Comunismo y Humanismo en la ley del Islam
الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام
Géneros
التي هي من طبيعة الحال، فماذا لو ضاعت قيمة الحصان كلها فمات، وماذا لو أكل بثمنه علفا قبل أن يباع؟ هذه اعتراضات لها ثبوتها اليقيني عند «ماركس» في حالة واحدة وهي الحالة التي ترضيه ولا ثبوت لها - بل لا وجود لها - في أية حالة لا ترضيه!
وإنه ليرفض قيمة الإدارة بمثل هذه السهولة حين يقال له: إنها تقدم وتؤخر في نجاح المعمل واستمراره وكفالة ربحه، وإن الفرق بين معملين في الرواج قد يرجع إلى حسن الإدارة أو خلل الإدارة، فيعيش أحدهما وينمو ويضمحل الآخر ويموت، وكلاهما فيه عمل وفيه عمال.
ولم يصنع «كارل ماركس» في حل هذه المشكلة بادئ الرأي، إلا أن يفرق بين الإدارة ورأس المال، وكيفما تشعبت الآراء في هذه الفروق فلا خطر لها في الموضوع الذي أثيرت من أجله؛ لأن النتيجة على جميع الأقوال أن السلعة لا تستمد قيمتها كلها من عمل الصانع، وأن عمل الصانع قد يزداد وتقل قيمة سلعته مع خلل الإدارة، وأنه قد ينقص وتزيد قيمة السلعة مع حسن الإدارة وانتظامها، فليست القيمة إذن مستمدة من عمل الصانع أو أعمال الصناع أجمعين.
وبالسهولة التي يرفض بها «كارل ماركس» كل رأي لا يرضيه، نراه في مسألة الإدارة يرفض كل احتمال لاستبداد المدير بالنفوذ، ويحصر الاستبداد في صاحب المال، ولا دليل له على ذلك إلا أنه يريده ويأبى ما عداه.
فالإنسان يطلب الربح لأنه يطلب الامتياز، ويأبى «كارل ماركس» هذا؛ لأنه يفسد عليه عمله في حاضره ومصيره ، ويقول: إن الإنسان يطلب الامتياز؛ لأن هناك ربحا يطمع فيه، فما لم يكن ربح فلا امتياز.
والحصان هنا معلق وراء المركبة، على عادة المذهب في أكثر نظرياته، ومن ذاك ما تقدم في قيمة العمل، فالصحيح أن العمل الإنساني له قيمة بمقدار طلبه، وأما الصحيح في المذهب فهو قلب الواقع رأسا على عقب أو هو القول بأن السلعة لها قيمة بمقدار ما فيها من عمل الإنسان.
وعلى هذا القياس المعكوس يقال: إن حب الامتياز يأتي من حب الربح، ولا يقال: إن حب الربح يأتي من حب الامتياز.
ولا تؤخذ الحجة من الواقع المحسوس في طبيعة الإنسان، ولكنها تؤخذ من الهوى الدفين في الطبيعة الممسوخة، فلو قيل: إن المدير يحرص على امتيازه، كما يحرص عليه صاحب رأس المال سقط المذهب من قمته إلى أعمق غور فيه، فوجب إذن أن يلغى هذا القول ولا يطول النظر فيه، مخافة الكسر على الزجاجة المخبأة وراء الظهر، ولا سند لها من الجدار!
على أن الظاهر من مساجلات «كارل ماركس» وزمرته في الأيام الأخيرة أن الحملة على نظرية القيمة الفائضة كانت أقوى من المكابرة واللجاج، وأنها زعزعت المذهب في الآونة التي أدبر فيها إدبارته المنذرة بالموت بعد فشل الفتنة الباريسية، فتراجع دعاته إلى خطوطهم الأخيرة ووعد «كارل ماركس» غير مرة بإعادة البحث للإفاضة في مسألة القيمة الفائضة، وتعزيزها بالأدلة من أطوار الحركة الاقتصادية في تلك الآونة، ثم مات ولم ينجز وعده، وشعر صفيه «إنجلز» بالحرج من مناوشة ناقديه، فأعلن أن الرد على اعتراضات الناقدين سيظهر في الجزء الثالث من كتاب «رأس المال» الذي عثر على مسوداته في أوراق «ماركس» بعد موته، ثم ظهر الجزء الثالث فإذا هو يتراجع ولا يفسر ما غمض من أقواله السابقة، وإذا به يعترف بأن بعض السلع يتبادل بقيمته الإنتاجية و«أن جملة أثمان الإنتاج للسلع الاجتماعية - مشتملة على جملة خطوط الإنتاج - تساوي جملة القيم جميعا.»
وها هنا تفرقة صريحة بين قيمة الإنتاج وقيمة العمل؛ لأن خطوط الإنتاج تشمل رأس المال والإدارة والعمل ، ولا معنى معها للقول بالقيمة الفائضة التي شهر من أجلها الحرب على مجتمع الصناعة الكبرى وما سبقه من المجتمعات، وقد ختم «كارل ماركس» رسالته بنصوصه وشروحه واستدراكاته دون أن يبسط القول في شيئين من أحق الأشياء في مذهبه بالشرح والإثبات، فلم يقل لنا كيف كان في الإمكان أن يظفر الصانع بحقه كاملا في مجتمع القرن التاسع عشر أو المجتمعات السابقة، وكيف كان في الإمكان أن يتم تداول رأس المال مع ذلك وتبقى الأعمال وحقوق العمال؟
Página desconocida