فإن كان الرطب جامدا فربما أثر فيه الحر حتى يذوب؛ وربما لم يؤثر أثرا يذوب به ولكن يلين كالحديد. وربما لم يؤثر، إذابة ولا تليينا، كالطلق والياقوت. ويجوز أن يكون جوهر الغالب فيه المائية، وقد جمد جمودا لا يؤثر فيه النار كالياقوت. وكل ما كان كذلك فهو رزين ثقيل لشدة تلاحم أجزائه. وإذا كان من هذه الأجساد ما قد يتحلل منه شىء يسير بالتسخين من النار، إلا أن جوهره لا يفسد، فقد يعرض أن تفيده النار رزانة واجتماع أجزاء يصغر به، كالنحاس والفضة وغير ذلك.فإن هذه إذا عمل فيها النار كثيرا انفصل عنها شىء من جوهر الكباريت والزرانيخ والسك، وازدادت ثقلا، وذلك لأن الذى ينفصل منها هو شىء هوائي تجفف. وإذا زالت وبقيت الأرضية وحدها كان الشىء أثقل منه إذا كان مخلوطا بهوائية وأصغر. فالجسم المبخر وحده هو الرطب، الصرف، أو الذى لا تشتد ملازمة رطوبته يبوسته. فهو غير محكم تلازم الأجزاء.
والجسم المدخن هو اليابس المحض القابلة أجزاؤه للتلطيف أو المركب الذى التزم رطوبته ويبوسته، إلا أن جملة تركيبه مخلخل غير محكم، فتقبل أجزاؤه الانفصال، وتعين رطوبته على تصعد يبوسته. فإن كثيرا من الأجسام التى لا تتصعد بالحرارة، أو التى يعسر تصعيدها، إذا اختلطت بالأجسام التى تتصعد خلطا شديدا تصعدت.
فإن قوما يرومون أن يصعدوا الحديد والزجاج والطلق وغير ذلك، فلا يزالون يصغرون أجزاءه، و يخلخلونها بالتربية فى النوشادر المحلول. فحينئذ يوقدون عليه بقوة فيتصعد الجميع. وكثيرا مالا يحتاج إلى أن يخلط به ما يصعد فى نفسه؛ بل يلطف وتصغر أجزاؤه تصغيرا مفرطا، فإنه حينئذ يقبل التصعيد مثل النحاس. فإنه مما يذوب ولا يصعد. فإذا زنجر زنجرة محكمة جدا بالغة صعد عن أدنى حرارة.
Página 231