له
فمات المؤمل قبل الأمل
روى الأصمعي أن سيبويه مدفون بشيراز، وأنه قرأ على قبره هذه الأبيات، وهي لسليمان بن يزيد العدوي:
ذهب الأحبة بعد طول تزاور
ونأى المزار، فأسلموك وأقشعوا
Página desconocida