Comunismo y Humanismo en la ley del Islam
الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام
Géneros
أما الأسباب الفكرية فسنرى أنها لا تلجئهم إلى ذلك المرجع ولا تواتيهم خطوة حتى تدبر بهم خطوتين، كدأبهم في كل علة يتعللون بها لرأي من الآراء.
وأما الأسباب التي ترجع إلى الظواهر النفسية المريضة في طباعهم، فهي على طرف الأصبع ممن يريد أن يلمسها، وهي أن غاية مذهبهم ثورة يدعون إليها المحرومين من حاجات المعيشة، فلا يجوز أن تكون هناك حاجات مثلها أو حاجات تقترن بها، بل لا يجوز أن يتأخر اليوم الموعود لاستحكام ذلك الحرمان، فإن من يخفف الحرمان أو يكذب «اليوم الموعود» به يحل بينهم وبين الأمنية المشتهاة.
وإن حيرة الماديين التاريخيين في البحث عن تلك الغاية لتتجسم بين عيني الناظر، كلما نظر إليهم، وهم يعصرون رءوسهم ليسلكوا بها من جحر إلى جحر، ومن سرداب إلى سرداب وراء تلك الغاية، التي لا يطيقون أن تبتعد ولا أن تتجه الآراء صوب غاية سواها.
وينبغي للباحث المجرد من الهوى أن يسأل نفسه كل سؤال جدي في هذا المبحث، ثم يهتدي إلى الجواب الصواب فيه قبل أن يحسبه في زمرة الحقائق المفروغ منها.
إلا أن الماديين التاريخيين يهربون من الأسئلة الجدية في هذا البحث، أو يسألونها ثم يروغون منها، ويقنعون في الإجابة عنها بتلفيقات صبيانية، لا تحتمل النظر إليها كرة أو كرتين في مقام التثبت والتحقيق.
فهل يترقى ذوق الجمال الفني - مثلا - بمقدار انغماس المرء في الحاجات الضرورية؟! وهل تترقى الآداب والفنون عند اشتداد القحط والفاقة، أو تترقى عند زوال الحاجة وتوفر البذخ والرخاء؟!
وإذا قيل مثلا: إن الطائر يغني حين يشبع، فلماذا يغني إذا كانت حاجته هي الشبع، ولم تكن له حاجة أخرى هي التعبير عن رضاه بأسلوب مركب في طبيعة البنية كتركيب المعدة والجناح.
وإذا قيل: إن الشعر يروج بين القبائل البادية؛ لأنه يحركهم للحماسة والفخر والذكرى، فليس السؤال هنا أنه نافع أو غير نافع، ولكنه سؤال آخر وهو: لماذا يحركهم؟ ولماذا يستحق عندهم أقل عناء إذا لم يكن حاجة من حاجات نفوسهم، إلى جانب حاجات النضال والغلب في القتال؟!
وكيف نفسر نبوغ الشعراء والمثالين في اليونان القديمة بنظام الإنتاج الاقتصادي، وهو نظام تسخير الرقيق؟! وكيف يتأتى لهم النبوغ، ولا يتأتى مثله لكل أمة لها نظام اقتصادي أو نظام إنتاج؟!
من الصبيانيات المضحكة حقا جواب «ماركس» عن هذا السؤال - حيث عرض له في ذيل الكلام عن نقد «الاقتصاد السياسي» فخيل إليه أنه يجيبه ويفرغ منه إذ يقول: «إن الصعوبة ليست في فهم علاقة الفن اليوناني وعصره ببعض أطوار الاجتماع، ولكن الصعوبة حيث نسأل: كيف بقي حتى اليوم يمتعنا باللذة الجمالية ويكاد أن يمثل لنا نموذجا لا ينال؟»
Página desconocida