فأما من قال بوجوب الجمع بين الغسل والمسح فغير سديد؛ لأن الله تعالى لما أنزل هذه اللفظة على هاتين القراءتين، وأنها تقرأ بالنصب، وتقرأ بالخفض دل على أنه خير المكلف بين الغسل والمسح؛ لأن القراءتين بمنزلة آيتين، فكأنه قال للمكلف: إن شئت أن تغسل قدميك فاغسلهما، وقد دلت السنة على أن الغسل أفضل، وإن شئت أن تمسحهما بدلا عن الغسل فافعل توسعة منه عز وجل على خلقه، وتخفيفا على المريض والشيخ الكبير ومن جرى مجراهما{يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}[البقرة:185]، {وما جعل عليكم في الدين من حرج}[الحج:78]، {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون}[الأنبياء:23]، ومنها في وجوب الترتيب بين أعضاء الوضوء، فعندنا أنه واجب، ووجهه السنة وإجماع العترة.
أما السنة (خبر) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه توضأ مرة مرة فقال: ((هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به)) ثم توضأ مرتين مرتين فقال: ((من توضأ مرتين أتاه الله أجره مرتين، ثم توضأ ثلاثا ثلاثا فقال: هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي)) وهذا الخبر يدل على حكمين:
أحدهما: أن الواجب مرة، والثانية: من الغسلات، والثالثة: سنة، فيكون من السنة مسح الرأس ثلاثا.
قلنا: وهو ظاهر في لفظ الخبر، وعندنا أن السنة في مسح الرأس ثلاث كسائر الأعضاء كما بيناه.
(خبر) ولأن عليا عليه السلام توضأ ثم مسح رأسه ثلاثا ثم قال: من أحب أن ينظر إلى وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله كاملا فلينظر إلى هذا.
(خبر) وروي أن عثمان بن عفان توضأ فمسح رأسه ثلاثا، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يفعل، فكأنه صلى الله عليه وآله كان كرة بمسحه مرة مرة، وتارة مرتين مرتين، وتارة ثلاثا ثلاثا.
Página 25