Comunismo y Humanismo en la ley del Islam
الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام
Géneros
لا بد من فرض العداوة بين الطبقات حتى يقال إنها طبقات، وإلا فهي معدومة أو ناقصة في دور التكوين.
فلا يمكنك أن تتكلم عن طبقة إلا إذا افترضت العداوة لازمة لوجودها، وهكذا يدور بك التعريف والبرهان معا في حلقتهما المفرغة التي لا يدرى أين طرفاها، فهي طبقة؛ لأنها تعادي غيرها؛ وهي تعادي غيرها لأنها طبقة، ولا بد من عنصر العداء في جميع الأحوال.
ونعود إلى سؤال «كارل ماركس» لنعيده بحق فنسأل: هل يحتاج الإنسان إلى بديهة عميقة؛ ليعلم أن الناس يختلفون ولو لم تكن هناك طبقات؟
أليست هناك أعمال متفاوتة في الكفاية والأهمية؟ أليست هناك رغبات تتنازع بين الناس لتقدير كفاياتهم واختصاص كل منهم بأحب الأعمال إليه؟ وأين هو مقياس الشعرة الذي يجعل كل إنسان يعرف قدره ولا يزيد عليه، ويعرف حاجته ولا يزيد عليها، ويعرف عمله الواجب ولا ينقص منه؟ وأين هو ميزان الشعرة الذي يحكم بين أصحاب الحظوظ المختلفة من القوة والصحة والذرية والذكاء والهمة والجمال وسائر المزايا، التي يتفاوت بها الناس ولا تضبط الفوارق بينها في ميزان؟
لا بد أن تنفى هذه الفوارق كافة من كل حسبان وكل مظنة وكل احتمال، لأنك إذا أعرتها حقها من الأثر الفعال أفلتت الفرصة وانفتح الباب - أو الأبواب الكثيرة - لاختلاف الأقدار واختلاف الناس في الكسب والمعيشة واختلاف الطبقات.
فلا بد إذن أن تنفى هذه الفوارق كما تسقط الفوارق من قبيلها في قصص العجائز وأحلام الحالمين في أسطورة «أورفيوس» وما إليها من الأساطير، التي أبطلت النزاع قديما بين الذئاب والنعاج وبين الكواسر والبغاث.
هكذا والسلام.
وإلا فكيف تسنح الفرصة التي لا فرصة غيرها للهدم والجزم وإغلاق الطرق كافة أمام بني الإنسان غير الطريق اللازم ل «كارل ماركس»، ولا منعرج عنه إلى سواه؟
إننا سنرى أن «كارل ماركس» لم يصنع شيئا ينفي هذه الفوارق؛ لأن وسائل الإنتاج لن تئول إلى أيدي طبقة واحدة ولو زالت جميع الطبقات التي عرفت في تاريخ الإنسانية إلى الآن، ولن يأتي الزمن الذي تصبح فيه السيطرة على وسائل الإنتاج سهلة مبذولة لكل من يريد، ومتى افترقت الكفايات والأقدار والأعمال، فليس تعريف القوم للطبقة إلا كلمات مرصوصة من لغو المقال. •••
وبعد ملاحظة هذه الظاهرة التي لا مرجح غيرها لوضع الطبقة في موضعها من مذهب «كارل ماركس»، نعود إلى الدعوى العلمية التي يدعونها لأصول المذهب وفروعه، فنقول: إن الثقات من خبراء علم الإنسان «أنثروبولوجي» لم يثبتوا فرضا من تلك الفروض، ولم يذكروا لنا مجتمعا من المجتمعات البدائية خلا من الملكية الخاصة لوسيلة من وسائل الإنتاج، ونحن في عصرنا هذا ننظر إلى المجتمعات المترقية في الحضارة، فلا نرى مجتمعا منها خلا من المشاعية التي كانت في العصور الأولى مما يعيه التاريخ ويدل على ما كان قبل التاريخ.
Página desconocida