33

Shifa Calil

شفاء العليل في اختصار إبطال التحليل

Investigador

علي بن محمد العمران

Editorial

دار عطاءات العلم (الرياض)

Número de edición

الثالثة

Año de publicación

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

Ubicación del editor

دار ابن حزم (بيروت)

Géneros

ذلك، ومعلومٌ أنهم لم يستحلُّوها تكذيبًا لموسى وكفرًا بالتوراة، وإنما هو استحلال بتأويل واحتيال ظاهره ظاهر الاتقاء، وحقيقته حقيقة الاعتداء؛ ولهذا - والله أعلم - مُسِخوا قردة؛ لأن صورةَ القرد فيها شَبَه من صورة الإنسان، وهو مخالف له في الحدِّ والحقيقة، فلما مَسَخُوا دينَ الله بحيث لم يتمسَّكوا إلا بما يُشبه الدين في بعض ظاهره دون حقيقته، مَسَخهم الله قردةً يُشبهونهم في بعض ظواهرهم دون الحقيقة جزاءً وِفاقًا. يقوِّي ذلك: أن بني إسرائيل أكلوا الرِّبا وأكلوا أموالَ الناس بالباطل كما قصَّه الله عنهم، ولم يمسخ منهم غير الذين اعتدوا في السبت، مع أن أكل الربا أعظم إثمًا؛ ولكن لما كانوا بمنزلة المنافقين، وهم لا يعترفون بالذنب، بل فسدت عقيدتهم وأعمالهم، فكانوا أعظم جُرْمًا من أُولئك، كما قال أيوب (^١): "لو أتوا الأمر على وجهه كان أهون". فكانت عقوبتهم أعظم من عقوبة غيرهم، فإن من أكلَ الربا أو الصيدَ المحرم مع علمه بالتحريم، فقد اقترن بمعصيته اعترافه بالتحريم، وهذا إيمان بالله وآياته. ويترتب على ذلك من خشية الله ورجاء مغفرته وإمكان التوبة ما قد يُفضي به إلى الخير، وأما من أكله مستحلًّا بنوع احتيال، فلا يزال مصرًّا على الحرام مع اعتقاده الفاسد حل الحرام، وذلك يُفضي إلى شرٍّ طويل. ولذلك حذَّر ﷺ أمته ذلك فقال: "لا تَرْتكبوا ما ارتكبتِ

(^١) هو السختياني، وتقدمت عبارته بتمامها.

1 / 36