ومادة الملح ماء عقده يبس أرضي خالطه بمعاونة حرارة. فلذلك ينحل بالبرد، وخصوصا إن كان مع الرطوبة. وقد ينحل أيضا برطوبة حارة، إن لم تكن الرطوبة لزجة. فإن اللزج لا يفعل رطوبته حلا، ويزيد حرارته عقدا. وأغلب ما يحل الملح هو الرطوبة، لأن انعقاد مادة رطوبته هو بسبب اليابس الأرضي الذى فيه، ولو لم يكن هناك رطوبة انعقدت، بل يبوسة أرضية، لكان يعسر انحلالها بالرطوبة.
وأما البرد فيحله لإيهانه قوة اليبوسة التى فيه المستفادة من الحر الذى يسببه ما قدر اليابس على عقد تلك الرطوبة المقتضية للسيلان فى مثل حالها.
ومن الأشياء ما يجمد بالبرد وينحل بالرطوبة كالدم فهو مائي أرضى. فلمائية يجمده البرد، ولأرضيته تحله الرطوبة. والشظايا التى فى الدم تعين على إجماد الدم ليبسها. وإن كانت الشظايا قليلة أبطأ انعقاده. وأما المنى فإنما تخثره الريح المخالطة، وهي الهوائية، فإذا كسرها البرد وأحالها، أو انفصل، رق. والدم قد ينعقد، لكنه إن كان رقيقا جمد ولم يخثر كالماء. وإن كان غليظا خثر أولا، لاختلاف جمود أجزائه.والجبنية هي علة انعقاد اللبن لأرضيتها وتجفيفها. وكل لبن قليل الجبنية فهو لا ينعقد. وكذلك إذا نزع جبنه لم ينعقد.
والدم أيضا فإن ثقله والليفية التى فيه سبب من أسباب انعقاده. فإن قل ثقله وليفه، كدم بعض الحيوان، أو الدم الغير النضج المائي من كل حيوان، إذا نزع عنه ليفه، لم يجمد.
Página 238