ثم دفعنا بدفعه، فلأن أكون استأذنت رسول الله ﷺ كما استأذنت سودة أحب إلي من مفروح به (١).
وخرّج مسلم عن أم حبيبة: أن النبي ﷺ بعث بها من جمع بليل (٢). وأكثر هذه الأحاديث فِي الدفع من مزدلفة إِلَى منى، وهذا هو المطروق عند أهل المذهب كما قال فِي " المدوّنة ": ويستحبّ للرجل أن يدفع من المشعر الحرام بدفع الإمام لا يتعجّل قبله، وواسع للنساء والصبيان أن يتقدموا أو يتأخروا (٣).
وأما الدفع من عرفة إِلَى المزدلفة فهو الذي تعطيه عبارة المصنف إذ قال: (للمزدلفة) ولَمْ يقل من المزدلفة، وهو غير مطروق عند أهل المذهب حتى قال [سحنون] (٤) معللًا للفرق؛ لأن النبي ﷺ قدّم ضعفة بني هاشم من المزدلفة ولَمْ يقدمهم من عرفة؛ فدل أن الوقوف بعرفة ليلًا فرض. انتهى [٣٠ / أ].
فلعلهم لَمْ يأخذوا بحديث ابن عمر، و(٥) ردّوه بالتأويل إلي هذا، ولئن سُلّم ما قاله المصنف، فلابد أن يقيد بأن يكون تقديمهم بعد إدراك جزءٍ من الليل، واللام فِي قوله: (لِلْمُزْدَلِفَةِ) لانتهاء الغاية تتعلق بتقديم أو بالرد، ولعلنا تعدينا هنا طورنا، وجهلنا قدرنا فلنمسك [العنان] (٦). والله تعالى المستعان.