يقول إنه هجر حبيبته البيضاء وهجر جاراتها، وإن المشتاق قد يملك نفسه وينصرف بشوقه عنهن، ثم قال إن محبوبته يمانية نازح دارها أي بعيدة المزار. وغمدان: كعثمان قصر أو حصن بصنعاء اليمن لسيف بن ذي يزن، ويعرف بيشرخ، بناه بأربعة وجوه: أحمر وأبيض وأصفر وأخضر، وبنى داخله قصرا بسبعة سقوف، بين كل سقفين أربعون ذراعا. يعني أنه مع ما لمحبوبته من علو المنزلة وشرف المجد فقد انصرف عنها واتصل بالملوك، ثم افتخر بأنه معطاء سخي يعطي ويكسب الفوز والنجاة والبقاء في الخير، وما أحلى قوله الذي لا أهين. وأدلج: سار من أول الليل، وشطر الملوك: جهتهم وناحيتهم، وفي معجم لسان العرب: وأطعن - بالطاء المهملة - بمعنى يقصد، ورواه بعضهم بفتح العين. وخفق: غاب، والمجدح: كمنبر. الدبران (محركة): وهو نجم أو منزل للقمر أو نجم صغير بين الدبران والثريا. يعني أنه يسير من أول الليل مع أصحابه قاصدا إلى الملوك حتى إذا غاب المجدح أمر أصحابه فنزلوا عن دوابهم فناموا قليلا حتى الصباح، ثم يجدون في السير مسرعين إلى أن يتراءى لهم السراب، وهو ما تراه نصف النهار كأنه ماء، وأفيح: بمعنى منتشر مالئ الأرض.
والمعنى أنه رجل جد وإقدام، يعرف الملوك ويحبون وفادته إليه، لا يعطي لنفسه راحة إلا قليلا من الليل، ولا يزال يجد في سيره مع رفاقه وهم تحت أمره حتى ينتصف النهار بلا كلل أو ملل، وهو مع ذلك معطاء للمال يكرم به نفسه ويكرم غيره معه.
الفصل الرابع
ابن سهل
هو إبراهيم بن سهل الإشبيلي الأندلسي، وقد أفردنا له فصلا؛ لأنه ليس من شعراء الجاهلية، ولنبتدأ به من جديد. وسئل بعض المغاربة عن السبب في رقة نظمه فقال: لأنه اجتمع فيه ذلان: ذل العشق وذل اليهودية. ولما غرق قال فيه بعض أكابر زمنه: عاد الدر إلى صدفه. وله ديوان مطبوع طبعا حجريا بمصر في سنة 1302 يقع في 56 صفحة من القطع الصغير، ونكتفي بأن نشير إلى البعض من شعره للدلالة على رقته وجمال معناه، فمن ذلك:
محب يرى في الموت أمنية عسى
تخف على موسى زيارة لحده
وقوله:
لو قيل والنفس رهن الموت من ظمأ
موسى أم البارد السلسال لم أرد
Página desconocida