فأما الأخبار الواردة في رفع اليدين عند التكبيرات فهي عندنا منسوخة بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ما لي أراكم رافعي أيديكم في الصلاة كأنها أذناب خيل شمس اسكنوا في الصلاة)) والشموس من الدواب التي لا تستقر وهو عيب في الدواب، وعلى أن في تلك الأخبار ما لا خلاف بأنه منسوخ، وهو رفع اليدين عند القيام من السجدة، وكذلك رفع اليدين بين السجدتين منسوخ عند أكثر العلماء.
(خبر) وعن البراء قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرفع يديه في أول تكبيرة، ثم لم يعد، دل ذلك على أن صلاته كانت استقرت على أن لا يرفع يديه إلا في التكبيرة الأولى، وحكى ذلك على سبيل التعليم لصلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم لم يكن يرفع يديه في غيرها، وفي ذلك نسخ رفع اليدين في غيرها من التكبيرات.
وقوله: ثم لم يدل على نسخ رفع اليدين في التكبيرة الأولى أيضا؛ لأن لفظة ثم تقتضي الترتيب والمهلة، فبين أنه ترك رفع اليدين في التكبيرة الأولى لقوله: ثم لم يعد فدل ذلك على نسخ الرفع في التكبيرة الأولى.
فصل في هيئة الركوع والسجود والقعود
قال يحيى عليه السلام: ثم يركع، ويطأ من ظهره، ويفرج آباطه، ويضع يديه على ركبتيه، ويسوي كفيه عليهما، ويفرق بين أصابعه، ويستقبل بهما القبلة، ويعدل رأسه ولا يكبه ولا يرفعه، ووجه ذلك ما روي عن عباس بن سهل، قال: اجتمع أبو حميد وأبو أسيد، وسهل بن سعد، ومحمد بن مسلمة، فذكروا صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال أبو حميد: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا ركع وضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما.
(خبر) وروي أيضا عن أبي حميد في حديث آخر حين تذاكر أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: فإذا ركع أمكن كفيه من ركبتيه، وفرج بين أصابعه، وطامن ظهره غير مقنع رأسه، ولا صافح خده.
Página 230