وأما طوق الحمامة فليس المرئي منها شيئا واحدا؛ بل هناك أطراف للريش ذات جهتين أو جهات، كل جهة لها لون، وكل جهة تستر الجهة الأخرى بالقياس إلى القائم. وذلك بالجملة على مثل سدى ولحمة «أبو قلمون» من الثياب والفرش.
ومذهب الكمون فقد بالغنا فى نقضه فى موضعه.
وأما مذهب القائلين إن كل واحد منها مزاج، ليس أنه يتبع المزاج، فهو مذهب خطأ. فإن كل واحد من الأمزجة على التفاوت الذى بينها، لا يخرج عن حد ما بين الغايات، ويكون ملموسا لا محالة إن كان أخرج من اللامس إلى الطرف، أو يكون مساويا للامس لا ينفعل عنه، إما أن يكون المزاج لا يدرك باللمس؛ بل بالبصر أو بالشم فهذا باطل؛ لأن المزاج كيفية ملموسة، واللون ليس بملموس. وكذلك الطعم وغيره.
وليس لقائل أن يقول إن الإبصار لمس ما لمزاج مخصوص لا يضبطه سائر آلات اللمس. وذلك لأن كل ملموس فيحس.وله إضافة إلى برد أو حر، أو إلى رطوبة أو إلى يبوسة. واللون لا يدرك النفس منه شيئا من ذلك، ولا الطعم ولا الرائحة. وهذه الكيفيات يوجد منها غايات فى التضاد.والأمزجة متوسطة ليست بغايات ألبتة البتة . فهذه إذن أشياء غير المزاج.
Página 254