Mártires del Fanatismo
شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
Géneros
واستصحب خادمه، وخرج من البيت، فاصطدم عند العتبة بجاليو، وكان ينظر إلى النوافذ غير مكترث لمن في الشارع. فقال المحامي: لا شك أن هذا الطالب سكران. فأجابه جاليو بقوله له: أنت أحمق، وجعل يحرك خنجره في غمده.
ولم يتجاوز برنار طرف الشارع حتى كانت مرسلين عند الباب يطفح وجهها بشرا. فتناولت يد الطالب، وقالت له: يا لك من غبي مغفل! قال: لماذا؟ - لأنك أتيت إلى بيتي! - أمن الغباوة والغفلة أن أجيء لأراك؟ - لقد خاطرت بملاقاة زوجي! - إن خنجري معي أيتها السيدة، وهو طويل ماض، وفيه من المضاء ما يكفي لشك رجلين معا. - لا تكلمني عن الخناجر والسيوف يا حبيبي جاليو، فأنت باسل كسائر رجال البلاط. هذا أمر أعرفه، ولكن ليس من شأنك القتال واستخدام السلاح. - ومن يدري؟ فإنني كلما رأيت رجال السلاح مارين أشعر بالدمع يجري على خدي، فما الكتب وعلم الحقوق من شأن أمثالي، بل هي من شأن الجبناء الرعاديد، وهل من حرفة يا مرسلين أفضل من الحب والنضال، أو من النضال والحب؟ - أنت تخيفني بهذا الكلام يا عزيزي جاليو، فلا تعده على سمعي؛ لأنني أخشى عليك الردى. فماذا فعلت اليوم؟ - لقد تغديت عند أستاذي، وتركته ثملا بالخمرة التي أرسلت بها إليه والدتي.
قالت: ثم ماذا؟
قال: ثم شهدت مبارزة اثنين من أصدقائي. - أرجو ألا يكون قد مات أحدهما! - بل أحدهما (بارانس) مشرف على التلف. - وا رحمتاه للمسكين! - الذنب ذنبه. فقد أصر على قوله أن ليس في الوجود امرأة شعرها أشد شقرة من شعر الحسناء مارجو، وأن شعر الفتانة «ليزة» ليس بشديد السواد، وكل الناس يعلمون أن شعر ليزة أشد سوادا من ظلام الليل. - ومن تكون مارجو وليزة أيها الخبير بالجمال؟ - لا تسألي عنهما فإنهما من بنات الهوى. إلا أنهما ملكتان بين بنات طبقتهن، كما أن كاترين وماري ملكتان بين نسوة البلاط.
قالت: أتعرف بنات الهوى يا جاليو؟
أجاب: أليس على المرء أن يعرف كل شيء في الدنيا؟ وذلك قسم من أقسام دروسنا، بل لعله أهم فصل منها برعت فيه. - ثم ماذا؟ - ثم عدت إلى الفندق فألفيت صاحبه غير من عهدت؛ لأن المالك القديم أثرى وارتحل. أما المالك الجديد فقد أتانا من مدينة نانت. - أتراه يكتم السر كسلفه؟ - إنه أصم كحجارة القبور. - الخوف لا يفارقني يا عزيزي جاليو، وأخشى على الدوام أن يشتهر حبي لك، ويبلغ الأمر زوجي فيقتلني، ويقضي على هنائنا وسرورنا. - ومن ذا الذي يجيء باحثا عنك في منزل طالب علم؟ لأنك لا تخرجين من البيت إلا للصلاة والاعتراف. فاحسبيني كاهنا، فإن السيدات ينتظرن عند الكاهن وقتا طويلا ريثما يجيء دور اعتراف كل واحدة منهن. - لا تجدف؛ لأنني أتطير من هذا الكلام.
وسار الاثنان إلى حجرة الطالب، وكانت على بعد خطوتين من كلية السوربون، وكان صاحب النزل ينتظرهما على الباب وقبعته بيده، فقالت: مرسلين لعشيقها ممازحة: ما باله قد كشف اليوم رأسه؟ ترى هل شعره جميل كشعر الحسناء مارجو؟ - يا لك من خبيثة فهل أنت غيرى علي منها؟
ثم مال إلى صاحب النزل، فقال: ما اسمك يا صاح؟
أجاب: خادمك نيكول بوصه.
قال: هات لحما باردا وفاكهة وخمرا جيدة إلى غرفتي. - سوف يرى سيدي رأيه في الخمرة التي وردت علي من غاسقونيا منذ ثلاثة أيام.
Página desconocida