وهذا الذى قالوه ليس مما لا يمكن. لكن ليست الصورة فى الآبار والقنى على نحو ماذكروا بوجه من الوجوه. فإنا قد امتحنا تلك المياه فوجدناها فى الشتاء تذيب الجمد فى الحال، ولا تذيبه فى الصيف. وليس يصعب علينا فى الشتاء أن نسخن أبداننا سخونة تعادل سخونة الصيف. فإذا فعلنا ذلك، وجربنا تلك المياه صادفناها حارة، وفى الصيف جربناها فصادفناها باردة، وكثير منها يقارب المياه المبردة بالثلج والجمد.
وههنا أمور جزئية من الأحوال الطبيعية تكذب هذا الرأى وتبطله سنحصيها خلال ما نحن شارحو أمره من جزئيات الطبيعيات، لكن الحق فى هذا شىء آخر.
نقول إن الجسم الذى له طبيعة مبردة أو مسخنة فإنه يبرد ذاته، أو يسخنها، بطبيعته، ويبرد أيضا ما يجاوره ويتصل به، أو يسخنه.
وأيضا نقول إن القوة الواحدة إذا فعلت فى موضوع عظيم وفعلت فى موضوع صغير فإن تأثيرها فى الموضوع الصغير أكثر وأقوى من تأثيرها فى الموضوع العظيم. وهذا أمر قد تحققته من أمور سلفت. وتوجدك التجربة مصداقه. فلا سواء إحراق خشبة صغيرة وإحراق خشبة كبيرة، ولا سواء إضاءة مشكاة من سراج واحد بعينه، واضاءة صحراء رحيبة منه.
Página 213