La teología del libro de la curación
الالاهيات من كتاب الشفاء
Géneros
وقد يجوز أن يكون بعض ما لا يعرض أولا فصلا، ولكن لا يكون فصلا قريبا لذلك الجنس، بل فصلا بعد فصل، مثل أن يقال: إن الجسم منه ناطق ومنه غير ناطق، لأن الجسم بما هو جسم فقط ليس مستعدا لأن يكون ناطقا وغير ناطق؛ بل يحتاج إلى أن يكون أولا ذا نفس حتى يكون ناطقا. وإذا وجد الجنس فصلا فيجب أن تكون تلك الفصول التي بعده فصولا تعرف تخصيص ذلك الفصل، فإن ذا النطق وعديم النطق تعرف حال فصل كونه ذا نفس، فإنه ذو نطق وعديم النطق من جهة ما هو ذو نفس، لا من جهة أنه أبيض أو أسود أو شيء آخر البتة بالفعل. وكذلك كون الجسم ذا نفس أو غير ذي نفس ليس له هذا بسبب شيء البتة من الأجناس المتوسطة، فإذا عرض لطبيعة الجنس أيضا عوارض ينفصل بها لم يخل إما أن يكون الاستعداد للإنفصال بها إنما هو لطبيعة الجنس، أو لطبيعة أعم منها، كما كان من قبل لطبيعة أخص منها. فإن كان لطبيعة أعم منها، مثل أن الحيوان منه أبيض وأسود، والإنسان منه ذكر وأنثى، فليس ذلك من فصوله بل الحيوان إنما صار أبيض وأسود لأجل أنه جسم طبيعي، وقد صار ذلك الجسم الطبيعي قائما بالفعل ثم وضع بهذه العوارض، وهو يقبلها، وإن لم يكن حيوانا، والإنسان إنما صار مستعدا للذكر والأنثى لأجل أنه حيوان، فهذا لا يكون فصلا للجنس. وأيضا قد تكون أشياء خاصة بالجنس تقسمه كالذكر والأنثى بالحيوان، ولا تكون فصولا بوجه من الوجوه، وذلك لأنها إنما كانت تكون فصولا لو كانت عارضة للحيوان من جهة صورته حتى انقسمت بها صورته انقساما أوليا، ولم تكن لازمة لشيء يقومه فصل أولا، فأما إذا لم تكن كذلك بل إنما عرضت للحيوان لأن مادته التي يكون منها عرض لها عارض فصارت بحال من الأحوال لا تمنع حصول صورة الجنس وماهيته ولا طرفا القسمة في المادة، ولا أيضا تمنع أن يقع للجنس افتراق آخر من حيث صورته بالفصول، فليس طرفا القسمة من الفصول، بل من العوارض اللازمة فيه أعني مثل الذكورة والأنوثة. فإن المعنى الذي كان صالحا لصورة الحيوان وكان متعينا لفصل خاص من الحيوان الكلي عرض له انفعال حار فصار ذكرا، وكان يجوز أن يعرض له بعينه انفعال مبرد في المزاج فيكون أنثى، وذلك الانفعال وحده لا يمنعه من حيث نفسه أن يقبل أي فصل يعرض للحيوان من جهة صورته، أي من جهة كونه ذا نفس داركا متحركا بالإرادة، فكان يجوز أن يقبل النطق وغير النطق فلم يكن ذلك مؤثرا في تنويعه. وحتى لو توهمنا لا أنثى ولا ذكرا ولم نلتفت إلى ذلك البتة لقام نوعا بما ينوعه، فلا ذلك يمنع عن التنوع دون الالتفات إليه ولا يفيد التنوع بالالتفات إليه. وليس كذلك إذا توهمنا لا ناطقا ولا أعجم أو توهمنا اللون لا أبيض ولا أسود بوجه.
Página 111