ثم من جهل الرافضة أنهم يعظمون أنساب الأنبياء: آباءهم وأبنائهم، ويقدحون في أزواجهم، كل ذلك عصبية واتباع هوى حتى يعظمون فاطمة والحسن والحسين، ويقدحون في عائشة أم المؤمنين، فيقولون - أو من يقول منهم -: إن آزر أبا إبراهيم كان مؤمنا، وإن أبوي النبي صلى الله عليه وسلم كانا مؤمنين، حتى لا يقولون: إن النبي يكون أبوه كافرا، فإذا كان أبو كافرا أمكن أن يكون ابنه كافرا، فلا يكون في مجرد النسب فضيلة.
وهذا مما يدفعون به أن ابن نوح كان كافرا لكونه ابن نبي، فلا يجعلونه كافرا مع كونه ابنه، ويقولون أيضا: إن أبا طالب كان مؤمنا. ومنهم من يقول: كان اسمه عمران، وهو المذكور في قوله تعالى: {إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين} [آل عمران: 33].
وهذا الذي فعلوه مع ما فيه من الافتراء والبهتان ففيه من التناقض وعدم حصول مقصودهم ما لا يخفى. وذلك كون الرجل أبيه أو ابنه كافرا لا يقصه ذلك عند الله شيئا، فإن الله يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي.
ومن المعلوم أن الصحابة أفضل من آبائهم، وكان آباؤهم كفارا، بخلاف من كونه زوج بغي قحبة، فإن هذا من أعظم ما يذم به ويعاب، لأن مضرة ذلك تدخل عليه، بخلاف كفر أبيه أو ابنه.
وأيضا فلو كان المؤمن لا يلد إلا مؤمنا، لكان بنو آدم كلهم مؤمنين. وقد قال الله تعالى: {واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين} [المائدة: 27]... إلى آخر القصة.
Página 47