Comunismo y Humanismo en la ley del Islam
الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام
Géneros
إلا أن «ويتلنج» لم يقصر جهوده على الكتابة التي لا خوف منها على مكانة الإمام المقدم في مذهب الاشتراكية العلمية، بل طمح «ويتلنج» بعد التأليف إلى العمل المباشر، وجمع حوله شرذمة من العمال البابوفيين والفوضويين والماركسيين يدينون له بالزعامة؛ لأنه يحسن الكلام والكتابة، وتمادى في العمل المباشر، حتى دعا إلى الإضراب والمقاطعة الصناعية تطبيقا لمبادئ «الأعمال المباشرة» في مذهب الشيوعيين، وكان في بروكسل من بلاد البلجيك يوم قرر «ماركس» دعوته إلى مجلس من مجالس الحزب العليا «للمناقشة فيما يمكن الاتفاق عليه من تنظيم حركة العمال الشيوعيين».
وعقدت هذه الجلسة «يوم 30 من شهر مارس سنة 1846» برئاسة «كارل ماركس» وحضور زميله «إنجلز» وطائفة من الثوار الموثوق بهم في المدينة من كل مهاجري الأمم الأوربية، ومنهم الشاب الروسي «أنينكوف» الذي كان يتنقل بين البلاد الأوربية، ويحمل إلى «كارل ماركس» خطاب توصية من زعماء الثورة في بلادهم، وهو الذي دون محضر هذه الجلسة، وأثبت فيه أحاديث «ويتلنج» و«ماركس» فيما دار بينهما من الحوار.
قال: كان الخياط المهيج «ويتلنج» شابا أشقر وسيما يلبس معطفا فضفاضا ويرسل لحيته لم يحفل بتهذيبها، ويخيل للناظر إليه أنه سمسار متجول، وليس بالعامل الثائر المتنمر الذي يظنه السامع بسيرته.
وبعد أن تعارف بعضنا إلى بعض عرضا، وبدا «ويتلنج» خلال هذا التعارف في مظهر متكلف من الأدب والمجاملة، جلسنا إلى مائدة خضراء صغيرة، وجلس «ماركس» على كرسي الرئاسة فيها بجمته التي تشبه لبد الأسد، منحنيا على ورقة أمامه وبين أصابعه قلم من رصاص. وكان زميله الملازم في الدعوة «إنجلز» الطويل المعتدل القامة بهيئته الإنجليزية، الوقور، هو الذي افتتح الجلسة بحديث عن ضرورة التفاهم بين طلاب الإصلاح من العمال على رأي واضح بين الآراء المتناقضة، وعلى خطة مرسومة يتخذونها علما لهم يحومون حوله، وينظر إليه أولئك الأنصار الذين لا يتاح لهم الوقت ولا القدرة على بحث المسائل النظرية باجتهادهم.
ولم ينتظر «ماركس» حتى يفرغ «إنجلز» من خطابه، بل رفع رأسه فجأة وقذف «ويتلنج» بهذا السؤال: أنبئنا يا «ويتلنج»، إنك أثرت الشغب بدعايتك بين العمال الألمان وجمعت منهم طائفة اتبعتك فخسرت من جراء ذلك أعمالها وأقواتها، فما هي حجتك التي تسوغ بها نشاطك الثوري، وبأية قاعدة تدعم ذلك النشاط؟
وتلت هذا السؤال مناقشة أليمة لم تطل على كل حال كما سنرى من هذا البيان.
وبدا أن «ويتلنج» يؤثر أن يجري المناقشة على أساس العرف الشائع من الخطابة الحرة، وابتسم بسمة الجد والقلق حين أخذ يقول : «إن مهمته لم تكن تفرض عليه أن يبتدع نظريات جديدة في علم الاقتصاد، وإنما كانت مهمته أن يتبع الخطط التي كان يلوح من الأحوال الجارية في فرنسا أنها أوفق الخطط لفتح أعين العمال على شئونهم الجائرة وعلى المساوئ التي كانوا يبتلون بها.
وأطال الكلام فأدهشني على خلاف ما توقعت، إنه لم يتكلم كما تكلم «إنجلز» في وضوح وسلاسة، بل اختلط عليه القول وطفق يكرر عباراته ويعود إلى تصحيحها ويسبق النتائج التي تنبني على حججه أو يتعجلها.»
قال «أنينكوف»: إنه كان يواجه في هذا الاجتماع جمهورا مغايرا كل المغايرة لذلك الجمهور الذي ألف مخاطبته في دكانه وقبوله لكتاباته، وكان ولا ريب وشيكا أن يسهب في القول فوق إسهابه لو لم يبادره «ماركس» بنظرة مغضبة وهو يصيح به متهكما: «إنه لمن الخداع السهل أن تثير الشعب بغير مبالاة بعمله، وإن إيقاظ الآمال الخيالية لن يفضي يوما إلى خلاص المظلومين، بل يفضي على النقيض إلى ضياعهم وخذلانهم، وإن ذهابك إلى صناع ألمانيا على غير قاعدة علمية ولا نظرية قائمة، لا معنى له إلا أنه لعب فارغ بالدعاية مجرد من محاسبة الضمير، ولا نتيجة له إلا خلق رسول داعية من جهة، واجتماع قطيع من الحمير يستمع إليه فاغر الأفواه من جهة أخرى.»
وأضاف «ماركس» إلى ذلك - وهو ينظر إلى الكاتب «أنينكوف»: «إن دور «ويتلنج» كان قمينا أن يجدي جدواه في بلاد كروسيا، ولكنه في البلاد المتمدينة كألمانيا لا جدوى منه بغير الاستناد إلى النظريات القائمة.»
Página desconocida