Comunismo y Humanismo en la ley del Islam
الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام
Géneros
وإذا كانت المادية المكنية مرفوضة في رأي «كارل ماركس»؛ لأنها قد تفتح الأبواب لافتراض المدير المدبر، فالمادية التي تؤمن بوجود الحقيقة من وراء الظواهر والنواميس مرفوضة من باب أولى.
ولا يعنينا هنا أن رأي «كارل ماركس» صحيح أو غير صحيح، ولكن الذي يعنينا منه موقعه من الظواهر النفسية، وهو أقرب المذاهب موقعا من اليأس والعنف والخطط الآلية.
أما البحث في هذه المادية بمقاييس الفكر والعلم فمحصوله أنها ترقيع، وأنها تفكير ساذج، وأنها بقية من بقايا الخرافات الإسرائيلية، وأنها لا تنتهي إلى نتائجها التي انتهى إليها «كارل ماركس»، ولو صحت مقدماتها المفروضة، وليس منها فرض صحيح، فمن الترقيع أن تستعار فلسفة «هيجل» من المثالية إلى المادية وتستعار معها مصطلحاتها وأطوارها، ثم يقال: إنها باطلة كما وضعها صاحبها، وصحيحة كما استعارها منه «كارل ماركس».
إن الفلسفة النظرية تصويرات أو تصورات في الذهن تحتمل التجوز الكثير؛ لأنها تبحث في شئون يقدرها الذهن ويرى أنه بلغ فيها قصاراه إذا خلص منها إلى تقريب الحقيقة إلى الإدراك الإنساني بعض التقريب، فإما أن يقال: إنها باطلة في النظر، صادقة في الواقع من قبيل المصادفة بجميع مصطلحاتها، فذلك هو الترقيع السخيف الذي لا مثيل له فيما نعهده من ترقيعات الرثاثة والسخافة؛ لأنه يرقع الشيء بغير مادته، أو يرقع النظريات بالواقعيات ويزعم أنها تلفق لها بالمصادفة، ولا تلفق حيث وضعها فيلسوف الحكمة المثالية.
والسذاجة في المادية الماركسية أظهر من سخافة الترقيع والتلفيق؛ لأنها تقوم على النظرة العامة السهلة التي كانت شائعة بين جمهرة المتعالمين في القرن التاسع عشر، ممن يستسهلون التحقيق والتفسير، ويظنوهما شيئا ملموسا قريبا من دق المائدة بالأيدي وخبط الأرض بالأقدام، وهذه هي الحقيقة في رأيهم لا ما يتوهمه الواهمون في أحاديث الغيب والخيال.
كان أحدهم ينكر تفسير الكون بالفكرة أو بالحقائق الغيبية، ويقول - وهو يدق بيده على المائدة ويخبط بقدمه على الأرض: هذه هي الحقيقة التي تفسر لنا كل شيء وليست تلك الفروض المغيبة وراء الواقع الملموس باليدين.
وعند هؤلاء أن المادة مفسرة بالبداهة، ناطقة بالبداهة، غنية بالبداهة، عن كل تفسير وكل تعبير.
هذه هي المادة تحت يديك وقدميك وأمام عينيك، فما حاجتها إلى التفسير والتعبير؟
هذه النظرة الساذجة هي نظرة «التفسير المادي» للوجود ظاهره وخافيه، وهي نظرة «كارل ماركس» في تفسير الكون وتفسير التاريخ وتفسير كل محتاج إلى تفسير، إلا المادة نفسها، فإنه لم يحاول قط أن يفسرها ويفسر حقيقتها في الحس أو في العقل أو في الخيال؛ لأن تفسيرها في وهمه - أو في عمله - أن تضرب بيدك على المائدة فإذا هي هناك، وأن تخبط بقدمك الأرض فتسمع «وجودها» ناطقا صادقا غنيا عن البيان.
وسذاجة هذه النظرة لم تكن خفية في عصر «كارل ماركس» لو شاء أن يتأنى، ولم يشأ أن يتعجل بحافز من الرغبة في تقرير ما يوافق هواه، ولكنها في عصره ربما كانت خفية على المتعجلين بادية لمن يؤثرون الأناة والروية أمام المجهول.
Página desconocida